ولفت الى أنه إذا لم يتم تحقيق هذا الهدف من خلال العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية، فسيكون من الممكن اللجوء إلى الخيار العسكري عند الضرورة.
خاص الموقع
(رويترز) تحت شمس لا ترحم يقلب عمال من جنوب آسيا الأرز في قدور ضخمة فهو طعامهم الوحيد في رقعة قاحلة من الصحراء على بعد 80 كيلومترا من إمارة دبي المتألقة التي بناها العمال المهاجرون على مدى عقود.وبعد أن هجرهم المستخدمون الذين تركوا الإمارات العربية المتحدة بعد تعثر اقتصاد دبي فإن العمال لا يستطيعون تحمل تكلفة البقاء ولا الرحيل. فهم لم يحصلوا على رواتبهم لشهور واحتجزت جوازات سفرهم منذ فترة طويلة جدا.ويمثل هؤلاء العمال وآلاف مثلهم تقطعت بهم السبل في دبي وإمارة الشارقة المجاورة الأضرار البشرية للأزمة الاقتصادية العالمية التي شلت فورة البناء في دبي.وقال موهان وهو عامل تركت الشركة التي كان يعمل بها وهي شركة لجلب العمالة الإمارات قبل شهرين "نحن عالقون هنا بينما تواجه أسرنا في الهند مستقبلا مظلما بلا مال. لا أملك فلسا واحدا."وتحولت الإمارات خلال نصف قرن من دولة خليجية صغيرة كانت تعد مركزا للصيد والتجارة على ساحل صحراوي الى عاصمة للتجارة والسياحة بالمنطقة بالاستعانة بالعمالة الأجنبية رخيصة التكلفة.لكن الآن مع تقليص حجم الشركات او إغلاقها تماما يهجر بعض المستخدمين البلاد تاركين معسكرات العمل ممتلئة بالعمال الذين تقطعت بهم السبل ولا يعرفون الى أين يذهبون.وتم قطع الغاز والكهرباء عن معسكر العمل الذي يقيم به موهان في الشارقة ويعيش به 350 فنيا وسائقا ولم يعد لدى المقيمين به تكييف للهواء وهو أساسي في دولة صحراوية تصل فيها درجات الحرارة في فصل الصيف الى 47 درجة مئوية.وتقول سحر شيخ وهي مغتربة باكستانية ميسورة الحال تقوم بجهود خيرية لتوفير الطعام والدواء للعمال إن الحكايات من نوعية ما حدث في معسكر الشارقة باتت شائعة.وأضافت "يتلقون وعودا بالحصول على أجورهم ويطلب منهم الاستمرار في العمل لكن الإدارة تفر ويتوقف العمل ولا يحصلون على رواتبهم أبدا."وواجهت الإمارات انتقادات من جماعات مدافعة عن حقوق الانسان تقول إن الشركات تفلت من العقاب لأنها تستخف بالقوانين التي تضمن حصول العمال على أجورهم في المواعيد المحددة والا تحتجز أوراقهم. ويقول آخرون إن مهمة الحكومة شاقة بسبب السرعة التي رحلت بها بعض الشركات.وتقول ابتسام الكتبي وهي محللة إماراتية إن الحكومة تبذل أقصى ما في وسعها وإن من الصعب وقف هذا الاستغلال للعمال.وأضافت أن الإمارات الآن تطلب من الشركات تحويل المدفوعات آليا من خلال البنوك لضمان حصول العمال على أجورهم.ويقول العمال في معسكر الشارقة إنهم لم يحصلوا على رواتبهم الشهرية ويحصل كل منهم على نحو 800 درهم (217 دولارا) منذ ما بين ستة أشهر وعام وإن أسرهم تتضور جوعا. وفي مكتب مستخدمهم يدق الهاتف مرارا وتكرارا لكن ما من مجيب.وينتظر الرجال الذين تقطعت بهم السبل في الشارقة بمعسكرات من مبان متداعية تشبه بعضها البعض مثل الشغالات في خلية النحل. وتنضح مياه الصرف الصحي بين المباني وتنشر رائحتها الخانقة الغثيان والحمى بين الرجال.ولم تجب وزارة العمل على طلبات من رويترز بالتعليق وهي ترد ببطء على مطالبات العمال بالمساعدة. وأعادت الوزارة نحو 1500 عامل الى بلادهم في يونيو حزيران وسددت رواتبهم.لكن مرت أشهر فيما ينتظر موهان وزملاؤه في الشارقة المساعدة من وزارة العمل والسفارة الهندية وقد أعيدت جوازات سفرهم اليهم وتلقوا وعودا بالرجوع الى بلادهم.وتتفقد شيخ معسكر الشارقة الذي تناثرت فيه القمامة وتنصت فيما يتجمع العمال حولها للتنفيس عن غضبهم ويحبس البعض دموعهم.ويقول رجل بين الجمع "ليس لدينا سوى الجلوس والنوم ولدينا الكثير من الوقت للقلق. لا نريد سوى العودة الى الهند."وعلى مدى الأعوام الأربعة الماضية دأبت شيخ (33 عاما) على زيارة عشرات المعسكرات حاملة معها تبرعات من الأغذية والمنتجات الصحية. لكنها تقول إنها في العام المنصرم بدأت لأول مرة تقابل عمالا معوزين وتقطعت بهم السبل تماما.