Ihsan Masri

Ihsan Masri

عماد الزغبي -السفير

أنهى أسبوعه الأول في ساحة رياض الصلح، من دون خيمة تقيه الشمس نهاراً، والرطوبة ليلاً، ولا حتى استطاع تثبيت مظلة يد على شجيرة. وحيداً حمل الموظف في وزارة الزراعة الدكتور المهندس علي برو قضية «الأمعاء الخاوية» وبقي صامداً، في إضرابه عن الطعام، يزوره بين الفينة والأخرى عدد من الزملاء، والمتضامنين مع قضيته العادلة، في الحصول على سلسلة رتب ورواتب تقيه العوز بعد خروجه إلى التقاعد بعد 11 شهرا. فالـ500 دولار التي سيتقاضاها في نهاية خدمته، لن تكفي بدل إيجار منزله، ودفع مصاريف المياه والكهرباء، حاله كحال الكثير من زملائه في الوظيفة العامة. يستغل وقت الفراغ، وحيداً يستظل فيء شجيرة وبيده كتاب، لم يطمئن إلى صحته أحد، لا «الصليب الأحمر اللبناني»، ولا «الدفاع المدني». فيفترض في مثل هذه الحالات، تواجد سيارة للطوارئ. يزوره الطبيب محمد المقداد من وقت إلى آخر. وليل أمس الأول أضطر الطبيب إلى تعليق المصل لبرو، بعدما وجد أن ضغط دمه قد انخفض إلى حد قد يشكل خطرا على حياته، على الرغم من معارضة برو للأمر. لم تنفع الاتصالات في السماح لبرو بالحصول على خيمة، ولا الوعود التي سبق وأعطاها محافظ بيروت زياد شبيب لرئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» محمود حيدر، ولا الضابط الذي وعده بالسماح بوضع الخيمة. وتضامنا مع برو، زاره عدد من موظفي الإدارة العامة، وعدد من الأساتذة والمعلمين، وأعضاء «هيئة التنسيق النقابية». وتحدث عضو الهيئة وليد الشعار، فلفت إلى أن الزيارة هي للتضامن مع أنفسنا، «لأن برو في تحركه يتحمل الجوع باسم جميع موظفي الإدارة العامة». واكتفى برو بالقول: «هذا هو اليوم السابع وما زلت أطالب بحقي كموظف، وأتمنى ألا أصل إلى المطالبة بحقي كمواطن، لأنه عندها لن أخلص..». وختم مستذكرا قصيدة «فلسطين» للشاعر المصري علي محمود طه «جاوز الظالمون المدى..». ووجهت مي مزهر باسم موظفي وزارة الزراعة التحية لبرو على صموده، وقالت: «نحسدك على هذا الصبر والثبات، لأنه يعبر عن قناعتك في وجه الظلم». ودعا حيدر «محافظ بيروت للمجيء إلى ساحة رياض الصلح، والموافقة على نصب خيمة في رياض الصلح لعلي برّو المضرب عن الطعام»، محملا «المسؤولين كل النتائج السلبية المترتبة عن عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب». وأكد أن «الهيئة عبرت عن الوحدة الوطنية وحملت لواءها ولواء الأمن والاستقرار، وما المطالب بإقرار السلسلة إلا جزء منها، وهي لكل موظفي القطاع العام وأسلاكه العسكرية والمدنية، وإقرارها يؤدي الى تعزيز وضع الناس وأمنهم واستقرارهم». وطالب النواب «بأن يتحملوا مسؤولياتهم في هذه الظروف التي تمر فيها المنطقة ولبنان، وان يكونوا على قدر مسؤولياتهم ويعملوا لمزيد من التلاقي والحوار وانتخاب رئيس للجمهورية، وعدم أخذ البلاد الى الفراغ». ودعا رؤساء الكتل الى «إنهاء قضية السلسلة في جلسة سريعة وفق المذكرة التي سلمتها الهيئة الى الرئيس بري، ووفق ما يؤمن حقوق جميع القطاعات الوظيفية والعدالة بينها وينصف الموظفين الإداريين ويرفع الظلم عنهم، من خلال مساواة رواتبهم بمن يماثلهم فئة». كما طالب «بالإقلاع عن زيادة الدوام التي تؤدي الى زيادة الأعباء على الموظفين من دون أن تؤدي الى رفع الإنتاجية». ورفض حيدر الضرائب على الفقراء، أو المس بالتقديمات الاجتماعية، وأكد «استمرار الإضراب والتحرك وتعطيل الإدارة والامتناع عن التصحيح إذا لم تقر السلسلة من دون خفض أو تقسيط، مع المفعول الرجعي والدرجات». وفي النبطية، قام مندوب «رابطة موظفي الإدارة» مسلم عبيد بتوزيع منشور على الإدارات العامة في النبطية، ودوائر السرايا الحكومية، بعنوان «تحية تضامن» تدعو الموظفين إلى التضامن مع برو المضرب عن الطعام من أجل سلسلة عادلة للموظف الإداري تعطيه حقوقه كحقوق أقرانه، لا سيما في السلك التعليمي لجهة الزيادات والدرجات الست. وطلب من جميع الموظفين الوقوف إلى جانب برو في ساحة رياض الصلح لأنه تضامن مع أنفسنا وحقوقنا.

