Ihsan Masri

Ihsan Masri

وفي اليوم السابع عشر تعاظمت وحشية إسرائيل، بأن أصبحت تستهدف تجمّعات النازحين من بيوتهم واللاجئين في مدارس وكالة الغوث اللاجئين (الاونروا)، ومن دون إنذار حقيقي مسبق وتقتل العشرات وتجرح المئات. وكان واضحاً أن أنياب العدو تبدّت بوضوح بعد المقاومة الشديدة التي يواجهها، والخسائر الكبيرة التي تصيب قواته في محاور القتال. فالحزام الناري الذي يفرضه على طول الحدود داخل قطاع غزة، وتهجير مئات الآلاف من المواطنين لم يوفر الأمن، لا للمستوطنات من خطر الصواريخ، ولا للجنود من خطر الكمائن والقذائف. وقد استهدفت إسرائيل اللاجئين في مدرسة تابعة إلى «الاونروا» بعد أن أبلغت الصليب الأحمر الدولي بوجوب إخلائهم من المدرسة بعشر دقائق. وحسب ما أعلن كان الصليب الأحمر قد طلب من اللاجئين الانتظار لترتيب نقلهم إلى مكان أكثر أمناً، وقبل أن يتم النقل انهالت القذائف لتقتل حوالي 17، وتجرح حوالي 200، في مجزرة مروّعة. ولتأكيد الإجرام الإسرائيلي، ورغم كل الدلائل والاتصالات والصور، حاول الجيش الإسرائيلي ادعاء أن «حماس» قد تكون هي من أطلق القذائف، في محاولة لإثارة الشك في الجريمة ودوافعها. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن مدرسة «الأونروا» في بيت حانون أصيبت إما بقذيفة إسرائيلية ضالة، وإنما بقذائف مقصودة من «حماس». ومع ذلك يعترف الجيش أنه أطلق قذائف هاون على المنطقة رداً على نيران وجهت نحو القوات الإسرائيلية في المحيط. وعموماً بلغ عديد الشهداء في القطاع منذ بدء العدوان أكثر من 800، ما يعني أن إسرائيل منذ تغيير سياستها النارية، صارت تتطلع لمعدل 100 شهيد يومياً، بدلاً من 50 كالمعهود في الأسبوع الماضي. وأصيب حوالى 5100 شخص. وصار واضحاً أن الأمور تزداد تعقيداً بعد عجز إسرائيل بكل قوتها عن حسم المعركة وتكبّدها خسائر واضحة. وفيما أعلنت إسرائيل حتى الآن عن مقتل 32 من جنودها، تؤكد مصادر محايدة أن العدد أكبر من ذلك، وأن ظروفاً تحول دون الإعلان عن العدد الكامل. وقد أعلنت «كتائب القسام» عن نجاحها أمس في قتل ثمانية جنود إسرائيليين في كمين مدبّر لهم على أطراف حي التفاح في مدينة غزة، فيما أعلنت «سرايا القدس» نجاحها في قتل أربعة جنود في كمين آخر شرقي الشجاعية. وبعد دخول العملية البرية يومها الثامن تكتشف إسرائيل أنها دخلت عش الدبابير، ولم تحقق جوهرياً أي غاية. وإذا كانت تدّعي أنها تحقق بعض غاياتها فإنها تكتشف أنها كانت غارقة في الجهل في كل ما يتعلق بالقطاع، سواء تعلق الأمر بالمقاومة ومواردها أو بطبيعة الحقد الذي ولده الحصار وينفجر في وجه الاحتلال. وهناك إشارات كثيرة على أنه إذا كانت «حرب لبنان الثانية» قادت إلى تقرير «فينوغراد» وحرب «الرصاص المسكوب» إلى تقرير «غولدستون»، فإن حرب «الجرف الصامد» ستقود إلى تقريرين في الوقت ذاته. فالفشل هذه المرة ليس ميدانياً وحسب، وإنما هو أيضاً استخباري ومفهومي وسياسي بامتياز. وهذا الفشل سيقود إلى تعاظم المطالبات بتشكيل لجنة تحقيق رسمية لتحديد أسباب الفشل، والتي لا يمكن أن يتحملها أحد غير رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، الذي يرأس الحكومة منذ ست سنوات تقريباً. وبديهي أن الفشل سيطال الجانبين العسكري والسياسي، حيث لم تجد إسرائيل لا حلول عسكرية ولا سياسية للخطر الذي كان يتبلور في القطاع، من وجهة نظرها. والفشل هذه المرة أيضاً كان في التقيّد بالقانون الإنساني والقانون الدولي، حيث كانت الانتهاكات فاضحة، وحيث لم ينتظر أحد انتهاء الحرب ليطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية. فمجلس حقوق الإنسان دعا إلى تشكيل لجنة فحص كمقدمة لتشكيل لجنة تحقيق دولية. وخلافاً لكل الحروب السابقة لم تعد إسرائيل تحاول التظلل بأي تبريرات قوية، وهي تستهدف المدنيين بشكل مفضوح، ليس فقط في بيوتهم وإنما أيضاً في «الملاذات» التي حاولت الأمم المتحدة توفيرها في مدارسها وفي بعض المستشفيات. وتعدّ إسرائيل المزيد من ألوية المدرعات والمشاة لاستبدال القوات التي أنهكت في محيط القطاع، ولمحاولة امتلاك زخم يتيح توسيع العملية البرية وتحقيق تقدّم تحاول من خلاله قطع طريق صلاح الدين عند نقطة أو أكثر. ومن الجائز أن هذه