محمد المعوش - قاسيون

هنالك الكثير من الأسئلة التي لم تتبلور بعد عملياً أمام حركة التغيير في سياق التحول الذي يعيشه النظام الرأسمالي العالمي، نتيجة اشتداد وانفجار تناقضات الإمبريالية.

 

ليست هذه الأسئلة بالجديدة تاريخياً، ولكنّها تطرح الآن بشكل ملموسٍ أكثر من أي مرحلة تاريخية سابقة، فتطور البنية الرأسمالية أنتج العديد من التناقضات الاجتماعية التي لم تكن بهذا النضج خلال القرن الماضي، أي في مرحلة تشكّل التجارب الثورية وصعودها في النصف الأول من القرن العشرين، قبل أن تشهد تراجعها التاريخي منذ منتصف القرن نفسه. تشوه الحاجات في ظل الاغترابومن هذه الأسئلة، تلك المتعلقة بالسياسة الثقافية والاجتماعية التي على قوى التغيير أن تطرحها بما يتلاءم مع الحاجات التي ظهرت في سياق المجتمع الرأسمالي نفسه، حاجات غير مرتبطة بالضرورة بالرأسمالية نفسها، والتي لم تقدر هذه الأخيرة - بحكم بنيتها المتعارضة مع الحاجات الانسانية- أن تلبيها، بل عملت على قولبتها وكبحها وتشويهها في سياق نمط الاستهلاك والاغتراب الذي عزز من انفصام التركيبة الشخصية للأفراد، وأنتج معاناة فردية واجتماعية تعبر عنها المسافة ما بين المضمون الذاتي للحاجات وبين أشكال التعبير عنها من خلال الأوهام الذهنية واضطرابات الممارسة والتفكير، والابتعاد عن الواقع، وتفكك العلاقات الاجتماعية بشكل عام، إضافة إلى النمط الاجتماعي المعاش وعلاقاته.أسئلة ثقافية على جدول عمل السياسيينالمهمة الموضوعة على عاتق قوى التغيير، ثقافياً واجتماعياً، يمكن تلخيصها بصياغة النظرة الجديدة إلى العالم، وإلى الذات، وما يعنيه ذلك من إنتاج، واستكمال الإنتاج الثقافي والفني والفكري وتنظيم للبنية الاجتماعية لناحية الأطر وأشكالها، والشكل الحقوقي المتلائم معها، لتكون قادرة على استيعاب الحاجات القائمة، وتلك التي ستظهر أيضا خلال مراحل تجاوز النظام الرأسمالي.هذه الأسئلة طرحتها العديد من التجارب الثورية في التاريخ، وكانت تُطرح بشكل بارز لدى التجارب الثورية المتقدمة في السلطة وإدارة المجتمع، وأوضحها الأحزاب الشيوعية في الاتحاد السوفياتي؛ والتي لم تنتقل بشكل شامل إلى مرحلة السياسات الواضحة والمطبقة بسبب التراجع الذي أصاب التجربة بشكل عام، وبسبب التملس الأولي لهذه الظواهر من قبلها. وهي اليوم، كأسئلة، مطروحة مسبقاً على الحركة الثورية، في حين كانت في السباق في مرحلة نضوج في إطار المجتمع الذي يتكون حديثاً وقتها، وبالتالي هي الآن مطروحة منذ انطلاقنا للتفكير بعملية التغيير، وبالتالي هي على جدول أعمال البرنامج السياسي المطلوب تطويره. فتعبئة فراغ العلاقات القائمة، والثقافة السائدة، في ظل الرأسمالية، يتطلب الطروحات الجديدة البديلة عنها، كنظرة جديدة إلى العالم، لكي تكون حلاً للتناقضات التي تعيشها البشرية يومياً في محاولتها عاجزة الإجابة عن أسئلتها الوجودية والإنسانية، بالتوازي مع معاناتها المادية، والتي تجنح اليوم إلى أنماط الثقافة العدمية والعبثية والرومنسية.بعيداً عن انخفاض الجاذبيةهذه الرؤية الجديدة للعالم، وإن كانت بالمنظور العام تتلخص بالاشتراكية، وبالنمو الحر لقوى الإنتاج حين تتحرر من علاقات إنتاج النظام الرسمالي، ولكنها تحتاج إلى ترجمة ملموسة في التعليم والثقافة وتنظيم علاقات العمل والحياة الاجتماعية.. إلخ، بما يسمح بتوظيف الطاقات الفردية الحالية، وتطويرها، وبما يقدم صورة علمية عن العالم، بما فيه صورة الفرد عن نفسه، في محاولة لعقلنة حياته الداخلية وعلاقته بنفسه وبالعالم، فهذا الوعي الجديد يسمح بترسيخ علاقة الأفراد بدورهم الاجتماعي الجديد، وبما يتلاءم مع حاجاتهم، عكس التعارض القائم حالياً. وهو ما يشد من تماسك المجتمع المطلوب بناؤه، وإلا ستكون التجارب التي تطرح نفسها كمعبرة عن التغيير في حالة انخفاض جاذبية، وتخبط في علاقتها مع القوى الشعبية التي ستكون في حالة انتظار، والتي هي منذ الآن في هذه الحالة من الإنتظار الذي لا يقبل التأجيل كونه عانى طويلاً من انغلاق الواقع أمامه، وخصوصاً عندما يفقد أوهامه التي اعتاش عليها خلال سيادة الثقافة الرأسمالية بأشكالها المختلفة.الإرث الثوري مدخل النشاط القادموقد يسأل السائل محقاً: وكيف تبنى النظرة الجديدة للعالم وتجد تعبيراتها في البنية الفوقية من أخلاق وتعليم وثقافة وفن وإلخ... ولا تزال البنية التحتية رأسمالية حتى الصميم؟ نقول إنّ ما نرمي إليه لا يتعارض مع طبيعة العلاقة الموضوعية بين البنيتين التحتية والفوقية، فلما كانت البنية الفوقية نتاجاً وانعكاساً للتحتية، فإنّها انعكاس «في نهاية المطاف»، كما أكّد إنجلز في رسائله الأخيرة في المادية التاريخية، أي أنّ البنية الفوقية نشطة ومتحركة وليست نسخة كربونية عن البنية التحتية، وانطلاقاً من ذلك فإنّ ما نركز عليه هو وجوب تأسيس مداخل الرؤية الجديدة إلى العالم، ليس استناداً إلى تعفن الرأسمالية وتفسخها فحسب، بل واستناداً إلى تجربة ضخمة هي تجربة الاتحاد السوفييتي، تجربة قطعت شوطاً، نختلف أو نتفق على مداه، في بناء الاشتراكية، ولكنّه شوط مهم في إطار إبراز جديد إلى الوجود في إطار البنية التحتية، ما يسمح بالتالي برفع ذلك الجديد وترجمته ضمن البنية الفوقية.من ثقافة الاستهلاك إلى الهوية الوطنية هذه المهام لا تواجه قوى التغيير الثوري من أحزاب ثورية فحسب، بل هي أيضاً مطروحة على المجتمعات التي تشهد مرحلة مواجهة الامبريالية، والتي لا يمكن لها أن تعيش ثقافياً في ظل ثقافة الاستهلاك بينما هي وظيفياً تواجه (وستواجه بوضوح أكبر قريباً) أدوات الرأسمالية وانعكاساتها، كونها في حالة من تعزيز الصمود والهوية الوطنية (التي هي بالضرورة مراحل انتقال نحو نماذج اقتصادية اشتراكية) من أجل مشروع النهوض بالمجتمع والدولة في مرحلة تراجع الامبريالية، وبالتالي هي بحاجة إلى نماذج ثقافية واجتماعية متناقضة مع تلك التي شهدتها هذه المجتمعات التي نحت في جانبها الاجتماعي عامة نحو الليبرالية، وستعاني حالة من انعدام التوازن ما بين علاقة الفردي بالاجتماعي، حيث لن يكفي شعار نهوض المجتمع دون تلمس القوى الاجتماعية المعنى المباشر لذلك على مستوى حياتها ومبادرتها وموقفها من ذاتها ومن العالم، حيث ستكون إما الثقافة الرأسمالية هي التي تحرك الأفراد في علاقتهم بالدولة والمجتمع، وإما ثقافة الإنتاج والتطور الواعي للقوى الاجتماعية مرتبطاً بها مختلف أشكال الحياة التي يجب أن تقاتل من أجلها في مرحلة تراجع نمو وأشكال الاستهلاك القائمة في تلك الدول.  وإن كانت هذه المهام غير مطروحة بالشكل السياسي المباشر الآن، ولكن كون المجتمع في حالة الحشد لتوحيد الجهود بمواجهة قوى الاستغلال والفساد والرجعية والإرهاب يجب أن يكون بكامل طاقته في هذا الجانب، وأن ينتمي بكل تناقضاته إلى الوعي الذي يلامس واقعه وحاجاته ومشروع التغيير الشامل، وهذا ليس بجديد، بل من وحي تراث اللينينية نفسه حول العلاقة بالقوى المتضررة، هذه القوى التي تعيش حالة شديدة التعقيد في نمط حياتها، لا تتبسط في حلول عامة وموروثة من التجارب السابقة.

