الأخبار:كان يوم أمس مختلفاً في تمرين منتخب لبنان لكرة القدم. فملعب الصفاء شهد استضافة لاعب جديد هو الحارس اللبناني السويدي عباس حسن باكورة اللاعبين المحترفين من جذور لبنانية، في وقت يبدو فيه أن «لعنة المنتخب» بدأت تطال أطرافاً عدة
عبد القادر سعد
يدخل منتخب لبنان لكرة القدم مرحلة جديدة مع بدء وصول اللاعبين المحترفين من جذور لبنانية. تمرين أمس لم يكن مشابهاً للتمارين السابقة. فالاهتمام الإعلامي كان أكبر والحضور الجماهيري أيضاً، اضافة الى حضور عضوي لجنة المنتخبات عدنان الشرقي وجوكي. السبب واضح، وهو مشاركة الحارس عباس حسن للمرة الأولى في تمارين المنتخب بعد وصوله الجمعة الى لبنان. الأنظار كانت متوجهة الى حسن والمدرب جهاد محجوب الذي حاول اكتشاف قدرات حسن بمعاونة لاعبي المنتخب. وانقسمت الحصة التدريبية بين تسديدات على حسن وتقسيمة شارك فيها، مقابل مشاركة الحارس زياد الصمد في الجهة المقابلة.
لكنّ أمراً مهماً لفت الأنظار وهو الحديث الذي توجه به بوكير الى اللاعبين قبل بدء الحصة التدريبية، مبدياً إعجابه بأداء لاعبي النجمة، ومطالباً اللاعبين بالارتفاع الى هذا المستوى. واستشهد بوكير بما قام به بلال نجارين وأكرم مغربي وعباس عطوي وعلي حمام في رفع مستوى الفريق، خصوصاً بعد عودة نجارين ومغربي، معتبراً أن على لاعبي المنتخب أن يحملوا فرقهم في الدوري. وتوقف بوكير عند أداء لاعب النجمة علي حمام في مباراة النجمة والأنصار والدور الذي لعبه دفاعياً.
وبدا من خلال حديث بوكير كأنه رسالة الى لاعبين آخرين في المنتخب، وخصوصاً لاعبي فريق العهد الذي يعاني على صعيد البطولة المحلية، وهذا ما دفع بإدارته الى التحرك، ولو دون إعلان ذلك رسمياً، إذ يدفع العهد ثمن إنجازات المنتخب ويتعرض الفريق لضغط كبير بهدف فصل بوكير عنه وتفريغه مع المنتخب. ولا شك أن العهد يعتبر الفريق الأكثر تضرراً من ما حصل، فهو قدّم مدربه بوكير من منطلق وطني فدفع ثمن تراخي لاعبيه، والتشتت الذهني الذين يمرون به.
وعلى صعيد اللاعبين، فإن ادارة العهد فسخت العقد مع اللاعب المونتينيغري فلاديمير فوجوفيتش بعد سلوكه في لقاء طرابلس، إذ اعتدى بالضرب على لاعب الخصم وحاول الهجوم على لاعب آخر بعد نيله البطاقة الحمراء، وهذا ما سيبعده ثلاثة أسابيع عن الفريق بسبب الإيقاف. أضف الى ذلك المستوى المتواضع الذي قدمه فلاديمير في المباريات التي شارك فيها مع العهد.
ويظهر أن لعنة حلّت على بعض الأندية يمكن تسميتها «لعنة المنتخب». فالعهد يحتل المركز الخامس برصيد 11 نقطة، علماً بأن مدرب منتخب لبنان يقود الفريق اضافة الى وجود تسعة لاعبين مع المنتخب وهم الحارس محمد حمود، عباس كنعان، حسن ناصر، حسن شعيتو، أحمد زريق، هيثم فاعور، محمود العلي، حمزة سلامي ومحمد باقر يونس. أضف الى ذلك حالة «الاستشراس» التي انتابت اللاعبين الذين لعبوا ضد فريق العهد لإثبات أنفسهم أمام بوكير، ومنهم على سبيل المثال لاعبو الأنصار الذين كانوا متحفّزين قبل أيام من مباراتهم مع العهد للرد على عدم استدعاء أي لاعب من فريقهم الى المنتخب، وهذا أمر لم يسبق أن حصل في الماضي. وبالفعل فعلها لاعبو الأنصار وفازوا على العهد 1 - 0 في الأسبوع السادس. والمبرة أيضاً طاولته «اللعنة»، فهو يحتل المركز الثامن برصيد 8 نقاط، ما أدى الى استقالة مدربه أسامة الصقر، وهو يشغل منصب المدرب المساعد في منتخب لبنان. أما الراسينغ صاحب المركز التاسع بسبع نقاط، فكانت له حصة مع لاعبه وليد اسماعيل، الوحيد في المنتخب الذي غاب عن فريقه ثلاث مباريات بداعي الإيقاف، بعد دفعه الحكم خلال اللقاء مع النجمة في الأسبوع الرابع الذي تلى مباراة لبنان وكوريا الجنوبية. كذلك فإن النجمة عانى خلال الأسابيع الماضية من خلال المشكلة التي حصلت بين لاعبي المنتخب بلال نجارين وأكرم مغربي من جهة وادارة النادي من جهة أخرى. ورغم ان اسباب المشكلة معروفة، الا أنها لم تكن لتصل الى ما وصلت اليه لولا أمور تتعلق بالمنتخب.
«لعنة المنتخب» لم تنحصر في الشق المحلي، إذ إن تداعياتها وصلت الى الإمارات وكوريا الجنوبية والكويت. فمنتخب لبنان كان سبباً مباشراً في استقالة مدرب منتخب الإمارات السلوفيني سريتشكو كاتانيتش بعد الخسارة في المباراة أمام لبنان في بيروت 1 - 3 في 6 أيلول الماضي، ونتائج المنتخب الإماراتي السيّئة، وإحداها أمام لبنان، التي أطاحت رئيس الاتحاد الإمارتي خلفان الرميثي. وفي كوريا الجنوبية، لم تكن الحال أفضل من الإمارات، إذ خسر المنتخب الكوري أمام لبنان 1 - 2 في 15 تشرين الثاني ما أدى الى إقالة المدرب تشو كوانغ راي، رغم أن المنتخب الكوري ينتظر مباراة مهمة مع الكويت في 29 شباط ليتأهل الى الدور الرابع. هذه المباراة قد تكون سبباً مباشراً في رحيل مدرب منتخب الكويت الصربي غوران في حال خرج المنتخب الكويتي من التصفيات، وهذا مؤكّد في حال لم يفز على كوريا. وهذا الوضع الحرج في التصفيات وصل اليه الكويتيون بعد التعادل 2 - 2 في بيروت والخسارة 0 - 1 أمام لبنان في الكويت في الجولتين الثالثة والرابعة.