وقالت "في ظل المناخ الاقتصادي الحالي فإن الكثير من الشركات تفعل هذا. أن المعسكر المجاور في نفس الوضع وهذا شائع."وتابعت قائلة "إنه الى جواره مباشرة. لسنا بحاجة الى البحث عنهم."وفي عام 2008 توقفت الطفرة التي شهدتها دبي لمدة ستة أعوام والتي شهدت بناء أطول مبنى في العالم وجزر على شكل نخيل إثر الأزمة المالية العالمية. وألغيت مشاريع للبناء بملايين الدولارات أو تم تأجيلها.واكتوى هؤلاء العمال الذين لم يحصلوا على رواتبهم بنار الاقتصاد المتداعي بسبب الديون الضخمة المتراكمة عليهم نتيجة قروض أخذوها ليدفعوا لشركات التوظيف حتى توفر لهم فرص العمل في دبي.وقالت شيخ "لهذا نرى حالات انتحار" مشيرة الى زيادة كبيرة في معدل الانتحار منذ العام الماضي. وأضافت "يظنون أنهم اذا انتحروا سيترك مقرضوهم أسرهم في بلادهم وشأنها لكنهم لا يفعلون هذا فهم يستمرون في ملاحقتهم."ويحصل الكثير من العمال الذين يتلقون وعودا برواتب غير واقعية على قروض تتراوح بين الفين وأربعة آلاف دولار حتى يدفعوا لوكالات التوظيف الاموال اللازمة لتوفر لهم وظائف في الإمارات على الرغم من أن القانون هنا يحظر هذا.وفي وقت الازدهار كان العمال يسددون القروض بسرعة من خلال العمل لساعات إضافية. الآن توقفت الرافعات وأجهزة الحفر عن العمل ويقول الرجال الذين لا يحصلون حتى على رواتبهم الأساسية إن أسرهم تعاني.وقال موهان "أسرتي جائعة... لي ابنان يحاولان الحصول على شهادة والآن ماذا سيحدث؟ لا توجد أموال ليدرسا."وأنحت شيخ باللائمة على الشركات في معاناة العمال وقالت "إنه خطأها 100 بالمئة... كانت ستطيع دفع تكلفة إعادة الرجال الى بلادهم بنزاهة. بدلا من هذا تركتهم هذه الشركات هنا يلاقون مصيرهم وفر أصحابها إلى أماكن بعيدة يقودون فيها سياراتهم (البي.ام.دبليو)."لكن سامر مسقطي من منظمة هيومان رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان قال إن الإمارات مسؤولة عن عدم تطبيق قوانينها وأضاف "من الواضح أن الدولة فشلت اذا كان ذلك يحدث على هذا النطاق الواسع."والمدهش أن العمال الذين تقطعت بهم السبل ويرغبون بشدة في الرحيل يتطلعون بنفس القدر إلى العودة للإمارات.وقال موهان "سنعود جميعا ماذا بوسعنا أن نفعل غير ذلك؟ ليس لدينا خيار. لا يوجد عمل آخر."
خاص الموقع
حتى الشرطة في ايطاليا ستنزل الى الشارع وتتظاهر! إذ تشهد ايطاليا منذ أن استلم سيلفيو برلسكوني الحكم موجة فساد كبيرة، وهجمة سلطوية على حقوق العمال والموظفين بمختلف فئاتهم، وقد شهدت إيطاليا سلسلة من الإضرابات والاعتصامات في الفترة الاخيرة بدأها الاتحاد العمالي العام اعتراضا على ما يسمى بخطة التقشف الحكومية، كما اضرب أعضاء السلك الدبلوماسي الإثنين وكذلك هدّدت الشرطة بالنزول إلى الشارع للتظاهر.
وأعلنت نقابة المحامين الإيطاليين اليوم الأربعاء أنها ستنضم في شهر أيلول المقبل إلى ركب الاعتصامات الجارية في البلاد منذ فترة، من أجل إصلاح النظام القضائي الذي يشهد ضغوطاً من المراكز العليا.ونقلت وكالة أنباء "آكي" الإيطالية عن رئيس نقابة المحامين ماورتسيو دي تيلا ان شهر أيلول/سبتمبر سيكون "شهرا صعبا من الإعتصامات ضد الحكومة ووزير العدل (أنجيلينو) ألفانو".وأضاف انه بعث برسالة إلى المؤسسات الدستورية تقول ان" المحامين لن يظلوا صامتين تجاه الضغوط التي تمارس عليهم من مراكز قوى كبيرة والتساهل المفرط بالنسبة لحقوق المواطنين، فالبلاد تشهد نظاماً عدلياً لصالح فئة صغيرة وليس لصالح الجميع".واشار إلى أنه يضع، بالتشاور مع مستشاري النقابات الفرعية، جدولاً للاعتصامات والمظاهرات ضد مشروع قانون معاوني القضاة وكذلك للمسارعة في إقرار مشروع الطب الشرعي الذي ناقشته النقابة.وأضاف انه كنوع من الاحجاج "سيقوم المحامون بإرسال آلاف الفاكسات والرسائل الالكترونية لرئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني ووزير العدل حتى يشرحون فيها وجهة نظرهم في إصلاح النظام القضائي".
