بسام القنطار - الاخبار
«#لا_للتمديد_للنفايات» هو الوسم (هاشتاغ) الذي جمع حملة إقفال مطمر الناعمة ــــ عين درافيل، والحراك المدني للمحاسبة الذي أطلق حملة جديدة رافضة للتمديد للمجلس النيابي. الفريق الأول يتخوف من أن تنكث الحكومة بالوعد الذي قطعته بأن إقفال المطمر الذي يستقبل يومياً 3000 طن من نفايات 290 بلدية في بيروت وجبل لبنان، سيكون في مهلة أقصاها 17 كانون الثاني 2015. أما الفريق الثاني، فكان يعتصم من أجل حث مجلس الوزراء على توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة.
لم يخب أمل حملة رفض التمديد للمجلس النيابي في صدور المرسوم، لكن الخطوة بقيت في إطارها الشكلي وسط اتجاه مختلف الأطراف السياسية إلى الاتفاق على صدور قانون جديد يمدد للمجلس النيابي الذي تنتهي ولايته في أواخر تشرين الثاني المقبل. في المقابل، كانت حملة إقفال مطمر الناعمة – عين درافيل على موعد مع تأجيل جديد للبحث بملف إدارة النفايات المنزلية الصلبة الذي أرجئ إلى جلسة يوم غد الخميس، علماً أنه مدرج على جدول الأعمال منذ جلسة 3 تموز الماضي. وقالت ليليان حمزة باسم الناشطين: «المطمر سيقفل في الموعد المحدد إقفالاً نهائياً، وأي نكث بالوعود هو لعب بالنار. وهذه رسالة للقريب والبعيد سنغلق الطريق المؤدية إلى المطمر في الموعد المحدد، وإذا لاحظنا أن هناك تملصاً من إيجاد الحل البديل فستقفل الطريق قبل الموعد المحدد». وسلم وفد من المعتصمين مذكرة لوزير البيئة محمد المشنوق تتضمن مطالب الحملة، ووعد بأنه سيعرضها خلال الجلسة. ويشهد هذا الملف عقدة أساسية تتمثل بإيجاد أرض بديلة من مطمر الناعمة ـــ عين درافيل، وسط توقعات أن يجري التمديد لعقدي الكنس والجمع والمعالجة والطمر الموقعة بين مجلس الإنماء والإعمار وشركتي سوكلين وسكومي لمدة سنة إضافية، ما يعني تمديد عمر المطر الذي استقبل إلى اليوم ما يزيد على 16 مليون طن من النفايات. وفي إشارة واضحة إلى أن التمديد لمطمر الناعمة – عين درافيل بات بحكم المؤكد، جال النائب وليد جنبلاط قبل أسبوعين على قرى الشحار الغربي، ملمحاً إلى أنّ مسألة إيجاد أرض بديلة من المطمر الحالي، تحتاج إلى وقت، ما يعني التمديد للمطمر. وليس معلوماً بعد ردود الفعل في القرى المحيطة بالمطمر في حال المضي بهذا السيناريو، حيث يعمل فريق جنبلاط داخل الحكومة على إقرار مرسوم بدفع 20 مليون دولار أميركي، إضافة إلى تأمين الإنارة الكهربائية من غاز الميثان مجاناً للقرى المحيطة بالمطمر.
ردت «هيئة التنسيق النقابية» على مواقف وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، وما صدر عن لجنة التربية النيابية، بموقف موحد، بعدما كاد عقد الهيئة «ينفرط» جراء الاختلاف في وجهات النظر، بين مؤيد للعودة عن قرار مقاطعة تصحيح المسابقات الرسمية حفاظاً على مستوى الشهادة الرسمية، وبين رافض للعودة عن المقاطعة، على أساس أن الهيئة لم تنل أي شيء في المقابل. وقررت أيضاً إعلان الإضراب الشامل في جميع الوزارات والإدارات العامة غداً الخميس، مع الاعتصام عند الساعة 11 صباحاً أمام «وزارة الاقتصاد ـ مبنى اللعازارية»، مؤكدة أنها «بصدد وضع خطة تحرك للمرحلة المقبلة». وأوضحت مصادر نقابية، أن موقف الوزير استفز الأساتذة والمعلمين، ما دفعهم لأن يكونوا يداً واحدة، في مواجهة الهجمة التي يتعرضون لها، «بعدما باتت القصة مكشوفة للجميع، فقرار إعطاء الإفادات لم يكن وليد صدفة، بل بدأ بطريقة ممنهجة ومدروسة، وخير دليل سرعة دعوة لجنة التربية النيابية للاجتماع وإقرار قوننة الإفادات». أضافت: «كرر الوزير أنه بصدد تلف المسابقات، علما أن هذه العملية تحتاج إلى قانون، وإجراءات إدارية عدة للقيام بذلك، وتحدث الوزير عن بدء إعطاء إفادات، علماً أنه لم يتم رصد اعتمادات لشراء الورق وتلزيم الطباعة، وكل ذلك لقطع الطريق، ومنع الأساتذة من العودة إلى التصحيح». واعتبرت أن الإيجابية الوحيدة في موضوع الإفادات، هي «وحدة هيئة التنسيق، وأن كل المحاولات لضرب هذه الوحدة باءت بالفشل، وأن القيادات في الهيئة يعون ما