وبالتالي، فإن «لعنة المنتخب» أطاحت خارجياً أو قد تطيح ثلاثة مدربين ورئيس اتحاد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وبالعودة محلياً، قد لا يكون لمنتخب لبنان علاقة مباشرة بما حصل، لكن ما مرّ به اللاعبون من «ضخّ إعلامي ومادي» فاق قدرات بعضهم، وأثّر ذلك على نواديهم في ناحية ما. لكن في كل الأحوال، مسيرة المنتخب مستمرة، وهي تدخل مرحلة جديدة قد تشهد تغييرات، خصوصاً مع الحديث عن احتمال أن يلامس هذا التغيير الجهاز الفني، وفق ما تشير اليه المعلومات عن رغبة بوكير في إجراء تغيير، لكن ما هو مؤكّد أنه لن يكون قبل مباراة الإمارات في 29 شباط المقبل، كما تفيد مصادر مقرّبة من شخصية رفيعة في الاتحاد. لكن هذا ليس محسوماً بالنسبة إلى المدرب بوكير الذي يفضل أن يستمزج أراء اطراف عدة بشأن اقتراحاته، ومنها اتحاد اللعبة واللاعبين وغيرهم، فهو ليس دكتاتورياً في هذا الإطار، ولا يسعى الى فرض رغباته في حال لم تكن لمصلحة المنتخب.
أما على صعيد اللاعبين المحليين، فأول ما يتبادر الى الذهن لدى التفكير في هذا الأمر هو لاعب العهد عباس عطوي «أونيكا» الذي يبقى المرشح الأول للانضمام الى المنتخب. لكن هذا في حسابات بعض المتابعين فقط، أما في حسابات بوكير، فالأمور محصورة بأداء «أونيكا». ويقول بوكير «حين يركض عباس 90 دقيقة ويسجّل أهدافاً ويرتد لمساندة الدفاع، حينها يمكن التفكير في استدعائه. أما الآن، إذا استدعيته فقد يأتي 150 لاعباً ليسألوك لماذا استدعيته وعلى أي أساس؟».
وعليه، فإن أموراً كثيرة مطلوبة من «أونيكا» قبل أن يحجز مكانه في المنتخب اللبناني. هذا المنتخب الذي يبدو أن مواكبة المرحلة المقبلة إدارياً تسير وفق ما هو مرسوم لها، خصوصاً على صعيد لجنة الدعم، مع فتح حساب خاص بالمنتخب في بنك لبنان والمهجر، حيث ستُجمع التقديمات وتودع فيه. وتشير المعلومات الى أن عدداً كبيراً من المتموّلين أبدوا رغبة في المساهمة في حملة يقودها رئيس الاتحاد هاشم حيدر بمعاونة بعض أعضاء الاتحاد، على أن تظهر نتائج هذه الحملة في المدى القريب. وهناك أيضاً مسألة التجهيزات التي يبدو أن عقداً كبيراً قد يوقع مع شركة مهمة جداً، وبمساع من شخصية نافذة أخرى في الاتحاد.
وبالعودة الى تمرين أمس، فقد أجمعت الآراء على مستوى الحارس عباس حسن الجيد. فالمدرب ثيو بوكير بدا حاسماً لناحية مستوى الحارس اللبناني، مجيباً بكلمتين: «جيد جداً». وكلام بوكير يتقاطع مع رأي عضوي اللجنة الشرقي وجوكي اللذين أكدا مستواه الجيد. فالشرقي قال «جسمانياً الحارس جيد، وكذلك فنياً، رغم أن التمرينة ركّزت على الجهد أكثر ممّا ركزت على الجانب الفني». ويعتقد الشرقي بوجوب مشاهدته في مباراة كي يتم الحكم عليه بصورة واضحة، مرجحاً أن يشارك في لقاء منتخب لبنان مع المنتخب الأولمبي في حال سمحت ظروفه بذلك.
الاتحاد يريد تفريغ بوكير
يبدو أن اتحاد كرة القدم حسم أمره بالنسبة إلى عملية تفريغ المدرب الألماني ثيو بوكير مع منتخب لبنان وفصله عن نادي العهد بانتظار الوصول إلى آلية تسمح بعملية التفريغ، على أن يُنهى الموضوع هذا الأسبوع عبر الطلب من العهد السماح بتفرّغ بوكير مع منتخب لبنان. وقد تجري زيارة النادي وطلب التخلي عن بوكير رسمياً.
للمرّة الثانية، تجد القوى المشاركة في حكومة «كلنا للوطن، كلنا للعمل» نفسها مضطرة إلى النظر في المقاربة التي يطرحها وزير العمل لتحقيق مفهوم «الأجر الاجتماعي». فقرار زيادة الأجور الأخير بات على قاب قوسين أو أدنى من السقوط مجدداً، بفعل حركة الاحتجاج الواسعة التي عبّرت عنها هيئة التنسيق النقابية، وبفعل إعادة التموضع إزاء هذا القرار التي قررها حزب الله، وكذلك بداية التراجع لدى رئيس الحكومة
أعاد حزب الله تموضعه في ملف تصحيح الأجور، وحسم موقفه الى جانب المقاربة التي يطرحها وزير العمل، شربل نحّاس، فقد صرّح وزير الزراعة حسين الحاج حسن، خلال لقاءٍ أمس مع هيئات نقابية ومع جمعية التجار في مكتب كتلة نواب بعلبك الهرمل في بعلبك، «أن الحد الأدنى للأجور الحالي غير كاف على الإطلاق، والزيادة التي أقرها مجلس الوزراء غير كافية ولا تتلاءم مع كلفة المعيشة»، معلناً «دعم مشروع الوزير شربل نحاس بالكامل»، ومؤكداً «عدم وجود أي تمايز أو تناقض مع مواقف تكتل التغيير والإصلاح، وأن تحالف حزب الله مع التيار الوطني الحر ونوابه ووزرائه ثابت وراسخ».