صباح أيوب عند مدخل الساحة الحمراء في موسكو تقف مجموعة من كبار السنّ جنباً الى جنب، يرفعون عالياً ـــــ بقدر ما تسعفهم أيديهم النحيلة ـــــ أعلاماً سوفياتية وينشدون بأصوات متقطعة أغاني ثورية عن «الراية الحمراء» و«الثورة المتوهجة». رجلان وثلاث نساء في العقد السابع والثامن من العمر يأتون، كلما سمحت لهم ظروفهم الصحيّة، ليؤدّوا التحية لـ «اتحادهم السوفياتي» أمام السيّاح. فندق «لينين» يتوسط موسكو ويؤمّه الزوّار بالمئات، سلسلة مطاعم «CCCP» و«لينين بار» تبقى مكتظة، قنوات تلفزيونية تعرض مسلسلات سوفياتية فقط، شباب يجددون أغاني ثورية ويصممون أزياءً تحمل شعار «المنجل والمطرقة». ماذا يجري في جمهورية روسيا الفدرالية؟ هل عاد السوفيات؟ هو «مجرّد حنين» إلى الزمن الماضي، يجيب علماء الاجتماع. في المطبخ الضيّق تقف أولغا (64 عاماً) وفي يدها الـ «غرانيوني ستاكان» (وهو كوب من صنع الاتحاد السوفياتي اشتهر بصلابته)، ترميه أرضاً فلا ينكسر، تهزّ رأسها وتقول: «قد نتلقى ضربات كبيرة لكننا لا ننكسر... هذه الأكواب موجودة في منازلنا منذ عشرات السنين ولا نزال نستخدمها». يفتح فلاديمير (60 عاماً) ألبوم الصور ويتنّهد: «كنا أمّة موحّدة قوية، كنت أزور أصدقائي في الدول السوفياتية باستمرار دون أي رادع، أما اليوم فلا أستطيع ذلك». فيكتور (52 عاماً)، يجلس يومياً في مقصورة المترو متوجهاً الى إحدى مدارس سان بطرسبرغ حيث يدرّس، ويقول في نفسه: «السعادة لا تكمن في أن يكون لدينا مئة نوع من اللحوم المجلّدة في السوبرماركت. كنّا أكثر سعادة وهدوءاً من قبل. أنا لا أريد أن يعود النظام السوفياتي بكل أوجهه، لكني لغاية اليوم ما زلت أجهل ماذا تعني الديموقراطية تلك!». في أحد الأحياء السكنية الفقيرة في موسكو، يقطن أوليغ (44 عاماً) وتاتيانا (42 عاماً) مع ولديهما، تعرّف الزوجان إلى بعضهما بعضاً خلال التظاهرات الشعبية التي واكبت الأيام الأخيرة لعهد ميخائيل غورباتشوف، وكانا من بين المتحمسين لسقوط النظام الشيوعي و«إحلال الديموقراطية»، لكنهما لا يخفيان اليوم شعوراً بالندم، «إذ إن التعليم والخدمات الصحية والمسكن كانت متوافرة للجميع، على عكس اليوم». أليكسي (43 عاماً)، هو صديق الزوجين منذ أيام سقوط النظام، لكنه رجل أعمال ناجح يسكن في أحد أرقى أحياء العاصمة الروسية ويمتلك سيارة حديثة، هو مقتنع بصوابية ما جرى من حيث تحرير الاقتصاد وانفتاح أسواق البلاد وتحسين علاقاتها مع الغرب. على مدوّنتها الإلكترونية تتبادل آنا (33 عاماً) مع أصدقائها «ذكريات الزمن الماضي»، حيث تعرض صوراً لمقتنيات من أيام النظام السوفياتي: زجاجة العطر النسائية الأشهر «موسكو الحمراء»، الموديل شبه الموحّد للأحذية، «ساراتوف» البرّاد المنزلي السوفياتي في كل بيت، وبعض الصحف القديمة والـ «ساميزدات». معظم أصدقاء آنا يبدون حنيناً تجاه تلك الصور، لكن الكل يتناول «الزمن الماضي» بسخرية ونقد سلبي دون إبداء أي حزن على انتهائه. آنا تعمل في مصرف وراتبها يفوق راتبي والديها معاً. شقيق آنا، ديميتري (31 عاماً)، انضم الى الحزب الشيوعي الروسي منذ سنة وهو يناقش مع أصدقائه على الانترنت مساوئ النظام الحالي. ديميتري ينشر على موقعه الإلكتروني وصلات لأغان سوفياتية جددها مغنون روس شباب، إضافةً الى عناوين لمواقع الكترونية مخصصة لأرشيف الاتحاد السوفياتي. لديميتري أصدقاء يتصادم معهم كثيراً، مثل نيكولاي (32 عاماً) الذي يرى أن الاتحاد السوفياتي كان سينهار في كل الأحوال نظراً إلى استحالة تطبيقه وإلى سوء إدارة المسؤولين عنه. نيكولاي يبغض عهدي غورباتشوف وبوريس يلتسن، لكنه يرى في فلاديمير بوتين الكثير من الحكمة والقوة وحسن إدارة البلاد. أما ماريا (22 عاماً) فهي تضع صورة لبوتين على هاتفها المحمول وقد طبعت على بعض قمصانها وجه «القائد»، وهي ستنضم رسمياً الى حركة «ناشي» البوتينية القومية بعد أسابيع. قد تعبّر هذه العينة الى حدّ كبير عن واقع جانب من المجتمع الروسي بعد نحو 20 سنة على انهيار الإمبراطورية السوفياتية. مجتمع يعاني أزمة ديموغرافية حادّة ويجسد بمختلف فئاته، تاريخاً من التحولات السريعة، بعضها خلق هوّة كبيرة بين جيلين وبعضها الآخر سبّب فجوة بين أفراد الجيل الواحد. وفيما تأقلم البعض مع الموجة الجديدة وركب قطار الاقتصاد الحرّ، لم ينجح البعض الآخر في ذلك فذهب ضحية التغيّر السريع وتشتت الهوية. ولعلّ سكان القرى والبلدات الصغيرة هم أكثر من يعيش اليوم تداعيات توسّع الفروق الاجتماعية بين الطبقات، وتراجع مستوى المعيشة وغياب خدمات الدولة. ربما هذا ما يفسّر نتائج استطلاع الرأي الذي نفّذه مركز «ليفادا» في موسكو (لعام 2009)، الذي بيّن أن الفئات التي تشتاق إلى النظام السوفياتي تتألف من 85 في المئة من سكّان الأرياف، و79 في المئة ممن لا يستطيعون تأمين لقمة العيش، و67 في المئة ممن تراوح أعمارهم بين 40 و55 عاماً. أما طفرة المظاهر السوفياتية في المدن الروسية اليوم، فمعظمها سياحي، والجزء الآخر يدخل في خطّة بوتينية موجّهة إلى الداخل الروسي.
