Hiba Awar

Hiba Awar

هذا المساء، نحن على موعدٍ مع مثلث صمودٍ فنيّ يجمع بين ضهور الشوير (المتن الأعلى) وأنطلياس (ساحل المتن) وزبدين (جبيل) بقيادة الرحّالة سامي حوّاط على رأس فرقة موسيقية تتألف من أحمد الخطيب (إيقاعات)، رمزي بو كامل (كيبورد)، رائد بو كامل (فلوت وكلارينت)، فؤاد بو كامل (باص)، طوني بو جدعون (كمان)، هلا غريب وجوليا ساموتي (كورال).

كيف اجتمعت هذه القرى اللبنانية الثلاث في هذا المشروع؟ يبدأ الجواب من مكانٍ رابع هو شارع المكحول (الحمرا/ بيروت). منذ أكثر من سنتين، ترك الفنان الملتزم بيته في الشارع البيروتي الجميل، عائداً إلى كوخٍ في قريته النائية التي هجرها في الحرب الأهلية. هناك، في زبدين الهادئة والموحشة، بنى الفنان الخمسينيّ «مسرح سامي حوّاط الريفي» وافتتحه مطلع الخريف بأمسية شاملة شارك فيها عددٌ من الفنانين، من بينهم منير كسرواني الذي قدّم عرضاً مسرحياً ومرسيل خليفة الذي شارك غناءً، وشوقي بزيع الذي ألقى مقتطفات من شعره.هذا المساء، بدعوةٍ من بلدية ضهور الشوير، يقدّم حوّاط أمسية وحيدة في قاعة «الأخوين رحباني» في «كنيسة مار الياس» في أنطلياس، يعود ريعها إلى المسرح المذكور. النشاطات معلّقة في الوقت الحاضر في زبدين، لكن الدعم المادي سيتيح لسامي استكمال المشروع واستهلال العمل بعد انقضاء الشتاء.لا جديد على برنامج أمسية الليلة كما علمنا من سامي الذي سيقدّم أغنياته المعروفة التي تقلقنا دوماً لأنها لا تزال راهنة (مع الأسف)، رغم مرور كل هذه السنوات، مثل «لا تسألني عن ديني»، و«الرأي العام»، و«أحد الإخوان» و«نشيد التعب» ... سامي وغيره من الفنانين اليساريين الملتزمين، قضوا سنوات يطرحون المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اللبنانية، ويعالجونها بطريقة جديّة أو ساخرة في أغانيهم، علّ المتلقّي يدرك مثلاً خطر الطائفية، أو ضرورة العدالة الاجتماعية. ورغم كل ما حدث، فسامي حوّاط هو النفس الطويل، وهذا ما دفعه مجدّداً إلى حزم أمتعته والتفتيش عن شقة صغيرة في بيروت في شارع المكحول تحديداً، إذ لا مجال للعمل خلال فصل الشتاء في المسرح الريفي، والحراك في «الوقت البدل من الضائع» قد لا يكون أقل أهمية في تحقيق الهدف.

بدل النقل قائم وموعد تصحيح الأجور متروك لاتفاق الطرفينالكل ضائع. هل ستدفع المؤسسات بدل النقل لموظفيها هذا الشهر؟ هل ستطبق «الزودة» في كانون الثاني أو شباط؟ سؤالان يشغلان العمال وأصحاب العمل في آن. ممثلو الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام ومجلس شورى الدولة، كلهم رأوا أن بدل النقل يجب أن يبقى سارياً، أما عن موعد التصحيح فهو مرتبط بمدى التزام الهيئات الاقتصادية بالاتفاق الرضائي والتصريحات التي أعقبته بدفع «الزودة» بدءاً من كانون الأول.

رشا أبو زكي

وصلنا الى نهاية الشهر. من المفترض أن يتقاضى الموظفون والعمال رواتبهم اليوم أو غداً. أسئلة عديدة لا تزال بلا أجوبة واضحة: «الزودة» هذا الشهر أو في نهاية شهر شباط؟ كيف سيتم احتساب الحد الأدنى للأجور بالنسبة إلى عامل يتقاضاه منذ سنتين مثلاً، وعاملٍ دخل حديثاً الى ملاك المؤسسة؟ والسؤال الأهم: ما مصير بدل النقل؟ هل سيتقاضاه العمال أم أنه مرهون بصدور القانون الذي يعدّه وزير العمل شربل نحاس؟ حالة التخبط التي خلّفها مسلسل الأخذ والرد بين الحكومة ومجلس شورى الدولة طوال الأشهر الثلاثة الماضية أرخت بظلالها الضبابية على كل من العمال والمؤسسات... ماذا يقول المعنيون بهذا الملف؟يشير المرسوم المنشور في الجريدة الرسمية الى أنه «اعتباراً من 1/2/2012، يعين الحد الأدنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ ستمئة وخمسة وسبعين ألف ليرة لبنانية ويعين الحد الأدنى الرسمي للأجر اليومي بمبلغ ثلاثين ألف ليرة لبنانية وفقاً لأحكام المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 36/67 الصادر بتاريخ 16/5/1967». إلا أن وزير العمل شربل نحاس له رأي آخر. يلفت الأخير الى أنه «حاولنا أن يطبق المرسوم من تاريخ نشره في 26 أو 27 لأنه لا يمكن أن يكون للمرسوم مفعول رجعي، إلا أن تضمين المرسوم عبارة «يطبق من تاريخ نشره» كان ليحدث بلبلة وإشكالات». وبذلك ونتيجة النقاشات، تم وضع عبارة أنه يطبق في 1 شباط 2012. يتابع نحاس «لكن الاتفاق الرضائي بين الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية تم توقيعه قبل نهاية العام الماضي، وهو يحدد مبلغ 675 ألف ليرة للحد الأدنى، وبالتالي من المفترض على أصحاب المؤسسات الالتزام بالاتفاق الرضائي هذا، وعدم لحس تواقيعهم». ويلفت من جهة أخرى الى أن الوافدين الجدد الى سوق العمل يحدد الحد الأدنى لهم بمبلع 675 ألف ليرة، وهذا المبلغ ينطبق كذلك على الموظفين الذين دخلوا الى ملاك المؤسسات قبل صدور المرسوم والذين يتقاضون الحد الأدنى، وبالتالي لا يمكن التفريق بين موظف جديد وقديم في موضوع الحد الأدنى للأجور». وفي حين أن رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير أعلن سابقاً أن الهيئات الاقتصادية ستطبق زيادة الأجور بدءاً من شهر كانون الأول، إلا أن رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس أكد في هذا السياق أن مرسوم الأجور يطبق في مطلع شباط، وبالتالي لن تكون هناك زيادة أجور على رواتب كانون الثاني.ويلفت رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر بدوره الى أنه بحسب المرسوم الذي صدر في الجريدة الرسمية يعتبر نافذاً من مطلع شباط، وبالتالي يصبح سارياً في مطلع الشهر، وذلك يعني أن المؤسسات التي تصرف رواتب الموظفين في منتصف الشهر ملزمة بدفع نصف قيمة الزيادة للموظفين، على أن تحتسب الزيادة كاملة بدءاً من الشهر اللاحق. معتبراً أن دفع الزيادة في كانون الثاني مرتبط بالتفاوض الذي يحصل عادة بين الموظفين وأصحاب العمل.الى بدل النقل ... أقر مجلس الوزراء مرسوم تصحيح الأجور، الذي جاء كنسخة مقوننة من الاتفاق الرضائي بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية. هذا الاتفاق يوضح نقطة أساسية تتعلق ببدل النقل، إذ التزم ممثلو أصحاب العمل بالاستمرار بدفع 8 آلاف ليرة على كل يوم عمل، على الرغم من موقفهم الرافض للمراسيم الصادرة عن الحكومات المتعاقبة منذ عام 1995 لتحديد قيمة بدل النقل من دون تفويض من البرلمان. ويذهب رئيس جمعية تجار بيروت أبعد من الاتفاق الرضائي، إذ يعلن عن وجود مرسوم يغطي بدل النقل حتى الأول من آذار، معلناً التزام الهيئات الاقتصادية بدفع هذا البدل الى حين صدور القانون الذي يقوم بإعداده وزير العمل. ويوضح شماس أن مرسوم بدل النقل يتم تجديده منذ عام 1995، والتجديد الأخير يعتبر ساري المفعول حتى 5 آذار 2012، ما يمكن اعتباره مسوغاً قانونياً لكي يدفع أصحاب العمل بدلات النقل ضمن المنظومة القديمة التي لا تعتبر ملحقات الأجر جزءاً من الأجر.ويشرح شماس أن مجلس شورى الدولة لم يبطل مرسوم بدل النقل، وإنما أصدر تقارير عن المراسيم المتعلقة بملحقات الأجر. لا مشكلة في دفع بدلات النقل للعمال، يقول شماس، إلا أن الأساس هو إيجاد مخرج قانوني لتشريع دفع بدل النقل بعد 5 آذار المقبل. الخيارات بالنسبة إلى الهيئات الاقتصادية معروفة: أن يرسل مجلس الوزراء مشروع قانون الى مجلس النواب يتضمن السماح للحكومة بالتدخل بتحديد ملحقات الأجر، وهو ما يقوم بإعداده وزير العمل، أو التوجه الى مجلس النواب لمطالبته بمبادرة برلمانية عبر اقتراح قانون يتعلق ببدل النقل.ويقول وزير العمل إنه لا وجود لما يسمى بدل النقل قانوناً، ويشرح أن قيادة الاتحاد العمالي العام و«ما يسمّى» ممثلو أصحاب العمل وقّعوا على اتفاق تعهّدوا ضمنه بدفع 8 آلاف ليرة عن كل يوم عمل «وإذا كان لديهم صدقية وصفة تمثيلية فيجب عليهم الدفع»، لافتاً الى أنه يقوم بإعداد مشروع قانون لعرضه على مجلس الوزراء لتنظيم الخدمات التي تؤدّيها المؤسسات للعاملين لديها، على أن ينتهي التحضير خلال أسبوع أو 10 أيام كحد أقصى «وسنعلن عن تفاصيل مشروع القانون في حينه».أما رئيس الاتحاد العمالي العام، غسان غصن، فيشدد على أن بدل النقل هو حق مكتسب للعامل، والمؤسسات ملزمة بتطبيق الاتفاق الرضائي بين الاتحاد والهيئات الاقتصادية، والاعتراف بالحق المكتسب للعمال ببدلات النقل بحيث لا يحق لأي مؤسسة المسّ به.ويحاول رئيس مجلس شورى الدولة توضيح موضوع بدل النقل، إذ «وفق القانون لا يحق للحكومة تحديد بدل النقل، وبالتالي فإن هذا التدخل يعدّ غير قانوني». ويشرح أن بدل النقل متروك للعلاقة بين الموظفين والإدارات، إلا أنه جرى اتفاق بين أصحاب العمل والاتحاد العمالي العام يحتسب 8 آلاف ليرة كبدل نقل عن كل يوم عمل، ومن المستبعد أن يتراجع أحد طرفي الاتفاق عن موجبات الاتفاق الموقع، وخصوصاً أن التفاوض الذي حصل بين الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية هو فوق المراسيم، وهذا التفاوض أفضى الى اتفاق من المفترض أن يكون ملزماً للطرفين.

