الأمور في افضل حالاتها تكون واضحة، تحمل العمق والبعد في المعاني تحث القارئ على ايقاظ مخيلته ربما، لكنها حتما لا تتركه يتخبط بافكاره.
قد يكون الكلام المنمق والملمع بل والمسطح أكثر الامور تضليلا واخفاءً للواقع، لذا لسنا في صدد تسطيح معاناتنا او حتى تجميلها، فهي على عمقها وأهميتها قبيحة، ولا مكان للرومنسية بالسياسة ، واذ نغازل قدراتنا على تحمل المصائب فإننا حتما لا نغازل المعاناة نفسها.
فلننطلق اذا من أن معاناتنا ليست جميلة، لا نرغب بأن نشاهدها كفيلم جميل تصفق له قاعة الحضور، ولا دور بطولي في مسرحية عاطفية تُبكي المشاهدين.
ولا نذم العاطفة حين نرفضها، ذاك أنها المتلقي الاول لرسائلنا ولا يجب ان يكون الاخير، والا حكمنا على انفسنا بالشفقة.
الوضوح في ما نريد. رفع الثقل الغافي على صدور المهمشين والمهمشات وخاصة النساء والأطفال، وليس في ذلك تمييز لهم كطبقة اجتماعية بل كأكثر الفئات تهميشا.
فحين نقول "نسوية" لا نعني حمل السلاح على الرجل كما يحاول البعض تصوير الصراع، ولا تضليلا لبوصلة النضال او تمييعا للقضايا كما يصفها البعض، انما فهمًا لسلّم القمع والاستغلال والانطلاق من حقيقة اننا لسنا متساويين حتى في القمع. وحين نقول "هنّ" لا نخص فئة دون سواها، فلسنَ الامهات ولا حاملات السلاح ولا رائدات الفضاء ولا الوزيرات والمتعلمات والمثقفات فحسب، بل هنّ المنسيات، حاملات عبء الارض والسماء، الكادحات وراء الستائر، المتعبات من الصراخ دون صوت، هنّ المحسوبات ارقاما دون اسماء، اللاتي يعشن ويتألمن ويرحلن دون منحهن الحق في ان نعرفهن.
هنّ أول من سيراكم في النضالات، وأول من سيغير وجه التاريخ لقبحه.
لهنّ اعداء قد يشاركهن بنون النسوة، لكنهن مدركات للصراع الطبقي وتقاطع المصالح ضمن الطبقة الواحدة. الصراع واضح اذا، فلنعد الاداة.
-المكتب التنفيذي