يحصل، من أن الغاية هي ضرب الهيئة كي لا تستطيع التحرك في المستقبل، وأن يشهر في وجهها دوما سلاح الإفادة، عن أي مطلب». قوننة الإفادات أقرت لجنة التربية النيابية قوننة الإفادات مع توصية «الجامعة اللبنانية» بإجراء امتحانات دخول، وتوافقت على متابعة البحث لإقرار سلسلة الرتب والرواتب، من أول جلسة تشريعية لمجلس النواب، وذلك في جلسة عقدتها أمس برئاسة النائبة بهية الحريري وحضور الأعضاء ووزير التربية. وأوصت اللجنة وزير التربية الاتصال برئيس «الجامعة اللبنانية» عدنان السيد حسين، لإجراء امتحانات دخول إلى الجامعة في جميع كلياتها وفروعها. وكرر بو صعب موقفه من موضوع الإفادات، بقوله: «الكلام انتهى يوم السبت (16 آب) في ما يتعلق بموضوع التصحيح والإفادات والاثنين (أمس الأول) هو يوم آخر وما ننجزه الآن هو استكمال الإجراءات». أضاف: «لم تعد العودة إلى الوراء ممكنة خصوصا أن أي خطوة من هذا القبيل ليس فيها أي ضمانة للمستقبل، فمن يضمن إذا وافقنا على التصحيح اليوم يصدرون نتائج الامتحانات؟ ومن يضمن إذا أردنا أجراء دورة ثانية ألا يلجأوا إلى الإضراب قبل موعد تلك الدورة؟ ومن هذا المنطلق لجأنا إلى هذا الخيار حرصاً على مصلحة الطالب». ونفى بو صعب أن يكون قرار منح الإفادة يشكل هبوطاً للمستوى التربوي في لبنان «لأن الجامعات كلها لديها مباراة دخول وتقبل الطلاب بناء على نتائج المباراة». وحدة «التنسيق» بعد خمس ساعات من النقاشات المتواصلة، ودرس ردود الجمعيات العامة لروابط الأساتذة والمعلمين في القطاعين العام والخاص، خرجت هيئة التنسيق، موحدة، محملة وزير التربية المسؤولية عن إعطاء الإفادات بتغطية من الحكومة مجتمعة، و«التي أمنت الغطاء السياسي له، وللسياسيين الذين أوقعوا البلاد في حال من الشلل، وفي عدم حضور بعض الكتل النيابية جلسات التشريع في مجلس النواب». ففي مؤتمر صحافي، عقدته الهيئة مساء أمس، لفت رئيس «رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني» إيلي خليفة إلى «أن الهيئة تخوض معركة في مواجهة تحالف مالي سياسي يريد ضربها وإفشال تحركها وشقها بشتى الأشكال ومختلف أشكال الترغيب والترهيب، بعدما اقفلوا بوجهها كل الأبواب في معركتها من اجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب». وقال: «بعد ثلاث سنوات، لا ضمانات لإقرار حقوق الأساتذة والمعلمين، بإعطاء نسبة 75 في المئة من أصل 121، بل أعطوا الأساتذة 13 في المئة موزعة على ثلاث سنوات بمعدل أربعة في المئة كل سنة، وهذه الزيادة تضرب حقوقهم المكتسبة. وها هم اليوم يحاولون ضربها عبر أعطاء الإفادات غير المسبوقة، ومن يتحمل المسؤولية هو وزير التربية والحكومة مجتمعة التي أمنت له التغطية السياسية لذلك». وأوضح أن مقاطعة التصحيح جاءت بطلب من وزير التربية وأعلنت من مكتبه عندما طلب منا مراقبة الامتحانات ومقاطعة التصحيح وانه لن يلجأ الى أعطاء الإفادات وقوله «وليفتشوا عن غيري إذا أرادوا إعطاء إفادات للطلاب»، لافتاً إلى أن «السياسيين مختلفون بالسياسة في ما بينهم ومتفقون على ضرب حقوقنا». وتوجه إلى الأهالي والطلاب بالقول: «في الوقت الذي كانت مجالس المندوبين تناقش ملف الحقوق وإنقاذ الشهادة الرسمية، ورفض الإفادات، وكل الخيارات المتاحة أمامها تصحيحا أو مقاطعة، وعلى قاعدة ضمان الحقوق للقطاعات التعليمية والوظيفية كافة، بإعطاء نسبة زيادة واحدة للجميع، جاءت قرارات لجنة التربية، وتصريحات وزير التربية، لتسد الخيارات والأبواب أمام هيئة التنسيق في إنقاذ الشهادة الرسمية، الأمر الذي وحّد موقفها، وأبقاها عليه بعدم التصحيح، بعدما كانت الهيئات مع العودة للتصحيح، وهيئات مستمرة، جراء الإسراع بقوننة الإفادة، بدل إنقاذ الشهادة الرسمية». ورأى خليفة في كلام وزير التربية «فاتكم القطار، نحن بواد وهم في واد آخر»، تمهيداً لخصخصة الامتحانات بحجة عجز الدولة والوزارة عن إجراء الامتحانات. وتعهدت هيئة التنسيق بأنها «لن تألو جهدا ولن تتوانى عن إنقاذ الشهادة الرسمية، وحقوقها، وأن معركتها ستبقى مفتوحة في وجه السياسيين