وقال «ما حصل في مجلس الوزراء هو أن الوزير نحاس قدم مجموعة قوانين ومراسيم تحتاج إلى وقت لدراستها، لأن فيها ما هو متعلق بوزارات متعددة أو بتبعات مالية أو بقوانين، ونحن نؤيد المشروع بالكامل، لكن مشروع الوزير نحاس لم يطرح على التصويت، وإن ما طرح على التصويت هو اقتراح من رئيس الحكومة وذكر أنه جاء بناءً على تفاهم مع النقابات العمالية وأرباب العمل. وتبيّن في ما بعد أن الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية أعلنا موقفاً سلبياً تجاه ما أقره مجلس الوزراء، ونحن نتبنى مطالب العمال بالكامل، ومع القواعد العمالية ولسنا ضدها». وطالب بـ«متابعة الحوار بين العمال وأرباب العمل ورئيس الحكومة ووزير العمل الذي ينبغي أن يكون حاضراً وشريكاً أساسياً في هذا الحوار».موقف حزب الله، الذي عبّر عنه الحاج الحسن، جاء بعد مراجعة لما سمّي خطيئة التصويت في مجلس الوزراء لمصلحة قرار يتناقض كلياً مع المقاربة التي طرحها وزير العمل، والتي تتضمن تصحيحاً للأجر (بنسبة 17%) ودعماً حكومياً له (بنسبة 9%) لتتجاوز قيمة التصحيح قليلاً ما أقرّه مجلس الوزراء في قراره الأول (إذ إن الزيادة بحسب مقاربة نحّاس ستتراوح ما بين 250 ألف ليرة حداً أدنى و353 ألف ليرة حداً أقصى)، وسيتم ذلك بما يتلاءم مع القوانين ويشمل جميع الأجراء، وتنطوي هذه المقاربة أيضاً على إزالة بعض التشوّهات التي أصابت مفهوم الأجر بفعل ضروب التحايل المعتمدة منذ عام 1995 عبر إعطاء بدل النقل الصفة المؤقتة وغير الملزمة، وبالتالي ضمّ هذا البدل بعد زيادته الى الأجر وفرض تسديده الى جميع الأجراء النظاميين وغير النظاميين واحتسابه في تعويضات نهاية الخدمة ومعاشات التقاعد، والأهم أن هذه المقاربة تهدف الى شمول جميع اللبنانيين بالضمان الصحي وتمويله من الموازنة العامّة لتتحول الاشتراكات المتوجبة لفرع ضمان المرض والأمومة الى زيادة فعلية على الأجر بعد فترة وجيزة ... وهذا يعني أن جميع الأسر اللبنانية من جميع الفئات ستستفيد من تصحيح الأجور عبر زيادة الأجر النقدي أو عبر إعفائها من كلفة الصحّة الباهظة، فضلاً عن التأثيرات المباشرة على الاقتصاد من خلال تمويل هذا المشروع عبر فرض ضرائب على الربح العقاري وزيادة الضرائب على ربح الفوائد، الأمر الذي يساهم بنقل نحو 3500 مليار ليرة من الريوع الى الإنتاج والأسر.وانعكست إعادة تموضع حزب الله دفعاً قوياً للتحرّكات الاحتجاجية على قرار مجلس الوزراء الأخير الذي جاء متعارضاً مع مصالح أكثرية اللبنانيين ومتماشياً مع مصالح قلّة متحكّمة بالثروة والنفوذ، فقد أعلن الحزب التزامه بدعوة هيئة التنسيق النقابية الى الإضراب والتظاهر يوم الخميس المقبل، في حين أن نقاباته بدأت الضغط على قيادة الاتحاد العمّالي العام للانخراط في هذه التحرّكات، وهو ما سيناقشه المجلس التنفيذي للاتحاد اليوم، إلا أن نقابات حركة أمل لا تزال ترفض ذلك، فيما رئيس الاتحاد، غسان غصن، الذي أعلن الرئيس ميقاتي أنه كان مطلعاً على قرار مجلس الوزراء قبل صدوره، لا يزال يدفع باتجاه تأجيل التحرّكات الى ما بعد عيد الميلاد من أجل إجهاضها والحدّ من فعاليّتها.الى ذلك، ظهرت مؤشّرات قوية على بداية تراجع لدى الرئيس ميقاتي نفسه، اذ عقد لقاء أمس مع هيئة التنسيق النقابية وحاول ثنيها عن التحرّك في الشارع، إلا أن الهيئة أصرّت على موقفها، وقال ميقاتي لوفد الهيئة إنه يستصعب العودة عن قرار مجلس الوزراء مرّة ثانية، لكنه مستعد للبحث بأي مخارج ممكنة، مقترحاً أن توافق الهيئة على تمرير قرار زيادة الأجور، في مقابل أن يبدأ مجلس الوزراء بمناقشة بقية البنود الواردة في مقاربة نحّاس، فرفضت الهيئة هذا الاقتراح، وأصرّت على أن مقاربة نحّاس كلّها تمثل الحد الأدنى الذي يمكن أن تقبل به، بمعنى إمّا أن تقرّ بكل بنودها دفعة واحدة، وإمّا أن يسقط قرار مجلس الوزراء لمصلحة تصحيح الأجور بنسب تعوّض فعلياً عن الخسائر التي مني بها الأجراء منذ عام 1996 حتى اليوم، وأبلغت الهيئة ميقاتي أنها تقبل باعتبار الزيادة التي قررها مجلس الوزراء تراكمية، أي أن يكون حدّها الأعلى بقيمة 475 ألف ليرة وحدّها الأدنى 200 ألف ليرة مع زيادة بدل النقل وضمّه الى الأجر ... عندها قال ميقاتي إن الهيئات الاقتصادية لن تقبل بهذا الطرح، ولذلك يفضّل أن يقوم مجلس الشورى مجدداً بإسقاط القرار قانونياً لكي يُعاد طرحه على مجلس الوزراء، طالباً من وفد الهيئة عقد اجتماع اليوم مع مستشاره سمير ضاهر لمناقشة اقتراحات محددة لتصحيح القرار.وكانت الهيئة قد سلّمت ميقاتي مذكرة اعتبرت فيها قرار مجلس الوزراء مهيناً ومذلاً، مطالبةً بتعديله. ورأت أن هذا القرار، في بُعْده وخلفيته، يستهدف دور الحركة النقابية ووجودها، وكأن المطلوب معاقبتها على ما قامت به من تحرك؛ فخفض الزيادة بدلاً من رفعها، وبهذا المعنى فهو يحرض اللبنانيين ضد العمل النقابي من الأساس، إذ كيف يمكن للحركة النقابية القبول بمثل هذا القرار، فتبدو كأنها تحركت كي تأخذ من فئة من الأجراء لتعطي فئة أخرى، حيث تكون قد أنهت نفسها بنفسها، ترى هل هذا هو المطلوب؟وطالبت المذكرة بتصحيح هذا القرار بما يتناسب ونسبة التضخم منذ عام 1996 واعتماد النسب المئوية فعلاً لا شكلاً، وإقرار التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين، وضم بدل النقل بعد زيادته الى الأجر، وتحرير التعويض العائلي، ورفع نسبة الدرجة من أساس الراتب، وشمول المتقاعدين بالزيادة، ورفع أجر ساعة التدريس للمتعاقدين، وزيادة التنزيل الضريبي في احتساب ضريبة الدخل ليصل إلى 1.5 مليون ليرة.(الأخبار)600 ألف ليرة
هو الحد الأدنى للأجور الذي قرره مجلس الوزراء، إلا أن هيئة التنسيق النقابية وجدت أن قرار مجلس الوزراء يخلق حدّين أدنيين للأجور، واحد بهذه القيمة لمن سيدخلون الى العمل بعد صدور المرسوم، وآخر بقيمة 650 ألف ليرة لمن دخلوا الى العمل قبل صدور المرسوم!
ملاحظات هيئة التنسيق النقابية
جاء في مذكرة هيئة التنسيق النقابية الى الرئيس نجيب ميقاتي أن زيادة الحد الأدنى للأجور تراجعت بنسبة ٥٠% عن القرار الأول، حيث كانت الزيادة ٢٠٠ ألف ليرة فأصبحت ١٠٠ ألف. كما جاءت نسبة الزيادة على الحد الأدنى للأجور (٢٠٪) وهي أقل من نسبة الزيادة (٣٠%) التي طاولت الراتب الأعلى منه، لتعود فتنخفض على الراتب الأعلى الذي يليه فتصبح 20% : وهكذا تأتي النسب المئوية متأرجحة نزولاً فصعوداً فنزولاً، من دون أن يحكم هذه الزيادة أي منطق، وهي سابقة في تاريخ تصحيح الأجور. فأصبحت رواتب أعداد كبيرة من الأجراء والموظفين وأجورهم بفعل هذا القرار أدنى مما كانت عليه في القرار السابق.