الخطة التي تتردد إسرائيل في تنفيذها، تأتي في محاولة لتصعيد الضغط على المقاومة من ناحية وقطع طرق المواصلات في القطاع من ناحية أخرى. لكن هذه العملية تدفع الكثيرين للاعتقاد أن «حماس» أفلحت في إجبار الجيش الإسرائيلي على الغرق في رمال غزة، وأن قواته باتت أشدّ عرضة للاستهداف. ومع ذلك تتطلع إسرائيل إلى ما تعتبره صورة نصر، سواء عبر توسيع التمدد في القطاع أو عبر نشر صور لمن تدّعي أنهم أسرى فلسطينيون، بما يوحي أنهم مقاتلون. واضطرت أمس إلى الإفراج عن حوالي نصف المعتقلين البالغ عددهم 150، بعد ثبوت أنهم ليسوا من المقاومة. كما تحاول الإيحاء بأن معركتها تحقق تقدماً، وأن مخزون الصواريخ لدى المقاومة في حرب الاستنزاف الجارية ينفد. فالمقاومة التي كانت تملك، وفق التقدير الإسرائيلي، تسعة آلاف صاروخ لم تعد تملك إلا أربعة آلاف. وكأن هذا العدد من الصواريخ لا يستطيع إدارة معركة بالوتيرة الحالية لشهر على الأقل. وأياً يكن الحال، فإن المعركة تتعقد ليس فقط على الأرض وإنما أيضاً في غرف المفاوضات. وواضح أن الجهد الأميركي المكثف لإبرام اتفاق لوقف النار يواجه مشكلة كبيرة. ولا يبدو الآن في الأفق أي تحرك جدي لوقف النار، خصوصاً بعد أن أصبحت حكومة إسرائيل ترى في وقف النار خسارة لها، إذا ارتبط الأمر بسحب قواتها. ويصعب تخيل قبول «حماس» لوقف إطلاق نار يبقي القوات الإسرائيلية في مواقع توغّلها في القطاع. وأعلن مسؤول أميركي رفيع المستوى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيقرر قريباً ما إذا كانت «حماس» وإسرائيل على استعداد للاتفاق على وقف لإطلاق النار ولن يبقى في المنطقة إلى أجل غير مسمّى. نبض الضفة وكان التطور الأبرز أمس هو ما يجري في الضفة الغربية بعد تصاعد تظاهرات الغضب. ومن المحتمل أن ما جرى قرب معبر قلنديا أمس هو بداية تحركات شعبية واسعة، خصوصاً بعد دعوة القيادة الفلسطينية الجمهور لأيام غضب ضد الاحتلال، وتضامناً مع غزة. وإذا توسّعت التظاهرات في الضفة فإن هذا لا يشكل فقط إسناداً معنوياً للقطاع، بل يعني فتح جبهة حقيقية جديدة. ويعتقد كثيرون أن اليوم الجمعة، وهو «الجمعة الحزينة»، يمكن أن يكون يوم البداية لانتفاضة جدية في الضفة الغربية. وانطلقت واحدة من أضخم المسيرات التي شهدتها مدينة رام الله منذ سنوات، وشارك فيها نحو سبعة آلاف فلسطيني احتجاجاً على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة. واتجه المتظاهرون إلى مدينة القدس المحتلة في محاولة لإحياء ليلة القدر رغماً عن الاحتلال الذي أغلق الطرق المؤدية إلى المدينة وقيّد حركة الفلسطينيين. وسقط 4 شهداء بينهم الشاب محمد الأعرج، وأصيب أكثر من 150، خلال المواجهات التي اندلعت مع قوات الاحتلال على مدخل حاجز قلنديا. كما تحرك عشرات الشبان داخل مدينة القدس، وحصلت مواجهات مع قوات الاحتلال في أحياء عدة داخل المدينة، حيث أصيب شبان عديدون بجروح واعتقلت الشرطة الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين. واتسعت دائرة المواجهات إلى الخليل وبيت لحم. وشهد مساء أمس تصعيداً كبيراً في إطلاق الصواريخ على إسرائيل انتقاماً للمجازر. وأعلنت «كتائب القسام» استهدافها لحيفا وتل أبيب ومطار اللد (بن غوريون) وبئر السبع وديمونا بصليات من الصواريخ. كما أن «سرايا القدس» عمدت ضمن برنامج عمليات «البنيان المرصوص» إلى توجيه عشرات الصواريخ إلى نطاق واسع، وصولاً إلى تل أبيب وبئر السبع. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن مقاومين هاجموا من أنقاض مستشفى الوفاء قرب الحدود بالصواريخ المضادة للدروع قوة مدرعة إسرائيلية، من دون أن يُعلن عن إصابات في صفوفه. وأعلن نتنياهو أن إسرائيل عازمة على مواصلة «الجرف الصامد» براً وجواً. وقد ردّ بذلك على مطلب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند الذي طالب بوقف سريع للعملية البرية الإسرائيلية في القطاع. أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فوصل إلى عمان لعرض مطالب فلسطين لوقف النار. وكانت منظمة التحرير قد عرضت على أميركا والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية وثيقة المطالب الفلسطينية، وعلى رأسها فك الحصار وفتح المعابر.