الذين ابقوا على الطلاب رهينة، وأنها ستعمل على الارتقاء بأدائها وتنظيمها بناء على توصيات مجالس المندوبين واقتراحاتهم». وختم مؤكداً أن «العام الدراسي المقبل سيكون طبيعياً واعتباراً من الأول من أيلول المقبل»، مشيراً إلى أن الهيئة وبالتعاون مع «نقابة المعلمين» تدرس إمكانية رفع دعوى قضائية لوقف تنفيذ قرار الإفادة مع محامي النقابة زياد بارود. وردا على سؤال قال رئيس «رابطة التعليم الأساسي» محمود أيوب: «كنا ندرس قرار عدم ضياع العام الدراسي، وبدل أن تدرس لجنة التربية إقرار السلسلة، فوجئنا بقوننة الإفادة، لتضرب التربية وهي الأمينة على التربية». عماد الزغبي
ينتظر أن يتبلور اليوم القرار النهائي لدى هيئة التنسيق النقابية بشأن الإفادات ومصير الامتحانات الرسمية. وفيما لم يعرف بعد ما هي التخريجة لتوصية «حماية الشهادة الرسمية»، صوتت أكثرية المعلمين ضد العودة إلى التصحيح في غياب أي ضمانة حول الحقوق في سلسلة الرواتب
فاتن الحاج - الاخبار
القرار داخل هيئة التنسيق النقابية ليس محكوماً بـ«الـشخصنة»، وليس محصوراً بآراء ثلاثة نقابيين أو أربعة. هذا على الأقل ما عكسته أمس قواعد المعلمين والموظفين الذين حضروا بالمئات إلى مجالس المندوبين والجمعيات العمومية في مدارسهم ليناقشوا وفق الآليات الديموقراطية توصية الهيئة بحماية الشهادة الرسمية. اختلفت المقاربات بين مكونات هيئة التنسيق وداخل كل مكوّن بشأن قرار وزير التربية بإعطاء الإفادات وما هو التوجه النقابي الذي يجب أن يعتمد للحفاظ على الحقوق.
فمنهم من دعا إلى تكريس معادلة لا تصحيح من دون سلسلة رواتب، ذلك أن «المعركة هي معركة كرامة وحقوق لا مكان للخذلان فيها». هؤلاء وصفوا التراجع بـ«الانتحار»، على خلفية أن عدم التصحيح يبقي هذه الورقة حيّة، ويردع المسؤولين عن الإقدام على إعطاء الإفادات في السنوات المقبلة. ومنهم من ضغط باتجاه العودة إلى التصحيح رأفة بالشهادة الرسمية والطلاب والتعليم الرسمي. وهؤلاء يعوّلون على ضغط سياسي يجبر الوزير على العودة عن الإفادات، إذا ما اتخذت هيئة التنسيق قراراً بالتصحيح في اجتماعها اليوم، ولا سيما أن قرار الإفادات يحتاج إلى قانون في مجلس النواب.
وبينما تستبعد مصادر نيابية أن يصار إلى «قوننة» الإفادات، برز موقف لرئيس مجلس النواب نبيه بري يشير فيه إلى أنّ قرار وزير التربية الياس بو صعب بإعطاء الإفادات للطلاب لا يكفي، والسبب الأساسي هو أن هناك نحو أربعين الف طالب برَسم الدخول إلى الجامعات، وطبعاً هناك بينهم من سيتخصص في الهندسة والحقوق والطبّ وغيرها، ودخولهم بعد التخرج إلى النقابات المهنية يفرض عليهم أن يقدّموا شهادة بكالوريا ـ القسم الثاني رسمية، ومن هنا الحاجة إلى القانون، وقد حصل ذلك سابقاً. وعمّا إذا كان ذلك يعني أنّه يمكن تجاوز السلسلة في جلسة نيابية تخصّص لقونَنة الإفادات، قال بري: «طبعاً لا، السلسلة ستبقى على جدول أعمال الجلسة التشريعية، أما إقرارها أو تعديلها فيعود للنواب». مجلس مندوبي رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي رفض أن يفوّض «على بياض» إلى الهيئة الإدارية للرابطة اتخاذ القرار المناسب حيال مصير الامتحانات الرسمية. «لا تصحيح»، كان هذا الصوت الغالب للمندوبين الذين حضروا الجلسة أمس. هؤلاء أقروا، في تصويت أول، استمرار المقاطعة، وطلبوا في تصويت ثانٍ من الهيئة الإدارية العودة إلى مجلس المندوبين مرة أخرى إذا قررت باقي مكونات هيئة التنسيق النقابية الذهاب إلى التصحيح. حصل التصويت الثاني بعدما خرج من يقول إنّ مجالس المندوبين والجمعيات العمومية في رابطتي التعليم الأساسي والمهني الرسمي ونقابة المعلمين في المدارس الخاصة وافقت على العودة إلى التصحيح، وهناك خطر شق هيئة التنسيق. أما مندوبو رابطة موظفي الإدارة العامة، فرأوا أنّ ورقة مقاطعة التصحيح ليست منفصلة عن باقي التحركات من أجل إقرار سلسلة الرواتب، وأعلنوا أنهم ضد إعطاء الإفادات لما للقرار من نتائج كارثية وأن الموظفين لن يتحملوا توقيع وثائق غير قانونية. وتنفذ الرابطة إضراباً، يوم