امجد سمحان - السفير

علّق مئات المعتقلين الفلسطينيين اضرابا عن الطعام في السجون الإسرائيلية بدأوه قبل 63 يوماً، بعدما حققوا جزءاً من مطالبهم، كان ثمنه مضاعفات خطيرة على أجسادهم، بسبب الاعياء وفقدان الوزن والأرق. وأعلن وزير الأسرى الفلسطينيين شوقي العيسة أن الأسرى الإداريين المضربين، وعددهم حوالي 200 أسير، أوقفوا إضراباً استمر لمدة شهرين، مع نحو 200 أسير آخرين كانوا يتضامنون معهم، موضحاً أنهم حققوا جزءاً من مطالبهم. وأكد العيسة أن تعليق الإضراب قابله تعليق لكل الخطوات العقابية التي فرضتها إسرائيل على الأسرى الفلسطينيين المضربين خلال الآونة الاخيرة، من دون أن يتم وقف سياسة الاعتقال الإداري التي تستخدمها إسرائيل بحق الفلسطينيين، بالإضافة إلى السماح لـ75 من المضربين المتواجدين في المستشفيات حالياً بالبقاء فيها حتى تحسن حالتهم الصحية. الإضراب كان بدأه 88 أسيراً قبل شهرين احتجاجاً على ملف الاعتقال الإداري الذي تستخدمه إسرائيل بحق الفلسطينيين، وكان الهدف منه إيقاف هذا النوع من الاعتقال، الذي وصفه العيسة "بالعقاب الجماعي، والذي يسمح للاحتلال الإسرائيلي باعتقال أي فلسطيني من دون سبب". وعلى مدار شهرين انضم على مراحل قرابة 400 أسير للإضراب، نصفهم محكوم إدارياً، والنصف الآخر من كبار السن والمرضى. كما أضرب خمسة آلاف فلسطيني تعتقلهم إسرائيل على فترات متفاوتة تضامناً مع المضربين واحتجاجاً على الاعتقال الإداري. والاعتقال الإداري ورثته إسرائيل عن الانتداب البريطاني، وفيه يحاكم المعتقل من دون تهمة لفترة زمنية قابلة للتجديد، وبداعي ما تسميه إسرائيل "ملفاً سرياً". وطالب الأسرى المضربون بوقف هذه السياسة ومحاكمتهم استناداً إلى لوائح اتهام واضحة. وفي هذا السياق، أكدت مصادر لـ"السفير" أن تعليق الأسرى لإضرابهم جاء أيضاً بسبب الأوضاع المتوترة التي تشهدها الأرض الفلسطينية في ظل الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف المدن الفلسطينية، بحثاً عن ثلاثة مستوطنين اختفت آثارهم قرب مدينة الخليل قبل نحو أسبوعين، مشيرة إلى أن "تعليق الإضراب خطوة تكتيكية في ظل المتغيرات الحالية". من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "أشيد بوزير الأمن الداخلي وبمدير مصلحة السجون على العمل الحازم والمهني الذي أدى إلى إيقاف الإضراب عن الطعام من قبل بعض السجناء الفلسطينيين. لقد انتهجنا سياسة واضحة أدت إلى تحقيق هذه النتيجة المهمة وسنقوم الآن بإضافة ممارسات ووسائل أخرى ستؤدي بدورها إلى تقليص هذه الإضرابات مستقبلاً". وما أن بدأ تعليق الإضراب عن الطعام، حتى جددت سلطات الاحتلال اعتقال الأسير سامي حسين من رام الله لمدة شهر، بعدما كان من المفترض أن يتم الإفراج عنه أمس. وقالت متحدثة باسم جيش الاحتلال أمس، أن "الجيش الإسرائيلي اعتقل 17 فلسطينياً في إطار الحملة التي يشنها للعثور على ثلاثة إسرائيليين اختفت آثارهم قبل حوالي أسبوعين، مشيرة إلى أن الاعتقالات جرت في أنحاء الضفة الغربية وشملت نائبين في المجلس التشريعي الفلسطيني. وتعتقل إسرائيل حالياً نحو 5400 فلسطيني بينهم 23 نائباً في المجلس التشريعي وخمس نساء ونحو 200 طفل، وقرابة 20 أسيراً مريضاً يقيمون بشكل دائم في المستشفى الإسرائيلي العسكري. إلى ذلك، أصيب عنصران من شرطة حماس بجروح أمس، في سلسلة غارات جوية شنتها المقاتلات الحربية الإسرائيلية على عدة أهداف في قطاع غزة، وفقاً لوزارة الصحة في حكومة حماس السابقة. وأعلن المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة "إصابة اثنين من عناصر الشرطة البحرية (التابعة لحماس) بجروح طفيفة في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات" في وسط قطاع غزة. وفي شمال القطاع، قال شاهد عيان إن "طائرات الاحتلال شنت غارتين على موقع تدريب لسرايا القدس (الجناح العسكري للجهاد الإسلامي)، وأخرى على أرض فارغة في المنطقة". وجاءت الغارات بعيد إعلان متحدثة باسم جيش الاحتلال اعتراض صاروخين أطلقا من قطاع غزة على جنوب إسرائيل، موضحة أن "نظام الدفاع المضاد للصواريخ (القبة الحديدية) اعترض الصاروخين اللذين لم يسفرا عن أضرار".

فاتن الحاج - الاخبار

الثانية والنصف بعد منتصف الليل، تغمض جفون الموظف في وزارة الزراعة د. علي برو بعد يوم طويل من الاستنفار من أجل تحقيق طلب بسيط: خيمة تقي المضرب عن الطعام، نيابة عن الموظفين بمن فيهم عناصر القوى الأمنية، حرّ الشمس ورطوبة الليل. في تلك اللحظة، يستفيق برو على جلبة مصدرها عناصر أمن كانوا يصادرون خلسة خيمة نصبت في ساعات المساء الأولى، بحضور وفد من هيئة التنسيق النقابية.

لم يعترض برو على فعل المصادرة نفسه، بل إنّه رفض التفاوض الذي بدأه أحد الضباط معه منذ الساعة العاشرة، بشأن نقل الخيمة إلى خلف تمثال رياض الصلح. والحجة كانت أن تركيب أي شيء له «أربع أرجل» يحتاج، بحسب القانون، إلى ترخيص. السبب الرئيسي للرفض، كما يقول برو، هو أن مكان الاعتصام أمام التمثال وتغيير مكان الخيمة يوحي بأنّ هناك اعتصاماً بلا معتصم. ثم يسأل: «كيف يعاقب القانون على نصب خيمة في مساحة عامة ولا يعاقب على نصبها في نقطة ثانية من المساحة نفسها؟». سبب آخر دفع برو إلى عدم القبول بهذا العرض، وهو وضعه في زاوية معزولة تفوح منها رائحة البول ويكون فيها عرضة للأذى. وبعدما نقل عناصر الأمن الخيمة، أصرّ برو على النوم تحت التمثال، إلى أن صودرت الخيمة وكتب فيها محضر، بحجة أنّ برو لا يستخدمها. وللمفارقة، فإنّ مثل هذا التعاطي مع اعتصام مطلبي من أجل سلسلة الرتب والرواتب لم يحصل في أثناء التحركات التي نفذتها جماهير قوى 8 آذار و14 آذار حيث نُصبت مئات الخيم في المكان نفسه. هي سياسة الكيل بمكيالين، والصيف والشتاء تحت سقف واحد. سيحضر موظفو الإدارة العامة، عند الثانية عشرة ظهر اليوم، إلى ساحة رياض الصلح، للتضامن مع اعتصام الأمعاء الخاوية لإقرار السلسلة. هذا ما قرره مجلس مندوبي الرابطة أمس، الذي وافق على توصية هيئة التنسيق بإقفال الإدارات يومي 1 و2 تموز المقبل، على أن تحدد الهيئة الإدارية للرابطة لاحقاً مكانين لاعتصامين في هذين اليومين.