قاسيون «على خلفية موضوع النفايات وملف شركة سوكلين تحديداً، انفجرت باقي الملفات التي كانت حاضرة دائماً في الاحتجاجات المختلفة في السنوات الماضية، وتحول الخطاب من مطلبي متمحور حول النفايات، إلى خطابٍ سياسي مباشر، يحمِّل المسؤولية للسلطة، ويطالب باستقالة الحكومة»، بهذه الكلمات، عبَّر رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، حسان زيتوني، عن أن الحراك «ليس محطةً مستقلة أو فجائية في سياق الحالة السياسية في لبنان».وحول تركيبة المشاركين في التحرك، ومشاربهم السياسية والاجتماعية، يؤكد زيتوني، أن طبيعة المشاركين تنقسم بين القوى المنظمة كاليسار، و«المجتمع المدني الذي يعمل على قضايا منفصلة، والمجموعات البيئية والحقوقية»، أما الحضور الأساس فهو «للفئات الشعبية غير المؤطرة سياسياً بشكلٍ مباشر»، والتي اجتذبها عنوان الحملة.ولدى سؤالنا له عن نسب القوى السياسية في مقابل تعداد المهمشين المشاركين في التحركات، أكد زيتوني أن «القوى السياسية السلطوية هي بالطبع خارج الحراك. والقوى البديلة موجودة، لكنها، حتى الآن، ليست القوى الوازنة بالحد الذي يسمح لها أن تعطي الحراك عمقه وبعده السياسي الأكثر نضجاً».في المقابل، يرى محمد المعوش، القيادي في الاتحاد أن عوامل عدة انعقدت لكي تطلق هذا الحراك الذي لم يكن في السابق متوقفاً أو منقطعاً عن الشارع، إنما توسع خلال الأيام الماضية «بسبب تعمق أزمة السلطة السياسية في لبنان، والتخبط الواقعة به مختلف القوى السياسية، وعجزها عن إدارة ملفات حيوية يومية، كالكهرباء والماء وآخرها النفايات، بوصفه ملفاً يلمس الحياة اليومية للناس بشكلٍ مباشر.. فكان السياسي والأمني والاقتصادي الاجتماعي مستويات مترابطة في النقمة الشعبية التي أطلت من خلال ملف النفايات، كجزء من سياق ممتد على مدى العشرين سنة الأخيرة»، ولهذا، يرجع معوش حالة «انفكاك مجموعات واسعة من الشباب عن وعيها التبعي لأحزاب السلطة منذ تعمق الأزمة السياسية ما بعد العام 2005».ويضيف معوش أن «الحراك انطلق على خلفية اعتراضية، لا تملك طرحاً متبلوراً ككتلة متجانسة، وهو ما أضعف الشكل السياسي المباشر له، بالرغم من السقف «المرتفع» لشعار إسقاط النظام، والذي يظهر أنه إعادة إحياء للشعار «العربي» حول إسقاط النظام دون آفاق واعية ومحددة»، إلا أنه لا ينسى الإشارة إلى «الدور الذي يلعبه اليسار في حضوره ضمن لجنة التنظيم، في تحويل الشعارات إلى أهداف سياسية واضحة وملموسة، حول طبيعة التغيير المنشود، وشكل بناء السلطة البديلة وطابعها الطبقي.. فالأرضية الناضجة موضوعياً يفترض ترجمتها الى حالة سياسية تسير بشكل متراكم، ومحورتها حول طرح مركزي يجري التحريض حوله، مرتبط بالأهداف السياسية التي تطرح التغيير الجذري للنظام، في ظل ترجمة نقمة الناس إلى عناوين وبرامج تؤسس وتدفع نحو تأطير الحالة الاعتراضية، وتوسيعها وإعطائها عمقها وبعدها السياسي والاجتماعي كمضمون تغييري للنظام».