الخميس المقبل، مع اعتصام ينفذونه عند الحادية عشرة من قبل الظهر في وزارة الاقتصاد. في المقابل، لم تصدر قرارات نهائية عن مجالس المندوبين والجمعيات العمومية في نقابة المعلمين في المدارس الخاصة ورابطتي التعليم المهني والتعليم الأساسي الرسمي. وقد حصل التباس في إعلان النقابة العودة عن المقاطعة واستمرار كل أشكال التحرك حفاظاً على الحقوق، وخصوصاً أن عدداً من الجمعيات العمومية صوّت «بالأكثرية الساحقة» ضد التصحيح، ولا سيما في جبل لبنان والشمال وزحلة. هؤلاء استفزهم أن يصدر باسمهم قرار يفيد بتراجعهم عن سلاحهم الوحيد، وسألوا: «كيف بنا أن ننتحر بعدما أُطلقت رصاصة الرحمة علينا؟ كيف يمكن الطلاب والرأي العام أن يأخذوا خطواتنا المستقبلية على محمل الجد؟». واتهم بعض أعضاء النقابة رئيس نقابتهم نعمة محفوض بارتكاب خطيئة التفرّد في القرار. في مجلس مندوبي رابطة أساتذة التعليم المهني الرسمي، إصرار على المقاطعة بالإجماع ورفض لقرار الإفادات «الذي هو بمثابة إلهاء عن مطلب السلسلة». وسأل رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني الرسمي إيلي خليفة: لماذا يُضغَط علينا بالإفادات ما دمنا غير مرتبطين بالجامعات؟ يُذكر أن الوزير رفض طلب عدم إعطاء الإفادات لطلاب التعليم المهني والبريفيه. «نكون أو لا نكون»، هذا ما قاله رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، ودعا إلى عدم الاستخفاف بما يحصل، فالمسألة ليست قرار إفادة، بل ضرب العمل النقابي وإجهاضه، مشيراً إلى أننا «لسنا محرجين نقابياً، فلم نحصل على أي ضمانة بشأن حقوقنا، وكل ما طرح هو زيادة نسبة 13%، كذلك فإننا لسنا محرجين قانونياً، لأنّ المسؤول عن التصحيح ونتائجه هي الوزارة المعنية بتسيير المرفق العام والطلاب مسجلون لديها، والشهادة الرسمية حق للطالب على الدولة وليس على الأستاذ، ويمكن الطالب أن يرفع شكوى إلى مجلس شورى الدولة ضد إعطاء الإفادات». ورأى أن «التراجع عن المقاطعة، يعني حرق هذه الورقة إلى أبد الآبدين وضرب التعليم الثانوي الرسمي، أما الثبات عليها فيسمح لنا بأن نهدد فيها في سنوات أخرى، وبدلاً من أن تنكفئ المقاطعة تنكفئ الإفادة». وفي مواجهة معركة تصفية القطاع العام، أكد أهمية تنظيم هيئة التنسيق بتحويل الروابط إلى نقابات وهيئة التنسيق إلى اتحاد نقابات موظفي القطاع العام. كان لافتاً في بداية الجلسة دعوة بعض المندوبين رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي إلى الانفصال عن باقي مكونات هيئة التنسيق «كي لا نكون وحدنا الاستشهاديين ونحمل كل العواقب بصدورنا نيابة عن الجميع، ولا سيما الموظفون الإداريون». هؤلاء طالبوا بأن «ينفذ الموظفون إضراباً حقيقياً لمدة 10 أيام أو نعود إلى التصحيح». مقابل هذا الطرح، خرجت أصوات تطالب بتحصين هيئة التنسيق بدلاً من فرطها، وذهبت الحماسة بهؤلاء إلى حد الدعوة إلى إطلاق حركة 14 أيار النقابية لتكون رأس حربة في إسقاط النظام. المفارقة أن يأتي الحرص على وحدة هيئة التنسيق من الأحزاب التي لم تتأخر في شرذمتها. ومن أنصار العودة إلى التصحيح، ممثلو الحزب التقدمي الاشتراكي الذين دعوا إلى مراجعة الحسابات وأين أصبنا وأين أخطأنا خلال السنوات الثلاث الماضية. وبرزت مداخلة لممثل حزب الله في الهيئة الإدارية للرابطة يوسف كنعان، الذي دعا مجلس المندوبين إلى تفويض اتخاذ القرار المناسب إلى الهيئة الإدارية، وخصوصاً أن التصويت ليس قانونياً لعدم توافر النصاب، إذ حضر 130 مندوباً من أصل 540. وقال كنعان إنه لم تعد هناك قيمة للمقاطعة، وعلينا العودة إلى التصحيح حرصاً على الشهادة الرسمية وحفاظاً على التعليم الرسمي وهيئة التنسيق النقابية. ودعمه في هذا الموقف أمين سر الرابطة نزيه جباوي (حركة أمل)، فقال إن هيئة التنسيق ستفرط إذا تراجعت باقي المكونات عن المقاطعة، وبقيت رابطة الثانوي وحدها. هنا ساد هرج ومرج في القاعة، إذ رفض المندوبون وقف التصويت، وخصوصاً أن الرابطة دعتهم إلى هذه المهمة بالذات، وصوّتوا مع المقاطعة ولم يقبلوا إلا بتفويض مشروط.