وداعاً «ماكدونالدز»
في أوائل تسعينيات القرن الماضي، جمع الروس كل ما يمتّ إلى النظام السوفياتي السابق بصلة، ووضعوه في عليّات منازلهم أو باعوه واستبدلوه بما هو جديد وملوّن، كما حاولوا حجز ذكرياتهم في الغرف الخلفية لذاكرتهم. لكن بعد الإحباط الذي أُصيبوا به في أواخر القرن الماضي، ها هم ينبشون أغراض الزمن القديم ويسترجعون الذكريات... الجميلة منها فقط. «كنا كأطفال العيد، تهافتنا على فتح الهدايا وفرحنا بألوانها وبريقها... دام ذلك أياماً قليلة قبل أن تتحول لُعبنا الجديدة الى مقتنيات باهتة ومملّة»، هكذا تصف صحيفة «إزفيستيا» تغيّر المشهد في المدن الروسية حيث كان صفّ الانتظار طويلاً جداً أمام مطاعم «ماكدونالدز»، التي لم تعد تجذب الكثيرين اليوم. المؤرخ الروسي فيكتور دانيلوف يختصر لصحيفة «لو موند ديبلوماتيك» (عدد آذار 2004) حال الشعب الروسي في التسعينيات قائلاً: «عشنا وراء الستار الحديدي لسنوات، وظننا وقتها أننا في قمة البؤس، لكن بعد انهيار الستار أدركنا معنى البؤس الحقيقي». دانيلوف يلفت الى أنه «في الوقت الذي فتحنا فيه أبواباً الى الخارج، علت أبواب مصفّحة بين الناس في الداخل، حيث بلغ التقوقع والانقسام في المجتمع الروسي درجات عالية وخطيرة». أما بالنسبة إلى الحرية أو الديموقراطية التي سوّق الغرب لها كثيراً قبيل انهيار النظام فلعلّ الاستطلاع التالي يظهر مكانتها في المجتمع الروسي الحالي: «ما هي، بالنسبة إليك، أهمّ الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور الروسي»، سألت «مؤسسة الرأي العام» عيّنة من المواطنين الروس عام 2005 وجاءت الإجابات كما يأتي: 40 في المئة سمّوا حقّ الطبابة والحصول على الدواء، 34 في المئة حقّ تأمين المسكن، 20 في المئة حق مكافحة البطالة، بينما 6 في المئة فقط اختاروا حرية التعبير عن الرأي. هكذا يقرّ معظم المحللين الروس بفشل وسائل الإعلام ومجموعات الضغط الأميركية والأوروبية بتشويه صورة الاتحاد السوفياتي كاملة عند الشعب الروسي. بعض المواطنين يصفون اليوم الفترة التي هلّلوا خلالها لسقوط النظام بأنها كانت «سكرة»!