رضوان مرتضى

الشياح ثكلى، تُلملم جراحها. تزيح ركام التفجير وتنفض غباره عنها. الشياح أقوى. بات فيها بطل استشهادي يُدعى عبد الكريم حدرج. الشياح فخورة. أحد أبنائها افتدى أهلها، صد بجسده حقد سيارة مفخّخة غادرة. الشياح تحتفل بـ«عرس الشهيد»، رغم مرارة الفراق. من لم يكن يعرف الشهيد عبد الكريم حدرج بالأمس، يُردد اليوم مآثره. صورة الشاب الذي لم يبلغ الثالثة والعشرين وُزّعت على جدران المنطقة. وقصة بطولته باتت حكاية تلهج بها ألسنة الجميع هنا. في صالون روضة الشهيدين في الشياح، اجتمع أفراد عائلة حدرج. حضر الأقارب والأصدقاء لمشاركة المصاب. هنا امرأة تصرخ ثم تقع أرضاً. ترتجف مرددة اسم عبد. يسارع عناصر الدفاع المدني لإسعافها وإخراجها من القاعة. تسأل عمن تكون، هل هي والدة الشهيد؟ فيرد أحدهم بأنها، ربما، إحدى قريباته. يبلغك آخر بأنّ والد الشهيد عمّم على من يريد البكاء أن يخرج. ينقل لك قوله إنه لا يريد أن يرى حزناً ودموعاً، إنما الفرح وحده. يخبرونك أن فضل حدرج، والد الشهيد وابن بلدة البازورية، خسر ابنه «الوحيد على بنتين»، لكنه رغم ذلك يبدو الأكثر رباطة للجأش. هنا كل العيون باكية. وجميع الوجوه يكدّرها الحزن، إلا وجهاً واحداً. وجه رجل أربعيني يُشرق بابتسامة دائمة. ينفث دخان سيجارته مصافحاً الوافدين. يضم بعضهم ويُقبّل آخرين. أحد الشبّان ينهار لدى مصافحته، يشمّه في رقبته، ثم يبكي بمرارة.

يهدّئ الرجل الباسم من روع الباكي. يربت كتف الأخير الذي لا يلبث أن ينسحب. تسأل عن الرجل فيرد أحد الحاضرين بأنّه ربما شقيقه، لكنه لا يلبث أن يصحح قائلاً: «البطل هو ابني». يُخبر بأنّه لا يتقبّل التعازي، بل التهنئة بشهادة ابنه. يُحمّل والد الشهيد عبد الكريم حدرج «الأخبار» رسالة، موصياً بإيصالها. يكرر بعنفوان: «لن يهزّونا.. مهما فعلوا لن يهزّونا». يضيف الرجل الذي لا تفارق وجهه الابتسامة، رغم عينيه الخضراوين المغرورقتين بالدموع: «أرجو الله أن نتواجه معهم». تسأله عن ابنه الشهيد، فيقول: «ابني بطل افتدى أهل منطقته بنفسه. اعترض طريق الانتحاري، ولمّا ارتاب منه صوّب مسدسه إليه طالباً إلى زميله علي جابر أن يُبلغ عناصر حاجز الجيش. وما إن استدار الأخير باتجاه الحاجز حتى دوّى الانفجار. ابني اليوم بطل. وحيدي شهيد أفاخر به، ولا أقبل العزاء، بل التهنئة. فابني عبودي بطل». يقول أحد أصدقاء والد الشهيد، فضل حدرج، إنّ الأخير اتصل به صباح أمس قائلاً: «كنت دائماً أوصيك بالانتباه على عبد، لكنك لن تحمل همه بعد اليوم». الشهيد عبد الكريم ليس أول قربانٍ تُقدّمه عائلة حدرج على مذبح الدفاع عن الوطن. فقد كانت سبّاقة مع رضا حدرج، عم الشهيد الذي استُشهد وهو ابن ١٦ عاماً. رضا كان أحد مقاومي الحزب الشيوعي اللبناني، وشارك في مواجهة قوات العدو الإسرائيلي في خلدة عام ١٩٨٢. وينقل رفاقه أنّه أعطب دبابة إسرائيلية قبل أن يتعرّض لإصابة خطرة، مع الشهيد سمير نور الدين، ثم استشهد متأثّراً بجراحه. يُوارى الشهيد عبد الكريم حُدرج في ثرى روضة الشهيدين بعد ظهر اليوم.

 

فاتن الحاج - الاخبار… وفي اليوم الخامس للإضراب عن الطعام، حظي الموظف في وزارة الزراعة د. علي برو بخيمة تعينه على مواصلة التحرك حتى إقرار سلسلة رتب ورواتب عادلة ومنصفة. وقد حضر وفد من هيئة التنسيق النقابية مساءً للتضامن مع برو.