1000 مليار ليرة

هي كلفة الزيادة على أجور موظفي القطاع العام، التي ستدفعها الدولة في موازنة العام 2012، وذلك بحسب تقديرات رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير المال محمد الصفدي

الزيادة في القطاع العام

لا يزال موظفو القطاع العام في انتظار إعداد وزارة المال مشروع قانون خاص يقرّ لهم الزيادة، على أن تتبع هذه الخطوة إحالة مشروع القانون الى مجلس النواب، إذ إن المرسوم الأخير يطبّق حصراً على الخاضعين لقانون العمل، باستثناء تحديد الحد الأدنى للأجور بقيمة 675 ألف ليرة. ويشرح رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي، حنا غريب، أن من المفترض أن يتضمن القانون نسب الزيادة الموجودة في المرسوم، إلا أن رواتب الأساتذة والمعلمين مؤلفة من عمودين مترابطين، وهما: أساس الرواتب والدرجات، وبالتالي فإن زيادة الراتب تلحقها زيادة في درجات الموظفين.

العدد ١٦٢٢ الاثنين ٣٠ كانون الثاني ٢٠١٢

بيان اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق

تمر في هذه الأيام ذكرى انتفاضة الشعب العراقي " وثبة كانون" والتي كان لها  دور مهم في الحركة السياسية العراقية، فبعدما غادر رئيس حكومة النظام الملكي "صالح جبر"  إلى لندن لاستبدال معاهدة 1936 بمعاهدة أخرى تلائم الوضع الدولي وتقوي الاستعمار البريطاني في السيطرة على ثروات الشعب الذي عبر بمختلف وسائل النضال المشروعة عن رفضه للمعاهدة  وكان يطمح بإلغائها لا استبدالها كخطوة متقدمة في الطريق نحو تحقيق السيادة الوطنية والاستقلال التام. وتحدياً لإرادة الشعب واستهانة بتضحياته وحقوقه الوطنية أبرمت الحكومة معاهدة "بورتسموث" وهي الأكثر جوراً من سابقاتها ،وسرعان ما أعلن  طلاب الكليات والمعاهد العالية الإضراب العام ، ونتيجة لذلك غصت شوارع بغداد وساحاتها وفي بعض المحافظات بمظاهرات جماهيرية صاخبة رغم استخدام الحكومة أقسى أساليب القمع والإرهاب وتضليل الرأي العام وحملات المداهمة والاعتقال ونددت الأحزاب الوطنية ببيانات طالبت فيها الحكومة  بالاستقالة ورفض المعاهدة.

تلك المظاهرات التي قادها الطلبة والشبيبة بروح ثورية امتدت لأيام عديدة سقط خلالها العديد من الشهداء والجرحى تتقدمهم فتاة الجسر وجعفر الجواهري شقيق الشاعر الكبير محمد مهدي  الجواهري، وبالرغم من البطش والترهيب تحدّت الجماهير الشعبية الحكومة بعد إصدارها بياناً في ليلة 26 / 27 كانون الثاني تحذر الجماهير فيه من التظاهر واجتاحت شوارع بغداد وسائر المدن الأخرى مظاهرات هادرة، نجحت بأسقاط المعاهدة والحكومة ولكن لم تستطع الوثبة من  حسم الصراع مع السلطة الموالية للمحتلين البريطانيين، حيث لم تحقق كامل أهدافها لكنها كانت ملحمة تاريخية باسلة وصفحة ناصعة البياض في سجل نضال مشرف للعراقيين لقنوا فيها النظام الملكي ـ الإقطاعي درساً بليغاً عرته كنظام رجعي مستبد سخر نفسه لرعاية مصالح الاستعمار في البلاد.

هذه الوثبة المجيدة يعاد تاريخها اليوم بعد ان أصرت الجماهير العراقية والقوى الوطنية والديمقراطية على التنفيذ الكامل لبنود الاتفاقية العراقية – الأمريكية وبالتالي تحقق الجلاء الكامل للقوات الأجنبية المحتلة وبهذا ينتقل العراق الى مرحلة أخرى من مراحل التحول الديمقراطي بعد سقوط الطاغية في نيسان 2003..

إننا في الوقت الذي نبارك فيه لشعبنا ذكرى وثبتهم ويوم الجلاء نؤكد دعمنا للدعوات التي تروم الى عقد مؤتمر وطني يشترك فيه كل المساهمين في العملية السياسية لترسيخ قيم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان، كما نؤكد على أهمية مساهمة كل أبناء الشعب في بناء العراق الجديد ونطالب في ذات الوقت الاهتمام بقضايا الطلبة وتمكينهم من اخذ زمام الامور عبر:

•        تحسين مستوى التعليم واجراء اصلاح شامل في المناهج الدراسية بما يتلائم مع روح العصر ومتطلبات التنمية الوطنية والتطور التكنولوجي واضفاء الطابع الانساني عليها.