لينين «ملك السياحة»
في نزل «لينين» وسط موسكو، ساعة حائط عليها صورة للقائدين الشيوعيّين فلاديمير لينين وجوزف ستالين يحددان معاً التوقيت اليومي، صور لينين وتماثيله تزيّن الغرف وباحة الاستقبال، وأقواله تنتشر في المطبخ. في الساحات العامّة والأسواق، تكثر بسطات عليها نياشين سوفياتية وعملات قديمة وقمصان وقبّعات عسكرية سوفياتية وصحف وملصقات بروباغندية، وتماثيل لينين تصطف الى جانب الأيقونات الأرثوذكسية... سلسلة مطاعم «بيتروفيتش» تقدم أطباقاً سوفياتية شهيرة والنبيذ السوفياتي... حتى المطاعم المكلفة بعضها اتخذ اسم CCCP والبارات تشهر صوراً للينين وهو يشرب الفودكا أوالبيرة. «لينين يجذب السياح»، يكاد يجمع معظم أصحاب تلك المصالح وهم من الشباب. أما الموضة الجديدة في الأزياء الشبابية، فقد أدخلت شعار «المنجل والمطرقة» على القمصان والمعاطف والقبعات... شاشات التلفزيون الروسي تعرض مسلسلات وأفلاماً من أيام السوفيات، وقنوات الـ «إف إم» الإذاعية تصدح بأغانٍ سوفياتية مجددة. تماثيل لينين الفولاذية الضخمة يُعاد صقلها ووجهه محفور على لوحات الشوارع والحدائق العامة. لكن كل ذلك لا يعني أنّ السوفيات عادوا أو أنّ الروس يتمنّون عودة النظام الستاليني، وخصوصاً لدى الجيل الروسي الشاب، حيث إن 79 في المئة منهم (15ـــــ 22 عاماً) لا يبدون أسفاً لسقوط النظام الشيوعي ولا يسعون إلى استعادته. بعض علماء الاجتماع يرجعون ظاهرة التعلّق بالحنين السوفياتي (الذي بلغ أوجّه في أواخر التسعينيات) إلى افتقاد الشعب قائداً يؤكّد قوّة الدولة خارجياً، ونظاماً أمنياً صارماً يضمن الأمن الداخلي. هذا الفراغ حاول ملأه الرئيس السابق فلاديمير بوتين الذي أدرك أنه بقليل من النوستالجيا يمكن أن يكسب قلوب الكثيرين، فأعاد إحياء النشيد السوفياتي، وأرجع بعض تماثيل لينين، وأحيا الاحتفالات بذكرى الثورة والانتصار على النازية... دون أن ننسى رمزية الحرب القصيرة التي خاضتها روسيا ضد جورجيا، والتي أعادت إلى الروس عنفوانهم وخلّصتهم من عقدة النقص تجاه دول الاتحاد السوفياتي السابق، كما يرى بعض المحللين.
بين «ناشي» وحليقي الرؤوس«على جبهات المعارك لدينا من يحمينا: الكاتيوشا وبوتين...»، هكذا يردد بعض الشباب المحتشدين في تظاهرة ضد السياسة الجورجية. الشباب المتظاهرون ينتمون الى حزب يدعى «ناشي» (أي «لنا») ويطلق عليهم اسم «شباب بوتين». هؤلاء الشباب ـــــ الظاهرة (نحو 300 ألف) يعلنون الولاء المطلق لبوتين والتضحية فداء الوطن الأم روسيا، والعداء التام لـ«أعداء روسيا» من أحزاب المعارضة والقادة المعادين لسياسات بوتين والفاشيين. البعض يشبّه «ناشي» بـ«الشبيبة الشيوعية» في زمن الاتحاد السوفياتي. ظاهرة أخرى لافتة بين الشباب الروسي، وهي تصاعد حدّة القومية المتطرفة والعنصرية تجاه كل ما ومن هو غير روسي. 80 قتيلاً سقطوا في جرائم ذات طابع عنصري في روسيا عام 2008 والمجتمع الروسي يعدّ اليوم 70 ألفاً من «حليقي الرؤوس» المنتمين إلى مجموعات متطرفة أخرى.
انقلاب على الإصلاحات في البحرين تنفّذه العائلة المالكة بدعم سعودي. أو بالأحرى جناح من هذه العائلة يحاول إعادة رسم الخطوط الحمراء، ووضع سقف سياسي لخطاب المعارضة وممارساتها. بمعنى آخر، هي إعادة تحجيم للشيعة، الذين يمثّلون أكثرية السكان (78 % بحسب بعض الإحصاءات) عبر التشكيك في ولائهم الوطني.
هذا بالحد الأدنى ما يعتقد به هؤلاء
إيلي شلهوب
الوضع ميدانياً هادئ على الأرض في الوقت الراهن في البحرين. لا مواجهات في الشوارع ولا مسيرات للمعارضة. حتى مسيرة يوم القدس التي جرت العادة على أن تنظَّم في الجمعة الأخير من شهر رمضان أُلغيت، لكنّ النفوس تعتمل، والجمر يستعر تحت رماد الصراع بين السلطة والمعارضة. هناك، في المنامة، إجماع على أن شهر العسل الذي استمر نحو تسع سنوات قد انتهى بين الطرفين. والتساؤل الذي يتسلّل إلى أزقّة العاصمة البحرينية وصالوناتها ينحصر في محاولة استشراف كيفية تطور الأزمة: هل سيجري احتواؤها وبالتالي تبقى في حدودها الراهنة؟ هل ستكبر؟ الجواب يأمل البحرينيون أن يلتمسوه بعد أيام من التماس هلال العيد. رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان البحريني، خليل المرزوق، يقول لـ«الأخبار»، إن بلاده تشهد «عودة قوية إلى زمن حكم أمن الدولة، الذي اعتدناه في السبعينيات والثمانينيات. هي التهم نفسها. معتقلون منذ 13 آب لا أحد يعرف عنهم شيئاً، وحديث عن تعذيب بحقهم». ويضيف «هي محاولة من جانب الحاكم للهروب من المشاكل السياسية عبر التصعيد الأمني. الخناق يشتد على السلطة. هناك دستور مختلَف عليه ومشكلة تجنيس وتمييز ممنهج وسرقة للأراضي العامة. الهروب يجري بافتعال أزمات أمنية وبث الفتنة الطائفية». وتابع المرزوق، الذي ينتمي إلى جمعية «الوفاق» المعارضة، إن «كبار العلماء والشخصيات وجهوا دعوة إلى الحوار، لكن لا استجابة من السلطة»، مشيراً إلى أنه «كأنما المشروع الإصلاحي يلفظ أنفاسه الأخيرة ونحن قادمون نحو تقرير البندر. المشروع الذي يبدو كأن ما يجري قد استُقي من صفحاته. مشروع ليس سوى خراب للبحرين». ويكشف المرزوق أن «الدلائل والمعلومات تفيد عن وجود ثلاثة أجنحة في العائلة المالكة: جناح ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة، وهو الجناح المعتدل والمتفهّم والمؤيد للحلول السياسية، لكنه في هذه الأزمة يُحاصَر ويُزج فيها. وهناك جناج وزير الديوان خالد بن أحمد آل خليفة، وهو الجناح المتشدد الرافض لأي حوار والمؤيد للقبضة الأمنية. وأخيراً هناك جناح رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة، وهو في الشأن السياسي العام بعيد عن الاثنين السابقين. هو مشغول بالمسائل التنفيذية. أصلاً صلاحياته مقلّصة». القيادي في حركة أحرار البحرين سعيد الشهابي، المقيم في لندن، الذي يحتل الرقم ثلاثة ضمن قائمة الـ 23، يرى أنّ ما يجري انتصار لجناح لرئيس الديوان الملكي. يقول «وزير الديوان هو الأول والآخر. هو الآمر الناهي. استطاع أن يُحجّم باقي التوجهات. لكنه ليس حالة معزولة. هذه توجهات العائلة الحاكمة. عائلة طائفية ومذهبية وجدت في وزير الديوان من يجسّد ذلك. عائلة تنتهك طائفة بعينها من هذا الشعب. تُظهر نفسها مدافعة علناً عن حقوق طائفة في مواجهة باقي الشعب. عائلة طمّاعة وجشعة تريد وضع يدها على كل شيء. لا توازيها في ذلك أي حالة أخرى في دول الخليج». ويضيف الشهابي، وهو أحد اثنين لم يُلقَ القبض عليهما لوجودهما خارج البلاد، لـ «الأخبار»، إن «ما يجري يتداخل فيه الإقليمي مع المحلي وإن كان يغلب عليه العنصر الأخير. العائلة الحاكمة أدركت فشل مشروعها السياسي. عَدّ الملك ذلك صفعة له شخصياًً وأراد الانتقام ممّن يرى أنهم المسؤولون عن هذا الفشل... أخذ قراره، ربما بتنسيق إقليمي حيث ينظرون إلى الحالة البحرينية، عن حق أو عن خطأ، على أنها امتداد لحالة تنامي المقاومة للاحتلال ورفض الاستبداد»، مشيراً إلى وجود «حالة احتقان مذهبي في البحرين تغذّيها مدارس دينية في دول مجاورة». وتابع قائلاً إن «الوضع مرتهن لقرار من رأس الحكم. لا حل من أي جهة أخرى في البلد. المؤسسات الديموقراطية بعيدة عن سلطة القرار، بدليل أنها موجودة وغير معنية سوى بإقرار ما يريده النظام». مصادر معارضة سابقة تلعب حالياً على أطراف النظام ترى الأمور على النحو التالي: «عملية الإصلاح التي بدأت في 2001 لم تكتمل من وجهة نظر المعارضة، التي انقسمت على نفسها بين فريق يرى في عدم إيفاء السلطة بوعودها مبرّراً للمقاطعة وتصعيد الخطاب، في مقابل فريق لا يزال يتمسك بالعملية السياسية ويؤيد المعارضة من الداخل. في مواجهة الخطاب المتشدد لجهات في المعارضة، الذي أدى إلى أعمال شعب وحرق في الطرق ليست غريبة عن البحرين، خلقت السلطات مجموعات متشددة تردّ على شتائم المعارضة بشتائم لرموز هذه الأخيرة وللشيعة عموماً. الموقف الرسمي الحالي للسلطة يقول إن الكيل طفح لديها بالنسبة إلى المتشددين من المعارضة، الذين قررت توجيه ضربة إليهم تحت عنوان أنه في 13 آب انتهت سياسة التسامح وبدأت سياسة الحزم والشدة مع كل ما تحمله من مدلولات. أما الجناح المتشدد في السلطة، فيقول إنّ الأمور ستذهب أبعد من ذلك». وتقول مصادر المعارضة البحرينية في الداخل إن «ما يجري اليوم ضربة أمنية تطاول رموز المقاطعة (للعملية السياسية)»، تترافق مع «توجيهات من الملك لضبط الخطاب الديني، وتأطير الحريات العامة عبر تشديد الرقابة على الصحف». اللافت في هذه الحملة، بحسب المصادر نفسها، أن «الاعتقالات فيها تجري على أيدي الحرس الوطني، لا