نظم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني اعتصاماً تحت عنوان "دفاعاً عن الرغيف المسلوب"، في ساحة رياض الصلح، وتحت وقع الشعارات المنددة برفع سعر الخبز، ألقت منى عوالي كلمة باسم المعتصمين جاء فيها:
"أكثر من أسبوع مر على رفع سعر ربطة الخبز، وسلب رغيف منها، ولا يزال القرار من دون أية مراجعة، لا يزال وزير الاقتصاد محمد الصفدي يصم أذنيه عن سماع صرخات الأطفال والفقراء، ماذا بقي لنا أيها الملياردير غير رغيفنا؟ المدراس والطعام والبنزين والمياه والكهرباء والمستشفيات، كلها خدمات محرومون منها، وإن تنعمنا ببعضها فبأسعار غالية لا تطاق.
ماذا بقي لنا غير رغيفنا لتسلبنا إياه؟ وتعود لتقول "إنها فقط 161 ليرة"، وتتلون الشاشات بأصحاب المطاحن والافران ليقولوا "إنها فقط 161 ليرة"، كلا إنها رغيف، إنها حق، إنها مادة أساسية يأكلها الفقراء وذوو الدخل المحدود "حاف" في عز "الطفر"...
أكثر من أسبوع مر، ولا تزال جميع القوى السياسية والحزبية بلا أي استثناء تتأبط الصمت موقفاً، لا صوت اعترض، لا ملايين ولا آلاف ولا مئات ولا حتى زعيم واحد قال "كيف نقصت ربطة الخبز رغيفاً؟"، كلهم تبرأوا من فقرائهم، كلهم تبرأوا من قواعدهم الشعبية، فرفع سعر الخبز سيفيد الأزلام، هؤلاء الذين يسيطرون على كارتيل المطاحن والأفران... كلكم متواطئون ضد أولويات المواطنين، كلكم لا هم لكم سوى سرقتنا، كلكم وبلا أي استثناء. فلو كانت عملية السطو التي حصلت على رغيفنا تفيكم سياسياً، لكان نزل الآلاف الى الشوارع، لكانت المنابر تغص بوجوههم البشعة، لكانت ملامح الحزن الكاذب ترسم وجوههم، وعبارات الشفقة على المواطنين تملأ أفواهكم، إلا أن الرغيف لن يحرك غرائز طائفية ولا مذهبية لدى أتباعكم، فالتزمتم الصمت، وهم التزموا.
فلتعلم الحكومة بكل تلاوينها، فليعلم وزير الاقتصاد بكل ملياراته، أننا نحن الخارجين عن التبعية والانصياع لن نسكت، سنملأ الشوارع ضجيجاً، وعلى قلة أعدادنا سنؤرق أيامكم، حتى نستعيد هذا الرغيف.
وأخيراً، صفعة على وجوه المواطنين، آن لكم أن تستفيقوا من غيبوبتكم، آن لكم أن تعرفوا من هو العدو، إنهم أعداء حقوقكم، انهم اعداء أطفالكم، انهم أعداء وطنكم، لا تستمعوا الى خطاباتهم الاستفزازية، لا تسيروا خلفهم فسيتنقلون بكم من حرب الى حرب، استفيقوا واعلموا أن السماح بسرقة هذا الرغيف، سيكون بطاقة سماح ليسرقوا ما بقي لكم من حياة".
بعد عدد من العمليات البطولية التي قام بها الجيش اللبناني في الدفاع عن أرض لبنان ضد العدوان الاسرائيلي، وفي الدفاع عن سيادته عبر ملاحقة العملاء، جاء احتجاز الصحافي في جريدة "الأخبار" حسن عليّق وتصريحات وزير الدفاع الياس المر المهينة بحقه لتشكل خطوة الى الوراء في التكامل المفترض أن يكون متيناً ما بين المقاومة العسكرية والمقاومة الصحافية الحرة.