•        توفير الظروف الملائمة لرفع مستوى الطلبة علميا وثقافيا وتنمية قابلياتهم الادبية والفنية والرياضية وتحسين المستوى المعاشي والصحي لهم .

•        تأهيل الجامعات والمعاهد العراقية والمؤسسات التعليمية وبناء الاقسام الداخلية وتوفير جو ملائم وبيئة مناسبة للطلبة الساكنين فيها .

•        الكف عن كبت الحريات العامة والخاصة واتباع الوسائل التي تقوم شخصية الطالب وترفع من مكانته وتؤهله ليصبح عنصرا فعالا في المجتمع.

•        تضمين مناهج التاريخ والتربية الوطنية بالمآثر البطولية  كوثبة كانون وثورة الرابع عشر من تموز وغيرها.

لنوحد الصفوف..  لنهزم الإرهابيين أعداء الحياة والديمقراطية

عاش الشعب العراقي ... عاشت القوى الوطنية العراقية

المجد والخلود لشهداء العراق

اللجنة التنفيذية

اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق

بغداد – كانون الثاني 2012

شهدت أشغال المنتدى العالمي للاقتصاد في طبعته الـ42، والتي افتتحت ليلة أول من أمس في منتجع دافوس السويسري، تجاذباً سياسياً قوياً بين بريطانيا وألمانيا وفرنسا حول الضريبة على المعاملات المالية العالمية لخضر فراط

دافوس | في سياق أعمال المنتدى العالمي الاقتصادي المنعقد في دافوس، والذي يُخصص هذه السنة للبحث في إيجاد نظام اقتصادي بديل للنظام الرأسمالي في شكله الحالي، انتقد رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، مقترح ألمانيا وفرنسا المتعلق بفرض ضريبة على المعاملات المالية العالمية، ورأى أن هذه الضريبة «ستكون كارثية على الاقتصاد الأوروبي، الذي يعاني أصلاً من ضعف في مقدراته التنافسية».وعرض كاميرون مقترحاً بديلاً لتحسين أداء الاقتصاد الأوروبي عبر تقوية تنافسيته. لكن انتقاداته للضريبة على المعاملات المالية اعتُبرت من قبل باقي الدول الأوروبية «ردة فعل أنانية، مردها إلى كون لندن إحدى الأسواق المالية الأهم في العالم».ولم تمض سوى ساعات قليلة من بدء أعمال المنتدى، الذي يحضره هذه السنة 2600 مشارك، حتى عاد السجال الأوروبي إلى الواجهة بين ممثلي 26 بلداً أوروبياً يؤيدون الاندماج الأوروبي الكامل، وبين بريطانيا التي «لا ترى في أوروبا إلا سوقاً اقتصادية لتسويق سلعها».ومن المرتقب أن يحتدم الجدل بخصوص كيفية معالجة أزمة النظام الرأسمالي في الأيام المقبلة، ضمن ما يمكن اعتباره «جولة تسخينية» للجدل الذي سيرافق القمة الأوروبية المرتقبة في 30 كانون الجاري في بروكسل، والتي ستخصص للبحث في سبل إعادة إحياء النمو الاقتصادي في أوروبا.اعتراف منتدى دافوس، الذي يعد تقليدياً قلعة عالم المال العالمي، بضرورة التأسيس لنظام عالمي جديد يكون أكثر عدلاً وإنسانية، يشكل اعترافاً غير مسبوق من النخب اللبيرالية بفشل النظام الرأسمالي في شكله الحالي، والذي تسيطر عليه المضاربة والاقتصاد الافتراضي الذي لا علاقة له بالاقتصاد الفعلي المنتج. فخلال السنوات العشر الماضية تم، مثلاً، بيع وتبادل كميات من النفط في أوساط المضاربة المالية تفوق بمقدار 25 في المئة ما هو متوفر فعلياً في سوق إنتاج النفط. لذا، تعالت أصوات العديد من الخبراء، خلال هذه الدورة من دافوس، للمطالبة بوضع حد لهذا النوع من «اقتصاد المضاربة»، الذي يبيع سلعاً افتراضية لا مقابل لها في «الاقتصاد الواقعي».ويرى الخبراء أن آلية النظام الرأسمالي العالمي الحالي ستكون خطراً على حياة الإنسان، وخاصة عندما ستصل نسبة سكان المعمورة إلى 9 مليارات نسمة في المدى القريب، في حين أن موارد الأرض لا تتوفر فيها إمكانية كافية لتأمين الغذاء للجميع اذا استمر العمل بالأسلوب النيوليبرالي الذي يدار به الاقتصاد العالمي حالياً، والذي لا يُعنى بالإنتاج وتلبية حاجيات الإنسانية بل يغلب على ذلك منطق المضاربة ومراكمة الأرباح.بالإضافة إلى كل هذه التطورات، تأتي إشكالية الطاقة التي يرتعش منها الساسة عند ذكرها، وهي محل مناظرات عديدة لمعرفة هل الطلب الذي سيتزايد على استهلاك الطاقة من الآن الى سنة 2050 ستتم تلبيته من المخزون الطبيعي الحالي؟ الإجابة تحمل العديد من المعطيات الكثير منها موضوع تحت السرية الكاملة.لكن المناقشات التي دارت في اليومين الأولين ما زالت تظهر الكثير من التناقضات. ويوجّه الانتقاد بالدرجة الأولى إلى غياب صارخ لدور السياسيين في قيادة العالم، فكل ما يقوم به السياسيون الحاليون، الذين تنعدم فيهم الكاريزما، هو ترقيعي وآني ويفتقر إلى الرؤية الثاقبة.ما كان مجرد فكرة لدى المناهضين للعولمة أصبح اليوم على جدول أعمال كل السياسيين ورجال المال والأعمال باعترافهم الصريح في منتدى دافوس لهذه السنة بفشل النظام الرأسمالي وبضرورة الإسراع في تعويضه قبل الانهيار الشامل. النقاشات التي دارت في اليومين الماضين لم تخرج عن إطار الأزمة المالية التي أصبحت اقتصادية، وتعاني منها الدول الأوروبية عبر ما يسمى أزمة الديون السيادية.أما البلدان العربية، فحضر الكثير من زعمائها ورموزها، من الامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى إلى أمير قطر حمد بن خليفة، مروراً برئيس وزراء العراق نوري المالكي، وصولاً إلى وفد سعودي مكوّن من 28 عضواً برئاسة الأمير تركي الفيصل، للبحث عن حضور عربي ومشاركة محتملة في إعادة تشكيل النظام العالمي الجديد، ولا سيما بعد «الربيع العربي» الذي تحدّث عنه عدد من الزعماء العرب في مختلف مداخلاتهم ضمن المنتدى، كتجربة حطمت الأنظمة السياسية القديمة التي جعلت من المنافسة والتقرب من الرأسمالية مركز وأساس وجودها. وهمشت شرائح اجتماعية واسعة سلطت عليها الظلم السياسي والغبن الاجتماعي والقمع البوليسي الأمني، فسقط في احتجاج شعبي واسع أطاحها، وهي خير دليل على سقوط النظام الرأسمالي في شكله التابع، فمناقشة تجربة الثورات العربية مهمة في دافوس ويصغى اليها بكل احترام لأن دلائلها هي عنوان المنتدى.