أتمّ الوزير السابق شربل نحاس السبت الفائت عامه الستين. في السنوات الأخيرة، خاض معارك عدة تحت شعار إحراج النظام تمهيداً لكسره. غالباً لم يربح، لكنه استطاع أن يجعل من معظم تحرّكاته مادة لسجال عام. اليوم، مع دخوله العقد السادس، نستعيد معه مرحلة من تاريخ لبنان يرويها من خلال إعادة تأويل سيرته
مهى زراقط - الاخبار
يرتبك الوزير السابق شربل نحاس لدى السؤال عن أمر شخصي. يصف احتفال العائلة بعيد ميلاده بـ«الإشارات اللطيفة». يحاول سريعاً الانتقال بالحديث إلى مكان آخر، يضفي على التجربة الذاتية أهميتها «لأن لها تأثيراً كبيراً جداً على ما سيكون عليه موقعنا العلني والمفبرك في هذه الحياة».
يبدأ الأمر من الطفولة، حين يجهز الأهل الأنماط المسبقة لأولادهم وينتظرون نتائجها. «إذا مرّت الأمور بشكل سلس، يكون منسجماً مع هذه الانتظارات. أما إذا ارتبكت هذه الصور، فسيبذل الشخص جهداً ليحرّك رأسه، ويتخذ موقفاً نقدياً من بعض الأمور».
اللغة العربية
ينتمي نحاس إلى «جيل الشرابل». عندما ولد عام 1954 كان «مار شربل» لا يزال على طريق القداسة. اختارت والدته، ابنة العاقورة، الاسم، وكان نادراً وذا طابع قروي. فدخل من خلال الاسم أولاً ضمن الازدواجية التي تميّز عائلة والدته الريفية عن عائلة والده البورجوازية. هذا الفارق هو أوّل ما تأثّر به. كانا عالمين مختلفين يصعب أن يلتقيا. وعندما يكبر طفل بين هذين العالمين، سيلاحظ الفرق الهائل. أول التحديات كان أي لغة يستخدم بعدما اعتقد لسنوات أن «العربية لغة ناس، والفرنسية لغة ناس آخرين، وعليه أن يتخذ موقفاً». الأمر الثاني الذي أثّر في طفولته كان فارق العمر الكبير بينه وبين والده بما يتجاوز الخمسين عاماً. «كل الأحداث التي كنت أقرأ عنها في كتاب التاريخ، عاشها أبي ولديه روايته الخاصة لها. وهي مختلفة تماماً عن المكتوب». هذا ما جعله يتعامل باكراً جداً مع هذه الروايات بـ«تشكيك بالحد الأدنى». كما جعله ينظر إلى السياسيين في مواقع السلطة بطريقة مختلفة، بما ان والده اخبره الكثير عنهم ما يزيل الهالة التي قد تحيط بمواقعهم.
رغم هذا الوعي، لم يحد عن السكة المرسومة له في منزل عائلته على صعيد الدراسة. لعب دور «التلميذ الشاطر» الذي كانت تعدّه والدته له. بدأ في اليسوعية، فالجمهور، وسافر إلى فرنسا حيث التحق بواحدة من المدارس التحضيرية للهندسة التي لا تستقبل إلا المتفوقين (ecole polytechnique). عامان من المباريات التحضيرية عاش خلالهما وكأنه في معسكر ليربح التحدّي. مع انتهاء العامين، كانت الحرب اللبنانية بدأت. تفاعل مع اغتيال الزعيم معروف سعد. وبدأ الحديث بينه وبين عدد من أصدقائه عن أهمية العودة إلى لبنان «في تلك المرحلة، لم تكن الهجرة خياراً لأحد. قلة هي التي قررت البقاء». لكن قبل العودة، كان لا بد من بناء «العدّة» اللازمة في العمل. «درست إلى جانب الهندسة (التنظيم المدني والبنى التحتية) العلوم السياسية والاقتصادية والانتروبولوجيا». عاد إلى لبنان عام 1979 حاملاً الى شهادة الهندسة، دكتوراه في الانتروبولوجيا، دراسات معمّقة في الاقتصاد، وشهادة الـpolytechnique.