اقبال سابا - النداءهو أحمد الأيوبي ابن حارة الجديدة- ميناء طرابلس، حارة الكادحين من عمال المرفأ وعمال البلدية والصيادين والمشتغلين بأكثر المهن شقاء وبؤساً.أواسط الستينيات جئت إلى طرابلس، بل عدت إليها آتياً من كلية العلوم في الجامعة اللبنانية حيث أمضيت سنوات الدراسة في هذه الكلية- المدرسة في النضال- زمن حسن مشرفية وبديع تقي الدين ورفيق بدّورة وبارعة عادلي وجلبير عاقل ونزيه عكاري وباقة جميلة من أعلام الثقافة والعلم والنضال، لن تمحو بصماتها كل الأزمنة الصعبة التي تلت تلك المرحلة.عدت إلى طرابلس – مدينتي- لأمارس التعليم، هذه المرة في ثانوية الحدادين (أيضاً)، وفي مدرسة البنات الوطنية للروم الأرثوذكس – الزاهرية.عدت من كلية العلوم تلك إلى المدينة التي كانت تضج بالحراك والنضال والحيوية، زمن العروبة والتحرر ضد الاستعمار. زمن عبد الناصر ونهرو وتيتو وسوكارنو... زمن الاتحاد السوفياتي الداعم القوي لحركات التحرر من كوبا كاسترو وغيفارا إلى لومومبا وكل حركات الاستقلال والتحرر في أفريقيا.هذه المدينة التي كانت تضج بالمناضلين من نقابيين ومثقفين وكادحين، دعاة العروبة والتحرر والاشتراكية.ذلك الزمن كان له مذاق خاص وايقاع خاص في مدينة طرابلس، هي التي كانت مركزاً سياسياً وثقافياً واقتصادياً لكل أقضية الشمال وبقيت كذلك حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي.في هذه المدينة وفي ذاك الزمن كان للحزب الشيوعي طعم خاص ووجوه جميلة وعريقة في حاراتها ومعالمها الثقافية والنقابية والتربوية.كان أحمد المير الأيوبي جزءاً حقيقياً من هذه الصورة بل كان أفضل تعبير عن شكلها وتجلياتها وتعابيرها.كان مع باقة من المناضلين في مجالات العمل كافة، في المدينة بدءاً من مرافقها العامة: كهرباء، مرفأ، مياه، صحة... مروراً بمؤسساتها التعليمية وصولاً إلى هيئاتها النقابية والثقافية، كانوا جميعاً عنواناً لتلك المرحلة الزاخرة والزاهية لأعرق مدينة على شاطىء المتوسط.كان أبو حسن قائداً حقيقياً ليس فقط لمنظمة الحزب الشيوعي في الشمال، بل حقيقة لأهم مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المدينة. هذا العامل الكادح، رفيق الصيادين وزميل الكادحين ونصير المظلومين، كانت له مفاهيمه ومدرسته في العمل القيادي، يمارس قيادته بزخم الموقف الذي يتشكل لديه من خلال مشاركته الناس أوجاعها وهمومها وتطلعاتها.لم يمارس القيادة بقوة القرار الآتي من القيادة (من الداخل)، كان الموقف – القناعة يتشكل من (الخارج) من الناس من أصحاب العلاقة، ثم يصاغ، يتبلور يأخذ صياغته وتقنيات طريقه للتنفيذ في "الداخل". أذكر دوره في تشكيل وعمل قيادة "مؤتمر الأحزاب والشخصيات الوطنية والتقدمية في الشمال". مطلع السبعينيات كان مصراً وحريصاً على أن تضم هذه القيادة كل الفعاليات الطرابلسية على اختلاف مشاربها من بعثيين وناصريين وشيوعيين وزعماء (تقليديين) ومستقلين وإسلاميين...كان يتشكل قراره وقرارنا بعد نقاشات ودردشات تبدأ في حلقات ضيقة مع أصدقاء أو نشطاء من خلال جلسات يسعى لها تمهيداً لبلورة قرارنا الحزبي.استعيد اليوم وبإدراك أعمق كم كان متعصباً لدور"التجمع الوطني للعمل الاجتماعي" الذي كان يضم اتحاد نقابات عمال الشمال، النقابات المهنية (مهندسون، أطباء، محامون)، نقابة معلمي المدارس الخاصة، هيئات تنسيق قطاعات التعليم في الشمال (أيضاً في ذلك الزمان كان لنا هيئة تنسيق..)، الرابطة الثقافية (الصرح الثقافي الأبرز في الشمال بل في لبنان، تلك الفترة)، جمعيات كشفية وخيرية فاعلة...ففي الوقت الذي كانت تسعى فيه بعض الأحزاب والتنظيمات للعمل الاجتماعي والسياسي والمالي، كان إصراره على منح هذا التجمع كل الصلاحيات في ما يمكن تسميته إدارة مدنية لذاك الظرف الاستثنائي.في المقلب الآخر لا أزال أذكر عدم حماسه للاندفاع في الحرب الأهلية، مستعيداً بعض النقاشات الحادة أحياناً التي كنت مع بعض الرفاق نشارك بها بمواجهة مواقف كان يصر عليها ويدافع عنها "أبو حسن". أذكر تلك النقاشات التي جرت قبيل مشاركتنا في معارك شكا- حامات- الكورة بداية الحرب الأهلية. كان يطالبنا بأقصى درجات الحذر والحيطة والخوف على حياتنا وحياة الرفاق، بينما كان حماس الانتصار أو الحسم أو تقدم الصفوف يطغى على سلوك عدد من المسؤولين بيننا.أذكر كيف اشتركنا – بعض الرفاق- بحملة تهدف الى التصريح ببعض المواقف التي كان يخالفنا الرأي فيها. للأسف بعض من بقي حيّاً من هؤلاء الرفاق خرجوا من الحزب في أزماته الأخيرة.كان مبادراً وأهلاً للمسؤولية كان يحمل نصيب الآخرين من المسؤولية، إذا شعر بوجود مخاطرة أو سلوك طريق غير مضمون، كان يتصدى بصدره لمهام من المفترض أن يتحملها آخرون.بقدر ما هو ثابت في مواقفه وتقدمه، كما مشيته وخطواته، كان يبادر بل يخاطر في بعض المواقف، استذكر ذاك العام 1965، عام عودتي إلى طرابلس من كلية العلوم للمشاركة في الهيئة القيادية لمنظمة الحزب في الشمال، طلب مني أبو حسن أن أعمل مع "هيئة المثقفين" في الشمال التي كانت تضم وجوهاً وقامات كبيرة في المدينة والحزب، منها النقيب المهندس عبد الغني مسقاوي، ود. نزيه مظلوم، والنقيب صلاح خياط، ود. محمد علم الدين، والأستاذ هشام مطرجي، والأستاذ فارق خوري، والشخصية الاستثنائية مخائيل فرح، والأديب المهندس حسيب غالب، والشاعر كامل درويش، ومعظمهم صار في دنيا الحق وأطال الله عمر من بقي منهم على قيد الحياة، أقول عندما دعيت إلى ذلك استهولت المشاركة والانضمام الى هذه القامات الكبيرة، والمفاجأة كانت أكبر عندما قال لي "أبو حسن" انضم وأنا لم أكمل النصف الأول من العقد الثالث من العمر وسنوات خمس من عمري الحزبي.بعدها لمست مدى مسؤولية هذا القائد من خلال المساعدة التي كان يقدمها في اللحظات الضرورية من أجل إنجاح عمل تلك الهيئة وتذليل العديد من الصعوبات التي واجهتنا.لا أزال أذكر ذاك المساء الذي جاء فيه إلى منزلي - وكان مقرراً تلك الفترة أن ينام في أماكن مختلفة- سألته أين محمود (وهو السائق الذي قررنا أن يرافقه منذ حوالي الشهر)، أجابني أنه أوصله إلى بيته وأتى وحيداً لعندي!.أبو حسن ذكرى جميلة لزمن جميل..أبو حسن قائد أعطى القيادة كل حلاوتها وتخلى عن كل ما هو بشع فيها.نستذكرك في هذا الزمن الصعب الذي يمر به وطننا وحزبنا.شكراً للرفاق الذين منحوني متعة استذكار ذاك الزمن.

راديكال- د. توفيق شومر

 

لقد عرف التاريخ رجالاً عظماء، برزت أفكارهم ومواقفهم، وقدرهم التاريخ بحق. لكن باعتقادي هناك من هم أعظم منهم: الذين تمكنوا من دفع حركة التاريخ دون أن ينتظروا التقدير الكافي واللازم من أحد. لقد كان فردريك أنجلز أحد هؤلاء، فقد كان الثوري المقاتل الذي لا ينتظر التقدير ولا يسعى إليه.

 

يقدم أنجلز في كثير من الأحيان على أنه الرجل الذي دعم ماركس في مشروعه والذي يسر له سبل العيش ليتمكن من إتمامه طوال سنوات عمله في المكتبة البريطانية. ويقدم أحياناً بأنه من شوه فكر ماركس بنشره مجموعة المكتب التي لم ينجزها ماركس وبالأخص المجلدين الثاني والثالث لكتاب “رأس المال”. ويقدم أحياناً على انه التابع الأمين الذي حاول أن يعرض ويوضح أفكار صاحبه ولكنه لم يكن أبداً عظيماً بحد ذاته. وحتى على الصعيد الفلسفي تم إهمال أنجلز وإرفاقه بكارل ماركس دون الأخذ بإسهاماته الفلسفية والفكرية المستقلة عن ماركس. ففي موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفية نجد أنه تم الحديث عن أنجلز كجزء متضمن من المدخل الخاص عن ماركس، ولم يتم فرد مدخل خاص عن أنجلز.

 

اعتقد أن من المهم لنا اليوم ونحن نستذكره بذكرى وفاته والتي تمر في الخامس من آب، (5/8/1895) أن نلقي بعض الضوء على أهمية هذا الرجل العظيم ونبرز بعض الحقائق المنسية. لم يكن أنجلز مجرد الداعم لماركس بل كان الشريك الكامل في تقديم الاشتراكية العلمية بوصفها فكر الطبقة العاملة الثورية، وفي بناء المنظومة الفكرية للفكر الشيوعي. (لقد صدر مؤخراً كتاب عن دار نشر جامعة كامبردج بعنوان “فردريك أنجلز والاقتصاد السياسي الماركسي” (2011) والذي يوضح بشكل كبير إسهامات أنجلز في البناء النظري للنظرية الثورية للطبقة العاملة.)

 

كان أول لقاء لأنجلزمع ماركس عام 1842، وهو في سن 22 عام، في مكتب الاخير في لندن عندما كان محرراً لجريدة الرينش، وكان لقاءاً بارداً لأن ماركس اعتقد أن أنجلز ما زال من الهيجليين الشباب. لكن أسهامات أنجلز في الجريدة خلال وجوده في مانشستر، أدت إلى صداقتهما التي استمرت مدى حياتهما.

 

لقد توجه أنجلز إلى مانشستر ليدير عمل عائلته هناك. وكونه من أسرة بورجوازية أهّله للاحتكاك مباشرة مع تطور الحركة العاملة. وخلال وجوده في مانشستر تعرف على الحركة العمالية الناشطة هناك وتمكن من التعرف على الافكار الثورية المنتشرة في بريطانيا.

 

لقد كان أنجلز هو أول من تبنى مفهوم الشيوعية عام 1843 في مقال دفع به إلى جريدة الرينش، ولقد كان لاحتكاكه مع الطبقة العاملة في مانشستر الدور الأكبر في كتابته لكتابه الأول “حالة الطبقة العاملة في انجلترا” عام 1845، والذي نشر اجزاء كبيرة منه على شكل مقالات في جريدة الرينش (خلال عامي 1843-1844). لقد قدم الكتاب أول وصف دقيق وعلمي لمعاناة الطبقة العاملة وطبيعة العلاقة بين الطبقة العاملة في تشكلها مع الطبقة النقيض: الطبقة البورجوازية. كما وصف الصور البشعة لإستغلال الطبقة البورجوازية للطبقة العاملة ووضح أن هذه الطبقة في تبلورها ستكون الطبقة الثورية المحركة للتطور التاريخي.