 

تحت شعار "طلاب من أجل الجامعة اللبنانية – أعيدوا لنا حقوقنا"، نفذ عدد من طلاب الجامعات، اعتصاماً، صباح اليوم، أمام وزارة التربية والتعليم العالي، في الاونيسكو، استنكاراً للبازار السياسي الحاصل في ملف الجامعة اللبنانية، وللمطالبة بحقهم المرتهن، واستقلال الجامعة الوطنية وحمايتها من الفساد. وحمّل المعتصمون الحكومة والطبقة السياسية مسؤولية هدم جامعة الفقراء، وهدر مستقبل طلابها الذين من حقهم استكمال امتحاناتهم وانهاء العام الدراسي لنيل شهاداتهم، مؤكدين وقوفهم الى جانب اساتذتهم في مطالبهم المحقة، ومشيرين على ان هذا التحرك، هو خطوة رمزية، وبداية لسلسلة تحركات تحدد لاحقاً. وشدّد الطلاب على ضرورة احياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، لحماية الجامعة وطلابها، رافعين الشعارات التالية "لأن حماية الجامعة تكون بإعطاء الطالب حقه، "لان حماية الجامعة تكون بإنهاء العام الدراسي"، "لان حماية الجامعة تكون بتكريس استقلاليتها"، "لأن حماية الجامعة تكون بمحاربة الفساد داخلها"،"لأن حماية الجامعة تكون بإحياء الاتحاد الوطني لطلابها".

 

فلسطين مقاومة

لكني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي، حذار ... حذار ... من جوعي ومن غضبي تدعوكم حملة فلسطين_مقاومة والتي تضم كافة الأحزاب والقوى والمنظمات الشبابية والطلابية والنسائية السياسية والمدنية اللبنانية والفلسطينية إلى أوسع مشاركة في التظاهرة الشعبية دعماً لغزة المقاومة وصمود أهلها، وذلك نهار الأحد المقبل الواقع فيه 27 تموز 2014 في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً من أمام مخيم مار الياس باتجاه مبنى الأسكوا ملاحظة: يمنع رفع اية شعارات او رايات أو اعلام او صور حزبية، على ان يقتصر المشهد رفع أعلام فلسطين فقط لا غير

 

ينظم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني ندوة عن مخاطر التمويل الأجنبي والمنظمات "غير الحكومية"

 

الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم الجمعة 25-تموز-2014 في مركز توفيق طبارة الثقافي - الصنائع

 

 

 

ويتحدث فيها رئيس رابطة الكتاب الأردنيين موفق محادين ورئيس هيئة تحرير مجلة راديكال محمد فرج.

 

 

 

 