كلية الهندسة
تزامن وصوله مع تولي الرئيس سليم الحص الحكومة في عهد الرئيس الياس سركيس. كانت الأجواء تشير إلى تهدئة. وقّع عقداً لمدة سنة مع مجلس تنفيذ المشاريع الإنمائية، بدأ خلالها التحضير مع عدد من زملائه لتأسيس كلية هندسة في الجامعة اللبنانية، هي الأولى بعد التفريع الذي حصل بسبب الحرب. يصف هذه المرحلة بالمهمة «أسّسنا ثلاثة فروع، كان الأول في الشمال لنكسر القاعدة». أهمية التجربة «أننا انطلقنا لدى وضع المنهاج التدريسي من أننا نريد أن نخرّج نخبة تكون قادرة على التكيّف مع التطورات العلمية المتسارعة من جهة، وأن نكون أعلى مستوى من الجامعات الثانية من جهة ثانية». في المرحلة الأولى كان مبنى الكلية ــ الفرع الثالث في مبنى كلية التربية في الأونيسكو «لكن واحدة من الميليشيات طردتنا». انتقلت الكلية إلى جسر المطار، وبعد وقت قصير حصل الاجتياح الاسرائيلي عام 1982. توقفت الدراسة، وفي انتظار الترميم، تعرّف نحاس إلى المهندس الفضل شلق «قيل لي إنه مكلّف من قبل شخص متموّل بتنظيم تنظيف العاصمة. هذا الشخص كان الرئيس رفيق الحريري». انتهى المشروع، وعاد نحاس إلى التدريس، لكن ليس لوقت طويل. إذ لم تستقم الأمور طويلاً في كلية الهندسة بعد انتفاضة 6 شباط 1984. يرى نحاس أن هذه المرحلة تميّزت بمفصلين أساسيين: تثبيت سلطة الميليشيات والفرز الطائفي من جهة، وتدهور الليرة اللبنانية من جهة ثانية. «وكنا نعي أن ما يحصل سيجعلنا ننتهي إلى بلد غير الذي كنا نعرفه». استمرّ في التدريس حتى 1991 بعدما انتقل إلى الفرع الأول في الشمال. في منتصف الثمانينات، خاض تجربة لم تكتمل مع شركة أوجيه المملوكة من الحريري. اختلف سريعاً مع الشركة بسبب نقاشات حول إعادة إعمار وسط بيروت ودوره، كانت نتيجته إقفال مكتبه.
بلديات 1998
بدأت رحلة البحث عن عمل جديد، بالتزامن مع انتقاله من الروشة إلى الأشرفية إثر تعرّضه لعملية خطف. تعرّف إلى المصرفي موريس صحناوي وعمل في «سوسييتيه جنرال» من 1986 إلى 1998. وكالعادة، خرج من العمل بـ «خناقة». يستفيض في شرح هذه المرحلة التي كانت خلالها الطبقة الجديدة المنبثقة من الميليشيات تخضع لـ «روداج» (تمرين). حصل هذا في وقت كانت المراهنات الأساسية في المنطقة على التسوية قد سقطت، وتحديداً عام 1996. بموازاة ذلك، تعثّرت العملية المالية القائمة على الديون وبدأت خلافات السياسيين تكثر «لأن القلة بتولّد النقار». وهو ما جعل من الانتخابات البلدية في 1998 محطة مهمة. أولاً بفعل الحملة التي سبقت للمطالبة بها (بلدي، بلدتي، بلديتي) وثانياً لأنها أقرّت بحكم من المجلس الدستوري. خاض نحاس الانتخابات، مع مجموعة من الأصدقاء في مواجهة اللائحة التي ضمّت كلّ الأطراف السياسية الممثلة في السلطة. وحظيت الانتخابات بتفاعل شعبي «لا نجد ربعه اليوم على مسائل أخطر». كانت نتيجة هذه المعركة، الطرد من العمل. وبعد مفاوضات استمرّت سنة، حصل على تعويضه من «سوسييتيه جنرال». أبرز ما خرج به نحاس من هذه التجربة، أنه بات يرى لبنان، بسياسييه وأهله ومؤسساته، بطريقة مختلفة. ذلك أن من يعمل في القطاع المصرفي يصبح مطلعاً على مصدر السلطة الحقيقي «يكفي أنك تعرفين من يملك المال ومن لا يملكه». هذه المرة، لم يبحث عن عمل. التعويض الذي حصل عليه جعله يؤسس مكتب دراسات، لكن لمدة عام واحد لم يستطع خلاله أن «يجري مفاضلة بين أن يكون عنده حرية رأي أكبر، أو يكون ملزماً بتأمين استمرارية المؤسسة». أقفل المكتب وبات منذ ذلك الوقت يعدّ دراسات، سواء لصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو غيرهما.