وكان التطور الأمني نهاية الأسبوع الماضي، قد أعاد جدولة تحرك هيئة التنسيق. لن يكون هذا الأسبوع تصعيدياً كما كان مقرراً، إذ إنّ الهيئة ستبدأ تنفيذ خطتها المقبلة، اعتباراً من يومي الثلاثاء والأربعاء في 1 و2 تموز المقبلين، بإقفال تام في الإدارات العامة والوزارات والقائمقاميات والبلديات في المحافظات والسرايات، على أن تستكمل التحرك بتجمعات في خمسة مراكز في المحافظات، يشارك فيها الطلاب، ولا سيما طلاب الشهادات الرسمية. وبعد اجتماع عقدته الهيئة أمس في نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، خرج رئيس النقابة نعمه محفوض ليقول إنّ الهيئة راعت الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، وأنجزت كل ما هو مطلوب منها في الامتحانات الرسمية، التي تنتهي في 28 الجاري، وهي تنتظر من الطبقة السياسية أن تعاملها بالمثل، وأن تبادر إلى عقد جلسة تشريعية لإقرار الحقوق في السلسلة. وحتى ذلك الحين، تؤكّد الهيئة مضيّها في تنفيذ قرار مقاطعة أسس التصحيح والتصحيح للامتحانات. وتجدد تمسّكها الكامل بالثوابت التي أوردتها في كتابها المرفوع إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير التربية الياس بو صعب، والنواب. وخلال ساعات النهار، انتظر برو أن تحضر هيئة التنسيق لتفرض نصب خيمة تقيه حر الشمس، وخصوصاً أنّه فتح معركة الأمعاء الخاوية.

المفارقة أن «الشمسية» الصغيرة التي أحضرتها المفتشة الإدارية نوال ناصر أول من أمس، وعلقتها على أحد الأغصان أزالتها القوى الأمنية بالقوة، ما جعل برو يعلق هازئاً: «هذا أول تعدّ على الأملاك العامة، وكي لا تكون سابقة، أُزيلت». وقال إنّه «لا عودة عن المطالبة بالحق، وترجمة الوقفة التضامنية معي اليوم تكون بمساعدتي على نصب هذه الخيمة»، طالباً من هيئة التنسيق أن تدعمه في هذا الموقف. وعلمت «الأخبار» أنّه أُرسل طلب إلى محافظ بيروت بهذا الشأن، إلاّ أنّ الجواب بالإيجاب أتى متأخراً. وكانت رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي قد وجهت تحية نقابية إلى برو، «لوقفته الشجاعة التي عبَر عنها بمبادرته إلى الاعتصام والاضراب عن الطعام لاقرار الحقوق في السلسلة». وإذ تؤكد الرابطة استمرارها في مقاطعة أسس التصحيح والتصحيح، ترفض مشاريع الاتفاقات الهادفة الى إقرار سلسلة ممسوخة، لا تأخذ بالحق المتمثل في تصحيح الرواتب بنسبة 121% على سلسلة عام 1996، بعد أن تحسم منه زيادات غلاءات المعيشة، التي أعطيت عامي 2008 و 2012. لن تقبل الرابطة، بحسب بيانها، احتساب الدرجات الست على أساس سلسلة اللجنة الفرعية الثانية، برئاسة النائب جورج عدوان، فهذه السلسلة تأكل من حقوق الأستاذ الثانوي ما بين 65% في بداية السلسلة، و 80% عند نهايتها، حتى بعد إعطاء الدرجات الست، فالحقوق لا تخضع للتفاوض ولا للمساومة. وتستغرب الرابطة سياسة التهويل على اللبنانيين بالأكاذيب وتزوير أرقام تصحيح الرواتب، والادعاء بأنّ اعطاء الحقوق أسوة بالقضاة واساتذة الجامعة اللبنانية سيخرَب البلد ويدمر الاقتصاد الوطني، بينما الحقيقة، كما تقول الرابطة، أنّ ابقاء الاستاذ الثانوي بحاجة الى 108 سنوات خدمة كي يصل راتبه الى بداية راتب الاستاذ الجامعي، هو ما يخرَب التعليم الثانوي، ويؤدي الى تدهور الموقع التربوي لهذا التعليم ولأستاذه في آن واحد. وترى أنّ محاولة تكرار الغاء الحقوق المكتسبة للأستاذ الثانوي (10.5درجات = 60%) من اساس الراتب) وللمرة الثانية لقاء الزيادة في ساعات عمله والمكرَسة في القوانين منذ 48 سنة، يعد استعباداَ للاستاذ الثانوي في شروط عمله الوظيفي. وتشير الرابطة إلى تدهور نسبة الدرجة من أساس الراتب، التي يأخذها الأستاذ الثانوي كل سنتين، من4.65 % عام 1996، الى 3.25% عند بداية السلسلة، كما هو مقترح، ومن ثم انهيارها إلى 2.8%، وهي النسبة الادنى مقارنة بنسب الدرجات المقترحة في السلاسل الأخرى. إن اقتراح اعطاء 6 درجات للمعلمين بديلاً من اعطائهم حقوقهم، ومقابل فرض زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1%، يعني، بحسب الرابطة، أنّ «القيمين على القرار يريدون إبقاء الرواتب مجمدة، أو تمويلها من جيوب الفقراء، ووضع الاساتذة في مواجهة الناس، أو على الاساتذة السكوت وعدم المطالبة بحقوقهم». إلى ذلك، يعقد مندوبو رابطة موظفي الإدارة العامة، اجتماعاً عند الثالثة من بعد ظهر اليوم، في قصر الأونيسكو، حيث ستقرر الخطوات المستقبلية للتحرك ابتداءً من غد الأربعاء، على أن يتوجه هؤلاء بعد ذلك للتضامن مع برو.

يدعوكم إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني-فرع بيروت

لحضور توقيع ونقاش كتاب " إعترافات نهاية قرن " للرفيق كريم مروة.