الاثنين ١٢ كانون الأول ٢٠١١
الاخبار: يوم السبت الماضي، نفذت مجموعة من الهيئات الشبابية والنقابية اعتصاماً أمام مصرف لبنان في مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان. اللافتات كانت رافضة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة. الرد من القوى الأمنية كان قاسياً. الحصيلة: 10 جرحى و 8 شبان اعتقلوا ثم أُفرج عنهم
رشا أبو زكي
أمام مصرف لبنان ضجة. لعل هذا الحدث وحده يثير غضب رجال الأعمال، وخصوصاً أولئك الموجودين في الحكومة، فكيف إذا كانت الضجة «يقترفها» متضررون من السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة؟ حينها، يضيق صدر السلطة ذرعاً بمجموعة من الشباب تبحث عن حق اجتماعي ضائع أمام معلم اقتصادي يكتسي ثوب القداسة. أما أن يقف موكب نائب رئيس الحكومة سمير مقبل، مثله مثل «الناس العاديين» في زحمة السير ــــ وهي، بالمناسبة، زحمة سببها عناصر قوى الأمن الذين أقاموا سياجاً بشرياً حول المعتصمين ــــ فإن هذه إهانة ما بعدها إهانة.
حينها، تتحرك البنادق والهراوات وينتفض مرافقو «الريّس» للانقضاض بالضرب وتكسير أضلع نحو 10 معتصمين، واعتقال ما بقي من أجساد شابة لم تستملها مغريات الهجرة بعد. «عسكر على مين؟»، يهتف المعتصمون.
تردّ الهراوات وأعقاب البنادق: «عليكم، بدها سؤال؟». لا تنفع الهتافات، ولا الأصوات الداعية إلى التهدئة. ضربة البندقية في معدة فتاة معتصمة، وضربة الهراوة على رأس آخر، تختصر المشهد.
لا تقلل مناسبة الاعتصام اليوم العالمي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان من عنف القوى الأمنية؛ إذ إن المجموعة تضم عدداً من الهيئات الشبابية والنقابية والاجتماعية التي قررت أن تطالب بحقوقها الإنسانية ــــ الاجتماعية في هذا اليوم.
مناسبة أخرى للاعتصام: تحركات عالمية لمناهضة الرأسمالية تنظم بالتزامن في جميع دول العالم. مناسبتان تشكلان إطاراً منطقياً للاحتجاج على «الأزمة الاقتصادية الراهنة»، تحت شعار «رفضاً للسياسات المالية والاقتصادية المتبعة، وتزامناً مع التحركات العالمية لمناهضة الرأسمالية».
وقد حمل المعتصمون لافتات تندد بالسياسات الاقتصادية المجحفة، ورددوا هتافات تدعو إلى التغطية الصحية الشاملة والضمان الاجتماعي وحماية الليرة وتصحيح الأجور والسياسة الضرائبية العادلة... قبيل انتهاء الاعتصام، حاولت القوى الأمنية فكه بعنف، تسهيلاً لمرور موكب مقبل. أقدمت على حصار المتظاهرين وضربهم بالهراوات وأعقاب البنادق، ما أوقع أكثر من عشر إصابات في الرأس والرقبة والكتف، واعتقل أكثر من ثمانية أشخاص أُطلقوا في ما بعد.
هذا العنف استدعى بياناً من وزير العمل شربل نحاس، قال فيه إن ما حصل أمام مصرف لبنان «يثير القلق حيال رهان البعض على أنّ خليطاً من الترهيب والترغيب، من القمع والرشوة، قادر على إحباط توق اللبنانييّن، ولا سيّما الشباب، إلى استعادة كرامة المواطن ومنعة الدولة». وشدّ على أيدي الشابّات والشبّان، وعبّر عن تضامنه مع تحركاتهم الديموقراطيّة، معرباً عن اعتذار الدولة لهم من تصرفات أصابتها بقدر ما أصابتهم. فيما أعلن المكتب السياسي في الحزب الشيوعي اللبناني «شجبه واستنكاره» للهجوم غير المبرر على المتظاهرين، ودعا إلى تحقيق فوري واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمحاسبة الفاعلين ومعاقبتهم.
وفي مؤتمر صحافي، استنكر المنظمون «الاعتداء الوحشي وغير المبرر من قبل القوى الأمنية على المعتصمين». وألقى رئيس اتحاد الشباب الديموقراطي علي متيرك بياناً استنكر فيه «السلوك المشين لعناصر قوى الأمن الداخلي، واعتداءهم بالشتم والضرب على المتظاهرين والتعرض للصحافيين (...) وذلك كله من أجل فتح الطريق لمرور نائب رئيس الحكومة سمير مقبل». بدوره، أدان رئيس نقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبد الله «الاعتداء الوحشي على المتظاهرين». كذلك كانت كلمة لهاني عضاضة باسم «مجموعة من الشباب الناشطين على وسائل الاتصال الإلكتروني الحديثة»، دعا فيها إلى إعادة النظر في السياسات المالية المجحفة والسياسات النقدية التي يمارسها المصرف المركزي.
علي حيدر
ترددت أصداء استيلاء إيران على طائرة التجسس الاميركية، «RQ-170»، بقوة لدى اسرائيل، التي وصفت ما جرى بالكارثة الاستخبارية وباليوم الأسود للولايات المتحدة الاميركية.عيِّنة من التغطية والتحليل الاسرائيليين، وردت في صحيفة «اسرائيل اليوم»، المقربة من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، تكشف عن مدى قلق المؤسسة الاسرائيلية إزاء «الكنز الذي هبط من السماء» على الايرانيين لما ينطوي عليه من دلالات تعكس مستوى التطور الذي بلغته ايران على صعيد الحرب الالكترونية.
ووصفت صحيفة «اسرائيل اليوم» استيلاء ايران على طائرة التجسس الاميركية، ««RQ-170»، بالفشل الذريع، ولفتت الى ان عرض ايران للطائرة، في وسائل اعلامها، من دون تعرضها لأي اصابة، يؤكد انه لم يجر اسقاطها وانما تمكن الايرانيون من السيطرة عليها، وتوجيهها للهبوط في مكان ما في ايران. وتعبيراً عن شدة الوقع إزاء الخسارة الاستخبارية والتكنولوجية والمعنوية، دعت الصحيفة الاميركيين الى أن يطرحوا على أنفسهم الأسئلة الصعبة التالية: تباً، كيف حصل ذلك؟ وكيف أمكن لايران السيطرة على طائرة بدون طيار لا تلتقطها الرادارات، وعلى هذا القدر من التطور التكنولوجي، خاصة من المفترض أنها مُحصَّنة ازاء أي محاولات السيطرة من الناحيتين الاستخبارية والعملانية. وهو ما دفع الصحيفة، التي يبدو انها استندت الى آراء خبراء في هذا المجال، لوصف الحدث بأنه يشكل «يوماً اسود» للولايات المتحدة.ورأت «اسرائيل اليوم»، أيضاً، أن ما يضاعف من أخطار وجود هذه الطائرة الأكثر تقدماً بحوزة ايران، هو أن من مهماتها، على الارجح، جمع معلومات هجومية في ما يتعلق بالمشروع النووي الايراني. وبالتالي اصبح بإمكان الايرانيين كشف أسرار الطائرة نفسها وكشف القدرات الاستخبارية الأكثر سرية للولايات المتحدة. وأضافت الصحيفة ان هذه الضربة الاستخبارية التي وجهتها الجمهورية الاسلامية للولايات المتحدة الاميركية، قد تكون موجعة أكثر من ذلك، لجهة كشف اجهزة التعقب، وقدرات التجسس واهدافها.. وعليه فإنها تشكل «تفوقاً عملانياً ثميناً لا مثيل له».وفي ما يتعلق بالطائرة نفسها، أوضحت الصحيفة أنها تشبه إلى حد كبيرة الطائرة المدمرة، B2، وهي نتيجة لتخطيط حركي هوائي متطور. ورأت أن إعلان الايرانيين أنهم سيقومون بنسخها، عبر «الهندسة العكسية» بهدف وضع اليد على تكنولوجيتها المتقدمة، سيلقى صدى ومشاركة حماسية من قبل روسيا والصين.
