ميسم رزق
أكّدت مصادر الدائرة الضيقة للرئيس سعد الحريري «عدم حصوله على عيدية سعودية بقيمة 4 مليارات دولار». مشيرة إلى أن «أيّ دعم مالي تقدّمه المملكة في هذه الفترة، مرتبط بمشاريع الرجل التجارية، لا بالإنفاق السياسي»
تبدو التوقعات بشأن أزمة الرئيس سعد الحريري في «سعودي أوجيه» قاتمة. لا يَستطيع زائر «الشيخ» في منفاه السعودي سوى وصف حالته بـ «المأسوية». القابع في مكتبه طوال الوقت، متفرجاً على «انهيار امبراطورية والده الشهيد، يبدو كمن يحفر الصخر بأظافره». سرَت الكثير من التكهنات حول المصير المالي للرجل. التسريبات بشأن حجم الخسائر في الشركة، وتأثيرها في مختلف مؤسسات الرئيس السابق للحكومة داخل لبنان وخارجه لم تنتهِ بعد، فضلاً عن الحديث المتواصل الذي يكشف فصول الغضب السعودي عليه، وإغلاق حنفية المساعدات المالية التي «غرّقته» سياسياً وانتخابياً منذ استشهاد والده.
ليس سهلاً أبداً على من جاء حاملاً شعلة المستقبل الاحتراق بنارها بين أروقة أهم الشركات التي ورثها، لكن الحديث عن هدية مالية بقيمة 4 مليارات دولار تلقّاها «دولته» كان كفيلاً بإعادة فتح باب التوقعات على مصراعيه. يسود تيار المستقبل اليوم جوّ من الضبابية في ما يتعلّق بهذا الخبر «المفأجاة». لا معلومات مؤكدّة حتّى الساعة. مصادر بارزة في التيار تؤكد «وصول المبلغ إلى يد الشيخ سعد»، معتبرة إياه بمثابة «إعلان يؤكّد أن الحريري لا يزال رجل المملكة المعتمد في لبنان». في المقابل، تعود الدائرة الضيقة لتنفي كل ما هو متداول حتّى الساعة. الحقيقة الوحيدة التي يجزم بها الجميع أن زعيم تيار المستقبل في أزمة. تعود هذه الدائرة لتؤكّد أن «الحريري لم يحصل بعد على أي مبالغ مالية من المملكة»، لكنه «استطاع عبر وساطات عدة مع الديوان الملكي استرجاع «كاب 1»، وهو أحد المشروعين السكنيين التابعين لوزارة الداخلية السعودية، الذي كان قد سُحب منه إلى جانب «كاب2».
والبارز في الموضوع، أن الوساطة الملكية أعادت إلى الحريري مبلغ التأمين الذي كانت قد وضعته الشركة في حساب المشروع، والذي يقدر بـ600 مليون دولار، شرط أن «يستخدم بأكمله لتنفيذ كاب1». وأبدت الدائرة الضيقة استغرابها من موضوع الـ 4 مليارات، مشيرة إلى أن «المملكة خصّصت للحريري دفعة على الحساب، مرتبطة بمشروع ضخم ستنفّذه سعودي أوجيه في مطار الرياض». والجدير بالذكر أن «قيمة الدفعة لن تصل إلى هذه القيمة، وهي مخصصة للبزنس لا للإنفاق السياسي»، وبالأصل، تضيف مصادر اللصيقين بالحريري، «لم يحصل الحريري بعد على فلس واحد من المبلغ».
من المعروف أن مشكلة وريث «سعودي أوجيه» ليست مالية بقدر ما هي إدارية. هنا، تُصر مصادره على أن «الأموال وحدها لن تساعد الشركة على الخروج من أزمتها»، إذ ما تحتاج إليه قبل كل شيء هو «اعادة هيكلتها لمواجهة الأزمة واستعادة الثقة التي خسرتها في سوق العمل»، وخصوصاً أن «سمعتها أصبحت في الحضيض»، بعدما كانت من بين أولى الشركات العاملة في أرض الحجاز، إلى جانب شركات بن لادن. فالرئيس الغائب عن لبنان «مصعوق» بعد اكتشافه عمليات فساد وهدر كبيرة، نفذها أقرب المقربين منه. الأمر الذي دفعه إلى اللجوء إلى فتح باب المحاسبة والطرد والإقصاء بحق عدد كبير من الموظفين، بعدما تيقن من تقرير شركات التدقيق بأحوال «سعودي أوجيه» أن عليه القيام بعملية «تشحيل» ضخمة يجب أن تشمل 17 ألف موظف على الأقل (من أصل نحو 70 ألفاً)». وتؤكد المصادر أن السعوديين مستثنون من الطرد «بالتأكيد». كذلك سيتجنب طرد اللبنانيين خشية انعكاس ذلك عليه انتخابياً.
في سياق مواز، يكثُر التحليل بشأن «الانفراجات» التي يُمكن أن تطرأ من جراء «المحاولات» التي تقوم بها المملكة لانتشال «الزعيم السني الأول في لبنان» من أزمته. أغلبه يؤكّد أن «عدد المستفيدين منها لن يكون كبيراً، بل محدوداً بأعماله داخل الشركة». وببساطة، يمكن القول إن «أي مبادرة مالية تقوم بها السعودية تجاه الحريري، تهدف في الوقت الحالي إلى إعادة ضبط مفاصل هذه الشركة، التي توزّع مشاريعها في مختلف المناطق السعودية»، إذ «تقتضي المصلحة السعودية المحافظة على وجود سعودي أوجيه، التي ترتبط مشاريعها ارتباطاً مباشراً بالدولة».
وفي خضم كل «المعلومات» التي تروّج لـ «خبرية» الـ 4 مليارات دولارات، يبقى السؤال عن حصة الدعم السياسية من الفرص التي توفرها السعودية لإعادة تعويم شركة سعودي أوجيه». فبعد الحديث عن «تزويد تيّار المستقبل في لبنان بنشاطات إعلانية لاستقطاب شعبية أكبر ولإنفاق بعض من مردوداتها على طرابلس»، لفتت المصادر إلى أن «مبلغاً بقيمة خمسة ملايين دولار وصل فعلاً إلى لبنان عبرَ (الأمين العام لتيار المستقبل) أحمد الحريري، لدفع مستحقات متأخرة لموظفين في الشركات التابعة للحريري».
وسط كل هذه البلبلة، خبرٌ واحد يمكن أن يكون له وقع إيجابي على قاعدة تيار المستقبل. «سعد راجع»، هذا ما أكدته مصادر دائرته الضيقة، متحدثةً عن «استعدادات باشر بها للعودة إلى لبنان قبل نهاية العام الجاري»، وخصوصاً أنه «لم يعُد أمامه خيار آخر، والبلد على أبواب استحقاق انتخابي»، مع العلم أن «الماكينة الانتخابية لتياره لم تباشر عملها بعد».