الخميس 26/6 الساعة 7:00

في مركز اﻹتحاد مار إلياس

عماد الزغبي - السفير

ستة أيام مرت على إضرابه عن الطعام. ما زال الموظف في وزارة الزراعة المهندس علي برو صامداً. موقفه لم يتغير قيد أنملة. يصّر على مواصلة اعتصامه في ساحة رياض الصلح. أسلوب ديموقراطي لجأ إليه، بعد ثلاث سنوات من المماطلة والتسويف في موضوع إقرار سلسلة الرتب والرواتب. لم يعد يستطيع التحمل أكثر. وعود وتراجع وإضرابات واعتصامات وتظاهرات، ثم وعود وتراجع.. حقه مهدور.. ومطلبه محق بسلسلة عادلة تمنع عنه العوز بعد خروجه إلى التقاعد. لن يتراجع برو عن موقف أتخذه، مهما كانت الصعاب والمعاناة. «الجوع تعودت عليه.. لكنني لن أقبل أن يرافق الجوع تقاعدي». ما يحز في نفس برو حرمانه في اعتصامه من أبسط مقومات الصمود. مظلة صغيرة منعت عنه. ممنوع حمل مظلة بيده تقيه حرارة الشمس. ممنوع الجلوس في الظل. ممنوع تعليق المظلة التي أحضرتها زميلته نوال. لا يبدي برو أي اعتراض أمام عناصر قوى الأمن الداخلي وهي ترفع المظلة عن الشجيرة. الناظر في عيني برو يرى مدى الانزعاج والأسف، لترك هؤلاء العناصر لمهامهم، ومراقبته ما إذا كان يستظل بمظلة أم لا. يعتذر الرتيب في قوى الأمن من برو، «عبدٌ مأمور.. عليّ تنفيذ الأوامر». يرمقه برو بنظرة خاطفه، ثم يجيب: «إذا كانت المظلة تسبب إزعاجاً لكم، فحطموها». يكتفي العنصر الأمني بوضع المظلة أمام برو، ويغادر. حالة من الانفعال تظهر على برو، عندما يزوره وفد من زملائه في العمل. لم يعد قادراً على الكتمان. يقول: «لم أنزعج ممن طالبني بفك الاعتصام ووقف الإضراب نظراً للأوضاع الأمنية.. لكن أن يُمنع عليّ حمل مظلة صغيرة فوق رأسي، فهو أمر في غاية الإزعاج». ويؤكد: «لن أتراجع مهما فعلوا.. بمظلة أو بدونها». ويتوجه إلى وزير الداخلية نهاد المشنوق بالقول: «إذا سقطت من الجوع، أنا المسؤول.. أما إذا سقطت من ضربة شمس.. فأنت المسؤول، لأن أحد ضباطك منعني من وضع شمسية فوق رأسي». يحاول زملاؤه تهدئة خاطره، فيجيب: «يخوض الأسرى الفلسطينيون معركة الأمعاء الخاوية في فلسطين المحتلة في وجه مغتصب لأرضهم ووطنهم.. وأخوض معركتي ضد مغتصب حقي، وهو يعرف نفسه..». يثق برو بقدرته على الصمود، ويخطر على باله قصيدة للشاعر محمود درويش «نيرون مات ولم تمت روما.. بعينيها تقاتل وحبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل». تركت حادثة رفع المظلة أثراً في نفس برو، لا تهدئها سوى قراءة الكتب التي أهداها إليه عدد من الشبان، بين زائر وآخر، من بينها «الأعمال الكاملة» لغسان كنفاني، وديوانا شعر. ع. ز.

فاتن الحاج - الاخبار

 

أربعة أيام مضت على الإضراب عن الطعام الذي ينفذه الموظف في وزارة الزراعة علي برو، في ساحة رياض الصلح. المهندس الزراعي لا يزال صامداً رغم فشل محاولات المتضامنين في نصب خيمة في المكان أو حتى «خيمة بحر» في الحد الأدنى. أمس، أحضرت المتضامنة الدائمة المفتشة الإدارية نوال ناصر «شمسيتها» لتقيها أشعة الشمس الحارقة.

الوقفة التضامنية مع برو التي دعت إليها رابطة موظفي الإدارة العامة، مساء الجمعة الماضي، لم تكن بمستوى التحرك ــــ الحدث. يومها، تأثر الجميع بالخضة الأمنية التي هزت البلاد بكل مفاصلها، وفرملت، بالتالي، برمجة زيارات كانت هيئة التنسيق النقابية تنوي تنظيمها إلى المكان. إلا أنّ برو ورفاقه يترقبون أن تعود الحركة الاحتجاجية النوعية في مسار حراك هيئة التنسيق لتنتعش من جديد، بداية الأسبوع الجاري. وكانت «الصبحية» مع برو ضمن لائحة مشاريع عطلة الأحد لبعض الموظفين القلائل، فأتوا مع أفراد عائلاتهم، فيما لم يتردد موظفون آخرون في دعوة برو للعودة عن الإضراب، إنقاذاً لصحته «الغالية علينا وحيث لا أفق لمثل هذه الخطوات في بلد لا يحترم مواطنيه»، على حد تعبير أحد المتضامنين. ومنهم من راح يدعو له بالصبر والقوة و«يا رب يرقّ قلب هالحكام على شيبة هالرجل قبل ما نفقدو ولازم كلنا نكون معو بالساحة».