 

إذن لقد كان انجلز هو أول من توجه إلى فكرة الشيوعية وهو أول من أبرز الدور الثوري للطبقة العاملة. وفي الحقيقة أن هذا الكتاب، بالإضافة إلى المقال المهم الذي كتبه أنجلز عام 1844 حول “قراءة نقدية في الاقتصاد السياسي”، ساهما بشكل كبير في تبني ماركس نفسه لفكرة الشيوعية ووجها الاهتمام لدى ماركس لدراسة الاقتصاد السياسي ودوره في الحراك الاجتماعي. أي أن أنجلز كان المحرك الأول الذي دفع ماركس للتحول الجاد نحو كتابة كتابه الأهم رأس المال. وهذه الأطروحات هي التي غيرت موقف ماركس من أنجلز والتي أدت إلى أن يكون لقاءهما الثاني في باريس في نهاية 1844 أكثر حرارة من لقاءهما الاول. وبعد اللقاء الثاني انطلق تعاونهما فكان باكورته كتاب “العائلة المقدسة” (1845) الذي قدما به نقدهما اللاذع للهيجليين الشباب ولليسار الهيجلي، كونهما (ماركس وأنجلز) كانا من اتباعه حتى وقت قريب.

 

وتسارعت الاحداث وقام الاثنين بالالتحاق بعصبة الشيوعيين وقاما بكتابة كتابهما الاشهر “بيان الحزب الشيوعي” عام 1848.

 

الفكرة الثانية والمهمة التي تعود في جذورها لكتابات أنجلز هي فكرة “الاشتراكية العلمية” فقد ساهم أنجلز بشكل أساسي من خلال كتابه “الاشتراكية العلمية والاشتراكية الطوباوية” ( المنشور عام1880) وكتابه في الرد على دوهرنج “ضد دوهرنج” (المنشور عام 1878) حيث قدم خلالهما التصور المعروف اليوم حول المادية الجدلية والاشتراكية العلمية.

 

لكن الفكرة الأهم التي لا بد من أبرازها هنا هو دور أنجلز في تثبيت أهمية النظرية الثورية في الحركة الثورية العالمية كوسيلة مهمة في تحديد توجه الحركة الثورية نحو تحقيق أهدافها. وهذا ما أشار له لينين بوضوح في كتابه “ما العمل” فحين أعلن جملته الشهيرة “لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية” ربط لينين هذا الطرح بالصراع الذي خاضه أنجلز في الأممية الشيوعية ضد الانتهازية وضد الاقتصادويين ولذلك نجده يقدم اقتباساً طويلاً (صفحتين) من كراس أنجلز حول “حرب الفلاحيين الألمان” ليوضح أهمية النظرية في الحراك الثوري حيث يقول أنجلز: “فلأول مرة منذ وجدت حركة العمال يجري النضال بصورة منتظمة في جميع اتجاهاته الثلاثة المنسجمة والمترابطة: الاتجاه النظري والاتجاه السياسي والاتجاه الاقتصادي العملي (مقاومة الراسماليين).” وهنا تبرز أهمية النظرية في العمل الثوري فهي الاتجاه الأول بحسب الترتيب وهي المهمة في الترابط مع الاتجاهين الآخرين. بالتأكيد نحن اليوم أحوج ما نكون لأن يكون الاتجاه النظري مترابطاً مع العمل السياسي والاقتصادي للثوريين.

 

لقد ساهم أنجلز في بناء النظرية الثورية للطبقة العاملة ولم يكن رجل الظل أبداً، ولا بد لنا اليوم أن نراجع دوره وأهميته وفكره بشكل مستقل وليس كمكمل فقط لدراسة فكر كارل ماركس.

محمد المعوش - قاسيون

بعد تحول المعاناة المعنوية (النفسية) إلى معاناة شعبية عامة في المجتمعات بشكل عام، خلال التطور التاريخي الحاصل خلال المنتصف الثاني من القرن الماضي، فلم تعد محصورة بالطبقات الميسورة كما ظهرت في بداية القرن العشرين.

 

مع بروز تيار «التحليل النفسي»، أصبح هذا العلم مجبراً تاريخياً على التصدي للظواهر التي يطرحها الواقع، ولكن لأن الأسئلة على المستوى النفسي هي أكثر تحديداً ومباشرةً، فإن هذا العلم مكبوح عن تأدية دوره في تبرير الواقع، وتحديداً في مجتمعاتنا التابعة الأكثر تعبيراً عن أزمة الرأسمالية في عجزها عن استيعاب تناقضاتها.تكثف المعاناة الفردية بشكل سرطانتتكثف المعاناة الفردية في جانبها المعنوي دون قدرة الأيديولوجية البورجوازية على تبريرها، بل تحاول ذلك من خلال استعادة مختلف التيارات المثالية الغيبية المُنتَجة تاريخيا،ً وإكساءها الطابع العلمي، والتي لا تملك أي قدرة على الصمود واقعياً، بالرغم من التكاثر الفطري للمذاهب والمقولات «النفسية» عبر أداوت الدعاية والإعلام والتعليم والبحث وفي الفكر اليومي، في محاولة لاستيعاب ما تنتجه المعاناة النفسية من شبه تعطل حركة الأفراد في علاقتهم مع واقعهم والأمراض الجسدية التي تنتجها هذه المعاناة؛ ألم يعتبر النفساني العربي «سامي علي»، كما اعتبر فيلهلم رايش من قبله أن السرطان هو من أبرز أمراض المجتمع الراهن، أي الرأسمالية في شكلها القائم، نتيجة «السد العلائقي» مع الواقع كما يسميه «علي»، أو «الدراع» كما يسميها «رايش»، وهو ما يفجر طاقة الفرد في داخله من خلال السرطان.هذا بالرغم من الانفجار الذي تشهده المنطقة العربية والعديد من دول العالم لكنه سيكون المهمة المطروحة بقوة في التصدي للتناقضات الاجتماعية القائمة، خلال استعادة الصراع لشكله السياسي، ضد العسكرة واشعال الحروب التي تقوده الولايات المتحدة الاميركية، وتمارسه قوى لا تتوافق مصالحها مع الحلول السياسية.استعادة الصراع تطرح مهمة استعادة الصراع على المستوى العلمي وعلى الجبهة الأيديولوجية، في جانب العلوم الإنسانية بشكل مباشر، وعلوم الصحة والسياسات الصحية، وعلى المستوى الثقافي بالضرورة، بعد أن فقدت الرأسمالية قدرتها على إدارة الحياة الثقافية، وبعد فقدان المبادرة الناجم عن أزمتها والتناقضات التي أثبتت عدم صوابية الطروحات الرأسمالية عملياً بشكليها الليبرالي والأصولي.مقاومة محاولات أنسنة العلومتُجبر الأطراف «العلمية» العالمية على محاولة تبني مقولات أقرب إلى الماركسية، في محاولتها الخروج من التناقضات التي تحكم مناهجها البورجوازية، دون أن تتبنى التبعات العملية لهذه المقولات التي تحاول تضمينها في أدبياتها، وهو ما يظهر بشكل جلي في مقاومة محاولات العلوم البيئية أنسنة العلوم، من خلال دفعها إلى التخلي عن احتضان الإنسان والطبيعة، كحاضن أساسي وغاية نهائية لهذه العلوم، وكفكر بديل يتقدم على كل المستويات، مثبتاً قدرات الفكر العلمي المادي التاريخي على أن يجيب عن الأسئلة الإنسانية في بعدها الراهن والتاريخي. المنابر الإعلامية البديلةإن الميل المتزايد الواضح لتبني المزيد والمزيد من الأوساط العلمية للفكر والسياسة التي تخدم الغالبية العظمى من الناس، يصبح أكثر وضوحاً يوماً بعد يوم ولم يعد يأخذ مجالاً خAffinityCMSً، كما تتزايد المنابر الإعلامية «البديلة» التي تتبنى هذه الطروحات، التي لم تكن مقبولة قبل ذلك ولا بأي شكل من الأشكال في الإعلام الرأسمالي المبرمج والمراقب، حتى آخر حرف فيه لخدمة مموليه.

هيفا البنا - التلغراف

هم أشخاص رفضوا الخضوع لضغوطات سلطاوية، فرضت عليهم من قبل مؤسسات عملهم.