حلمي موسى - السفير

دخلت الحرب الإسرائيلية على غزة أسبوعها الثالث من دون أن يفلح العدو في تحقيق أي إنجاز حتى الآن، غير زيادة دفق شلال الدم الفلسطيني. فالمقاومة تواصل إثبات جدارتها، وهي تلحق المزيد من الخسائر ليس فقط بالجيش الإسرائيلي، بل بالاقتصاد الإسرائيلي. ومقابل الحصار المفروض على القطاع، تفرض غزة حصارها الدولي على إسرائيل، عبر إعلان معظم شركات الطيران الدولية عن وقف رحلاتها من الدولة العبرية واليها. وبعدما بلغ عدد القتلى من الجنود الإسرائيليين 28 بين ضابط وجندي، أرفعهم مرتبة قائد كتيبة برتبة مقدم ومئات الجرحى، صارت إسرائيل تتباهى أمام جمهورها بقصف الشجاعية في ليلة واحدة بمئة قذيفة، كل واحدة بوزن طن «تي إن تي» عدا آلاف القذائف والصواريخ لإثبات شدة هجومها. ووصف ضابط في سلاح الجو الإسرائيلي القصف الجوي الإسرائيلي على الشجاعية، باستخدام عشرات الطائرات الحربية، بأنه كان «استثنائياً جداً»، خصوصاً أنه تم على بعد 250 متراً فقط من أماكن وجود القوات الإسرائيلية. وحسب كلامه «فعلنا ذلك للمرة الأولى، وهذا خطر مجنون»، لأنه أحياناً تم حتى على مسافة 110 أمتار من القوات. ولم يكن هذا كافياً، فقد توجه العدو إلى مناطق أخرى داخل مدينة غزة، وفي مدن القطاع وبلداته ومخيماته، ليهدم بطريقة وحشية بيوتاً وعمارات فوق رؤوس أصحابها، ويدمر مستشفيات فوق مرضاها، ويسقط حتى الآن ما يزيد عن 635 شهيداً، ويصاب أكثر من 3700. لكن هذا العدد من الشهداء الفلسطينيين لا يشبع نهم الحقد الصهيوني التواق لمزيد من الدم. وبغية «فك القيود» عن أيادي «الجيش الذي لا يُهزم» أصدر الحاخام دافيد ليئور فتوى تسمح لهذا الجيش باستهداف المدنيين الفلسطينيين وقتلهم، وكأن هذا الجيش كان يضع قيوداً دينية على سلوكه. وقد ترافق انفجار الحقد الإسرائيلي على غزة مع اعتراف الجيش الإسرائيلي أيضا بأن الجندي من لواء «AffinityCMSني» شاؤول أورون هو في عداد المفقودين، وذلك بعد يومين من إعلان حركة «حماس» أسرها له. وقد بددت عائلة الأسير الإسرائيلي محاولة الجيش التخفيف من أثر أسره بإعلان قناعته بأنه ليس على قيد الحياة، وأكدت أن تحقيقات الجيش لم تفد بوجود أية قرائن على أنه ليس على قيد الحياة. وخلافاً لمحاولات الجيش الإسرائيلي إشاعة أن العملية البرية في القطاع ساهمت في تقليص وتيرة الإطلاقات الصاروخية على مناطق واسعة داخل إسرائيل، فقد بات واضحا للإسرائيليين أن سقوط الصواريخ في مناطق اللد وما بعدها قاد إلى إعلان كبريات شركات الطيران العالمية، وبينها الأميركية والكندية والفرنسية والألمانية والسويسرية، وقف رحلاتها إلى مطار اللد (بن غوريون) ومنه. ويشكل هذا الإعلان ضربة معنوية وسياسية واقتصادية لإسرائيل لم تواجه مثلها حتى في ظروف حروب أشد. وكان جلياً أن المعركة الميدانية تشهد نوعاً من الجمود لجهة تحولها إلى نوع من حرب الخنادق، والاشتباكات على رقعة ضيقة قرب الحدود، أو على جانبيها، مع استمرار القصف الجوي والمدفعي من جهة والقصف الصاروخي من جهة أخرى. ولوحظ أن حركة الجيش الإسرائيلي البرية كانت بالغة المحدودية بسبب الخشية من عواقب الاصطدام بكمائن المقاومة وأنفاقها التي صار يحسب لها ألف حساب. وعمليا يعيش الجيش الإسرائيلي الذي دخل حدود القطاع حالة خوف شديد من المقاومة، فيما أصيب سكان مستوطنات غلاف غزة بالذعر من القصف والأنفاق. وتعترف جهات إسرائيلية عديدة بأن غالبية سكان المستوطنات القريبة من القطاع فرغت من المستوطنين، الذين اتجه الكثير منهم إلى مناطق أكثر أمناً شمالا وجنوبا. لكن المعركة العنيفة الأخرى التي تجري حاليا هي المعركة السياسية، من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار. وقد تبددت الكثير من الانطباعات بشأن قرب الاتفاق على هدنة إنسانية، أو اتفاق لوقف إطلاق نار. كما يبدو أن خسائر إسرائيل العسكرية والمعنوية صارت ثقالة تمنع حكومة بنيامين نتنياهو من الموافقة على وقف نار كانت تقبل به في الماضي. ويبدو أن إسرائيل عاجزة عن إرغام المقاومة على القبول بالمبادرة المصرية التي تنتقص أصلا، وفق رؤية المقاومة، من بنود اتفاقية «عمود السحاب». وتشهد الاتصالات الجارية في القاهرة وتل أبيب والدوحة ورام الله على أن الحديث عن وقف إطلاق النار شيء وتنفيذه شيء آخر. كما أن «الشجاعة» التي أبداها الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري، في حديثهما عن وجوب وقف إطلاق النار وفق اتفاق «عمود السحاب»، نفذت قبل أن يصل كيري إلى تل أبيب. فحماسة الأميركيين لوقف النار فوراً تبددت في القاهرة بعد اجتماعات مطوّلة مع القيادة المصرية، ما يجعل كيري يصل إلى تل أبيب فاتر الهمة ومؤيداً لإسرائيل علناً. وكان جوهر التراجع الأميركي هو قول كيري في القاهرة إنه «لا يزال أمامنا عمل كبير، ولكنّ لدينا إطاراً للحل ـ المبادرة المصرية». ويعتبر هذا تراجعاً عن الموقف الأولي الذي نادى بوقف إطلاق فوري على أساس اتفاق «عمود السحاب». وأضاف أنه عدا «تحقيق وقف نار، من الضروري إجراء نقاش معمق في القضايا التي قادت إلى انفجار العنف». وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري «نتمنى أن تثمر هذه الزيارة وقفاً لإطلاق النار يحقق الأمن اللازم للشعب الفلسطيني ليتسنى لنا بحث القضايا ذات الصلة بغزة على المدى المتوسط والبعيد». وقال مسؤول مصري، حضر بعض اجتماعات كيري مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وشكري، إن جهوداً تبذل من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية ربما تستمر أياماً عدة لتوصيل المساعدات إلى القطاع. وأضاف «الحساسيات بين مصر وحماس هي ما يعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي وشامل لوقف إطلاق النار». وغير مجد الحديث عن دور الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون الذي وصل إلى إسرائيل منهكاً، وربما بعدما وصلته الإشارة الأميركية بتغيير الوجهة. لذلك فإن حماسته الأولى ضاعت أيضا في غمرة مفاوضاته في القاهرة، وتبددت تماما ما إن وصل إلى تل أبيب. وانعكس الموقف الأميركي أيضا في قرار وزراء الخارجية الأوروبيين الذين طالبوا في بيان استثنائي بتجريد غزة من السلاح. وبديهي أن هذا زاد مهمة التوصل إلى وقف إطلاق النار تعقيداً. وفي نظر الكثيرين حتى في إسرائيل اتفاق وقف النار يتباعد، في حين أن إسرائيل ومصر تصران على المبادرة المصرية و«حماس» ترفضها صراحةً لأنها ترى فيها محاولة لإذلالها وتصفية حساب من جانب القاهرة معها. ومن المحتمل أن ما تردد عن مبادرة سعودية - قطرية يمكن أن تشكل مخرجاً من المتاهة الحالية رغم أن البعض يعتقدون أن الوضع لم ينضج لوقف النار. غير أن التطور الإيجابي الوحيد كان موقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي أعلن، بعد مداولات للقيادة الفلسطينية، عن نوع من التوافق مع قيادة المقاومة، وشن أعنف حملة ضد إسرائيل وقيادتها، منتقداً التحركات العربية حيث نادى بإبعاد الدم الفلسطيني عن المنازعات العربية. ويرى المراقبون أن أبو مازن، الذي ألغى زيارته إلى عواصم عربية عدة وعاد إلى رام الله لعقد اجتماع للقيادة الفلسطينية، أعلن نوعاً من التضامن السياسي مع المقاومة ضد كل الجهات التي تطيل الحرب. وبديهي أن تحركات فلسطينية جديدة ستحدث استناداً إلى حرب الاستنزاف القائمة حاليا، والتي لا يبدو أن لإسرائيل الغلبة فيها.