النشرة: اوضح وزير العمل شربل نحاس في بيان انه "بينما تداعت مجموعة من الشابّات والشباّن والهيئات النقابيّة للاعتصام السلمي أمام مصرف لبنان تعبيرًا عن مطالبتهم بالعدالة الاجتماعية ومعارضتهم لتحكّم المصالح الماليّة بمصائر الشعوب، وذلك ضمن الأطر والتقاليد الديمقراطيّة، وبعد إبلاغ الجهات الرسميّة وفق الأصول، قامت قوًى أمنيّة رسميّة بالتعرّض للشابّات والشبّان المعتصمين بالضرب المبرح والأذى المفرط دون أيّة تعليمات من وزارة الداخليّة، بحجّة مرور موكب أحد المسؤولين الذين امتعض عناصر مواكبته من إبقاء مسرب واحد سالكًا في الشارع المقابل، وأدّى ذلك إلى أذًى بالغ بين المعتصمين واستدعى استشفاء بعضهمم".
واضاف نحاس انه "يخطئ من يظنّ أنّ استخدام العنف لقمع التعبير الديمقراطي والسلمي عن الرأي متاح في هذا البلد دون حساب
، ويتغاضى عن التبعات الخطيرة التي تترتّب على هكذا عنتريّات وتشبيحات على صعيد أمن البلاد، وهو ما خبره اللبنانيّون في محطّات سوداء عديدة"، وتابع انه "يخطئ أيضًا من يظنّ أنّ تصرّفات كهذه يمكن ان تجهض التحركات المطلبيّة التي دعت إليها هيئات نقابيّة أساسيّة خلال الأسبوع القادم تعبيرًا عن مطالبة الشريحة الأوسع من المواطنين بحقوقهم في الأجور اللائقة وفي تغطية صحية تحافظ على كرامتهم وفي الرعاية الإجتماعية وفي فرص العمل وفي العدالة الضريبية وفي إرساء مفهوم المواطنة".
ورأى ان "الحدث الذي حصل يوم السبت أمام مصرف لبنان يثير القلق حيال رهان البعض على أنّ خليطًا من الترهيب والترغيب، من القمع والرشوة، قادر على إحباط توق اللبنانييّن ولاسيّما الشباب منهم إلى استعادة كرامة المواطن ومنعة الدولة".
وشدّ وزير العمل على أيدي الشابّات والشبّان، وعبّر عن "تضامنه مع تحركاتهم الديمقراطيّة، معربا عن "اعتذار الدولة حيا
لهم من تصرفات أصابتها بقدر ما أصابتهم".
الأحد 11 كانون الأول 2011
محمد زبيب
يستطيع رئيس الاتحاد العمّالي العام غسّان غصن أن يدّعي العفّة ويتنطّح على شاشات التلفزيون ليتهم مجلس الوزراء بمحاباة مصالح اصحاب العمل، إلا أن الرئيس نجيب ميقاتي كان شديد الوضوح والصراحة عندما أقرّ في مجلس الوزراء بأن بعضاً من قيادة هذا الاتحاد شارك في مفاوضات جانبية على مدى اسبوعين، خارج اطار لجنة المؤشّر، أفضت الى التوافق مع ممثلين عن هيئات اصحاب العمل على صيغة قرار زيادة الاجور كما صدرت اخيراً، اي زيادة الحد الادنى للأجور الى 600 الف ليرة بدلاً من 700 الف ليرة في القرار السابق، وزيادة شبه مقطوعة بين 150 الف ليرة و200 الف ليرة على الاجور التي تقل عن مليون ليرة، وزيادة مماثلة بين 200 الف ليرة و275 الف ليرة على الاجور التي تزيد على مليون ليرة... بل قيل أيضاً ان غصن ومن معه وافقوا على عدم زيادة بدل النقل، لكنهم طالبوا بتعويض، فوافق الآخرون على ابقاء الزيادة المقررة سابقاً على منحة التعليم الى 1.5 مليون ليرة!
قد لا يكون غصن ومن معه أيّدوا كلياً ما صدر عن مجلس الوزراء، وقد تكون لديهم ملاحظات معيّنة ابلغوها الى الرئيس ميقاتي او الى المفاوضين الآخرين من هيئات اصحاب العمل، لكنهم في كل الاحوال ارتكبوا فعل التواطؤ على مصالح من يدّعون تمثيلهم، ولم يقوموا بأي جهد لمنع صدور القرار بالصيغة المهينة والمذلّة التي صدر فيها. وبالتالي لن يغيّر الموقف الانشائي ضد القرار الذي صدر امس عن هيئة مكتب المجلس التنفيذي في الاتحاد العمالي العام من هذه الحقيقة شيئاً، ما لم يتطور هذا الموقف «سريعاً» الى حركة فعلية في الميدان تساهم بإسقاط قرار مجلس الوزراء مجدداً، جنباً الى جنب مع هيئة التنسيق النقابية والمجموعات الشبابية التي اعلنت عن سلسلة من التحرّكات لمناسبات وأهداف مختلفة، تبدأ اليوم باعتصام عند الثانية عشرة والنصف من بعد الظهر امام مصرف لبنان بدعوة من مجموعات شبابية وعمالية ونقابية متنوعة بالتزامن مع التحركات العالمية المناهضة للرأسمالية. وتنتقل يوم الاثنين عند الثانية عشرة والنصف من بعد الظهر ايضا لتنفيذ اعتصام امام وزارة الصحّة بدعوة من مجموعة شبابية تطلق على نفسها اسم «حقّي عليي» للمطالبة بحق جميع اللبنانيين بالضمان الصحّي، ثم تنتقل الخميس الى الاضراب والتظاهر عند الحادية عشرة من قبل الظهر من تقاطع بشارة الخوري – السوديكو وصولاً إلى السرايا الحكومية، وذلك من أجل التمسك بمطلب تصحيح الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص فعلياً لا عبر «المكرمات» وللمطالبة بحق الجميع بالأجر الاجتماعي الذي تنكّر له مجلس الوزراء.