ظنت جمعية «كفى عنف واستغلال» أن رفع شعار «القانون صورتكم» سيحرج نوّاب الأمة لينتجوا قانوناً يرضي طموحها على صعيد حماية النساء من العنف الأسري. هنا محاولة لتعريف الجمعيات على صورة بعض النواب في نظر بعض الإعلاميات غسان سعود

تضم اللجنة المكلفة إعداد قانون يحمي النساء من العنف الأسري كلاً من النواب السادة: سمير الجسر، نبيل نقولا، ميشال الحلو، جيلبيرت زوين، غسان مخيبر، علي عمّار، عماد الحوت، علي عسيران وشانت جنجنيان. لنبدأ من هؤلاء، فقد صودف وجود أحدهم مرة في المصعد مع إحدى الزميلات في قناة تلفزيونية دينية، وبعد امتناع أحد المواطنين عن الانضمام إليهما بسبب ضيق المساحة، توجه إليها سعادته بالقول: «شكله خاف يتهيّج». لم تلتفت الزميلة، فتابع حضرته: «يمكن معه حق، ما هو إنت كتير بتهيجي». عندها سحبت الزميلة نظراته من صدرها إلى عينيها، قائلة: «إنت واحد بلا أخلاق». النائب نفسه كان يساير إحدى الموظفات في المجلس النيابي قبل بضعة أيام، فطمأنها إلى صحته قائلاً إنه دخل المستشفى يومين فقط وغادر. ابتسمت. تابع: «أهم شي يفوت ويطلع... الواحد».

نائب ثانٍ من اللجنة سأل مرةً صحافية في موقع إلكتروني وجريدة عربية عن «ثمن المقابلة»، وعندما اعتذرت منه مبتسمة، سألها إن كانت تقدم «خدمات خاصة». في اللجنة (ما غيرها)، نائب أمضى يومين يحدث كل من التقاه عن «الشورت» الذي كانت ترتديه صحافية قابلته في مكتبه، سائلاً معارفهما المشتركين إن كان قد أخطأ بعدم «مد اليد». الزميلة نفسها اجتذبت نائباً. ورغم تمنّعها، لا يجد «سعادته» رادعاً عن سؤالها إثر كل مكالمة هاتفية إن كان بإمكانه زيارتها ــــ بعد منتصف الليل ــــ في شقتها. ثمة محافظ استقى خلال استقباله صحافية معلومات عن مكان سكنها، ولم يلبث بعد أيام أن فاجأ والدتها حين وصل إلى منزلها وقرع الباب متوقعاً أنها تسكن وحدها، فطلعت في وجهه الأم. «القانون صورتكم » تقول حملة «كفى عنف واستغلال». وكان يجب أن تضيف «الأخلاق».هناك نائب ضرب لصحافية موعداً في مكتبه في المجلس «بعد انتهاء الدوام ليخلو لنا الجو»، وإثر دخولها المكتب أجلسها على الكنبة لا على الكرسي، وقفز ليقفل الباب، ويجلس بقربها (وكاد أن يكون في حضنها). فنهضت منفعلة وفتحت الباب قائلة: «نحن هنا للشغل». فأجابها: «كله شغل، عليّ أن أوطد علاقتي بك قبل إعطائك المقابلة». في مكتب آخر، أصر نائب، ممانع جداً، على الإمساك بفخذ إحدى الزميلات، في ظل خشية غالبية الزميلات من المرور بالقرب من أحد زملائه في الكتلة نفسها لتوجسهن من قرصاته. فهو «يتلذذ بالقرص وقرصته تترك علامة»، تقول إحدى ضحاياه. «القانون صورتكم » تقول حملة «كفى عنف واستغلال». وكان يجب أن تضيف «الحياء».هناك في المجلس النيابي نواب يؤدّون دور كازانوفا. واحد من كتلة المستقبل العكارية. ثانٍ من الكتلة نفسها. ثالث مستقبليّ كوراني. مازح الأخير إحدى الزميلات مرة حين علم أن موعد زواجها قريب قائلاً إن لديه «مكتباً خاصاً للاستشارة والتدريب»، وضرب على صدره مردداً: «أنا بعجبك بها القصص». رابع جبيليّ عونيّ؛ يحرص عند استقباله امرأة «على تزليطها» بعينيه كما كان يقول مرة في مجلس خاص. خامس زغرتاوي، هو زميل الرابع في الكتلة نفسها، أدلى بدلوه في الموضوع نفسه خلال الجلسة الحميمية نفسها، فرأى أن «الرجل الذي تمر أمامه امرأة ولا يطارد مؤخرتها بعينيه، ليس رجلاً». وتروي إحدى الصحافيات أن هذا النائب كان قبل سنوات ضمن وفد سياسي يزور إحدى الدول القريبة، وكانت المرأة الوحيدة على متن الطائرة، فتهامس مع زملائه خمس دقائق ثم اقترب منها بقميص غالبية أزراره مفتوحة، ليسألها عما تنوي فعله برفقتهم، ملامساً ركبتها بركبته. السادس في الفرقة بيروتي قح، قال لأحد الصحافيين المشكوك في هويتهم الجنسية مرة: «إن كنت لا تريدني، فاترك لي المصور أو مسؤول الإضاءة». السابع في الفريق بيروتي أرمني أسدل ستائر مكتبه قبيل وصول الصحافية وخفف الضوء، قائلاً «جهزت الغرفة لتكون أكثر رومانسية». فنصحته بالذهاب عند زوجته وغادرت. ثامن الكازانوفات، من إقليم الخروب. التاسع من صور. والعاشر من بنت جبيل. أما البقاع الغربي، فينافس البقاع الأوسط، لكل منهما «جَغَلان» على الأقل. «القانون صورتكم» تقول حملة «كفى عنف واستغلال». وكان يجب أن تضيف: «ما بتِشبعوا!؟».ثمة نائب توقّف عن الذهاب إلى المجلس النيابي لم يتردد في محاولة تقبيل زميلة لم يكن قد مضى على تعرفه بها خمس دقائق. ثمة نائب استقبل إحدى الزميلات في منزله بـ «روب الحمام»، وحرص عند الجلوس أمامها أن يظهر لها عدم ارتدائه شيئاً تحته. ثمة نائب أخبر صحافية في معرض إجابته عن اسئلتها عن الأوضاع في منطقة الأشرفية أنه يعشق الكعب العالي. وفي مقابلة أخرى مع النائب نفسه سألها إن كان «بيطلعلي بوسة» مقابل المعلومات الخاصة التي تطلبها. مع العلم أن المقابلتين مسجلتان. نائب آخر عرض على إحدى الزميلات أن تكون مستشارته الإعلامية فوافقت، وحين همّا ببحث شروط العمل تبين أن عليها عدم المصاحبة. «تريد حبيبة أم مستشارة إعلامية؟»، سألت الصحافية. فأجابها: «لا حاجة إلى حبيبة في ظل الزوجة، أحتاج إلى خليلة». ثمة نائبان (أحدهما ذُكر سابقاً) لا يفترقان، يحاصران أيّ إعلامية تزورهما بنظرات «تلعّي النفس»، ويتفرج أحدهما على الآخر وهو يحاول إلصاق جسده بجسدها. على هامش زيارة أحد الوزراء عكار أخيراً، مازحت إحدى الصحافيات نائباً عمّا إذا كانت سنّه تمنعه من مرافقتهم، فأجابها إنه لا يزال في عزِّ شبابه، وتابع: «أحسن ما قلك تعي نجرب».يروي إسكندر رياشي في هذا السياق أن «صحافية فرنسية عجوزاً أبدت امتعاضاً من بعض تصرفات الجنرال ساراي، فقال لها: لو رجعت يا سيدتي إلى الوراء ستين سنة، ولو رجعت أنا أربعين سنة، لعرفت كيف أجعلك تقبلين كل ما أريد وأقول».بعيداً عن التحرش، ثمة نواب يتكلون على الـ «إس إمس إس» للتقرب من بعض الزميلات، بينما يتكل أحد الوزراء على الـ «واتس أب»، فيما يواظب الرئيس سعد الحريري على التغزل بإحدى المذيعات عبر الـ«بي بي».لا بدّ أن يقرأ المجتمع المدني بعض إسكندر رياشي. ففي كتابته الصريحة للتاريخ اللبناني يروي أن الحاكم الفرنسي دي مارتل «عركها» مع عشيقته مرة، وانهال عليها بالشتائم، فردت بصوت أعلى من صوته: «غريب كم يجب أن يكون المرء أزعر وقليل الأدب ليكون صاحب فخامة (أو سعادة)».