 

فقرروا التغريد خارج السرب التقليدي للصحافة، والإنطلاق نحو فضاء واسع وجديد، مطلقين العنان لأفكارهم الإجتماعية والسياسية والمعيشية، متمسكين بجمهور تابعهم وأحبهم ووثق بهم.

 

ثلاثة أسماء في عالم الصحافة اللبنانية حلّوا ضيوفاً بدعوة من إتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني، ليخبروا عن تجربتهم في عالم الصحافة المكتوبة، وآمالهم في فضاء الصحافة الإلكترونية، علّهم يرجعون للصحافة مصداقيتها، في ظل التخبط الحاصل في لبنان بين قطبي 8 و14 آذار.

 

الصحافيون عماد الدين رائف، إيلي القصيفي وحسان الزين أنشؤا مدونة "تغريدة" بعد ان كانت عاموداً ثابتاً في جريدة السفير اللبنانية، ليغردوا في سماءهم الحر، دون رقابة، او منهج سياسي متبع!

 

عند الدخول الى موقع تغريدة، نلاحظ انها "مساحة ديموقراطية "  ، تُنتج موادها فرديّاً بالحوار والشراكة.

 

مساحة لقاء وتفاعل، في زمن التباعد والتخاصم.

 

مساحة حياة في زمن القتل.

 

مساحة صريحة في حفلة الموت المشفّر.

 

مساحة رأي في زمن الارتداد، ومساحة سؤال في حروب الإجابات واليقينيّات.

 

ضد الثرثرة، ولا تتوسل الإنشاء، نقدية ترى بالألوان، وتتحرى الظلال، وتحتفي بالإنسان.

 

تزاوج مدنيّاً بين العقل والقلب.

 

مدنية، لكن ليست بعين واحدة، ولا تملك حساباً مصرفيّاً.

 

مع المواطنة والحريات والحقوق.

 

أيجابية من دون إفراط وغش.

 

تغريدة في زمن " العصفورية".

 

يقارب الصحافي عمادالدين رائف "تغريدة" بصحافة المواطن، إذ انها تنقل تجارب وهموم المواطن الى المواطن نفسه بأسلوب بسيط غير متفلسف، كما تتيح المدونة الفرصة أمام المواطنين بنشر قضاياهم دون التعديل عليها، وذلك حفاظا على منطلق الحرية والديموقراطية.

 

ويرى عماد من خلال تجربته في الصحافة المكتوبة أن من آخر هموم الصحف نقل آراء او اي من الأفكار الجديدة، وذلك بهدف الحفاظ على افكار الصحيفة الأساسية واللون السياسي الواحد.

 

ومع تضييق الحريات في الصحف اللبنانية المحلية ، يشرح حسان الزين سبب أخذه وزملاءه لهكذا خطوة، معللاً انه قد يكون سبب نجاح "تغريدة" هو المساحة الحرة غير المرتبطة بأفكار معلبة التي تتبع أحد الأطراف السياسية الممسكة بزمام أمور البلد، والتكلم بلغة المواطن ونقل ما يهمه من أخبار.

 

ويتابع إيلي القصيفي في الصدد نفسه ان ما يميّز "تغريدة" هو انها إنطلقت من هموم مشتركة بين المؤسسين الثلاثة ، وتم التركيز على هذه الهموم منذ البدء.

 

ويقول إيلي "بما ان تغريدة أصبحت منفصلة بشكل تام عن الصحف المحلية بعد ان كانت مرتبطة بجريدة السفير، أصبحت الآن تشبه نفسها وهدفها بشكل أكبر، وأصبح النشر فيها يتم بطريقة أسلس والتطور معها أسرع" وأردف قائلاً " تغريدة الآن ترتبط بالصحف المحلية ولكن بما كانت عليه حال الصحف قبل التسييس والتطييف".

 

لا شك ان "تغريدة" القديمة، اي قبل ان تنفصل عن جريدة السفير، خدمت الصحيفة في تطورها؛ فالسفير كانت حاضرة دائماً عبر "تغريدة" على قناوات التواصل الإجتماعي، اي انها أنشأت نوع من المصالحة بين الصحافة الورقية والإنفتاح نحو عالم أوسع، ولكن يراهن الكثيرون على إستمرارية المدونات الإلكترونية وخاصة غير الممولة منها، الأمر الذي يدفع بالصحافيين الثلاثة لأخذهم قرار واضح، بأن المراهنة الكبرى على إستمرارية المدونة تقع على عاتق على جمهور وأصدقاء "تغريدة"، فمن دونهم لن يكملوا التحليق، وبدون "تغريدة" لن يرتفع صوت الشعب وهمومهم عالياً !

ايمان الذياب - قاسيون

في الخامس من أيار، تمر الذكرى 197 لولادة كارل ماركس، لم تكن أفكاره  أبداً أكثر راهنية مما هي عليه اليوم، ويتضح ذلك في التعطش الكبير للماركسية الذي نشهده حيث يجري الحديث عن أهمية ماركس، وأفكاره، الأفكار التي صمدت أمام اختبار التاريخ وخرجت منتصرة، وهو ما يجد حتى بعض أعداء الماركسية أنفسهم مجبرين على الاعتراف به على مضض.«كلما بقيت في وول ستريت، ازدادت قناعتي بماركس»، أحد المستشارين في وول ستريت.

«كان إنساناً، إنساناً في كل شيء، ولن أصادف له مثيلاً أبداً»• وليم شكسبير- هاملت

غالباً ما يقتصر الحديث عن ماركس على كونه ذلك الاقتصادي والفيلسوف والمفكر، ولا يجري تناول حياة ماركس الإنسان، التي تكتسب أهمية كبرى لفهم هذه الشخصية بأبعادها المختلفة.. يذكر كثيرون ممن عاشروا ماركس وعرفوه عن قرب في أحاديثهم ومذكراتهم، قدرته وموهبته الخاصة في معاملة الناس وفهمهم، وإدراك قضاياهم، وجعلهم يشعرون بأنه يهتم بكل ما يشغل بالهم، إذ كان يجيد الإنصات ويستمع إلى الناس من مختلف الأوضاع والمهن.«المغربي..»!كان ماركس أكثر سحراً وافتتاناً لدى مخالطته الأطفال، وعندما كان يلعب معهم لا يجد الأطفال أبداً رفيقاً في الألعاب أفضل منه، وكان المقربون منه يطلقون عليه اسم «المغربي»، وتذكر ابنته كيف كان «المغربي» يحملها على كتفيه عبر الحديقة الصغيرة في غرافتن غراس ويشبك في خصلات شعرها الكستنائي اللون لبلاباً مزهراً، عندما كان لها من العمر حوالي ثلاث سنوات. وكان يلعب مع أطفاله، ممثلاً دور الجواد، وقد كتبت ابنته ايليونورا ماركس عن هذه الذكرى مع والدها:«لقد كان المغربي حسب الرأي السائد بيننا، جواداً رائعاً، كانت أخواتي وأخي الصغير يكدنون المغربي إلى الكراسي ويجلسون عليها راكبين ويجبرونه على التنقل بهم».ويذكر ماركس نفسه، في بعض المصادر، أن بعض فصول كتاب «الثامن عشر من برومير» كتبها في الشقة الواقعة على دين ستريت، في سوهو، وهو مربوط إلى ثلاثة كراسي يركبها ثلاثة أطفال صغار كانوا «يقودونه» و»يستحثونه».وبالإضافة إلى أن «المغربي» كان جواداً ممتازاً فقد امتلك أيضاً كفاءة أعلى ، إذ كان راوي حكايات لا يضاهى. فكان ماركس يقص الحكايات على أطفاله أثناء النزهات، وكانت حكاياته مقسمة إلى أميال لا إلى فصول، وكانت ابنتاه تطلبان منه قائلتين: «احك لنا ميلاً آخر أيضاً من القصة».تذكر إحدى بناته كيف أوقف تلميذ صغير، في حوالي العاشرة من العمر، ذات مرة بدون كلفة  «زعيم الأممية» «الرهيب»  في ميتلاند بارك واقترح عليه «لنتبادل السكاكين»، إحدى ألعاب التلاميذ حينها. سحب كل منهما سكينه وقارناهما. كان سكين الولد بشفرة واحدة فقط أما سكين ماركس فبشفرتين، ولكنهما غير حادتين. وبعد نقاش طويل تم عقد الصفقة، وجرى تبادل السكينين، ودفع «زعيم الأممية المخيف» قطعة معدنية من فئة البيني زيادة على ذلك لأن سكينه كان كليلاً جداً!كان ماركس يحب زوجته ويعشقها، ويتوهج بهوى متوقد، وكان يربط بينهما الحب والصداقة، ولم يعرفا التأرجح والشكوك، وبقيا وفيين لبعضهما البعض حتى الموت.  «العمل لأجل الناس»  ارتبط اسم ماركس باسم صديقه انجلس، فلا يمكن للمرء أن يفكر باسم ماركس من غير أن يتذكر في الوقت نفسه أنجلس، والعكس بالعكس، فقد ربطتهما صداقة متينة فاقت الوصف، وكانت مثالاً أسطورياً، حياً للإخلاص والحب والتفاني في خدمة القضية التي جمعت الاثنين،  كما أكد لينين:« إن علاقتهما الشخصية تفوق ما ترويه جميع أساطير الأقدمين البالغة الأثر عن الصداقة بين الناس».  ومع أن حياتهما كانت  متشابكة تشابكاً وثيقاً لدرجة كبيرة، فقد كان لكل واحد منهما شخصيته المتميزة. ولم يكونا ليتمايزان بمظهرهما الخارجي فحسب، وإنما كانا يتمايزان أيضاً  من حيث طابعهما ومزاجهما وطريقتهما في التفكير والشعور، كما يؤكد بول لافارغ.كان ماركس يعتقد: «أنه لا ينبغي في أي بحث علمي كان، إبداء الخشية بصدد نتائجه المحتملة»، وأن العالِم إذا كان هو نفسه لا يريد تخفيض مستواه، لا ينبغي له أبداً أن يوقف اشتراكه النشيط في الحياة الاجتماعية، ولا ينبغي له أن يحصر نفسه إلى الأبد في مكتبه أو في مختبره، كفأرة اندست في قطعة جبن، فلا يتدخل في الحياة وفي النضال الاجتماعي والسياسي الذي يخوضه أبناء عصره. يقول ماركس: «لا ينبغي على العلم أن يكون متعة أنانية: فالسعداء الحظ، الذين يستطيعون تكريس أنفسهم لأداء المهمات العلمية، يجب عليهم أن يكونوا في طليعة الذين يقدمون  معارفهم لخدمة البشرية»، وكانت إحدى عباراته المحببة، «العمل لأجل الناس».