هذه الدعوة الى «صحوة نقابية» ليست موجّهة اطلاقاً الى غسان غصن ومن معه، فهؤلاء لا يمثّلون الا الجهات السياسية التي تشغّلهم لحسابها لا لحساب العمّال والفقراء، وهناك ما يفيض من امثلة «التواطؤ» و«التبعية» و«الخضوع» و«قتل العمل النقابي» في تجارب كثيرة وفظيعة يعرفها الكثير من اللبنانيين... انها دعوة الى نقابيين فعليين غرقوا في احباطاتهم بعدما كانت لهم بصمات بارزة في محطات نضالية حقيقية. انها دعوة الى تلك النقابات العمّالية الفعلية التي لا تزال تمتلك اوزاناً تمثيلية جدّية تفتقدها النقابات «الوهمية» التي زرعها الحلف الجهنمي المسيطر على السلطة لتحتل الاتحاد العمّالي العام وتقضي على اي دور مفترض له كأداة ضغط... انها دعوة الى نقابات المصارف ومصرف لبنان ومؤسسات الكهرباء ومؤسسات المياه ومصلحة الليطاني و«الريجي» وصندوق الضمان و«اوجيرو» ونقابات المطار والمرفأ والنقل وغيرها كثير ممن لا تزال تحفظ ماء الوجه. هل نسيت هذه النقابات انها كانت ولا تزال تجسّد عصب الحركة النقابية العمّالية في لبنان؟ اليست هي ابرز ضحايا «التدجين»؟ الا تنظر هذه النقابات الى ما اصاب قطاعاتها بسبب النهج الحكومي المتبع منذ عقدين؟ اليس ابلغ تعبير عن «الكارثة» هذا الجيش من المياومين والمتعاقدين والاكراء وعمّال الساعة وعمّال المتعهّد الذين يعانون من «الرق» والعمل بالسخرة وغياب الحماية الاجتماعية بهدف الضغط على الاجور في الملاكات والانقضاض على المكتسبات؟ انها دعوة الى نقابات المهن الحرّة التي تضمّ نخباً اساسية لا يمكن ان تواصل تفرّجها على ما يصيب هذا المجتمع بسبب النمط الاقتصادي المدمّر الذي اوجد من جملة ما اوجده فئات فقيرة من الاطباء والمحامين والمهندسين والصيادلة والصحافيين.
البعض يريد أن يقنع نفسه دائماً بأن الوقت الآن ليس وقت التغيير. فمتى يكون اذا اذا لم يكن الآن... الآن تحديداً، حبذا لو يقرأ الجميع المعطيات بدقّة حتى ينفجروا غضباً، اليس هكذا يُفرض التغيير؟
بيان صادر عن إتحاد الشباب الديمقراطي اللبنانيحول الإعتداء على المعتصمين أمام مصرف لبنان
يستنكر إتحاد الشباب الديمقراطي السلوك المشين لعناصر قوى الأمن الداخلي خلال التظاهرة التي نظمتها مجموعة من المنظمات الشبابية ضمن سياق التحرك العالمي المناهض للرأسمالية، حيث أعتدت هذه العناصر على المعتصمين بأبشع أساليب شملت تكسير الأضلع والسحل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق على مناطق حساسة من الجسد، وضرب الذين يتم اعتقالهم والتعرض للصحافيين والمصورين وتكسير كاميراتهم وتلقيم الأسلحة في وجوههم، كذلك عبر السباب والشتائم التي تدل على هوية المدرسة التي خرجت هذه العناصر (خاصة عناصر الفهود وآمر مجموعتهم) والتي تظهر بوضوح أن ماكينة القمع في لبنان لا تختلف عن نظيراتها في البلدان العربية، والتي أثبتت فشلها على كل حال، وقد جاء ذلك كله من أجل فتح الطريق لمرور نائب رئيس الحكومة سمير مقبل، وكأنه على العناصر الأمنية بدل أن تؤمن الطريق لحماية المتظاهرين للتعبير عن رأيهم بحرية قامت بقمعهم من أجل إثبات ولائها لأرباب السلطة.
يثبت النظام الحاكم في لبنان مرة جديدة مدى إرتهانة لمنظومة الفساد والمصارف والمرابين وكبار المحتكرين والهيئات الاقتصادية الحاكمة الفعلية لهذا البلد، وأنه غير مبالي للوضع الإقتصادي الصعب الذي يعيش في ظله أكثرية الشعب اللبناني، هذا الإرتهان الذي تجلى بوضوح في إسلوب القمع غير المتوازن بسبب تعرض مصالح هذه الطغمة الحاكمة للخطر، سيدفعنا إلى مزيد من النضال من أجل إسقاطه في الشارع عبر المشاركة في جميع التحركات التي أعلنتها هيئة التنسيق النقابية دفاعاً عن حقوق العمال والطبقات الشعبية ورفضاً لسياسة التجويع التي تمارسها هذه السلطة المتحالفة التي تمظهرت أخيراً في القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء. بالإضافة إلى استمرار التحركات ضد مراكز القرار النقدي في لبنان في مواعيد سنعلن عنها لاحقاً.
إحتجاجنا على هذه السياسات المالية المتبعة يأتي من حرصنا كشباب على وقف النزيف الذي ترعاه هذه الطغمة الحاكمة التي تؤدي ممارساتها إلى تهجير الشباب والإفتخار بحجم التحويلات المالية التي لا تعتبر بأي شكلٍ من الأشكال قطاعاً إقتصادياً حقيقياً كالصناعة والزراعة الذين لا يجدان داعماً لهما في ظل اقتصادنا الريعي، ودفاعاً عن حقنا في العيش الكريم ومنعاً لإجهاض مشروع التغطية الصحية الشاملة وإعادة هيكلة البنية الضريبية وتصحيح الأجور و إقرار مبدأ الأجر الإجتماعي (النقل العام – التعليم العام...) الذي تحالفت هذه الطبقة الحاكمة لإجهاضه مؤخراً.
أخيراً نضع برسم مجلس النواب ووزير الداخلية السلوك المشبوه لعناصره المفرط بالعنف ورفض الإنصياع لأوامر الضباط والإصرار على ضرب المتظاهرين بشكلٍ وحشي، حيث لاحقوهم إلى مداخل الأبنية وقاموا باعتقال 8 أشخاص، وجرح أكثر من 10 أشخاص بعضهم في حالة حرجة، بالإضافة إلى ممارساتهم بحق الإعلاميين التي تستدعي موقفاً حازماً من نقابة الصحافة.
10/12/2011
إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
فداء عيتانيمسكين شربل نحاس، وزير العمل الذي يعتقد بأن في إمكانه تعديل النظام الاقتصادي، ولو قليلاً. يقاتل بمفرده، نيابة عن البلاد، ويحاول المستحيل لتحقيق وضع أفضل، ولو بقليل، لأصحاب العمل والموظفين والمنتجين في هذه البلاد. ولكن عبثاً، فهو كمن يصارع الموج والماء يغمره من كل الجهات. فالبلاد نائمة، والناس في سكرة ارتفاع الأسعار والكلام المباح الذي لا يغيّر من أحوالهم شيئاً. حتى كهرباؤهم تُقطع عنهم وهم لا يتحركون.