الشرطة أو قوى الأمن التابعة لوزارة الداخلية على ما جرت عليه العادة». هناك أيضاً «إغلاق الموقع الإلكتروني لجمعية الوفاق»، التي تُعدّ أكبر التنظيمات المعارضة، والتي تمتلك الكتلة البرلمانية الأكبر (17 نائباً من أصل 40، يتكوّن منهم مجلس النواب)، فضلاً عن أن «معظم المعتقلين هم من نشطاء حقوق الإنسان، الذين جلّ ما قاموا به هو حرق إطارات في الشوارع، أو تدمير إشارة مرور»، في وقت «جرى في خلاله اعتقال أكثر من خلية إرهابية سلفية مسلحة، وكل ما كان يحصل هو مصادرة الأسلحة وإطلاق أفراد الخلية». وتلفت المصادر نفسها إلى أن «حديث وزير العدل البحريني الشيخ خالد بن علي آل خليفة عن أن الانتخابات المقبلة ستجري من دون أيّ رقابة دولية، وخطاب الملك في شأن ترشيد الخطاب الديني سوف يخلقان حساسية، وقد يؤديان إلى كسر الجرة حتى بين الأطراف المشاركة في العملية السياسية». هناك أيضاً التدخل المستجد لولي العهد في الأمور السياسية الداخلية. مصادر من المعارضة المقاطعة للعملية السياسية في الخارج تقول إن «ولي العهد معروف أنه يتولى ملف التنمية الاقتصادية. لم يعتد التعاطي بالشأن السياسي. أول تدخل ظاهر له كان قبل أيام عندما رأى أن الملك كان متساهلاً مع المعارضة، وأنه طلب منها العودة إلى رشدها فلم يُجدِ الأمر نفعاً، لذلك نريد أن نعلّم قادتها درساً لن ينسوه. هناك أيضاً تعقيبه على إعلان الملك عن الإصلاحات الدينية، مؤكّداً ضرورة استرداد المنابر». وتفيد المصادر نفسها أنها «المرة الأولى التي يكشف فيها النظام الأمني عن وجهه القديم، وتُستخدم فيها القوة العارية بهذه الطريقة الوحشية منذ تولّي الشيخ حمد مقاليد الحكم قبل نحو عقد من الزمن». وتضيف إنّ «أكثرية التهم الموجهة إلى المعتقلين لها علاقة بصلات وتمويل من جهات خارجية. مسؤول أمني صرّح بأنّ هذه الجهة ليست إيران. من هي إذاً؟ لا أحد يقول، ما يعني أنها تهم لا أساس لها ولا دليل على وجودها. ليست سوى محاولة للتشكيك في ولاء الشيعة». وكانت لافتةً تصريحات «لعدد من كبار مسؤولي الدولة تفيد أنّ على المعارضة ألا تفهم العفو المتكرر والإصلاحات فهماً خاطئاً على أنها دليل ضعف. العائلة المالكة ليست بحاجة إلى هذه الإصلاحات من أجل تثبيت سلطتها»، على ما تفيد مصادر من معارضة الداخل. مصادر معنية بالملف تشير إلى أن «الجمعيات العلمانية واليسارية تتعرض لضغوط شديدة. أعمال تخريب تجري في المناطق التي تريد أن تترشح فيها. يخططون لتوجيه الصوت العسكري وصوت المجنسين ليواجهوا بهما المرشح اليساري كي لا يصل إلى البرلمان. يريدون الحفاظ على كتلة غير دينية في البرلمان، والصراع سيكون على كتلة كهذه في الأسابيع المقبلة. لكنهم يريدونها موالية للحكومة». مصادر عليمة بشؤون الحياة السياسية وشجونها في البحرين تؤكد أن هذه الحملة «ليست سوى آخر حلقات سلسلة تستهدف الانقلاب على الإصلاحات السياسية في البحرين، بما يعيد رسم الخطوط الحمراء وتحديد السقف للخطاب والنشاط السياسيين». وتضيف إن هذا «الانقلاب يقوده رئيس الديوان الملكي الوثيق الصلة بالسعودية، الذي يعمل على تطبيق الأفكار السعودية داخل البحرين، بدليل حجم الأموال التي تُنفق على الجمعيات السلفية المقربة من النظام الحاكم في الرياض». وتشدد المصادر على أن ما يجري حالياً «محاولة حسم التوجه الجديد للبحرين. هناك انزعاج سعودي واضح من الإصلاحات التي فسحت المجال في البحرين لنبرة مشابهة للحال في الكويت. وضع كهذا يمكن أن يسهم في تأجيج الوضع في المنطقة الشرقية (التي تقطنها غالبية شيعية في السعودية) ضد الرياض. السعودية تريد احتواء شيعة البحرين». وتضيف المصادر نفسها إنه «يجب النظر إلى ميزان النفوذ داخل الدولة. لقد أصبح بيد رئيس الديوان الملكي»، مشدّدة على أن «رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة لا شك أنه يشعر بانزعاج، وهو يدرك أن البساط السعودي يُسحب من تحت قدميه، كما حصل مع الوزارات السيادية التي سُحبت من أيدي المقربين منه». وتوضح أن «آخر ضربة تلقّاها رئيس الوزراء كانت في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي. رشح محمد المطوع لهذا المنصب، الذي أراد من خلاله أن يوازن به ميزان القوى المحلية الذي يميل لغير مصلحته، ومعروف أن الأمور لم