تجتمع الهيئة اليوم لتحديد الأشكال المقبلة للتحرك في الواقع، اقتحمت الأزمة الأمنية مشهد تحرك هيئة التنسيق المستمر في الحد الأدنى بمقاطعة أسس التصحيح والتصحيح للامتحانات الرسمية. لا رجوع عن الخطوة التي تندرج أصلاً في إطار الاتفاق الذي تمّ مع وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب إلى حين إقرار سلسلة عادلة تحفظ الحقوق، على نحو ما جاء في مذكرة الهيئة إلى رئيس مجلس النواب والنواب. فجأة، طغى الأمن على كل شيء وساد الارتباك صفوف المنتفضين لحقوقهم الذين كانوا يستعدون للتصعيد. أرجئ اجتماع الهيئة من الخامسة من بعد ظهر الجمعة إلى الخامسة من بعد ظهر اليوم. وبعدما كان مقرراً أن تعلن خطة تصعيدية نوعية للتحرك تتناسب وحجم التسويف والمماطلة في إقرار الحقوق في سلسلة الرتب والرواتب، بات السؤال اليوم: ماذا سنفعل؟ هل نصعّد أم لا؟ يدرك قادة الهيئة أنّ الأمر بات يرتب مسؤولية كبيرة عليهم وتحتاج الدعوة إلى تجمع أو اعتصام، حتى لو كان في مكان مغلق، إلى دراسة وتبصّر بالعواقب. سيجوجلون، في اجتماع اليوم، الأفكار في شأن أشكال مواصلة الدفاع عن حقوقهم، آخذين في الاعتبار المعطى الأمني المستجد. في البرنامج المرتقب، لن تستثني هيئة التنسيق مخاطبة الطلاب وأهاليهم لشرح وجهة نظرها وظروف تحركها، وهي أنّ خطوة المقاطعة ليست موجهة ضدهم بل ضد أصحاب القرار والمسؤولين عن إعطاء الحقوق لكل الناس، وستدعو الهيئة الأهالي إلى الانخراط في معركتها لمواجهة من يتخذون الشعب رهينة، وليس فقط الطلاب على خلفية أنّ «من لا يقوم بواجباته لا يحق له أن يحاسب». وعلى خط مواز، ستعبّئ الهيئة قواعدها ليكونوا في حال الجاهزية الكاملة لمتابعة هذه المعركة. وإذا حصل أن التقت الهيئة أياً من المسؤولين، فستركز في الحوار معهم على أن المسألة ليست «تمنيننا بدرجة من هنا أو درجة من هناك كما ظهر في المفاوضات الأخيرة، فحقوقنا تتمثل في إعطائنا نسبة مئوية واحدة لجميع العاملين في القطاع العام بحسب نسبة التضخّم 121% على رواتب 1/1/1996 وعلى كامل السلسلة، وأسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانيّة، واعتباراً من 1/7/2012 وفق الاتفاقات مع الحكومة السابقة، مع رفض العودة مجدداً إلى نغمة التقسيط والتجزئة والتخفيض للأرقام. برأي الهيئة، فإنّ تداخل الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية ـــ الاجتماعية في وقت واحد بات يتطلب من جانب المسؤولين معالجة مختلفة. لا يكفي، كما تقول، أن تتخذ إجراءات أمنية فحسب لمواجهة التطرف وتترك المسائل الحياتية الأخرى قيد الإهمال، بل إنّ ما يحصل هو جرس إنذار إضافي للسياسيين للانصراف إلى تقديم الحلول الاجتماعية والاقتصادية التي توحد اللبنانيين، «فضرب حقوق الناس يشجع بشكل أو بآخر على التطرف». وما آلت إليه المفاوضات بشأن السلسلة، أظهر أن هيئة التنسيق تواجه اليوم مشروعاً متكاملاً لتكريس التعاقد الوظيفي وتصفية ما تبقى من الوظيفة العامة وضرب القطاعات الوظيفية بعضها ببعض. أما المفاوضات فتجري بين طرفي السلطة السياسية والتنازلات تأتي على حساب أصحاب الحقوق وبغيابهم، إذ يجري إبعادهم عن صياغة أي اتفاق قد يحدث في هذا الملف. قد يحمل كل طرف مقاربة مختلفة للملف، لكن الهوامش بينهما ضيقة، ووقوع الحقوق فرق عملة في التجاذبات السياسية أمر وارد.

 

قلبت إسرائيل ليل المدن الفلسطينية إلى جحيم، وخلقت حالة جديدة من حياة الرعب للفلسطينيين، وصار السيناريو الليلي، اقتحامات بمئات الجنود للمدن والقرى والمخيمات، ومواجهات مع الشبان الفلسطينين، وشهداء يسقطون، وقوات تنسحب مخلّفة دماراً وخراباً وشهداء يشيعون في اليوم التالي، وسط حالة من الحداد والغضب والكبت. ومنذ اختفاء الجنود الإسرائيليين الثلاثة قبل نحو أسبوعين، ودّعت المدن الفلسطينية خمسة شهداء، آخرهم شابان استشهدا فجر أمس، في مدينتي رام الله ونابلس، والباقون سقطوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي الذي يداهم المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في ساعات متأخرة من الليل، مواصلاً حملة الاعتقالات التي طالت حتى الآن قرابة 350 فلسطينياً. واستشهد الشاب محمد محمود إسماعيل عطالله الطريفي (30 عاماً) فجر اليوم في مواجهات مع الجيش الاسرائيلي في رام الله، أسفرت كذلك عن إصابة خمسة فلسطينيين بجروح. وذكر شهود عيان إن الطريفي استشهد برصاص أحد القناصة الذين كانوا يعتلون أسطح بعض المنازل في رام الله، مشيرين إلى أنه ظل ينزف لساعات، في ظل عدم قدرة وصول سيارات الإسعاف إليه. وفي مخيم العين غرب مدينة نابلس، استشهد الشاب الشاب أحمد سعيد سعود الفحماوي (27 عاماً) برصاص جنود الاحتلال بينما كان متوجهاً الى المسجد لأداء صلاة الفجر. وفيما احجم الجيش الاسرائيلي عن التعليق على استشهاد الطريفي، أكد أن جنوده اطلقوا النار على رجل في نابلس بعدما "اقترب منهم بشكل خطير". كذلك، دخل شاب فلسطيني (20 عاماً) تعرّض لإصابة خطرة يوم الجمعة الماضي في رأسه، في موت سريري في مستشفى اسرائيلي، فيما توفي رجل في الستين من عمره في نابلس إثر إصابته بأزمة قلبية فيما كانت قوات من الجيش الإسرائيلي تقوم بعمليات تفتيش خارج منزله. وبعد ظهر أمس، شيّع الفلسطينيون جثمان الشهيدين الطريفي في البيرة، والفحماوي في مخيم العين. وردّد المشيعون هتافات غاضبة ضد الاحتلال، وطالبوا بانتفاضة فلسطينية ثالثة في وجه انتهاكاته واعتداءاته على الفلسطينين، فيما أغلقت المحال التجارية أبوابها حداداً على أرواح الشهداء. وأطلقت قوات الاحتلال والمستوطنون النار على جنازة الشهيد الطريفي لدى مواراته في الثرى في مقبرة مدينة البيرة القريبة من مستوطنة بزاغوت المقامة على الأرض الفلسطينية. وفي غزة، شنّت الطائرات الإسرائيلية، أمس، أربع غارات جوية على مواقع تابعة لحركتي حماس والجهاد الاسلامي في في دير البلح وخانيونس ورفح، من دون أن يبّلغ عن وقوع إصابات في الأرواح، لكن اضراراً جسيمة سجلت في هذه المواقع ولحقت اضرار في عدد من المنازل المجاورة للمواقع المستهدفة. من جهة ثانية، أعادت قوات الأمن الفلسطينية يوم أمس حطام طائرة استطلاع إسرائيلية صغيرة تحطمت فوق الخليل إثر "عطل تقني"، بحسب جيش الاحتلال. ويسود القلق صفوف الفلسطينيين عموماً في ظل تكرار الاقتحامات الإسرائيلية الليلية لمراكز المدن الفلسطينية. وفي مؤشر إلى تصاعد الغضب الشعبي ضد القيادة الفلسطينية، التي تبدو عاجزة عن مواجهة العدوان، هاجم شبان فلسطينيون مقرات للشرطة الفلسطينية في مدينة رام الله، بعدما طالبوها بالتصدي للقوات الإسرائيلية. ودوّت أصوات الأعيرة النارية، وهي طلقات تحذيرية على الأرجح أطلقتها قوات الشرطة الفلسطينية من شرفة ونوافذ مركزها على مدى دقائق في وسط رام الله، ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات. وردّد المتظاهرون هتافات مناهضة للشرطة الفلسطينية، وتحطيم زجاج ثلاث سيارات تابعة لأجهزة الأمن الفلسطينية كانت متوقفة أمام أحد المراكز الأمنية، في خطوة لم ترق للعديد من الأطراف الفلسطينية التي طالبت بتوحيد الفلسطينيين لمواجهة الاحتلال وعدم تحويل الاقتتال إلى الساحة الداخلية. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير جميل شحادة لـ"السفير" إن "العدوان الإسرائيلي المستمر مرفوض من قبل الشعب والقيادة الفلسطينية وسيتم التصدي له". وأضاف أن "القيادة الفلسطينية بدأت اتصالات مع الدول المختلفة من أجل طلب عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي وإصدار قرار بوقف العدوان الإسرائيلي، ووضع حد للانتهاكات المتواصلة بحق شعبنا". بدوره، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة لوكالة "فرانس برس" إن القيادة الفلسطينية بدأت الاحد اتصالاتها للتوجه الى مجلس الأمن والمنظمات الدولية لحماية الشعب الفلسطيني. وطلب ممثل فلسطين لدى الامم المتحدة رياض منصور يوم الجمعة الماضي تدخل المجتمع الدولي لحماية المدنيين الفلسطينيين من العقاب الجماعي الذي تفرضه اسرائيل. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس دان خطف الاسرائيليين الثلاثة، لكنه اكد أن ما جرى لا يبرر قتل الفلسطينيين. وقال عباس، في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" نشرت أمس، "قلت إن الاختطاف جريمة ولكن هل يبرر ذلك قتل المراهقين الفلسطينيين بدم بارد؟"، مضيفاً "ماذا سيقول (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو عن عمليات القتل؟ هل يدينها؟". وأكد عباس لـ"هآرتس" أنه لا توجد أي أدلّة على أن حركة حماس تقف وراء عملية خطف الإسرائيليين الثلاثة. في المقابل، قال نتنياهو، أمس، إن اسرائيل تملك "أدلّة قاطعة" على وقوف حركة حماس خلف العملية، مضيفاً "قريبا سيتم كشف النقاب عن هذه المعلومات". ومن جهته اشاد الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز بـ"شجاعة" الرئيس الفلسطيني الذي ادان خطف الاسرائيليين الثلاثة، وقال امام ممثلين لوسائل اعلام يهودية دولية إن عباس هو "الشريك الافضل". وأرسلت المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية الأساسية والمدافعة عن حقوق الانسان رسالة الى وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون لإدانة العنف ضد الفلسطينيين الذين يتعرضون "لمعاقبة جماعية"، حسبما جاء في الرسالة.