وعلى صعيد التحركات الاحتجاجية، نظّم "اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني" اعتصاماً أمام السفارة المصرية في بيروت، تضامناً مع غزة وتأييداً للمقاومة الفلسطينية. ورفع المعتصمون لافتات منددة بمواقف الأنظمة العربية وبسياسة مصر الخارجية تجاه الحرب على غزة: "بين مبارك والسيسي، الحصار على فلسطين واحد". وطالبوا السلطات المصرية بفتح المعابر أمام الشعب الفلسطيني.

بدعوة من إتحاد الشباب الديمقراطي – فرع عين بعال و تضامناً مع الشعب الفلسطيني و رفضاً للعدوان الصهيوني على غزة أقيم مسيرة شموع في بلدة عين بعال تقدم المسيرة نائب رئيس بلدية عين بعال أحمد سكيكي رئيس الفرع إيهاب المارديني و حملة اليافطات و الشموع . جالت المسيرة شوارع بلدة عين بعال وصولاً إلى ساحة البلدة حيث كتب بالشموع كلمة غزة و ألقت زهراء بعلبكي كلمة .

 

تابعت «هيئة التنسيق النقابية» جولتها على القيادات السياسية والحزبية، لتحفيز القيادات النزول إلى مجلس النواب وإقرار مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب، في ظل الاستمرار في مقاطعة أسس تصحيح الامتحانات الرسمية، مع ما يعني ذلك من تأخر في صدور النتائج. هذا الوضع دفع الطلاب إلى التحرك، وهذه المرة ليس دفاعاً عن الأساتذة والمعلمين، بل للمطالبة بحقهم في الحصول على شهادة رسمية، من جانب الدولة، فكان تأسيس «هيئة طلاب الشهادات الرسمية في لبنان»، أرفق بالإعلان عن تنفيذ اعتصام قبل ظهر اليوم أمام وزارة التربية والتعليم العالي. التقى وفد من الهيئة أمس، رئيس «حزب الكتائب» أمين الجميل، ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، وتم البحث في سلسلة الرتب والرواتب و«المراوحة التي لا تزال تتحكم بها منذ ثلاثة أعوام وسبل الخروج منها». وكشفت مصادر المجتمعين أن البحث تركز على ضرورة إقرار السلسلة بمعزل عن موضوع الإيرادات، ما دام أنه قد تم تأمين القسم الأكبر من الإيرادات، لذا بات من الضروري عدم ربط موضوع السلسلة بالضرائب. وأكدت هذه المصادر أن جميع المسؤولين وافقوا على طرح هيئة التنسيق، غير أن العبرة تبقى في التنفيذ. بعد اللقاء، قال نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض باسم الوفد: «كان البحث واضحاً وصريحاً وشفافاً وقد شرحنا وجهة نظرنا بحيث انه بعد ثلاثة أعوام من المعاناة أعطت هيئة التنسيق ما لديها». وذكّر بأنه في «العام 2012 قاطع الأساتذة التصحيح ثم عادوا عن قرارهم، وكذلك الحال في العام 2013، أما الآن فلا تراجع عن قرار عدم تصحيح الامتحانات»، محملاً «الطبقة السياسية مسؤولية أخذ مئة ألف طالب كرهائن ومعهم مليون نسمة من اللبنانيين»، وقال: «لا رجوع عن مقاطعة التصحيح». وحذر من «استمرار محاولات التمييز بين القطاعات عبر إعطاء نسب زيادة مختلفة لكل منها»، مؤكدا «وحدة هيئة التنسيق التي تصر على نسبة الـ75 في المئة الباقية كنسبة واحدة تشمل كل القطاعات». ونقل محفوض عن الجميل أنه مع عقد جلسة تشريعية وطرح البنود الخلافية على التصويت لإقرارها من منطلق أن السلسلة هي من الاستثناءات الملحة». أضاف: «سبق لحزب الكتائب أن اتخذ موقفاً مبدئياً بعدم حضور الجلسات التشريعية كون مجلس النواب هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية». ونقل عن الجميل أن «السلسلة هي من الاستحقاقات الوطنية التي يؤدي إقرارها إلى توفير شبكة أمان للبنانيين وأن الكتائب مستعد لاتخاذ القرار المناسب الذي يخدم السلسلة وحقوق الموظفين». في المواقف، طالب المكتب المركزي لقطاع التربية والتعليم في «تيار المستقبل» الكتل النيابية بضرورة اعتماد الشفافية والواقعية في تحديد الإيرادات الحقيقية الدائمة التي تؤمن نفقات تمويل سلسلة الرتب والرواتب، متمنيا إبعاد هذا المطلب المحق عن التجاذبات السياسية أو تسجيل المواقف الشعبوية التي لا طائل منها بل على العكس فإنها ستؤدي الى مزيد من التعقيدات والاشتباك السياسي والتأزم الاجتماعي في حال الاستمرار بها خاصة ان المتضرر الوحيد أو من جرائها هم أصحاب الحقوق من اساتذة ومعلمين وموظفين وطلاب. طلاب الشهادات انطلاقا من أن عدم اصدار نتائج الامتحانات يهدد مستقبل الطلاب، خصوصاً أن العام الدراسي الجامعي المقبل بات على الأبواب، وأن مصير المنح الجامعية للدراسة في الخارج، بات مهدداً، تداعت مجموعة من طلاب الشهادات الرسمية، في المدارس الرسمية والخاصة، وبعد اجتماعات عدة، إلى تشكيل «لجنة طلاب الشهادات الرسمية» للمباشرة في التحرك والمطالبة بحق الطلاب في الحصول على شهادة، بدلاً من إفادة. وتلت الطالبة أروى شميطلي (مدرسة سان جورج الخاصة) باسم الطلاب بياناً أعلنت فيه تنفيذ اعتصام عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، أمام وزارة التربية، ودعت طلاب الشهادات للمشاركة في هذه الاعتصام. ورفضت ما يحكى عن إعطاء إفادات نجاح، وقالت: الإفادة تجمع وتساوي بين الراسب والناجح والمتفوق في الامتحانات الرسمية، كما أنها تضرب الشهادة الرسمية اللبنانية. وتوجهت شميطلي إلى الطلاب الممنوحين إلى الخارج، وسألتهم «ماذا تنتظرون للتحرك؟»، وطالبت الأهل والطلاب بالمشاركة في الاعتصام اليوم، ولفتت إلى أن اللجنة أرسلت رسائل نصية قصيرة إلى نحو أربعين ألف طالب وطالبة، هم طلاب شهادة الثانوية العامة. وأكد عضو اللجنة الطالب زياد إبراهيم (ثانوية زاهية سلمان الرسمية) لـ«السفير» أن الطلاب لن يتحركوا في اتجاه أي سياسي، «ليس من مصلحتنا العمل في السياسية، بل نطالب بحقنا في الشهادة». عماد الزغبي