وإذ يستنكر اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني الأسلوب وآلية احتجاز الصحافي، يستغرب بشدة ما صدر عن وزير الدفاع في مؤتمره الصحافي بحق عليّق، من اتهامات وأوصاف لا تليق بوزير من المفترض أن يعتبر أن الصحافة الحرة والجريئة هي جزء من المقاومة في لبنان.
وفي حين أن الوزير قد اعلن موقف متمايز في أن لبنان لن يكون رهن المساعدات العسكرية الأميركية، ها هو وببساطة مطلقة أطلق وصف العمالة على صحافي بعيد كل البعد عن هكذا صفة، لمجرد أنه كتب مقالاً لم يعجب الوزير!
لا بل أعلن أمام الرأي العام أنه هناك جهات في لبنان فوق القانون وفوق المحاسبة ولا تتوازى في الحقوق والواجبات مع جميع المواطنين، وهي فئة الوزراء، الذين يستطيعون توقيف أياً كان من دون اتباع الطرق والوسائل القانونية في ذلك!
لذلك، يعلن اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني تضامنه مع الصحافي حسن عليق، ومع جريدة الأخبار التي تعرضت للاهانة المباشرة من قبل الوزير المر، على الرغم من أنها قدمت ولا تزال تقدم جرحى وشهداء في سبيل الدفاع عن لبنان المقاوم الحر، وليس آخرهم الصحافي عساف بو رحال الذي استشهد جنباً الى جنب مع شهداء الجيش اللبناني في العديسة خلال العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان.
إذ أنه لا يمكن أن يصان بلد مقاوم الا بدعم إعلام حر، مقاوم، غير مرهون للمال والسلطة.
جنرال «هجومي» يمثّل تعيينه رسالة لـ«أعداء إسرائيل»
حسم وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أمره، وسمّى يوآف غالانت رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي، في رسالة إلى «الأعداء»، لما يتمتع به هذا الجنرال من نزعة هجومية
محمد بدير في خطوة سريعة وحاسمة، أطلقت عليها وسائل الإعلام الإسرائيلية وصف «عملية غالانت»، طرح وزير الدفاع الإسرائيلي أمس اسم مرشحه، قائد المنطقة الجنوبية، الجنرال يوآف غالانت، لمنصب رئيس الأركان خلفاً لغابي أشكنازي. وبذلك يكون باراك قد وضع حداً لدوامة سجالات أطلقها بنفسه قبل أشهر، حين أعلن على نحو مفاجئ عدم وجود نية لديه لتمديد فترة ولاية أشكنازي لعام خامس. دوامة وصلت ذروتها قبل نحو أسبوع، مع الكشف عن «وثيقة غالانت» التي أجمع المعلقون الإسرائيليون على أنها واحدة من أكبر فضائح المؤسسة العسكرية منذ عقود. ويبدو أنه لتدارك تفاعلات الفضيحة، إضافة إلى دوافع الكيد الشخصي لأشكنازي، سارع باراك إلى تلقف إعلان الشرطة الإسرائيلية يوم الجمعة الماضي تبرئته وقيادة الجيش من الضلوع في قضية غالانت، ليعلن استئناف مشاوراته بشأن تعيين خلفٍ لأشكنازي. وإذا كان ثمة شك في أن مشاورات باراك مع عدد من الجنرالات المرشحين لمنصب رئيس الأركان العشرين للجيش الإسرائيلي لم تكن سوى ضريبة شكلية أمام الرأي العام، فإن إعلانه أمس اختيار يوآف غالانت أمام الحكومة قطع الشك باليقين وبين أن قرار باراك كان متخذاً سلفاً وينتظر فقط آلية الإخراج. وبعدما أطلع الحكومة على نيته طرح تعيين غالانت رئيساً للأركان في جلستها يوم الأحد