«الاتجاه المعاكس»

تهافُت بعض السياسيين على بعض الصحافيات يقابله تهافت لبعض الصحافيات على بعض السياسيين، ولا سيما أن الإعجاب المتبادل ـــــ الذي لا يفترض أن يبدأ بتحرش ـــــ أثمر بعض العلاقات الناجحة بين سياسيين وصحافيات.حين يروي أحد نواب عكار عن «عروض» الإعلاميات التي شهدها مكتبه، يثق السامع بأن قدرات بعضهن السينمائية الجنسية أهم بكثير من موهبتهن التلفزيونية أو الكتابية. وحين يقرأ أحد نواب المتن الرسائل التي تصل إلى هاتفه من إحدى الصحافيات في ساعات الصباح الأولى، تستغرب كيف لم تهجره زوجته بعد. فيما تنتبه بعض الصحافيات جيداً إلى «تخفيف» بعض زميلاتهن ثيابهن قبل الدخول لمقابلة بعض السياسيين. وعلى هذه الثياب يعلق الكثير من السياسيين أفعالهم.بطلة الرواية الأحدث على هذا الصعيد إعلامية شابة نجحت في الإيقاع بأحد نواب بيروت، ولم تلبث أن أثارت إعجاب زميله في الكتلة، فبدأ بملاحقتها في الرسائل، إلى أن قررت ملاقاته في نصف الطريق. وهكذا بدأ النائبان صراع الفوز بها أو الحفاظ عليها. وبدآ تراشق الاتهامات وتبادل التهديدات. فما كان من رئيس كتلتهما المفترضة إلا أن استدعى الصحافية ليطلب منها بداية اختيار أحد الاثنين، قبل أن يعرض عليها الابتعاد عن الاثنين وسائر نواب كتلته، مقابل الثمن المناسب. وكانت مفاجأته كبيرة حين اكتشف أنها حصلت من أحد النائبين على كل ما حصّله الأخير من رئيس الكتلة، وحبّة مسك.

يا اطهر الارض بها الوجود

خلقها ربي المعبود

ارض ما الها حدود

ورثناها عن الجدود

بدم الشهداء مزروعة

حبيب لكل حبيب

وبعادي كل معادي

لكل لاجئ و كل غريب

وطن بيشهدله الزمان

وطن بيشهدله التاريخ

اسأل عنو الابطال

اسأل عنو الثوار

اسأل عنو الايام

وطني جنوبو للبنان

ارض الكرامي و للكرامي عنوان

ومقبرة للعملاء

أصحاب العمل يحفرون حفرة بدل النقل ويقعون فيها

يُمكن القول إنّ لمعركة تصحيح الأجور وتحصيل حقوق العمال وجهين الآن: الأوّل هو تحصين الأجور عبر دمج بدل النقل والمنح التعليمية فيها، ويُبدي فيه أصحاب العمل رفضاً شرساً للتصحيح. والوجه الثاني هو نزع صفة التمثيل عن قيادة الاتحاد العمالي العام، وفي إطاره نُظّم تحرك رمزي ضدّ هذه القيادة أمس، هو باكورة التحرّكات بحسب ما توعّد المنظمون

استهجن رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة، محمد شقير، في بيان أمس عدم توقيع وزير العمل شربل نحاس مرسوم تحديد بدل النقل (لأنه يخالف القانون)، مشيراً إلى أنّ «ذلك يخالف الإجماع الوطني على ملف تصحيح الأجور، ويضع عقبات جديدة أمام إنهاء هذا الملف المفتوح منذ نحو أربعة أشهر».وسأل شقير: «لمصلحة من يحرم الوزير نحاس عمال لبنان بدل النقل ومنحة التعليم؟ وهل يرضيه أن يخسر العامل 325 ألف ليرة شهرياً: 200 ألف ليرة بدل نقل و125 ألف ليرة منحة تعليم؟».

وقال: «إنها سابقة غير معهودة أن يقف وزير ضد مصلحة شعبه وعمّاله، ضارباً عرض الحائط بقرار مجلس الوزراء وكل الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وأهمها مصلحة العمال ولقمة عيشهم». وأعلن «التزام الهيئات الاقتصادية تنفيذ كل بنود اتفاق بعبدا، ولا سيما دفع بدل النقل ومنحة التعليم، سواء وقّع وزير العمل المرسوم أو لم يوقّعه»، وأشار إلى أن قرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة بشأن تصحيح الأجور جاء ليؤكد أن «إرادة المجتمع المدني التي تمثلت بوحدة موقف أصحاب العمل والعمال هي التي انتصرت في النهاية»، آملاً أن «تشكل هذه التجربة المضيئة في تاريخ لبنان مثالاً يحتذى في المستقبل للدفاع عن لبنان ومستقبله على المستويات كافة، وخصوصاً الاقتصادية والاجتماعية».ينطوي هذا البيان على ملاحظات عديدة، وفقاً لمستشاري وزير العمل: الأولى، القول بأن العامل يتقاضى شهرياً مبلغ 325 ألف ليرة يعدّ اعترافاً بأنّه أجر لا يجوز خفضه، وبالتالي يساند شقير بذلك موقف وزير العمل المصرّ على إدخال هذا المبلغ في الأجر فوراً، لكي لا يُستفرد بأي عامل أو موظّف من قبل صاحب العمل، ويخسر بالتالي جزءاً حيوياً من أجره. إلّا أنّ شقير لا يعني ذلك حتماً، بل هو يمهّد لتغطية أصحاب العمل الذين بدأوا استطلاع الفرصة لإلغاء ما يسمّى «بدل النقل» و«المنحة التعليميّة»، وهذا ما يمكن أن يُثير غضباً واسعاً كان وزير العمل يستجديه من العمّال والموظفين في خضم معركته المفتوحة لصون حقوقهم وتحصين أجورهم. ولن يأبه وزير العمل إذا طاولته اتهامات «مفبركة» بأنّه السبب وراء هذا «الإلغاء» إذا كان العمّال والموظفون سيدركون أنّ الأوان قد آن للدفاع عن مصالحهم، فالمراسيم غير القانونية الصادرة منذ عام 1995 لتحديد بدل النقل والمنحة التعليمية لم تحم حقوق نصف الأجراء الذين لا يتقاضون هذا البدل وتلك المنحة، بحسب دراسة البنك الدولي لعام 2010. أمّا الملاحظة الثانية، فعلى شقير أن يقرّر إمّا أنّه مع الذين وقّعوا «الاتفاق الرضائي» يمثّلون من وقّعوا باسمهم، أي أصحاب العمل والعمّال، وبالتالي فإن من يتقاضى بدل النقل والمنحة التعليمية سيستمر بتقاضي ما التزمه هؤلاء، وإمّا أنّهم لا يمثّلون سوى أشخاصهم وبالتالي عليهم أن ينزعوا صفة «الرضائي» عن اتفاقهم، وبالتالي يصبح مرسوم تصحيح الأجور الصادر عن مجلس الوزراء بلا أي غطاء من هذا النوع، باعتبار أن من وقّعوه لا يمثلون أحداً! في الجانب الآخر من هذا الاتفاق، أي في صفوف العمال، بدأت التحرّكات على الأرض لنزع صفة التمثيل عن قيادة الاتحاد العمالي العام شعبياً؛ إذ نظّم «اتحاد الشباب الديموقراطي» بمشاركة «قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي» وعدد من «الجمعيات الأهلية» تحرّكاً رمزياً أمام مقرّ الاتحاد بعد ظهر أمس.«فتحوا ملفّ الأجور... قلنا الحالة صارت أحسن... تاري غسان غصن مأجور». بهذه العبارة عكس المعتصمون سخطهم على كيفية إدارة قيادة الاتحاد ـــــ وعلى رأسها بطبيعة الحال غسان غصن ـــــ «معركة الأجور» ومساومتها على حقوق العمال. شعارات كثيرة رُفعت، هتف الناشطون بها وبالمطالب. الأبرز من الأولى كان: «بئس قيادة عماليّة رخيصة تساوم على حقوقنا مقابل حفنة من الدولارات تحت الطاولة. بئس هذه القيادة التي تتهكم على المناضلين بوقاحة».أمّا أبرز المطالب، فراوحت بين سلم متحرك للأجور يتناسب مع نسب غلاء المعيشة وضم بدل النقل إلى أساس الراتب إلى «ضرائب تصاعدية تطاول الفوائد المصرفية والودائع والأرباح والدخل المرتفع مقابل إلغاء الضرائب على المحروقات وإلغاء ضريبة القيمة المضافة».واللافت في هذا التحرّك هو أنّ أياً من القيادات النقابيّة التي يُفترض أنّها شكّلت إطاراً نقابياً موازياً لقيادة «العمالي» انطلاقاً من معركة الأجور لم تكن موجودة. بل أكثر من ذلك، إنّ الجهة «السياسيّة» التي يُفترض أن توفّر الثقل في هذا التحرّك غابت قيادتها وحشودها ـــــ الحزب الشيوعي.رغم ذلك، يبقى الشباب الداعون إلى الاعتصام، أي «اتحاد الشباب الديموقراطي»، مؤمنين بالقضية التي يُفترض أن يكون الاعتصام جزءاً من التحرّكات لمناصرتها. فيوم أمس كان العنوان «رفض نهج قيادة الاتحاد العمالي العام ورفض ادعائها التكلم باسمنا. نحن عمال ومستخدمون وموظفون شباب نحن طلاب ومعطّلون عن العمل».«نحن أتينا اليوم لنقول إن هذه القيادة لا تمثّلنا»، يقول الأمين العام لـ«اتحاد الشباب الديموقراطي»، عمر ديب. «وقّعت تلك القيادة اتفاقاً مع أرباب العمل باسم العمال والموظفين، لكن تلك القيادة ركبت في انتخابات وهمية في التسعينيات، وليس صحيحاً أنّها تمثّل العمال والموظفين في هذا البلد، هي تمثّل نقابات وهميّة والزعماء الفاسدين».وعن مشاركة الحركة النقابية الرافضة لتوجّهات قيادة «العمالي العام» ـــــ في ملفّ الأجور بالحدّ الأدنى ـــــ أوضح عمر ديب أن «هؤلاء ليسوا مشاركين في التحرّك، لكن نحن ننسّق معهم في التحرّكات، وتحديداً هيئة التنسيق النقابية. كذلك إنّ مطالبنا تتواءم مع مطالب النقابات الرافضة للاتحاد العمالي العام.ويُمكن القول إنّ هيئة التنسيق النقابية، بما تطرحه وتدافع عنه، تُشكّل مثالاً قائماً لما يُمكن أن يكون بديلاً للقيادة القابعة هنا»، أي في المبنى الواقع في منطقة كورنيش النهر، الذي خلا من الحركة الداخلية باستثناء عجقة الأمن، الذي بدا عديده ضعف عدد الناشطين، عند تخوم حرمه.(الأخبار)