تجر كما اشتهى». مصادر على أطراف النظام توضح «أن السلفيّين موجودون في البحرين منذ بداية الثمانينات، ويأتيهم الدعم من الكويت والسعودية. هذا الأمر ليس جديداً. في السبعينيات، كان الشارع السني في أكثريته من الإخوان المسلمين، والباقي قوميّون. أما الآن، فأكثريته من السلفيين، يأتي بعدهم الإخوان وقلة قليلة من القوميين». مصادر معارضة وثيقة الاطّلاع تؤكد «وجود غطاء أميركي لما يحدث»، مشيرةً إلى أن «رموز المعارضة في الخارج تلقوا، خلال اجتماع كانوا يعقدونه في لندن في نيسان الماضي، رسالة من السفير الأميركي في المنامة، آدم ايرلي، يحذرهم فيها من ضرورة ضبط الخطاب السياسي خلال المرحلة المقبلة، لافتاً إلى حملة أمنية قريبة على المعارضة، وإلى أن المصلحة الأميركية تفرض ألا تغطي واشنطن أياً من أطراف المعارضة لأي سبب كان. وهكذا حصل». وتضيف إن «من المؤشرات على الاهتمام المستجد للولايات المتحدة بالبحرين أن السفير الأميركي أصبح، منذ فترة وجيزة، مقيماً في المنامة، خلافاً لما كانت عليه الحال في السابق، حيث كان يقيم في بغداد». وهناك بُعد آخر للأزمة مرتبط بقطر، التي «تزداد علاقتها سوءاً بالبحرين يوماً بعد يوم». وتقول مصادر مطلعة إن هناك «حديثاً داخل الصالونات السياسية في المنامة عن سوء علاقة العائلة المالكة في المنامة بالعائلة الحاكمة في قطر». وتوضح أن «من المؤشرات على ذلك قرار قطر عدم مباشرة تنفيذ جسر المحبة الذي يربط بين البلدين، والذي ما عاد أحد يتوقع أن يبصر النور،
رغم أن عملية الإعداد لمباشرة بنائه قد انتهت بعد تأخّر دام 4 سنوات. هناك أيضاً قضية الصياد البحريني الذي أطلق عليه خفر السواحل القطري النار واعتقله بحجة أنه دخل المياه القطرية. حصل ذلك قبل نحو أربعة أشهر، ولم يطلَق سراحه إلا يوم الاثنين الماضي بعد تغريمه ألف دينار. هناك أيضاً حكاية منع طاقم لقناة الجزيرة من دخول المنامة. كلها حوادث ما كانت لتحصل لو كانت العلاقات أخوية». وتضيف المصادر نفسها إن «هناك اتهامات للدوحة داخل المنامة بأنها تقف مع طهران في ملف الغاز، وتجبر البحرين على التنسيق مع إيران». هناك أيضاً حديث عن دور مصري وأردني مستتر. وفي هذا السياق تلفت مصادر متابعة إلى «واقعة اعتقال ما سمّيت خلية إرهابية بعد أيام من عودة الملك من زيارة إلى مصر، حيث التقى الرئيس حسني مبارك، وهناك حديث عن استجلاب قوات مصرية وأردنية إلى البحرين إذا اشتدت الأزمة الأمنية في المملكة». ومع ذلك، يقول المرزوق إنه «لا معلومات لديه عن أي تدخل خارجي لهذا الطرف أو ذاك. لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي، لكن لا أحد في الخليج مرتاح للعملية الديموقراطية في البحرين». وفي ما يتعلق بقطر، يضيف المرزوق «كان هناك توتر أيام الترشيحات لمنصب الأمين العام لمجلس التعاون. كانوا معترضين على المطوع. لكن هذه القضية انتهت. الأكيد أنه لا يوجد تصعيد من الجانب البحريني». ومعروف أن الاعتقالات الأخيرة طاولت معارضين من المشاركين في العملية السياسية وآخرين من المقاطعين لها ممّن يطالبون بدستور تعاقدي، على غرار دستور عام 1973، للاعتراف بالنظام.
«تقرير البندر» في سطور«تقرير البندر»، الذي ظهر في 2006، تضمّن ادعاءات بتورط مسؤولين حكوميّين في خطة سرية لإقصاء الشيعة والتلاعب بنتائج انتخابات ذاك العام. سمي باسم الشخص الذي كشفه، وهو مستشار حكومي سابق سوداني الأصل يحمل الجنسية البريطانية يدعى صلاح البندر. ويتهم التقرير «منظمة سرية» داخل الحكومة، يقودها وزير شؤون مجلس الوزراء، الشيخ أحمد بن عطية الله خليفة، بالعمل لتهميش الشيعة. وتنص الخطة على «إبراز القادة الدينيّين المؤثرين في أوساط أهل السنة والجماعة ليكون لهم ثقل في صناعة القرار»، و«السعي إلى السيطرة على وظائف الشرطة، والجيش، والحرس الوطني»، وطلب «الدعم القوي من الديوان الملكي»، و«تأسيس مركز خاص لإجراء الدراسات والرقابة على النشاطات التي يقوم بها الشيعة، وتذويبهم في بحر واسع من السنّة في الخليج»، و«الاهتمام بزيادة حصص السنّة من المناصب العليا وتحسين أحوالهم المادية والاجتماعية، بهدف بقائهم وتكاثرهم والحد من نزوحهم إلى دول الجوار»، و«إعادة كتابة تاريخ البحرين وإبراز دور القادة والعلماء والمفكّرين السنّة فيه».