حلمي موسى - السفير

وبعد أسبوعين من القتال في حرب "الجرف الصامد"، تَظهَر إسرائيل للعالم، بما في ذلك لأقرب حلفائها، بوجهها الأشد بشاعة، بعد أن توحشت في محاولاتها تحقيق إنجاز على حساب الدم الفلسطيني. ورغم تباهي الجيش الإسرائيلي بتحقيق إنجازات ميدانية، إلا أن الواقع يشهد على أن الحرب البرية التي شنها على قطاع غزة تضطره لدفع أثمان باهظة في الأرواح. فالجيش الإسرائيلي يضطر لأن يعلن في كل يوم عدد جنوده القتلى، ما يزيد في حدة السجال الداخلي ويربك مخططات الحكومة الإسرائيلية في إعلان النصر وفرض الشروط. ومن الواضح أن شلال الدم الفلسطيني الناجم عن شدة النيران الإسرائيلية على المناطق المدنية، وتنفيذ "عقيدة الضاحية" ليس فقط في الشجاعية، بل في العديد من مناطق القطاع في المغازي والبريج وخان يونس ورفح وبيت لاهيا، لم يشبع بعد نهم إسرائيل. فالخسائر التي تتكبدها تقريبا في كل متر تحاول التقدم فيه على أرض غزة تزيد من إفقاد العدو توازنه، وتدفعه للتخلي عن قناع الإنسانية والأخلاق الذي يدعي امتلاكه. وتكفي الإشارة إلى استهداف البيوت والأبراج السكنية وتدميرها فوق رؤوس ساكنيها، وبشكل منهجي ومن دون إنذار، لتبيان مقدار الإفلاس في التعاطي مع قطاع غزة ومقاومته. ولليوم الثاني على التوالي سقط أكثر من 100 شهيد، بينهم عدد كبير من الأطفال في الغارات الجوية والقصف المدفعي على القطاع، ما يرفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، في الثامن من تموز الحالي، إلى أكثر من 570 فلسطينيا، وأكثر من 3350 جريحا. واستشهد فلسطيني برصاص مستوطن بالقرب من بلدة الرام المحاذية لمدينة القدس المحتلة. وكان جليا أن ادعاء إسرائيل اكتشاف الأنفاق وتدميرها يصطدم بواقع أن المقاومة تقريبا في كل يوم من أيام القتال الأخيرة تحقق إنجازا بالنجاح في اختراق الدفاعات الإسرائيلية، وتنفيذ عمليات في الجانب الآخر من الحدود. وتقود هذه العمليات إلى بث الذعر، ليس فقط في صفوف الإسرائيليين في مستوطنات غلاف غزة، بل كذلك في صفوف الجيش الإسرائيلي نفسه. ورغم كل الاحتياطات المتخذة، وانتهاج سياسة الأرض المحروقة، لمنع أي احتمال بوجود مقاومة للقوات البرية، ينجح مقاتلو "كتائب القسام" و"سرايا القدس" في تحطيم نظرية الالتحام الإسرائيلية. وتكفي الإشارة إلى أن فارق القوة النارية الهائل لم يحل دون المقاومة وتكبيد العدو، وفق اعترافه حتى الآن: 25 ضابطا وجنديا، قسم مهم منهم من الوحدات القيادية والنخبة، وإصابة ما لا يقل عن 150 جنديا. وأعلن العدو، أمس، مقتل 7 جنود وإصابة 30 بينهم ثلاثة بجراح خطرة. واضطر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشي يعلون ورئيس أركان الجيش بني غانتس لتنظيم AffinityCMSت ميدانية على القوات قرب قطاع غزة في محاولة لرفع معنوياتها. وشدد نتنياهو أمام هذه القوات على أن "الجيش يتقدم في المنطقة وفقا للخطة، والعملية ستزداد اتساعا إلى أن تحقق هدف إعادة الهدوء لسكان إسرائيل لفترة طويلة". ولم يتطرق نتنياهو هنا إلى هدف "تجريد غزة من الصواريخ والأنفاق" الذي كان أعلن مرارا تمسكه به. وأشار إلى أن "إنجازات القتال واضحة على الأرض. وأنا منفعل من عملية ضرب الأنفاق، وهي تحقق نتائج تفوق توقعاتنا". وقد كسبت المقاومة الفلسطينية صدقية في تعاطيها الميداني والإعلامي، بحيث أن تقاريرها عن استهداف آليات وقتل جنود وضباط سرعان ما يتبين أنها صحيحة. كما أن إعلان المقاومة عن وجود أسير لديها لم يجد ما يناقضه لدى العدو، الذي يريد من المقاومة إثباتا ملموسا أنه لديها قبل أن تقدم على الاعتراف بذلك. وفي كل حال، فإن أداء المقاومة ونجاحاتها شكلا إرباكا معنويا وسياسيا لإسرائيل، وعززا إرادة المقاومة والتفاف الجمهور الفلسطيني في غزة حولها. ومن المؤكد أن الهجمات التي