طيّر رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة وفريق 14 آذار نصاب جلسة سلسلة الرواتب. الحجة هذه المرة عدم التوافق على زيادة TVA، والتمسك بمقولة «أن الإيرادات مجرد توقعات»، فيما لم يقفل رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسات التشريعية، ولم يحدد موعداً لجلسة مقبلة، في انتظار توافق لا يبدو أنّه سينضج في المدى المنظور، في ظل قرار بتعطيل المجلس النيابي

 

فاتن الحاج - الاخبار

 

كادت النائبة بهية الحريري تهم بالخروج من الاجتماع التشاوري الموسع، عشية الجلسة التشريعية لسلسلة الرواتب، لولا تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري، وثنيها عن الانسحاب. ضاقت عضوة كتلة المستقبل النيابية ذرعاً بتعنت رئيس الكتلة فؤاد السنيورة، ودفعه الدائم باتجاه تطيير السلسلة، تحت حجج مختلفة، فوقفت عند باب قاعة مجلس النواب، وقالت له: «انت يا فؤاد من 20 سنة، بعدك متل ما انت ما تغيرت، الله يرحم اللي راح، كان وحدو يوقفك عند حدك».

لم يكن هذا، الاحتكاك الأول بين النائبين، وإن كان الأقوى. قبل ذلك، تمسكت الحريري بالدرجات الست للمعلمين، ولما رفضها السنيورة بالمطلق في البداية قبل ان يلين بعدها ويطرح 3 درجات، أكدت أنّها لن تتنازل عن موقفها «لكن يا فؤاد خلينا نبحث الإيرادات، وإذا حصل توازن، عندها منفوت عالجلسة، منصوت على الشي اللي منختلف عليه». يستنفر هذا الكلام السنيورة، فيقول: «لا، لا، لا، مادة وحيدة ولّا بدكن نطلع مجرمين وتزايدوا علينا باليوم التاني إنو انتو مع الفقراء ونحنا ضدهم». ومع ذلك، يوافق السنيورة على الشروع بالحديث عن الإيرادات برغم رفضه المعادلة المطروحة، ويبقى مصراً على زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1%. «يعني إذا في توازن بتمشي فيها؟»، كان هذا هو سؤال بري الدائم للسنيورة.