 

«على أنه ليس ثمة بالنسبة للذين عرفوا كارل ماركس أسطورة، أمتع من تلك التي تمثله عادة رجلاً جهماً عابساً جافياً لاسبيل إلى التقرب منه، أشبه ما يكون بجوبتير قاصف الرعود، الذي يقذف الصواعق على الدوام، فلا تفتر شفتاه عن ابتسامة واحدة وهو متنسم ذروة الأولمب منفرداً منيعاً. إن مثل هذا التصور عن أنشط وأمرح إنسان بين جميع الأشخاص الذين عاشوا في زمن من الأزمنة، تفيض روحه فكاهة وحيوية وتسري ضحكته الصافية إلى النفوس فتشيع فيها الارتياح ولا يملك المرء أن لا يتأثر بها، ناهيك عن أنه كان بين الرفاق، أكثرهم لطفاً ورقة وعطفاً، إن هذا التصور كان مصدراً دائماً للعجب والتسلية، بالنسبة لجميع الذين عرفوه، إن جوبتير الحاقد وقاذف الرعود لم يكن سوى نتاج تصور السادة البرجوازيين»• إليانور ماركس

المكتب الاعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - لبنان، انتصار الدنان

06-04-2015

تضامناً مع الشعب الفلسطيني، استضافت منظمة الشبيبة الفلسطينية "الذراع الشبابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وفداً من اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي (وفدي) في مخيم عين الحلوة، حيث كان في استقباله عبدالله الدنان مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في منطقة صيدا، وأعضاء قيادة المنطقة، ومنظمة الشبيبة الفلسطينية.

وقد جال الوفد في الشارع الرئيسي للمخيم بمؤازرة من القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة، قبل أن يقام حفل استقبال حاشد له في قاعة الشهيد ناجي العلي.

افتتح الحفل بكلمة ترحيب ألقاها محمد أبوسالم ومعرّفاً باتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، ثم تحدثت سارة مصطفى باسم منظمة الشبيبة الفلسطينية حيث رحّبت بالوفد في عاصمة الشتات الفلسطينية مخيم عين الحلوة، وتطرقت إلى وضع الشباب الفلسطيني في المخيمات وما يتعرض له من ضغوط وعدم توفر فرص العمل وحرمانه من 78 مهنة، كما أنه محروم من أبسط الحقوق.

وألقى كلمة المنظمات الشبابية الفلسطينية يوسف أحمد الذي شكر تضامن وفد اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي مع الشعب الفلسطيني، مثمناً زيارته لأكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان للاطلاع على الأوضاع المأساوية التي يعانيها الفلسطينيون، كما أكد على عمق التعاون والارتباط الوثيق بين الشباب الفلسطيني والشباب الديمقراطي العالمي.

ثم تحدث حسان زيتوني باسم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني وقال: لا يكفي القضية الفلسطينية أن نمطرها بالشعارات لأنها قضية كل العرب القضية الانسانية العادلة على مساحة الجغرافيا العالمية.

وأضاف، للشعب الفلسطيني الحق في البقاء والاستمرار وخلق الظروف المؤاتية للقضية كي تبقى هي القضية المركزية على حساب كل صراعات الأزقة بين الأقرباء، وعلينا تأمين الحد الأدنى من الحقوق المدنية للشعب الفلسطيني.

ثم ألقى كلمة اللقاء الشبابي اليساري هيثم عبده عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مرحّباّ باسم الجبهة الشعبية وأمينها العام أحمد سعدات بالوفد الضيف في مخيم عين الحلوة وقال: المخيم هو الملاذ المؤقت الذي زرعنا فيه أحلامنا ونضالنا واصرارنا على العودة، فصار المخيم شكلاً من أشكال الوجود الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، بل هو شكل فريد من أشكال المقاومة بكل ما يعنيه تعبير المقاومة من معنى.

وأضاف، اليوم نحن في مواجهة محاولة امبريالية للقبض على منطقتنا بالكامل وتعميم نموذج الممالك والامارات وانهاء كل أشكال المقاومة والصمود والاعتراض حتى اللفظي للهيمنة الامبريالية الصهيونية، وخلق بيئة مناسبة لاستقرار المشروع الصهيوني بصيغة أكثر عنصرية يعبر عنها "بالدولة اليهودية".

وفي الختام دعا الشباب اليساري للانغماس في النضال الوطني والقومي، السياسي والاجتماعي المباشر والملموس.

وألقى رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي "وفدي" نيكوس سبابا دمتريو كلمة حيّا فيها نضال الشعب الفلسطيني وصموده في وجه الاحتلال، مؤكداً أن الشباب الديمقراطي يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الصهيونية، وكفاحه من أجل استعادة أرضه المحتلة.

واختتم الحفل برقصات ودبكات فلكلورية قدمتها فرقة مركز التنمية الاجتماعية، وزيتونة، وبيت أطفال الصمود، ثم قام الوفد بزراعة ثلاث أشجار في المخيم.

تلا الحفل جولة للوفد على المعرض التراثي الذي أقيم في باحة قاعة الشهيد ناجي العلي بمشاركة جمعيات فلسطينية، وفي الختام أقيم حفل غداء من الأكلات الفلسطينية للوفد الضيف.