يعترف الجيش الإسرائيلي بشن وحدات المقاومة لها على جنوده على طول القطاع، وفي كل أماكن تواجده وخلف خطوطه، تشهد على أن المقاومة حتى بعد مرور أسبوعين على حرب "الجرف الصامد" تراكم زخما ولا تتراجع. وبالأمس ظلت الصواريخ تنطلق من غزة إلى تل أبيب وما بعدها، بالوتيرة ذاتها التي كانت منذ الأيام الأولى، وبشكل زاد من قلق الإسرائيليين وشكهم بقواتهم وخشيتهم على مستقبلهم. وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن عدد القتلى والإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي كانت ضمن التقديرات الأسوأ لا الأفضل، وأن الجيش الإسرائيلي لم يفلح، على الأقل حتى الآن، في تحقيق الردع الذي يريده. فمقاتلو المقاومة منظمون ويهاجمون ويتحركون وفق نظرية قتال مدهشة، ولديهم سيطرة كاملة على الميدان. وتتحدث التقارير عن "إخفاقات" كثيرة، ليس فقط على الصعيد الاستخباري، رغم كل الموارد التي ترصد لذلك، بل أيضا على الصعيد القتالي في مستوياته التخطيطية والتنفيذية. ويتحدث خبراء عن أن انتهاء المعركة يمكن أن يثير مطالب بلجنة تحقيق لا تقل أهمية وخطورة عن تلك التي شكلت بعد "حرب لبنان الثانية". ويتحدث هؤلاء عن إخفاقات من نوع نجاح المقاومة في استهداف وتدمير مدرعة قيادية للواء 188، ووقوع جنود لواء "AffinityCMSني" في كمائن المقاومة في الشجاعية. وفضلا عن ذلك، هناك أهلية القوات التي شاركت في القتال حتى الآن، والتي رغم كل مظاهر التمجيد لها، لم تثبت قدرات فائقة، والأمر يتصل حتى بوحدات النخبة العليا مثل "شييطت 13" و"ماجلان". ويبدو أن إسرائيل لا تعرف ماذا ينبغي لها أن تفعل في ظل عدم امتلاكها إستراتيجية خروج من الحرب من ناحية، وتنامي الضغط الدولي من أجل وقف العدوان من ناحية أخرى. وتكفي هنا الإشارة إلى الجهود التي يبذلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع "حماس" من أجل توفير فرصة للاتفاق على تهدئة أو وقف إطلاق نار أو هدنة إنسانية. ولوحظ أن هناك نوعا من التحرك في الموقف المصري من المبادرة وتلميحات بالاستعداد لفتحها، بعد أن تدخلت الولايات المتحدة وإسرائيل في هذا الشأن. وكان لافتا الدور الذي تؤكده أميركا على أرفع مستوى بإعلانها تأييدها للوقف الفوري "للأعمال العدائية" وفق اتفاقية العام 2012 التي حاولت المبادرة المصرية بصيغتها الأولى تقييدها. وقد وصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى القاهرة تمهيدا لوصوله إلى تل أبيب لدفع الحكومة الإسرائيلية لقبول اتفاق لوقف النار. كما كان لافتا موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول وجوب وقف النار وفك الحصار عن "غزة الجرح". وبالعموم، فإن الجمهور الإسرائيلي يسعى إلى إشباع غرائزه بقتل المزيد من العرب، ولذلك يؤيد الحرب، لكنه يجد حاليا أن تخوفاته من أثمانها تتحقق. ويعتقد كثير أن تأييد الجمهور الإسرائيلي للحروب لا يعني استمرار قبوله بها، خاصة عندما تبدأ مصالحه في التأثر ويشعر بثمن هذه الحرب. وتكفي هنا الإشارة إلى أن إيهود أولمرت خاض "حرب لبنان الثانية" وهو يحظى بأعلى درجة من التأييد، لكنه مثلا في يوم واحد خسر شعبية بنسبة 30 في المئة، وقام الجمهور بإسقاطه، أساسا بسبب تلك الحرب. وتتحدث أوساط مختلفة عن إمكانية إعلان هدنة إنسانية طويلة الأجل، على أن تفتح هذه الهدنة الباب أمام مفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد. ويبدو أن إعلان هدنة كهذه يحل مشكلة للطرفين الراغب كل منهما في تعديل اتفاق العام 2012 لمصلحته. فإسرائيل يصعب عليها بعد كل ما دفعته من أثمان، على شكل هيبة وخسائر عسكرية واقتصادية وفي الأرواح، القبول بالعودة إلى اتفاق يبقي للمقاومة قدرة على التطور والتعاظم. أما المقاومة فإنها تجد غير مقبول عدم تأكيد وجوب فك الحصار.