وزيراً مرتين
عام 2005 كان مفصلياً. وكان من نتيجة التغييرات أن اقترح عليه أصدقاؤه العونيون تعريفه إلى الجنرال ميشال عون. ولدت حاجة متبادلة بين الطرفين، الأول يريد أن يستفيد من خبرة نحاس، والثاني يريد من يساعده على الخروج من هذا النظام. وبدأت الأمور بدورات تدريب نظمّها نحاس عن الإدارة المالية والاقتصادية للبنان وانتهت بدخوله إلى الحكومة مرتين... ليخرج منها مجدّداً بمشكل. الكثير من التفاصيل يمكن أن تذكر هنا عن محاولاته الاستفادة من الفرصة لكسر مسلّمات في إدارة النظام اللبناني لمؤسساته ومقاربته للقضايا، لكن الخلاصة تبقى في الخاتمة بعدما «ذهب بعيداً» في محاولة تغيير الخيارات الاقتصادية الاساسية، ونظم الرعاية الصحية والضرائب، إلخ. يعترف بحصول خطأ في التقدير «كنت أعتقد أن إثارة النقاش حول هذه المسائل في الفضاء العام سيكون له تأثير أكبر مما حصل بكثير، في وقت لم تخذلني فيه الممانعة، بل لبّت النداء بنسبة 100%». تصاعدت الأزمة، وصولاً إلى الاستقالة التي لم يندم عليها لأن التوقيع الذي كان مطلوباً مني (مرسوم بدل النقل) يعني موافقتي على «بيع كلّ ما كوّنته من أفكار. ومقابل ماذا؟ مقابل ما اختير ليكون رمزاً لذلك. لم يكن الأمر وارداً». لم تمرّ استقالته من دون ردود فعل مستنكرة. لكنها لم تتجاوز عبارات الأسف أو التضامن. لا يحاكم نحاس المواطنين لأن «لديهم صوراً نمطية جاهزة وهم يرون أن القاعدة العامة للامور هي الثبات. رأيي أنهم يصدّقون بنسبة 100% أن التغيير لن يتحقق». وهل تصدّق العكس؟ «أنا لا أصدّق أن التغيير سيحصل، بل أعرف أن من الصعب جداً أن يحصل. لكن ما أقوله إننا يجب أن لا نرضى بهذه الحقيقة». نحاس، الذي لا يتردّد في رمي حجر في البحيرة الراكدة كلما أتيحت له فرصة، خاض معركة سبينيس، ومعركة تلفزيون لبنان والمونديال، وتجربة المؤتمر الوطني للإنقاذ. ليس راضياً عما حققه. بعد ستين عاماً، يعترف بأن شيئاً مما حلم به في سن الشباب لم يتحقق. الاسباب كثيرة، ومنها «لم أكن أتصور أن منطقتنا وبلدنا بالتحديد درجة ورا درجة بيتدجنوا وبيضعفوا وبيهزلوا إلى هذا الحد». لكن، لا مجال للتقاعد: «لا أزال شاباً».
هيئة التنسيق: الغرسة الأجمل
يعترف الوزير السابق شربل نحاس أنه لم يستطع تحقيق الكثير في السنوات الماضية. لكني نجحت في إعاقة سير بعض الأمور. سواء على صعيد المصطلحات، مشاريع القوانين، التعامل مع المالية العامة. وفقت في فرض بعض الأمور، مثل ما حققته خلال وجودي في وزارة الاتصالات وفي إثارة قضايا كانت مغلقة من أبرزها هيئة التنسيق. بالنسبة له «هيئة التنسيق هي الأجمل بين مختلف الغرسات التي حاولت غرسها». الموضوع بالنسبة إليه، ليس تصحيح الأجور، بل «حشر النظام». وقد نجحت الهيئة في ذلك حتى أصبحت اليوم «في وضع مختلف عن الذي انطلقت منه. باتت لاعباً أساسياً وعليها التفكير في تثبيت مواقعها وإذا أمكن تحقق خطوة إضافية مثل التحوّل إلى حركة نقابية». يرفض القول إنه يحمّلها أكثر من طاقتها، خصوصاً عندما اقترح في بيان المؤتمر الوطني للإتقاذ الأخير أن تبادر إلى إجراء انتخابات رئاسية «كنت أفتح نقاشاً. فكرت أنه بحكم الإرباك الموجود لدى السلطة: عوض أن تكون هيئة التنسيق جزءاً من مشكلة انعقاد المجلس النيابي، فلتبادر».
من لا يجيد فن الرقص والغناء لايجيد فن الثورة.
يتشرف اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني-زوطر
بدعوتكم لحضور الاحتفال الفني بعنوان:
الفن يهزم التطرف يتخلل الحفل
مشهديات فنية –
اغاني واناشيد للوطن والثورة (كورال اتحاد زوطر)
سكتشات مسرحية هادفة.
الزمان: مساء السبت في 23 آب 2014 الساعة الثامنة
المكان: مسرح بلدية زوطر الشرقية.
نأمل حضوركم وتشريفكمTop of Form
Bottom of Form
قوى السلطة تريد قطع رأس هيئة التنسيق النقابية ووأد أي احتمال لنشوء حركة نقابية خارج سيطرتها. هذه الخلاصة عبّر عنها بوضوح التفافها حول وزير التربية الياس بو صعب، وتشجيعه على المضي في مخالفة القانون وإصدار إفادات. هيئة التنسيق بدت مرتبكة، وهي لم تجد ردّاً يقيها الانقسام إلا العودة لمجالس المندوبين والجمعيات العمومية لاتخاذ قرار تحت عنوان «حماية الشهادة الرسمية»
فاتن الحاج - الاخبار
قرار وزير التربية الياس بو صعب إعطاء الإفادات، ليس سبب الانتكاسة الجديدة التي تعرضت لها هيئة التنسيق النقابية. فالقرار كان منتظراً بعد انكشاف مواقع كل الأطراف السياسية من ملف سلسلة الرتب والرواتب. سبب الانتكاسة أنه جرى التفريط بما حققته هيئة التنسيق في الأسبوع الماضي من موقف موحد مدعوم من قواعد المعلمين والموظفين بعدم التراجع عن قرار مقاطعة تصحيح الامتحانات تحت أي ذريعة، وذلك من خلال انقسامات ظهرت بين مكونات الهيئة، في أثر إعلان بو صعب للقرار، السبت الماضي.