مسكين شربل نحّاس لأنه فكر في لحظة في أن يكون وزيراً في هذه البلاد، حيث «كل عنزة معلقة بكرعوبها»، وكل طائفة بشيخها وكاهنها، وتنتخب كل أربعة أعوام أمير حربها الذي عادة ما يكون قد قتل من أبناء طائفته أكثر من الآخرين، وتنتخب أيضاً وليّ نعمتها، وكأنه لا حقوق طبيعية للبشر في العمل والصحة والزواج والإنجاب والتعلم، بل كله يحصل بفضل المكارم الملكية والأميرية، كأننا في بلاد النفط المبارك.خسرنا جميعاً، كمواطنين، مرة أخرى أمام أصحاب المال، وليس أصحاب العمل. من هزم مصالح اللبنانيين بأغلبهم هم أصحاب الأعمال العقارية الكبرى والمصارف ومن يعيشون على هامش الإنتاج، وأولئك الذين ينهبون الدولة وصناديقها التي أصبحت شبه مفلسة. والمصيبة أنه ليس في لبنان تنظيمات نقابية، ولا أحزاب يسارية حية، ولا جمهور يمكنه أن يتوحد للحظة خلف مصالحه المباشرة. كل ما تبقى بعض هيئات التنسيق النقابية، وشتات من يساريين هنا وهناك، وإلا لما تجرّأ أحد على تهريب مشروع تصحيح الأجور بالأسلوب الذي حصل به، ويبقى أن لدينا مسكيناً واحداً كشربل نحاس، وزيراً للعمل، يفاوض لمصلحة الناس والعمال والقليل من التطور الاقتصادي في مقابل غول التضخم الذي التهم الزودة قبل أن تقرّ في تشرين الأول، وقبل أن يُتراجع عنها، وكأنه لا حكومة ولا أجهزة رقابة ولا تدابير إدارية ولا محاسبة قضائية ولا آلهة تحاسب، وكأنه ليس في البلاد إلا أغنام وسلّاخو فراء يضربون في أغنامهم كما يروقهم.يحاول اليوم عباقرة الاقتصاد إقناعنا بمقارنة بين مشروع شربل نحاس من جهة والمشروع المقرّ لتصحيح الأجور من جهة ثانية، وبأن الناس خسروا من تعطيل المشروع الأول لتصحيح الأجور الذي اعترض المجلس الدستوري عليه أكثر ممّا ربحوا من المشروع الحالي. هؤلاء أنفسهم، خصوصاً من كان منهم وزير، أينما يحلّون تسود رائحة الفساد الكريهة، والتعيّش من لحم الأجراء والعمال والصفقات المريبة.وفي الواقع، فإن ما قُدّم عبر مجلس الوزراء لا يعدّ أكثر من مكرمة ملكية، على طريقة بلاطات النفط، حيث قرر مجلس الوزراء إعطاء الأجراء (المسجلين في الضمان الاجتماعي فقط) زودة وقيمتها لا تتعدى 275 ألف ليرة، لأعلى الرواتب، ولا تتجاوز 200 ألف ليرة للرواتب الأدنى.أما مشروع نحاس الذي أضاع وقته في البحث، وهدر وقت موظفي الدولة في إعداد التقارير، فهو يلحظ أن 29% فقط من الموظفين والعاملين في لبنان يشملهم الضمان الاجتماعي، وبالتالي فإن 70 في المئة من القوى العاملة لن تستفيد من زودة الأجور، بل ستدفع ثمنها، وافترض أن المطلوب إحداث تغيير في بنية الاقتصاد اللبناني، عبر تخفيف العبء عن المؤسسات التي تدفع اشتراكات موظفيها، ورفع القيمة الشرائية للمواطن عبر إعفائه من كلفة الطبابة بمشروع التغطية الصحية الشاملة من ناحية، وإعفاء المؤسسات من اشتراكاتها في الضمان الاجتماعي لتشجيعها على التوظيف والاستثمار.وافترض المسكين شربل نحاس أن هناك قطاعات غير منتجة في الاقتصاد اللبناني تجني عشرات الملايين من الدولارات من دون أن تضطر إلى دفع أي شيء للدولة اللبنانية، والتي يجب أن تلتزم بتغطية المواطنين في الضمان الاجتماعي وتمويل خفض أكلاف المعيشة. والفئات غير المنتجة هذه في بلادنا، كما يعلم الجميع، تعيش في جنة ضريبية موروثة، ليس فقط من نظام «الطغمة المالية» (والشهيرة بأنها الأب والأم للحرب الأهلية في لبنان، مع الاعتذار عن استخدام تعابير بائدة) بل أيضاً الجنة الضريبية التي كانت حلم رفيق الحريري، فبزّه فيها أخصامه من حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله وبعض التيار الوطني.الفئات غير المنتجة من تجار العقارات وأصحاب المخالفات والمصارف والمضاربين، حافظت على أرباحها والحمد لله. التضخم سيزداد في الأيام المقبلة، المكرمة الحكومية ستذهب في تمويل حرق البنزين في ازدحام السير والتنقل بين المناطق في بلادنا الشاسعة التي لا يمكن إنشاء خطوط نقل عام لشدة اتساعها وترامي أطرافها .مرة أخرى يربح حراس الهيكل المعركة، وكان المسكين شربل يعتقد بأنه يمكنه أن يزيح صخرة من هذا الهيكل ليؤمن حياة أفضل بقليل للبنانيين ....خسئ اللبنانيون جميعاً، وعاش الاقتصاد الحر.
«تقرير نحاس عن الأجور: نحو دولة تحمي مواطنيها لا حرامييها» المنشور في جريدة «الأخبار» العدد ١٥٣٩ الاثنين ١٧ تشرين الأول ٢٠١١.http://www.al-akhbar.com/node/23765
ثماني دقائق من الظهور العلني للأمين العام لحزب الله شغلت لبنان وإسرائيل؛ فبعد تحرير الأسرى في عام 2008، لم يظهر نصر الله أمام الجمهور الذي خرج عن طوره، عاطفياً، أول من أمس. الإجراءات الأمنية التي اتخذها حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت طوال الليلة السابقة لمسيرة العاشر من محرم كانت أقل من المعتاد، وهو ما لم يوحِ بأي شيء استثنائي في المسيرة. لكن نصر الله فاجأ الجميع بظهوره. تحدّث عن المتاح له من الوقت؛ إذ إن مقربين من حزب الله يؤكدون أن الأجهزة الأمنية في المقاومة لا تنصح أبداً بظهور نصر الله علناً، تحاشياً لمنح العدو فرصة معرفة سبل تحركاته، وتالياً، تنفيذ اعتداء عليه. وتشير المصادر ذاتها إلى أن «القطعات الجهادية الخاصة» في المقاومة كانت مستنفرة طوال وقت المهرجان، تحسباً لأي «فعل حماقة إسرائيلي».في لبنان، كان رد فعل قوى 14 آذار على إطلالة نصر الله كالمعتاد. تحدثت بعض شخصيات المعارضة عن «شعور نصر الله بالارتباك نتيجة ما يجري في سوريا فأراد تعبئة جمهوره». أما في إسرائيل، فقد كذّبت التغطية الإعلامية ما قاله الناطق باسم الخارجية، إيغال بالمور، لصحيفة نيويورك تايمز، بأن «إسرائيل لم تُعر أي اهتمام» لإطلالة الأمين العام لحزب الله. لكن وسائل الإعلام العبرية كانت حريصة جداً على محاولة التخفيف من وقع ما جرى على الجمهور الإسرائيلي، وخاصة أن قيادة الاحتلال كانت تتباهى بأنها أجبرت نصر الله على التواري منذ الحرب على لبنان عام 2006.