المقبل، أصدر باراك بياناً علل فيه مسارعته إلى بتّ تعيين خليفة أشكنازي بـ«الوضع الحالي (داخل الجيش) ولإعادة الاستقرار إلى الجيش». وشدد على أن «غالانت هو ضابط قديم، ذو خبرة عملياتية متنوعة وغنية، وكفاءة قيادية مثبتة وقدرة على قيادة الجيش نحو مواجهة التحديات التي تعترض دولة إسرائيل». وأثنى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على إجراء باراك، مشيراً إلى أنه «خطوة صحيحة، لأن انعدام اليقين يجبي أثماناً باهظة، والوضع الذي نشأ يحتم قراراً سريعاً يمكن أن يحرك جولة التعيينات داخل الجيش ويعيد الاستقرار إلى قيادته». وفور إعلان باراك، بدأت التقديرات تتحدث عن إمكان استقالة أشكنازي من منصبه قبل انتهاء فترة ولايته في شباط المقبل. ومن المعلوم أن أشكنازي عارض بشدة تعيين خليفة له قبل نصف عام من انتهاء ولايته، مشيراً إلى أن ذلك سيقود نحو واقع يكون للجيش فيه رأسان. وانتقد ضباط مؤيدون لأشكنازي خطوة وزير الدفاع، ورأوا أنها تنطوي على إهانة لرئيس الأركان، وتهدف إلى الضغط عليه للاستقالة من منصبه مبكراً. ووصف بعضهم الخطوة بـ«التصفية المركزة» لأشكنازي، فيما قال آخرون إنها تشبه وضع مسدس الاستقالة على طاولته. وأجمع المعلقون الإسرائيليون على أن الأشهر الباقية من ولاية أشكنازي ستكون «معقدة» وستشهد تجاذبات بين الرجلين. وفي ما يبدو أنه إشارة إلى انطلاق شرارة هذه التجاذبات، ذكرت صحيفة «معاريف» أمس أن باراك جمّد ترقية 11 ضابطاً إلى رتبة عميد رفعها إليه أشكنازي، بذريعة أنه يريد أن يعرف رأي رئيس الأركان الجديد بها قبل أن يصدّق عليها. من هو غالانت؟ ولد غالانت عام 1958 في يافا، وانخرط في صفوف الجيش الإسرائيلي عام 1977 ضمن وحدة النخبة البحرية، شييطت 13، التي خدم فيها مقاتلاً وضابطاً قبل أن يرأسها في وقت لاحق. في عام 1982، تسرح من الجيش وانتقل إلى ولاية ألاسكا الأميركية ليعمل حطّاباً، لكنه عاد إلى إسرائيل بعد عامين وانتسب مجدداً إلى صفوف البحرية، حيث عمل نائباً لقائد إحدى السفن الصاروخية قبل تعيينه عام 1986 قائداً لسرية المقاتلين داخل الشييطت ويُرقى إلى رتبة مقدم. وكان غالانت من أوائل الضباط البحريين الذين انتقلوا إلى الجيش «الأخضر»، أي إلى القوات البرية، حيث ترأس عام 1994 لواء «جنين» في فرقة «يهودا والسامرة» المسؤولة عن منطقة الضفة الغربية. بعد ذلك بعام، عاد غالانت إلى سلاح البحرية ليتسلم قيادة وحدة شييطت لفترة ثلاث سنوات قبل أن ينتقل نهائياً إلى ارتداء الزي الأخضر ويحصل على رتبة عميد ويرأس فرقة غزة حتى عام 1999، ومن ثم عُيّن قائد فرقة مدرعات في قيادة المنطقة الوسطى، فرئيساً لأركان ذراع البر عام 2001. وبعد عام من ذلك، رُقّي إلى رتبة لواء وعُين سكرتيراً عسكرياً لرئيس الحكومة في حينه، أرييل شارون، وهو المنصب الذي شغله لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يُعين قائداً للمنطقة الجنوبية عام 2005. وفي منصبه الأخير، كان غالانت المسؤول المباشر عن تطبيق خطة «فك الارتباط» عن قطاع غزة، وكان القائد الميداني لعدوان «الرصاص المصهور» على القطاع نهاية عام 2008. وبحسب تعليقات إسرائيلية، تعود جذور الخلاف بينه وبين أشكنازي إلى فترة العدوان، حين أبدى غالانت توثباً لتكثيف العمليات الهجومية وتعميقها، وصولاً إلى المطالبة باحتلال القطاع وإسقاط حكم «حماس» فيه، وذلك خلافاً لرأي أشكنازي الذي أبدى تحفظاً حيال اندفاع قائد المنطقة الجنوبية. ومع انتهاء الحرب، سعى غالانت إلى تجيير ما عُدّ نجاحاً فيها لشخصه، الأمر الذي جعله على عداوة مع أشكنازي. ويرى معلقون إسرائيليون أن تعيين غالانت ذي النزعة الهجومية رئيساً للأركان ينطوي على رسالة إلى أعداء إسرائيل في محور المقاومة، كما إلى أصدقائها الأميركيين والأوروبيين بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التهديدات المتنامية حيالها، وخصوصاً على الجبهة النووية الإيرانية.
أفادت وثائق رفعت عنها السرية، الأربعاء، أنّ الولايات المتحدة بحثت إمكان توجيه ضربة نووية إلى كوريا الشمالية في 1969، لكنّ مستشاري الرئيس ريتشارد نيكسون آنذاك رأوا أنّ من الأفضل العدول عن تلك الضربة. ففي 1969، أسقطت كوريا الشمالية طائرة تجسس أميركية كانت تحلّق فوق بحر اليابان، فقتل 31 شخصاً كانوا على متنها. وقررت إدارة نيكسون آنذاك ألا تقوم بعملية انتقامية، بل أن تواصل رحلات التحليق الاستطلاعية والمناورات البحرية. وتؤكد الوثائق التي رفعت السرية عنها وحصلت عليها دائرة محفوظات الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن، أنّ الإدارة ناقشت مع ذلك عدداً من الردود الممكنة، بما في ذلك شنّ هجمات تقليدية ونووية. ونصّت إحدى تلك الخطط التي كان اسمها المرمز «فريدوم دروب»، على أن تستخدم الولايات المتحدة أسلحة نووية تكتيكية لتدمير مراكز قيادة عسكرية وقواعد جوية وبحرية كورية شمالية. وكانت الخسائر ستتفاوت «بين حوالى مئة قتيل وبضعة آلاف من القتلى»، كما أوضحت مذكّرة سرية في حينه أرسلها وزير الدفاع ملفين ليرد إلى هنري كيسنجر، مستشار الأمن القومي لنيكسون. لكن لا شيء يشير إلى أنّ الإدارة الأميركية فكّرت جديّاً في توجيه ضربة نووية. وتنصح الوثيقة الإدارة بألا تلجأ إلى الخيار النووي إلا إذا شنّت كوريا الشمالية هجوماً جوياً على كوريا الجنوبية. وتنقل وثيقة أخرى كلاماً لكيسنجر، خلال اجتماع في البيت الأبيض، قال فيه «يجب أن نكون حازمين حيال كوريا الشمالية. وإذا كان الهدف منع حصول رد (عسكري)، فمن الضروري أن يقضي الرد بتوجيه ضربة قاصمة». (أ ف ب)
عدد الجمعة ٢٥ حزيران ٢٠١٠«مفاجأة» المعادن الثمينة معروفة منذ العهد السوفياتي
أفغانية تحمل طفلها في كابول قبل أيام (إيد جونز ـ أ ف ب)لو كانت بلاد لجوء أسامة بن لادن غير أفغانستان، صاحبة الموقع الاستراتيجي الغني بالموارد الثمينة، فهل كانت الولايات المتحدة ستقود جحافل قواتها للتمترس هناك لسنوات، أم كانت ستبحث عن خيارات بديلة تكون أكثر أمناً لها؟