14

عدد الاتحادات والنقابات التي أصدرت بياناً الأسبوع الماضي رفضاً للاتفاق الرضائي ولقيادة الاتحاد العمالي العام وإدارتها معركة الأجور

60 %

نسبة الزيادة على الشطر الأوّل التي تطالب بها هيئة التنسيق النقابية، مع زيادة بنسبة 40% و20% على الشطرين اللاحقين من الأجر

الحكومة مسخت الزيادة

أعربت «الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» عن رفضها الزيادة الهزيلة التي أقرّت للقطاع الخاص وما يُمكن أن يُصاغ على أساسها للقطاع العام. وقالت في بيان إنّه «بدلاً من اعتماد مبدأ الشطور، وبدلاً من ضم بدل النقل إلى صلب الراتب والحفاظ عليه، تمكنت الحكومة من مسخ الزيادة تحت مظلة ما سميّ الاتفاق الرضائي».

العدد ١٦١٧ الثلاثاء ٢٤ كانون الثاني ٢٠١٢

تحت عنوان الرفض التام «لنهج قيادة الاتحاد العمالي العام، ورفضاً لإدعاء هذه القيادة التكلم باسمنا ـ نحن عمال ومستخدمون وموظفون شباب نحن طلاب وعاطلون من العمل، نعبّر عن رفضنا لهذه القيادة المتخاذلة التي تأخذ جانب أرباب العمل ضد العمال»، تحت هذا العنوان نفّذ «اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني»، بمشاركة قطاع الشباب والطلاب في «الحزب الشيوعي اللبناني» وعدد من الجمعيات الأهلية، اعتصاماً رمزياً أمام مقر الاتحاد العمالي العام أمس. وقد بدا الأخير كمدينة أشباح هجرها أهلها منذ دهر!

وأكد المعتصمون أن التحرك يشكل نواة وتمريناً أولياً لتحركات مقبلة سيتصاعد زخمها تدريجاً، بحيث تفضي في نهاية المطاف «إلى إسقاط هذه القيادة شعبياً، وتالياً نزع عنها ما تدعيه من صفة تمثيلية مزورة، ولنقول إن الاتفاقات المجحفة التي تعقدها هذه القيادة، من وراء ظهر العمال وضداً من مصالحهم، لا تعدو كونها ترجمة حرفية لرؤية أصحاب العمل لمصالحهم ولا تمت بصلة من قريب أو من بعيد لمصالح العمال».

وذكّر المعتصمون بأن «هذه القيادة نتاج انتخابات وهمية وبعد تأسيس عشرات النقابات والاتحادات الوهمية من قبل أرباب السلطة جميعاً»، مؤكدين أن «ما بني على باطل فهو باطل ـ أنتم قيادة وهمية ومزورة ومتواطئة ونحن نرفضكم».

وألقت كلمة الاتحاد نضال المقداد فقالت: «إن الاتحاد العمالي، وقيادته لا يمثلون سوى بضعة زعماء فاسدين ساوموا على حقوق العمال مقابل حفنة من الدولارات، وهذه القيادة تتهكم على المناضلين بوقاحة وتعتبر النضال العمالي موضة مضى عليها الزمن. لقد جئنا لنقول إن هذه القيادة العمالية هي قيادة خائنة لمطالب العمال وسنعمل على اسقاطها وضرب مشروعية تمثيلها».

وتوجهت المقداد الى قيادة الاتحاد العمالي بالقول «إن العمال لن يلجأوا إليكم بل سيلجأون الى النقابات التي تمثلهم لكي يناضلوا من أجل: سلم متحرك للأجور يتناسب مع نسب غلاء المعيشة، وضم بدل النقل الى أساس الراتب والاستفادة منه في اشتراكات الضمان وفي تعويضات نهاية الخدمة، وتأمين التغطية الصحية الشاملة لكل المقيمين لتتوقف مهزلة تقديمات وزارة الصحة ومهزلة موت الفقراء على أبواب المستشفيات، فضلاً عن اقرار ضرائب تصاعدية تطال الفوائد المصرفية والودائع والأرباح والدخل المرتفع مقابل إلغاء الضرائب على المحروقات، وإلغاء ضريبة القيمة المضافة التي يتحملها الفقراء، وتأمين الكهرباء إلى بيوت الفقراء في المناطق ومساواتها مع بيروت الإدارية».

ثم تعاقبت على الكلام قيادات من الحزب الشيوعي تحمل لافتات كتبت عليها شعارات منددة بالاتحاد العمالي العام وقيادته.

وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر الإعلام بنصيحة إلى الوزير جبران باسيل: «صارِح اللبنانيين حول ما يحدث في ملف الكهرباء». جاء رد باسيل مكرراً: «إنهم يعرقلون مشاريعي». من هؤلاء الـ«هُم»؟ لم يُجب. اكتفى بإعلانه أنه مستعد للاستقالة، وأنه سيحرك الشارع في اتجاه منازل النواب والوزراء الذين يعرقلون «إصلاحاته»، طالباً من اللبنانيين التوقف عن إحراق الدواليب في الشوارع لكونه يضرّ المارة، لا «المعرقلين»

رشا أبو زكي

حلقة التواصل الإعلامي تألّفت. حوالى 30 صحافياً من مختلف الوسائل الاعلامية يحتشدون في غرفة واحدة. الكل يبتسم. صحافيتان تتحدثان عن موعد زواجهما. صحافية جديدة تنظر إلى الحشد بابتهال، توزع ابتساماتها يمنة ويسرى. أخرى ترسم على ورقة أمامها... والوقت يمر. صحافي «ملتزم» يتحاشى قبلة متطايرة من زميلة له، ينجح ويعبّر عن انتصاره بضحكة ممازحة. طال الانتظار في قاعة المؤتمرات في وزارة الطاقة والمياه. أحد الصحافيين يسأل: «شو قولكن رح يقطعوا الكهربا بس يبلش الوزير بالحكي، متل العادي؟». الرد يأتي مع ابتسامة صفراء: «صارت بايخة، شو كل مرّة؟». انتهت الأحاديث. نظرات متبادلة. ولادة صداقات جديدة. حب جديد... الوقت يمر. أحد المصورين لا يستمتع بالمراقبة، اتخذ زاوية في القاعة، واستسلم لغفوة بعد الظهر. الـ«أو تي في» تنتظر النقل المباشر، المنار تريد أن تستبق نشرتها بنقل مباشر مأخوذ عن الـ«أو تي في»... والوقت يمر.اعتاد الصحافيون جلسات التسامر هذه. في كل مرة يُدعون إلى حضور مؤتمر صحافي لوزير الطاقة والمياه جبران باسيل يأتون باستعداد مسبق لحالة الانتظار الطويلة. يسأل الصحافيون أنفسهم عن السبب الذي يضطرهم إلى الحضور والتحمّل، وخصوصاً أن البعض يكون مرتبطاً بموعد آخر. لكن المكتب الإعلامي لباسيل الذي يعرف حالات التململ هذه، يضرب على «الوتر الحساس»، إذ عادة، تكون الدعوة ملغومة بعبارات تحفيزية مثل «هام جداً جداً» أو «طارئ»، أو يكتفي المكتب بتذييل الدعوة بـ«هام»، فتظن الوسيلة الإعلامية أن سبقاً ينتظرها في وزارة الكهرباء.بعد الملل، يصل الوزير. القلوب تدق بسرعة. العيون تراقب تفاصيل باسيل. كلا، هذا ما يظنه الوزير، إلا أن الملل في صفوف الإعلاميين قد فعل فعله. يبتسم للجميع، يخصّ البعض بكلمة «بونجور». تدبّ الغيرة: «بعد هذا الانتظار، لماذا لا تكون الـ«بونجور» لي؟». عادة يبدأ باسيل مؤتمره بزفرة من قلبه، لتظن أن القيامة ستقوم. «لدي خمس دقائق فقط سأقول ما لدي وانطلق إلى مجلس الوزراء، أنا وزير واحترم موعد بداية الجلسات». «ماذا عن النصف الساعة الذي انتظرناه فيه نحن أولاد الـ...؟»، يهمس أحد الحاضرين في أذن آخر.ينطق باسيل: «إنهم يعرقلون مشاريعنا». ينظر إلى عدسات الكاميرات باستياء مصطنع. «سأقول خمس نقاط باختصار. أولاً، في مشروع استئجار بواخر الكهرباء، كررنا استدراج العروض 3 مرات، والمرة الرابعة كانت بمشاركة استشاري دولي وفق مطلب مجلس الوزراء. القضية انتهت، ننتظر موافقة الحكومة، ونتمنى عدم المماطلة في الموافقة على المشروع. ثانياً، أقرّ مجلس النواب مشروع توليد الـ700 ميغاوات، وأعدنا صياغة دفاتر الشروط واضعين حداً لجميع التساؤلات، ونحن حاضرون للانطلاق في التلزيم، نتمنى عدم العرقلة. ثالثاً، هناك إصرار لوقف مشروع مقدمي الخدمات في الكهرباء، لقد وقّعنا العقود، ولكن ما نسمعه في وسائل الإعلام من اعتراضات يؤخّر التنفيذ. رابعاً، في ما يتعلق بوصلة المنصورية، ندرس اقتراحاً لشراء الشقق الموجودة في حرم خط التوتر العالي، وننتظر من مجلس الوزراء الموافقة على المشروع، والمفترض أن يُعرض في جلسة الحكومة المقبلة. خامساً، ننتظر مجلس الوزراء ومجلس النواب لبتّ موضوع خط الغاز الذي لن ينعكس مباشرة على الناس، بل على كلفة تأمين الكهرباء».يستفيض باسيل في حديثه عن التقارير التي رفعها، وسيرفعها إلى مجلس الوزراء. عن عدم المساواة في التقنين بين بيروت والمناطق. عن استفحال سرقة الكهرباء وتأثيرها على التغذية. عن وضع المعامل المهترئة. عن التماسك الاجتماعي. عن التحذيرات والتنبيهات التي يطلقها مراراً في ما يتعلق بضرورة الإسراع في تنفيذ مشاريع الكهرباء. عن مشروع ينوي طرحه يقوم على توزيع التغذية على المناطق بحسب معدلات الجباية. يؤكد أن أعمال الصيانة على المجموعة الغازية الأولى قد انتهت فجر أمس، ما سمح بوضع 210 ميغاوات إضافية على الشبكة ورفع القدرة الإنتاجية إلى حدود الـ1500 ميغاوات، الأمر الذي سينعكس تحسناً ملحوظا في التغذية بالتيار الكهربائي، إلا أن هذا التحسن ظرفي، فالحل لم يتوافر حتى الآن في أزمة التقنين المستمرة.يصمت قليلاً. يستدير لمراقبة ردّ الفعل الذي سيرسمه على وجوه الصحافيين. «المرحلة التي سننطلق إليها في عملية الضغط هي مرحلة جديدة. هذه المرة سنلجأ إلى الشارع». لا علامات استهجان على ملامح الحاضرين. يرفع السقف «لا، لا يجب على المواطنين قطع الطرقات، عليهم أن ينزلوا إلى منازل الوزراء والنواب الذين يعرقلون مشاريع الكهرباء، يجب أن يلحقوا الضرر بهم لا بالمارة على الطرقات». سؤال تطرحه «الأخبار»: «إن كنتم كوزراء في تكتل التغيير والإصلاح مستاؤون إلى هذه الدرجة من الأداء الحكومي، فلماذا لا تستقيلون احتجاجاً؟ أو لماذا لا تحركون قاعدتكم الشعبية التي تقولون إنها كبيرة؟ ومن هم هؤلاء الوزراء والنواب الذين تدعو المواطنين إلى التحرك أمام منازلهم؟». يبتسم باسيل، لن يسمّي أحداً، هذا واضح من ابتسامته، «يلف ويدور»، ويجيب عن سؤال واحد قائلاً: «استقالتنا واردة دائماً، من قال إن هذا الأمر موضوع على الرف؟». تتكرر الأسئلة لتسمية «المعرقلين». لا تجاوب. ينتهي المؤتمر الصحافي.سؤال أخير يلاحقه خلال توجّهه إلى مكتبه: «تقول إن هناك عرقلة في موضوع الـ700 ميغاوات، وتقول إن الوزارة مستعدة للتلزيم. هل أنجزت المناقصة لتوزيع التلزيمات هذه؟». يسير باسيل بسرعة، لا ينظر خلفه، قبل أن يغلق باب مكتبه، يردّ بكلمة واحدة: «كلا».تخرج من المركز الرئيسي للوزارة. من الجنوب رائحة تزعج الوزارة وزوارها، بعضها قريب من طرقات الضاحية الجنوبية. من الشمال أيضاً، تنساب الرائحة من باب المنطقة الشرقية لبيروت. خلف الوزارة. أمام الوزارة. رائحة «الكاوتشوك» ستصل إلى داخل «أسانسور» الوزارة، سترتفع مع الصاعد، وتنزل مع النازل. ولكنها ستبقى هناك. رائحة الكاوتشوك ستلازم هذا «الأسانسور» الذي لم تُقطع عنه الكهرباء... حتى الآن.