نهلا ناصر الدين - البلد

لأن اللبناني أكبر من ذلك، و"أكبر من الذل اليومي" المرّ الذي يجبر نفسه على التعايش معه قسراً لظروفٍ اقتصادية أمرّ، صنعتها الطبقة السياسية الحاكمة. ولأن قيمته أكبر من زحمة السير التي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياته، وأكبر من رصيد هاتفه الفارغ، وأكبر من إيجار شقته المتواضعة في ذلك الحيّ المهمل، ولأن من أقل حقوقه أن يعيش عيشة كريمة، ولأن صرخات الصمت لا تنفع في دولة "التطنيش اللبنانية" كان لا بدّ من حملة "قيمتك أكبر" بدعوةٍ من منظمات شبابية وعمالية ونقابية ارتأت أن قيمة اللبناني أكبر بكثير من الشقاء الذي نقشه تجار لقمة العيش على جبينه."لبناني ما بيتديّن قبل آخر الشهر"... ! عنوان قصةٍ خرافية من وحي الواقع اللبناني، فقليلون هم أو بالأحرى نادرون هم المواطنون اللبنانيون الذين لا تضيق بهم سبل العيش من قبل أن تصل أوراق روزنامتهم الشهرية إلى منتصفها.قيمتك أكبر"نص المصروف رايح عالطرقات والعجقة صارت من تراثنا... #‏قيمتك_أكبر‬""#‏قيمتك_أكبر لما يكون عندك بطاقة صحية وما تعوز تنذل على بواب الزعما والمستشفيات " "أجار البيت أكبر من معاشك وشراية شقة حلم بعيد ... #‏قيمتك_أكبر‬" و" #‏قيمتك_أكبر‬ من إنك تعمل واسطة لتتعلم ... " وغيرها الكثير من التعليقات التي غزت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تزامناً مع حملة "#قيمتك_أكبر" الاقتصادية، التي انطلقت صباح الأحد الماضي، بمؤتمر صحافي عُقد في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، وذلك بدعوةٍ من الاتحاد وبالمشاركة مع اتحاد الشباب الديمقراطي والهيئات الديمقراطية والشعبية وجمعيات المجتمع المدني والقوى النقابية الحية.أهداف الحملةتهدف الحملة إلى تخفيض الأسعار على اختلافها "لمواجهة السياسات المتبعة من قبل الحكومة بكافة مكوناتها، بأرقامها وألوانها الذين لم يختلفوا يوماً على تقاسم الحصص والمنافع من هدر المال العام وتوزيعه على الأزلام والمحسوبيات".وتستهدف على نحو أساسي "المشاكل التي يعانيها الشباب، وحددت إطارها في ثلاثة محاور هي: السكن، النقل العام والاتصالات، لكونها قضايا غالباً ما لا يجري التطرق اليها على نحو مستمر على الرغم من تأثيرها المباشر على الناس وتحديداً الشباب. كما وتطرح الحملة معالجة اقتصادية لهذه المواضيع كونها تأتي نتيجة سياسات اقتصادية اتبعتها الحكومات المتعاقبة ما أدى الى انهيار النقل العام، ارتفاع أسعار الشقق على نحو خيالي وتدهور شبكة الإتصالات فضلا عن ارتفاع فاتورة الاتصالات لتصنّف على انها الأغلى في المنطقة من دون تقديم خدمات جيدة".فحتى لو تخطى معاش اللبناني الحد الأدنى للأجور فـ" 90 بالمئة منه يصرف بين قرض سيارة وإيجار بيت وفاتورة هاتف، و10 بالمئة منه فقط لكل المصاريف المتبقية".برنامج الحملةيتحدث رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبدالله عن "قيمتك_أكبر" ويؤكّد لـ" البلد" بأن الحملة أطلقت من أجل تخفيض الأسعار بشكل عام أقله بما يوازي انخفاض أسعار المحروقات واليورو، المستمرّ منذ ستة أشهر على التوالي، بينما الغلاء مستمر في كلّ القطاعات التي طالما اتخذت من ارتفاع أسعار المحروقات واليورو ذريعةً مزيّفة لمصّ دماء المواطنين واحتكار لقمة عيشهم.ولفت عبد الله إلى أن الحملة ستبدأ خلال الأيام القليلة القادمة بإقامة ندوات توعية للمواطن اللبناني على حقوقه ودورات تعبئة أيضاً، وستكون هناك حملة زيارات للمعنيين من وزراء ومسؤولين "سنطرق كل الأبواب واذا لم نجد آذاناً صاغية لدى المعنيين، سنضطر للقيام بتحركات سلمية شعبية أمام كل وزارة حتى نحصل على حقوقنا التي هي لنا بالأساس، وسندافع عنها بكافة الأشكال التي يسمح بها القانون والدستور". مطالباً برفع الغطاءات عن تجار لقمة العيش في لبنان، ومحتكري العيش الكريم بما أن "بعض الوزراء تجرّأوا على البدء برفع الغطاءات عن الفساد في لبنان". معضلة السكنويطرح عبد الله، على سبيل المثال لا الحصر، "معضلة السكن" بشكل عام في لبنان، إذ أن "اللبناني اذا أراد أن يسكن يحتاج إلى حد أدنى ونصف أو حد أدنى وربع من راتبه الشهري، إذا كنا نتكلم عن السكن الشعبي، فليس من المعقول ولا من المنطق أن نعيش في بلد إيجار الشقة الواحدة فيه يقارب الـ700 و800 دولار، بينما الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز الـ400 دولار ، والمفترض هو ألا يتجاوز الحد الأقصى للمسكن ثلث الحد الأدنى للأجور". متحدّثاً بحسرة عن شباب لبنان الذي سدت آفاق العمل أمامه بفعل فاعل، ولم تبقِ له المحاصصات السياسية ما يتجاوز خيارات "الهجرة أو الانحراف أو السلاح".نشاطات الحملةما يميز "#قيمتك_أكبر" هو المواضيع التي تعالجها "كونها تلامس واقع الشباب اللبناني وهمومه، وكونها مواضيع غير مطروحة بشكل جدي للمعالجة" كما أكد أمين عام "اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني" عمر ديب، والذي أشار بدوره لـ"البلد" إلى النشاطات التي بدأت الحملة تطبيقها، وتتضمن عدة أشكال من النشاطات، كتعليق "بوسترات" بتصميمات مختلفة وبطريقة شبابية في بيروت وباقي المناطق وتوزيع مجموعة منشورات على المواطنين في الطرقات تحتوي، على معلومات وأرقام متعلقة بالمواضيع الثلاثة التي تتم معالجتها، من نقل عام وسكن واتصالات، بهدف توعية الناس، وفيها مقارنات بين لبنان ودول مشابهة ليست بحال أفضل ولا تمتلك دولتها امكانات اكثر من الدولة اللبنانية كـ"اسعار الاتصالات في الأردن ومصر والتي هي أقل كلفة من لبنان بأربع او خمس مرات على الأقل". إذ أن المشكلة لا تكمن في الامكانات بل في "السلطة الفاشلة التي لا تقيم اي اعتبار لأي مشروع إلا إذا كان مردوده سيعود على جيبها الخاص". بغض النظر عن حاجة المواطنين ومعاناتهم.ندوات اقتصاديةكما و"يتم العمل على إجراء ندوات مع خبراء اقتصاديين، تخص المواضيع الثلاثة، وأول ندوة ستقام يوم الجمعة القادم بمركز اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني في مارالياس، مع الدكتور غسان ديبا، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الـ"LAU" سيتكلم فيها عن سياسة الدولة اللبنانية بملفات النقل والسكن والاتصالات، والأسبوع القادم في 17 آذار، سيكون هناك ندوة للوزير السابق شربل نحاس في الجنوب في قرية عدلون، وستليها ندوات أخرى في البقاع والجبل والشمال وفي كل المناطق، ستحدد مواعيدها لاحقاً". تحركات تصعيديةويشير ديب إلى أن النشاطات السابقة ستترجم خلال فترة شهرين، إلى تحركات شبابية على الأرض، واعتصامات أمام الوزارات المعنية.ولا يعوّل رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي على الدولة "الحقانية" التي ستعطي الحقوق لأصحابها، بل على تجاوب المواطنين اللبنانيين مع الحملة "عقد ما ح يتجاوب الناس مع الحملة عقد ما حتجيب نتيجة" مشدداً على أن الحملة ستكون خطوة أولى في طريق تحقيقها ووضعها على طاولة البحث الجدي.الحملة مستمرةإذاً، الحملة مستمرّة حتى منتصف الصيف المقبل لتستهدف تحسين قطاعات السكن والنقل العام والاتصالات، والدعوة قائمة لكل لبناني ضاقت به سبل العيش الكريم وهو "قيمته أكبر" للمشاركة بالتحركات والاعتصامات التي ستقام أمام الوزارات المعنية في الأيام اللاحقة.

