يوم صمدت بيروت...!

هي ليست المرّة الاولى الّتي يتّحد بها الشعب لمواجهة ازمةٍ او كارثةٍ محدقة و ليس الامر بعجيبٍ ايضاً بل يأتي في سياقٍ طبيعيٍّ طلقائيّ، فعلى مكوّنات المجتمع ان تحرص على سلامة هذا الاخير و استمراريّته ضمانةً لمستقبل كلّ واحد منها. امّا في ظلّ سلطة الاوليغارشيا و النظام الرأسماليّ يتوزّع ثقل الازمة و الثروة بشكلٍ نسبيٍّ متعاكس على طبقات المجتمع لا بل انّ طبقة ال 1% اي طبقة الاوليغارشيا لا تتحمّل عبىء الازمات بل تخلقها و هي المستفيدة لا بل الضامنة لهذا النظام الذي يسلّع حياة الانسان.

قد بان جليّاً في لبنان انّ هذا النظام لا يأبه لمصيرنا بل يعتبرنا نحن ال 99% (و كلّ ما نرتكز عليه من مؤسّسات و موارد) انّنا مادةٌ تصرف اوراقاً و ارقام. فمنذ لحظة الانفجار لم يكن للدولة ايّ وجودٍ فعليٍّ على الارض و ان التقطت العدسات بعض "الشخلعات"، بل ترك المصاب لينقل الميت. و اين الغرابة ؟ فالسلطة التي تحرم المواطن من الطبابة و التعليم المجانيّ اللّائق و ضمان الشيخوخة... لن تأبه للجراح التي تنزف دماً و دمعاً و لن تسارع الى ترميم المنازل فهي الاخبر بتهديمها و رفع الابراج البرجوازيّة مكانها... هي الاخبر باستبدال الحياة بالموت.

"عملنا السياسيّ هو العمل الانسانيّ الاهم" بهذه الكلمات تعبّر عضو اتّحاد الشباب الديمقراطيّ اللّبنانيّ و المتطوّعة في قسم الصمود الشعبيّ عن جذريّة ذلك الاخير في مواجهة السلطة و انّ صراعنا ضدّها هو قائم في كلّ زمانٍ و مكان. انّ رفع الانقاض و ترميم المنازل لتعود صالحة للسكن هو عملٌ نضاليٌّ صرف اذ يحافظ على ما تملكه الفئات الشعبيّة من امكاناتٍ للمواجهة و من ذاكرةٍ ماديّة تمتدّ عميقاً في صلب البنية الاجتماعية و ترسّخ هوية المدينة الحقيقيّة.

و كما ننطلق من النظريّة الثوريّة باتّجاه العمل على اقامة البديل و دولة العدالة الاجتماعيّة فلا بدّ لنا ان نقيم اولّاً مجتمعاً جديداً يرتكز على اسس جديدةٍ كذلك اي علينا ان نثبّت عقداً اجتماعياً يضمن وحدة الطبقة اذ لا يمكن الشروع في صراعٍ طبقيٍّ ببنية اجتماعيّة مشقّقة عاموديّاً تتناحر اقسامها افقيّاً. انّ على ذلك العقد ان يخلو من رواسب الرجعيّة اي من الطائفيّة و العنصريّة و الفاشيّة بل ان يحقّق مراتب الانسانيّة التقدميّة. و للرّفاق الف تحيّة ! هؤلاء من هجروا منازلهم طوعاً من اجل من جبروا على ذلك فكان الرّكام و الحاجة للمساعدة معياراهم الوحيدان لاختيار المنازل دون اي اعتبارٍ آخر، و لمن شارف امله بالتغيير و التقدم على الاندثار فليمسك رفشاً و ليستقي من همّة الشباب و اندفاعهم ما يكفيه للاستمرار فبجعبتهم الكثير اذ انّهم مدفوعون بالسيرورة الثوريّة... انّهم مدفوعون بالحقيقة الازليّة.

 

الأكثر قراءة