شهيرة سلّومحفلت الأنباء أخيراً بالثروة الضخمة التي هبطت «فجأة» على أفغانستان. ثروة تقدّر بتريليونات الدولارات، ستنشل بلد الأفيون من فقره وويلاته، وتغيّر مجرى الحرب على أرضه. لكن الواقع أن هذه الثروات لم تهبط فجأة، بل قدّرت وجودها خرائط ودراسات سوفياتية قديمة، رجّحت طفو أفغانستان على بحر من المعادن الثمينة والليثيوم والنفط والغاز. إذاً ليست الثروات المفقودة هي الحدث، بل توقيت الإعلان، قبل نحو عام من موعد انسحاب مقترح للقوات الأميركية. والمُكتشف: فريق من وزارة الدفاع الأميركية «بنتاغون» أتى من العراق، ويستعد لتوزيع العقود على الشركات.ففي شباط المنصرم، توجه الرئيس الأفغاني، حميد قرضاي، إلى شعبه قائلاً: «أحمل إلى الشعب الأفغاني بشرى سارة جداً: الأرقام الأولية تشير إلى أن احتياطاتنا المعدنية تقدّر بمئات المليارات، ليس مئات الملايين، بل مئات المليارات»، موضحاً أن هذا ما توصلت إليه وكالة المسح الجيولوجية الأميركية «يو أس جي أس».لكن هذا الاكتشاف هو في الواقع خلاصة عمل فريق صغير من وزارة الدفاع الأميركية «بنتاغون» وجيولوجيين أميركيين قالوا، في تقرير، إن أفغانستان غنية بالموارد الطبيعية. وتحدث مسؤولون أميركيون لـ«نيويورك تايمز» عن أن الثروة المعدنية المكتشفة تتضمن كميات ضخمة من الحديد والنحاس والكوبالت والذهب ومواد صناعية أخرى كالليثيوم (مادة فولاذية). وقالت مذكرة داخلية لـ«البنتاغون» إن أفغانستان قد تصبح «مملكة الليثيوم»، كما السعودية بالنسبة إلى النفط. والكميات المكتشفة من هذه المادة تعادل تلك الموجودة في بوليفيا (أكبر احتياطي لليثيوم في العالم). أما كميات النحاس والحديد المكتشفة، في مختلف أرجاء البلاد، فقد تضع أفغانستان على عرش المنتجين لهاتين المادتين.وكشف تقويم الهيئة الأميركية للمسح الجيولوجي أن قاعدة الموارد النفطية في أفغانستان أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقاً. وقدّرت وجود زيادة قدرها 18 ضعفاً في الموارد النفطية (كمية تتراوح بين 0.391 مليار برميل إلى 3.559 مليارات برميل) وثلاثة أضعاف في موارد الغاز الطبيعي (كمية تتراوح بين 100 مليار متر مكعب إلى أكثر من تريليون متر مكعب في الشمال).تلك الاكتشافات لا تعود إلى الفريق الأميركي، بل كانت هناك خرائط لحقول الاحتياطات أعدّها خبراء سوفيات داخل مكتبة المسح الجيولوجي الأفغاني، وُضعت جانباً بسبب الحروب الأفغانية. وبحسب المسؤولين الأميركيين، فإن جيولوجيين أفغاناً حافظوا على تلك الخرائط، وأعادوها إلى وكالة المسح الجيولوجي الأفغانية بعد الاجتياح الأميركي وسقوط نظام «طالبان».أما وكالة المسح الجيولوجي الأميركية، فقد بدأت عملها التنقيبي في 2006. وفي 2009 انتقلت قوة مهمة تابعة للبنتاغون من العراق إلى أفغانستان، حيث وضعت تقريرها عن البيانات الجيولوجية، ورفعته إلى قرضاي والبيت الأبيض.وبما أن أفغانستان لا تملك الخبرة والثقافة التنقيبية الكافيتين، فإن «البنتاغون» تطوّعت لتقديم المساعدة لوزارة التنقيب الأفغانية في استغلال هذه الثروات. ووظفت شركات محاسبة دولية كي تقدم المشورة للوزارة الأفغانية، وجرى إعداد بيانات تقنية لعرضها على الشركات المتعددة الجنسيات والمستثمرين الأجانب.