ضمن التحركات المناصرة للشعب الفلسطيني، يتقاطر ناشطون ومناضلون ينخرطون في «الحملة الدولية لإطلاق سراح اﻷسير جورج عبد الله»، إلى السفارة الفرنسية في بيروت، عصر الغد. يأتي استنكار العدوان على غزة مرتبطاً بالمطالبة بتحرير جورج إبراهيم عبد الله، المعتقل في فرنسا منذ ثلاثين عاماً. يهدف التحرك إلى التنديد بالمواقف الفرنسية الداعمة للعدو، و«تضامنا مع أهلنا في فلسطين».. عنوان التحرك «الحرية لجورج عبد الله والنصر لفلسطين». عنوان صادق.. فحكاية عشق قديمة بين جورج وفلسطين.. تلازم في الوعي والحياة. من نضاله في صفوف «الحركة الوطنية»، إلى التحاقه بالمقاومة، عبر «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، كان جورج مدافعاً عن حق مقاومة الاحتلال. التقى جورج بالمحتلين وجهاً لوجه في اجتياح العام 1978. الشاب الجريح في إحدى المواجهات، راقب التواطؤ الدولي مع المعتدين، وبلغ ذلك التواطؤ ذروته في اجتياح العام 1982، عندما حوصرت بيروت.. وصمت العالم، وصمّ آذانه في انتظار التخلص من المقاومة الفلسطينية. تحرك الغد يريده جورج. فلو قدّر له أن يكون بيننا، لا خلف قضبان «الديموقراطية» الفرنسية، لكان بين الجموع في عوكر بالأمس، يندد بالتواطؤ الغربي مع القتلة، أو في وقفة «أبناء الصمود» على الرملة البيضاء أمس، أو قرب صخرة الروشة اليوم يرفع صور الشهداء الأطفال وأسماءهم، ويرسل الورود «من بيروت إلى غزة»، أو في المخيمات التي لا تهدأ وتيرة التحركات فيها. لكنه ليس بيننا، هو في زنزانة «الديموقراطية» منذ ثلاثة عقود.. ينظر من بعيد إلى فلسطين التي رسمت مسار حياته. عماد الدين رائف

الأكثر قراءة