وطنية - انطلقت صباح اليوم، الحملة الاقتصادية "قيمتك_أكبر"، في مؤتمر صحافي عقد في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، بدعوة من منظمات شبابية وعمالية ونقابية.وللمناسبة ألقى رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين كاسترو عبد الله كلمة استهلها بالقول: "نعم، لخفض الأسعار. لا، للاحتكارات. لا للفساد". أضاف: "اطلقنا بالمشاركة مع اتحاد الشباب الديمقراطي والهيئات الديمقراطية والشعبية وجمعيات المجتمع المدني والقوى النقابية الحية، حملة تخفيض الأسعار على اختلافها، وهذه بداية لمواجهة السياسات المتبعة من قبل هذه الحكومة بمكوناتها كافة، والتي لم تختلف يوما على تقاسم الحصص والمنافع، من هدر المال العام وتوزيعه على الأزلام والمحسوبيات، وإن الفضائح والسرقات ابتداء من سرقات وزارة المالية والدوائر العقارية إلى الجمارك والمشاعات والتلزيمات، من النفايات إلى الكسارات وإلى الأدوية الفاسدة والمواد الغذائية الفاسدة أيضا، واللائحة طويلة".ووجه "تحية الى الوزراء الذين تجرأوا على فتح جزء من ملفات الفضائح والفساد، ونخص بالذكر الوزيرين وائل أبو فاعور وعلي حسن خليل، ونطالبهما بالاستمرار باستكمال ما بدأوه حتى لا يكون جزءا من مسلسل ذر الرماد في العيون"، معلنا الاستعداد كحركة نقابية ديمقراطية مستقلة لوضع أنفسهم بتصرف الحملات كافة، لاسيما الشبابية منها، للمطالبة بحقوق الشعب".الديبثم تحدث الأمين العام ل"الاتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني" عمر الديب عن برنامج الحملة الاقتصادية، والذي سيتضمن ندوات ولقاءات وتحركات واعتصامات تطال قضايا النقل العام، السكن والإيجارات، الاتصالات وخدمة الانترنت.وألقى كلمة باسم الحملة اعتبر فيها ان "الشباب يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية متنوعة بظل النظام القائم، فيما تقوم العديد من القوى السياسية والنقابية، بالإضافة إلى أكاديميين ونشطاء، بطرح العديد من القضايا الاقتصادية الهامة مثل التغطية الصحية الشاملة وسلسلة الرتب والرواتب والحد الأدنى للأجور وقضايا الكهرباء والمحروقات، وتبقى العديد من المواضيع الهامة التي تؤثر على حياة الشباب ولا تأخذ الحيز الكافي من النقاش والإضاءة الاعلامية والعمل النضالي، وسنحاول الإضاءة عليها في حملتنا".وعن مشكلة السكن قال ان "أسعار الشقق والايجارات تزايدت في الأعوام الأخيرة في المدن وفي الضواحي بشكل كبير، حتى صارت معظم المناطق اللبنانية بعيدة عن متناول الفقراء والطبقة الوسطى وخاصة الشباب. وصارت الايجارات تصل إلى أضعاف الحد الأدنى للأجور في الوقت الذي يعاني فيه الشباب من أجل الحصول على وظيفة لا تتخطى بمدخولها الحد الأدنى. فكيف يستطيع هؤلاء الشباب أن يعيشوا وأين؟ وبعدما كان الايجار القديم يشكل حلا موقتا للبعض من العائلات، ها هي السلطة تحاول الانقضاض عليه، فيما تغيب كل مشاريع المساكن الشعبية الرخيصة للعمال والموظفين والشباب، وتكاد تصبح من الروايات الخيالية في هذا البلد. ولطالما كانت الخدعة الكبرى التي تستعملها السلطة للتهرب من هذه المسؤولية هي أن المصارف الخاصة ومصرف الاسكان تعطي التسليفات لشراء الشقق وبناء المنازل، إلا أن الحقيقة هي أن ما تقدمه هذه المؤسسات هو عبارة عن قروض تجارية بفوائد عادية، بحيث يدفع المدينون مبالغ كبيرة شهريا على مدى عشرات الأعوام، مما يرهن كل حياتهم للمصارف التي تتقاضى خلال هذه الفترة أضعاف المبلغ الأصلي".أضاف: "أما الطلاب فيحصل عدد قليل منهم على سكن جامعي مقبول السعر، والآخرون، وهم الأكثرية، فيضطرون إلى السكن وفق أسعار السوق التجارية أو الانتقال مسافات طويلة يومية فيخسرون وقتهم ومدخولهم على الطرقات. ومن أبسط الحقوق أن تؤمن الجامعة اللبنانية عددا كافيا من الغرف لكل الطلاب القادمين من مناطق بعيدة، لكن ضآلة عدد الغرف جعلت الموضوع خاضعا للواسطة المرتبطة بالأحزاب المتنفذة داخل الجامعة".وعن أزمة النقل العام، قال: "ما زالت الدولة تدفع المعاشات للمئات من الموظفين في النقل العام ومصلحة سكك الحديد، فيما بيع الحديد وصدأ بعضه الآخر. أما المواطنون، فيتنقلون يوميا إما بسيارات خاصة نضطر أن نقسطها للمصارف ذاتها التي تعتاش على معاشاتنا، أو بوسائل النقل الخاص المتوفرة والمكلفة. أما الفانات الخاصة، فلا تتوفر فيها أبسط شروط الراحة والسلامة، وبين هذا وذاك يضيع ربع المدخول على الطرقات. كما انه لا يوجد نقل عام يربط مدن الساحل أو البقاع بالجبل وبيروت، حيث تصبح كلفة التنقل بين العاصمة والأرياف باهظة، فيضطر الناس للنزوح إلى المدن".وتابع: "نحن شباب نقول أن لنا حقوقا في هذا الوطن، ومن حقنا أن يكون عندنا مترو تحت المدن وباصات منظمة داخلها، وباصات مكيفة تربط المناطق ببعضها، وسكة حديد ساحلية وأخرى داخلية. هذا كله ليس حلما. إنه حق لنا عند هذه السلطة ونريد أن نحصل عليه الآن هنا".وتطرق الى موضوع الاتصالات، فتحدث عن "وعود وزراء الاتصالات، يعدون بالكثير عند استلام ولايتهم ولا يحققون إلا القليل. وباستثناء تحديث الشبكة إلى نظام الجيل الثالث، نكاد نقول أن أي تطور لم يحصل. الكثيرون تعاقبوا على هذا الملف ولا زلنا ندفع الفاتورة الأغلى في المنطقة على كافة الخطوط الثابتة والمسبقة الدفع. يحاولون الالتفاف أيضا عبر العروض الخاصة والرزم الترويجية لكن كل هذا بلا معنى. الخدمة سيئة والخطوط تنقطع في معظم الاتصالات. خدمة الانترنت على الخطوط الخليوية سيئة وباهظة حيث أن الحزمة الأرخص (10$ شهريا) تكاد لا تكفي إلا القليل من حاجات التواصل اليومية، فالشباب اليوم بحاجة ماسة للاتصالات وللانترنت بشكل يومي، وهذه يجب أن تكون متوفرة بأسعار تقارب أسعار الخدمات نفسها وبالنوعية نفسها مثل دول المنطقة الأخرى. وذلك يعني تخفيضا بنسبة 50% على أسعار الدقائق في كل أنواع الخطوط، وكذلك على أسعار الانترنت وزيادة السعات بنسبة الضعف على كل حزم الانترنت السريع وتقوية الارسال خصوصا في المناطق الريفية".وختم الديب: "نحن شباب لنا حقوق كما علينا واجبات، قيمتنا أكبر من الذل اليومي ومن عجقة السير. قيمتنا أكبر من رصيد هاتف فارغ. قيمتنا أكبر من ايجار شقة مترهلة في حي مهمل. كل شاب قيمته أكبر من هذا الوضع اليومي المزري، لذلك كانت حملتنا قيمتك_أكبر، والتي ستتطرق الى السكن (أسعار الشقق- الايجارات- سكن الطلاب)، النقل العام (المترو داخل المدن- القطار إلى المناطق البعيدة- الباصات العامة الكبيرة إلى المناطق القريبة)، الاتصالات والانترنت (الأسعار المرتفعة- انقطاع المكالمات- بطء الانترنت) والقطاع المصرفي (الأرباح الهائلة- الضرائب المتدنية على الفوائد وعلى الأرباح- السياسات المالية- القروض)، أما آليات طرح هذه القضايا فستتم عبر نشاطات وتحركات متنوعة منها ندوات في بيروت والمناطق، نشر وتوزيع بوسترات وبروشورات في كل المناطق، حملة شاملة على مواقع التواصل الاجتماعي، بيانات ودراسات توضيحية، تواصل مع الاعلام ومع الهيئات المعنية ونشاطات وتحركات في المناطق واعتصامات أمام الوزارات المعنية".