لعنة الموقع والنفط
بعد اجتياح أفغانستان في أواخر 2001 وإسقاط نظام «طالبان» في أعقاب 9/11، طُرحت نظريات عديدة عن المغزى الحقيقي للاجتياح، قالت إن الهدف ليس زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، بل الموقع المميز لأفغانستان وغازها ونفطها. ونظريات المؤامرة تلك استندت إلى المفاوضات التي جرت بين الإدارة الأميركية ونظام «طالبان» لمدّ أنابيب غاز ونفط، وتوفير قواعد عسكرية أميركية دائمة لحمايتها.وكانت الإدارات الأميركية السابقة قد وضعت خططاً عديدة لمدّ أنابيب نفط وغاز تنطلق من تركمانستان، واحدة من أكبر احتياطات الغاز في العالم، عبر أفغانستان. وفي 1997، توجه ثلاثة وزراء في حكومة «طالبان» لمناقشة عرض في تكساس لمدّ أنابيب غاز في الأراضي الأفغانية لربط تركمانستان وباكستان. ولما كانت هناك حرب أهلية دائرة في أفغانستان، وقعت الأطراف المتنازعة على اتفاق يدعم اقتراح مد خطوط أنابيب نفط تابعة لشركة «آنوكال».
أفغانستان قد تصبح «مملكة الليثيوم»، كما السعودية بالنسبة إلى النفطتعثر المشروع بسبب الصواريخ الأميركية التي استهدفت بن لادن في أفغانستان عقب تفجيرات نيروبي ودار السلام. وعندما تولى جورج بوش الرئاسة، قيل إنه تلقى عرضاً من «طالبان» لتسليم بن لادن للأميركيين، إلا أن إدارة بوش رفضت العرض ثلاث مرات. وكانت إدارته تتفاوض مع «طالبان» في خطوط «آنوكال». وذكرت تقارير حينها أن إدارة بوش تنوي القيام بعمل عسكري في أفغانستان «قبل حلول منتصف تشرين الأول، إذا فشلت مفاوضات خطوط الأنابيب».وفشلت المفاوضات. ووقعت أحداث 9/11. وجرى غزو أفغانستان، وعُين قرضاي، المستشار السابق لشركة «آنوكال»، رئيساً مؤقتاً ووقع عقداً مع باكستان لمشروع خط أنابيب يمرّ في البلدين. وفي غضون عام، أكملت إدارة بوش استعداداتها لتمويل تشييد خط الأنابيب، عبر ثلاث هيئات فدرالية. وأعربت عن استعدادها «لضبط ومراقبة تشييد خط الأنابيب عبر تمركز دائم لقواتها في المنطقة».أوراق بلاد الأفغان اليوم باتت مكشوفة. لن تبقى عذراء، بل حان وقت حصاد ثرواتها، وسيشتد الصراع بين الدول الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة والعملاق الصيني، على نيل العقود لشركاتهما، وسيشتد أيضاً الصراع الداخلي بين القبائل وأمراء الحرب والسلطة وستستشرس «طالبان» لاستعادة الحكم. نِعمٌ ستحوّل أفغانستان عن الأفيون، لكنّها قد تُخرجها من مستنقع لتُغرقها في وحول الطمع والاقتتال على الثروات.
عدد الاثنين ٢١ حزيران ٢٠١٠