بفي الإيرادات، توافق الأفرقاء على البنود، ما عدا TVA وتعرفة الكهرباء، ومنها زيادة رسم الإشغال غير القانوني للأملاك العمومية البحرية (65 مليار ليرة خفضت إلى 50 ملياراً)، رفع الرسوم على استهلاك المشروبات الروحية المستوردة (40 ملياراً)، فرض رسم مقطوع على الشركات نتيجة قانون صادر عام 2000 نبشه وزير المال علي حسن خليل وأقر به السنيورة (100 مليار خفضت إلى 85 ملياراً)، البناء الأخضر المستدام، وهو مشروع أمين سر تكتل التغيير والإصلاح ابراهيم كنعان، وتبنته النائبة الحريري (400 مليار خفض إلى 200 مليار). وكان هناك اختلاف بشأن تقديرات تعرفة الكهرباء، ففيما قال وزير المال إن رفع التعرفة على الشطر الذي يتجاوز استهلاك 500 كيلوواط إلى 300 ليرة سيجلب 390 مليار ليرة «وسنخفضه إلى 350 ملياراً»، قال فريق 14 آذار إن دراسة مؤسسة كهرباء لبنان قدرت الإيراد بـ 123 ملياراً. وفي وقت يعتقد فيه الفريق أنّ زيادة TVA بنسبة 1% على كل السلع تؤمن 275 مليار ليرة، قُدّرت زيادة 15 % على الكماليات بـ140 ملياراً. وبذلك تلامس الإيرادات، بحسب وزارة المال، نحو 2300 مليار إذا أضيفت إلى 1358 ملياراً جرت الموافقة عليها في الهيئة العامة، فيما بلغت كلفة السلسلة مع الدرجات الست للمعلمين، بحسب مصادر 8 آذار والتيار الوطني الحر، نحو 2030 مليار ليرة. وقد أضيفت إلى الكلفة 180 مليار لدرجات المعلمين، و33 ملياراً زيادة للعسكريين. ساعات من المناقشات أدت إلى توازن عـ«الليبرة»، والتعبير للرئيس بري، الذي عمد تارة إلى خفض تقديرات الإيرادات التي حددتها وزارة المال للقول إنّ ذلك لن يؤثر في التوازن، وطوراً راح بري يقدم تنازلات لم تعجب ممثلي الكتل النيابية الرئيسة المشاركة، ولا سيما كتلة التغيير والإصلاح، ولم تكن لتعجب حتماً هيئة التنسيق النقابية إذا جرى التوافق عليها، إن لجهة خفض أرقام السلسلة بنسبة 10 %، أو لجهة تقسيطها على 3 سنوات. يذكر أنّ بري طرح هذا العرض على النائب جورج عدوان على نحو جانبي لعله يتوسط لدى السنيورة، لكن ذلك لم يؤد إلى نتيجة. تجدر الإشارة هنا إلى أن كل محاولات الرئيس بري كانت تصب على نحو أساسي في اتجاه تأمين إقرار السلسلة في الهيئة العامة للمجلس النيابي، وطي هذا الملف بأية طريقة، حتى لو أتى ذلك على حساب حقوق أصحابها. وبرغم ذلك، لم تنفع المفاوضات في إقناع السنيورة بالعدول عن زيادة TVA، باعتبار أن ما يطرح هو «سمك في بحر»، بحسب تعبيره. «انت ما بدك سلسلة، لكنني سأقول لك للتاريخ، أنت تخاطر بالبلد الذي لم يعد يحتمل المزيد»، هذا ما قاله بري في نهاية الاجتماع، ليخرج السنيورة من القاعة واعداً بري بإعطاء جواب نهائي في الليل من دون أن يفعل، قبل أن يصدر موقف عن قوى 14 آذار بمقاطعة الجلسة، وبالتالي تعطيل نصاب الجلسة. رئيس المجلس بات مقتنعاً، كما قال لزواره أمس، بأنّ هناك قراراً بتعطيل المجلس النيابي، الذي سيؤدي بدوره إلى القضاء على مرتكزات حكومة تمام سلام، على خلفية «أن حكومة بلا رقابة المجلس النيابي هي بمنزلة حكومة تصريف أعمال». وفي بيان مقتضب، أعلن بري إبقاء الجلسات التشريعية مفتوحة من دون أن يحدد موعداً للجلسة المقبلة، ما فتح الأبواب على التكنهات. انتعش النائب أحمد فتفت الذي كان يدردش مع الصحافيين لسماع القرار، واصفاً إياه بالإيجابي، لكونه يسمح بالمزيد من المشاورات والدرس للتوافق على السلسلة أولاً، قبل الذهاب إلى الهيئة العامة. نواب آخرون كان لهم رأي آخر من عدم تحديد الموعد، ما يسمح للرئيس بري بعقد جلسة في أي وقت يتوافر فيه 65 نائباً، حتى لو لم يحصل هذا التوافق. فتفت عقد مع النائبين جمال الجراح وفادي كرم مؤتمراً صحافياً دعوا فيه إلى ابعاد السلسلة عن الشعبوية والغش والابتزاز السياسي، باعتبار أنّ الأرقام «مجرد توقعات من وزارة المال، قد نكون قادرين على تحملها، لكنها خاضعة لحساسية معينة تتأثر بالاستقرار السياسي والنشاط الاقتصادي والسياحة والاستقرار الأمني في البلد». وكان لافتاً على هامش الجلسة أن يصر وزير التربية الياس بو صعب والنائبان علي بزي وقاسم هاشم على اللحاق بوفد هيئة التنسيق، الذي حضر صباح أمس، والتقى كلا من بري والأمين العام للمجلس عدنان ضاهر، وسلمهما المذكرة التي تؤكد ثوابت الهيئة حول سلسلة تضمن الحقوق. ومما قاله بو صعب وبزي للهيئة «لا يجوز أن تضعوا كل السياسيين في كفة واحدة، إذ يجب أن تقدروا من يقف إلى جانبكم». في مؤتمرها الصحافي، أكدت الهيئة أنّ «حقوقنا هي البوصلة في سياستنا النقابية تجاه المواقف التي تخرج عن هذه الكتلة أو تلك، او هذا التيار او ذاك، نحن مع حقوقنا ولسنا ضد أحد، ومن يقف مع حقوقنا نشكره، ومن يقف ضدها، فسنحاول أن نحيّده، واذا تمكنا من ذلك فجيد، والا فسنواجهه». أضافت: «نريدها كما هي 121 بالمية». إلى ذلك، أعلنت الهيئة أنّها ستسيّر الامتحانات الرسمية تنفيذاً للاتفاق مع وزارة التربية، لكنها مستمرة في تنفيذ الإضراب المفتوح في الإدارات العامة ومقاطعة أسس التصحيح والتصحيح، على أن تعلن عند الخامسة من مساء اليوم من مقر نقابة المعلمين برنامج خطتها التصعيدية المقبلة.

الأكثر قراءة