وإطلالة نصر الله، حظيت بتغطية لافتة لدى قنوات التلفزة الرئيسية الثلاث: الأولى والثانية والعاشرة، سواء في مواجز الأخبار أو في النشرات الإخبارية الرئيسية. وتحلّق عدد من المراسلين والمعلقين لإعطاء كل تفسير وتحليل ممكن، يتماشى مع تخفيف وطأة الظهور المباشر.القناة الأولى الإسرائيلية، التي بثت الإطلالة، وحرصت على ترجمة كل ما ورد فيها، حاولت إيهام المشاهدين الإسرائيليين بأن الكلمة التي ألقاها نصر الله عبر الشاشة، مسجلة مسبقاً، وهو ما أكدته أيضاً القناة العاشرة. وقال مراسلها للشؤون العربية إن «إطلالة نصر الله تزعجنا؛ لأنه لا يحس بالخطر، والسؤال الذي يجب طرحه هو: لماذا لا تجري تصفية هذا الرجل؟»، سائلاً عن «القناص الإسرائيلي»، الذي لم يضغط على الزناد!القناة الإسرائيلية الثانية، ركزت على النبرة التهديدية الواردة في كلام نصر الله تجاه إسرائيل، وردتها إلى الواقع المتأزم في سوريا؛ «إذ حاول أن يقول إن حزب الله لا يخشى سقوط الأسد».صحيفة «هآرتس» ركّزت على ما تضمنته كلمته من تأكيد أنّ حزب الله مستعدّ لمواجهة إسرائيل، وأنه يزداد عدداً وتسليحاً يوماً بعد آخر. من جهتها، أفردت صحيفة يديعوت أحرونوت حيّزاً واسعاً من تغطيتها لإطلالة نصر الله، متحدثة بدورها عن «أنه أطلّ على الجماهير بعد مغادرته الساحة، من خلال كلمة مسجّلة».(الأخبار)
جان عزيز
خطير جداً كلام وزير السياحة فادي عبود، ولو في معرض التساؤل الاستنكاري، عما إذا كانت «الامور قد أصبحت وكأن باب الجنة والصلاة والصوم لدى البعض هو بتعذيبنا». خطورة الكلام أنه يستند أولاً الى وقائع وحيثيات يومية. وخطورته ثانياً أنه يشير الى أزمة ثقة على صعيد العلاقات بين أطراف ائتلاف حكومي واحد. لكن خطورته الأهم أن هذا الكلام لا يشي بحسابات مرتبطة بتصرفات أشخاص في الحكم وحسب، بل أيضاً وقبلاً وأصلاً، بتصورات متناقضة لجماعات حيال النظام، تكاد تكون غير قابلة للتعايش معاً ومعه.في الوقائع، أولاً باتت معروفة سلسلة شكاوى وزراء «التغيير والإصلاح»، على مستوى نهج العمل. بعض الأمثلة معبِّر: اعترض شربل نحاس على الصرف خلافاً للقانون على طريقة الحكومات السنيورية، فوضع مشروع قانون الـ8900 مليار. فجأة رفع السنيورة نفسه صوته في البرلمان، فتراجع ميقاتي وفرط أكثرية الحكومة حيال مشروعها وسحبه. في الكهرباء، خاض جبران باسيل معركة شرسة للحصول على بداية مشروعه، فانتهت المسألة الى «مقبرة» مديرية المناقصات، حيث بضعة موظفين من عصور سحيقة، لمتابعة آلاف الملفات، مما يكفي لدفن أي مشروع جدي. في السياحة، بات على الوزير الاستجداء والاستعطاء والشحادة الفعلية، ليقبل السلطان سهيل بوجي باشا الأعظم، بمبدأ البحث في المنَّة الشاهانية، من دون مواعيد ولا آجال. التعيينات يواجهها أهل السرايا بالقول: لم يرفعوا إلينا ثلاثة أسماء بحسب الآلية. ما يجعل الرابية تنتفض ثائرة سائلة: ما هذه المزحة السمجة؟ من من الصحف لم يعلن أسماء كل التعيينات التي أقرتها حكومة ميقاتي، قبل إصدارها حتى؟ ولا نسمي أو نعطي أمثلة، لكن هل ثمة من فوجئ أو بوغت باسم اختير داخل الجلسة من بين ثلاثة مرشحين؟؟الوقائع نفسها تقود الى ما خلفها، وتحديداً الى مستوى العلاقة بين الأشخاص، أو الاتهامات المتبادلة بين «الحليفين الخصمين»:ففي أوساط الرابية ثمة انطباع عمره من عمر تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة قبل نحو 11 شهراً. يقال: منذ اللحظة الأولى لتكليفه، اتخذ ميقاتي قراراً بضرورة خلق خصم له داخل الائتلاف الحكومي، ليرسمل على خصومته في الوسط السني، حيث يعاني من العقدة الحريرية النازعة لشرعيته. ومنذ اللحظة الأولى أجرى عرضاً للاحتمالات المتاحة أمامه: هل أخاصم سوريا لأكسب السنة؟ علواه!!! لكن مستحيل، أقصى الممكن في هذا المجال هو القول أنني لم أتصل بالرئيس الأسد منذ أشهر طويلة. هل أخاصم حزب الله؟ ليت الأمر ممكن. لكن أهل الضاحية لا يطيقون المزاح في القضايا الجدية... هكذا يعتقد أهل الرابية أنه منذ أيام تكليفه الأولى، اختار ميقاتي أن يخاصم ميشال عون ليربح سنياً. جسمه لبيس، وخصومته سهلة ومربحة ومستدامة، تكفيها أيام الثلاثاء لتتجدد من دون عناء أو جهد...الاتهام نفسه يبدو مقلوباً من الطرف الآخر: المشكلة أن عون قرر مخاصمتنا. هو في حال ضيق وتبرم شعبياً وتحالفاً داخلياً، ورهاناً خارجياً. ووسط هذه الحال لا مشجب لديه ليعلق عليه مشاكله إلا رئاسة الحكومة: فرنجية حليفه يصوت ضده في موضوع سوكلين، فيسكت. وزير الطاشناق يصوت ضده في التعيينات القضائية، ويعطي تراخيص لشخص شتمه على الشاشات... ويسكت. نبيه بري يفعل به يومياً ما لا يفعله الأعداء، فلا يذكر اسمه. حزب الله يحرجه عبر ممارساته وبيئته وناسه، فيزايد عليه في معركة المحكمة... هكذا لا يبقى له إلا السرايا للمخاصمة... فأمرنا لله.لكن ماذا لو كان خلف المسألة إشكالية أعمق، تلك المرتبطة بحسابات الجماعات حيال النظام؟ في أوساط الرابية لا يخفون البوح عن «كَسرة» عمرها 20 عاماً، اسمها الانقلاب على جوهر الطائف. ثمة من كرس أن رئيس الحكومة هو رأس السلطة الإجرائية، وأنه نظير رئيس الجمهورية في الدستور الأول، وأن الوزراء لا شركاء بل شبه أجراء... إنه انقلاب الترويكا السورية - الشهابي خدام كنعان - لصالح الحريري على جوهر الطائف، لا يزال سارياً ونافذاً وصار «خصلة»، ونحن نعاني لأننا نرفضه ونحاول إعادة الأمور الى الطائف الأصيل...ولا يتأخر الاتهام المقابل: ميشال عون يمثل جوهر الجمهورية الأولى، جمهورية الحاكم الماروني غير المسؤول، وحلم النظام الرئاسي غير المعلن، ووهم العودة إليه بالممارسة، وبالانقلاب على «مكتسبات» الطائف...من يقدر على التوفيق بين كل تلك لتقطيع المرحلة؟ سنة 2000، عندما عاد رفيق الحريري الى الحكومة، قيل إن غازي كنعان تولى صياغة معادلة العودة: أقنع كنعان الحريري بأن إميل لحود ليس الياس الهراوي، ليتعامل معه على طريقة أبو جورج. ثم أقنع لحود بأن الحريري ليس سليم الحص، ليحكم من خلفه بواسطة ضباط الوزارات... مطلوب معادلة مماثلة اليوم، لكن بلا غازي ولا غزاة ولا أحلام غزوات.