الاعتراضات مستمرة

تتكرر منذ أيام حركة حرق الإطارات وقطع الطرقات احتجاجاً على قطع التيار الكهربائي. واللافت في هذه الخطوات المستمرة أنّها تشمل كل المناطق على مختلف انتماءاتها السياسية، بما فيها المحسوبة على فريق السلطة. منذ أسبوع يعمد سكان محيط طريق المطار القديمة إلى قطعها، يحرقون الإطارات فيها ويعوقون حركة السير. ونزل أمس «شباب المطار» للقيام بواجبهم، وسجّلت حالة مماثلة في العباسية (صور)، حيث قطع أهالي المنطقة الطريق العام بين المدينة والعباسية، وكذلك فعل أهالي الدوير والنبطية يوم الأحد. ونظّم أهالي إقليم الخروب والشوف اعتصاماً أمام معمل الجية احتجاجاً على «التقنين القاسي». ويوم السبت وصلت الاحتجاجات إلى صيدا حيث قطع أهالي حيي الصباغ والبعاصيري طريق الجنوب الرئيسية عند تقاطع «سبينيس».

العدد ١٦١٧ الثلاثاء ٢٤ كانون الثاني ٢٠١٢

وزير العمل، شربل نحاس، لن يستقيل. لقاؤه رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، أول من أمس، أعاد تأكيد المشتركات: استمرار «معركة الإصلاح» في مجلس الوزراء، والبداية عبر رفض توقيع مرسوم «بدل النقل» المخالف للقانون، ثم التفرّغ لمعركة الموازنة

ثائر غندور

شربل نحاس باقٍ في وزارة العمل، وفي تكتل التغيير والإصلاح. وهو، بحسب مقربين منه، سيعمل أكثر في الفترة المقبلة على تضييق الخناق على الراغبين في استمرار عجز المؤسسات ومخالفة القوانين. ويوم السبت الماضي، حصل اللقاء المرتقب بين العماد ميشال عون ونحاس في الرابية. أهم خلاصات الجلسة تأكيد عون أنّ التكتل ليس من يغرق في «الواقعية السياسية، وأنّ الحرب على الفساد مستمرة لتطهير الإدارة وإصلاح المؤسسات». حمل هذا اللقاء إيجابيات كثيرة، بحسب الحريصين على وجود الوزير «المشاكس» في تكتل التغيير والإصلاح، فدعم عون موقف نحاس بعدم توقيع مرسوم بدل النقل، وأشار إلى موافقته على ملفات أخرى، من المتوقع العمل عليها في الأسابيع المقبلة، وكلها تندرج في إطار احترام القانون ومصلحة المواطن والانسجام مع القناعات. وأول هذه الملفات سيظهر بدءاً من اليوم، في النقاشات التي ستُطرَح على طاولة مجلس الوزراء حول مشروع الموازنة.وبينما حلّت «الأزمة» بين الوزير المشاكس والعماد عون، فتح في التيار الوطني الحر نقاش من نوع آخر. نقاش حول خلفيات وتداعيات ما جرى في جلسة مجلس الوزراء، التي صدر فيها قرار تصحيح الأجور. فبعض العونيين ليسوا مقتنعين بأن الحريّة أعطيت لوزراء التيار الوطني الحرّ في التصويت على مرسوم الأجور. فوزير الاتصالات نقولا الصحناوي، بحسب هؤلاء، قال العكس في زلّة لسان، حاول تصحيحها لاحقاً، وذلك عند معاتبته على ترك نحّاس وحيداً، إذ قال في لحظة دفاع عن نفسه: «كان عندي توجيهات».هذه الوقائع فتحت أبواباً لنقاشات داخل التيّار الوطني الحرّ، حول صوابيّة الخيار الذي اتخذ بالتخلي عن نحّاس. والمعترضون يحمّلون وزير الطاقة جبران باسيل مسؤولية ما جرى. وبما أن المعني هو «جبران»، ليس العونيون المعترضون على أداء تكتلهم متأكدين من أن هذه النقاشات ستصل إلى مسامع الجنرال، لأن من يقولها بات على ثقة بأن الانتقاد أو الاعتراض أو التصحيح لأمر يقوم به باسيل، سيعني حكماً أن صورة صاحب هذا النقد ستُهشّم عند عون، لأن الجنرال، بحسب بعض مؤيديه، أفهم الجميع أن «من ينتقد جبران هو إما أنه يغار منه أو يحقد عليه». ويطالب المعترضون بإجراء نقاش صريح داخل التيّار حول أداء وزرائه.ويسأل نواب ومسؤولون في التيّار عن سبب عدم دعوة وزير العمل شربل نحاس إلى العشاء الذي جرى في منزل باسيل، وحضره الرئيس نجيب ميقاتي ولاحقاً عون نفسه، عشية الجلسة الشهيرة لمجلس الوزراء. إذ تسود قناعة تفيد بأنه شهد تسوية بين الطرفين في موضوع الأجور، رغم نفي المعنيين به لذلك. ويُضيف هؤلاء إن مشاركة عون كانت لمباركة اتفاق باسيل ـــــ ميقاتي على قضايا عدة، بينها ملف الأجور. ويستغرب هؤلاء العونيّون أن يكون تغييب نحاس جاء بعد يوم واحد على فتح منبر الرابية له، لتأكيد الدعم السياسي من قبل عون لمشروعه. ويلفت أحد النواب إلى أن الحدّ الأدنى المقبول هو إبلاغ نحاس بفحوى هذه التسوية، ووضعه في صورة التوجيهات المعطاة لوزراء التيار الوطني الحر.يقول المعترضون على ما يسمونه «تسوية باسيل ـــــ ميقاتي» إن أغلب جمهور التيّار هو من غير أصحاب رؤوس الأموال، ومن الذين كانوا ينتظرون زيادة على أجورهم «تختلف عن المكرمات التي كانت تقدمها حكومات الرئيس رفيق الحريري وخلفه الرئيس فؤاد السنيورة».وينقل هؤلاء استياءً كبيراً من أداء الوزير فادي عبود، الذي «يخوض حروباً طويلة ضد نحاس لزيادة أرباح مصانعه». ويؤكّد هؤلاء أنه ليس صحيحاً أن جميع وزراء التيّار لا يؤيّدون نحاس، إذ يُشيرون إلى صحناوي ووزير الثقافة غابي ليّون، «لكن التوجيهات كانت واضحة في الجلسة السيئة الذكر».الاعتراض على تسوية باسيل ـــــ ميقاتي، والتي لا يعتقد هؤلاء أنها ليست قابلة للحياة لمدّة طويلة، منبعه الأساسي «التخوّف من غلبة الجناح المقرب من أصحاب رؤوس الأموال على الخيارات السياسيّة للتيار الوطني الحرّ». ويُمكن المعترضين داخل التيّار تسميّة العديد من الشخصيات الماليّة والسياسيّة المستفيدة من هذه التسويات.ويزيد هؤلاء المعترضون من كلامهم النقدي لعمل باسيل في الحكومة، فيسألون عن التأخير في حلّ مشكلة الكهرباء وهو ما يؤثّر سلباً على الحالة الشعبيّة للتيّار، وخصوصاً مع التردي الكبير في خدمات مؤسسة كهرباء لبنان.المشكلة ليست هنا فقط، برأي المعترضين. إنها ليست فقط تحوّلاً وتخلياً عن شريحة من جمهور التيّار ومن جمهور آخر آمن بخطوات التيّار الإصلاحيّة. فـ«خطيئة» (كما يُنقل عن عون نفسه) ترك نحّاس وحيداً في مجلس الوزراء، أتت لتفقد التيّار الوطني الحرّ الأفضليّة التي تميّزه عن هذه الطبقة السياسيّة، والتي تجعله قادراً على اتهام الآخرين بسرقة المال العام، كما يفعل حالياً.هي معركة مصالح وأفكار داخل التيّار الوطني الحرّ، يستخدم فيها من يُريد وضع التيّار في الموقع الطبيعي للقوى السياسيّة اللبنانيّة، أي أن يكون في خدمة أصحاب رؤوس الأموال كل الأسلحة المتوافرة لديه، فيما يسعى المعترضون على ذلك إلى مواجهته كما واجهوا الجيش السوري سابقاً، أي باللحم الحيّ.

الأكثر قراءة