قيادات الهيئة (المتأثرة بنفوذ أحزاب السلطة) انقسمت بين داعٍ إلى الرضوخ والذهاب إلى التصحيح، بحجة إنقاذ الشهادة الرسمية، وبين داعٍ إلى تحويل الضغوط إلى فرصة جديدة للانتقال بالحركة النقابية إلى أفق جديد، عبر الإصرار على موقف هيئة التنسيق «الموحد» والرد على القرار، الذي يراد منه قطع رأس الهيئة، بالعمل فوراً على تحويل الروابط إلى نقابات وإعلان قيام «اتحاد نقابات الموظفين في القطاع العام»، وبالتالي الاستعداد لاستكمال المعركة بأدوات أكثر فعالية وتنظيماً وأكثر تمثيلاً للقواعد. هيئة التنسيق باجتماعاتها المتواصلة حتى منتصف ليل السبت ـ الأحد، لم تصل إلى قرار واحد، فجرى الاتفاق على العودة إلى مجالس المندوبين والجمعيات العمومية. وقضت التسوية بأن تحمل التوصية هذه المرة عنوان «حماية الشهادة الرسمية»، أي إنّ الهيئة أقرّت أنّ قرار منح الإفادات أسقط عملياً سلاحها الحالي، وبات عليها إمّا ترك القوى السياسية تتحمل مسؤولياتها تجاه تدمير المستوى التعليمي، وإمّا التراجع بإعلان استعدادها لتصحيح الامتحانات وإعلان النتائج حتى لا تُتهم بأنها سمحت بتعريض مصالح الطلاب للخطر، وكان لافتاً في هذا السياق أعلنه رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، بأنّ العام الدراسي سيبدأ في موعده في الأول من أيلول المقبل. هناك خيار جرى التباحث فيه بين قيادات الهيئة، وسيكون مطروحاً على النقاش في القواعد، وهو اللجوء إلى القضاء لإسقاط قرار منح الإفادات، نظراً إلى مخالفته قوانين عدّة وحاجته إلى تشريع في المجلس النيابي يجعل منح الإفادات إجراءً قانونياً. إلا أن الضغوط الحزبية تستبعد مثل هذا الخيار، وهو ما عكسته آراء عدّة داخل الهيئة استعادت ما حصل في قضيّة بدل النقل للعاملين في القطاع الخاص، إذ أصرّت أحزاب السلطة على إقرار مرسوم بدل النقل وثم «قوننته» لاحقاً، وهو ما أدّى يومها إلى استقالة الوزير شربل نحّاس.
حالة التململ من الضغوط الحزبية بادية في صفوف المعلمين والموظفين. وسأل نقابيون مستقلون: إذا كان النواب سيذهبون إلى المجلس النيابي لقوننة الإفادات، فلماذا لا ينزلون لإقرار السلسلة؟ لماذا استعجل وزير التربية بحرق ورقة التصحيح برمتها، ولا سيما لشهادة البريفيه وشهادات التعليم المهني، ما دام الوقت ليس داهماً بعد؟ يقولون: «كل من وافق في مجلس الوزراء على إعطاء الإفادات ضحى بالتربية وأسهم في السعي إلى وأد الحركة النقابية». في المقابل، هناك من يرى أنّ ما قبل الإفادات ليس كما بعدها، والأمر بات يستحق مراجعة لخطوة مقاطعة التصحيح وتقويمها بتبصر وعقلانية والعمل من أجل كسب تعاطف الأهالي والطلاب مع هيئة التنسيق. وتبقى الكلمة الفصل لمجالس المندوبين والجمعيات العمومية التي ستعقد اليوم وغداً، على أن يُعلَن القرار في اجتماع هيئة التنسيق عند الرابعة من بعد ظهر غد الثلاثاء. حتى اللحظة التي أعلن فيها وزير التربية قراره، كانت قيادات هيئة التنسيق تعوّل على نتائج اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائبة بهية الحريري قبيل ساعات قليلة من المؤتمر الصحافي للوزير. إلا أنّ اللقاء فشل في تحديد موعد لجلسة تشريعية قريبة لإقرار السلسلة وذهب باتجاه دعم قوننة الإفادات من خلال دعوة لجنة التربية النيابية إلى جلسة، عند الثانية عشرة ظهر الثلاثاء المقبل، تكون الإفادات بنداً رئيسياً على جدول أعمالها. وتنقل مصادر النائبة الحريري قولها إننا «كنا أمام خيارين أحلاهما مر، ولم يعد أمامنا سوى القبول بالإفادات، وإن كنا قد عارضناها في البداية، إلّا أن الوقت بات داهماً والطلاب مرتبطون بدخول الجامعات». وفي ما يخص السلسلة، تلفت المصادر إلى أن الاجتماع مع بري لم يتطرق إلى حلول آنية، إنما أكد أهمية متابعة الاتصالات بين الأفرقاء السياسيين بشأن الصيغ المطروحة، بما أن موضوع الطلاب قد حسم ولم نعد محشورين بالوقت». هل صحيح أن النائبة الحريري طرحت في الاجتماع مع بري السير في أرقام السلسلة التي أعدتها اللجنة النيابية الفرعية الثانية برئاسة النائب جورج عدوان؟ تجيب المصادر: «لقد طرحت أفكار عدة، وإن تم ترجيح مشروع لجنة عدوان، إلّا أنّ كل ذلك كان يصطدم بمبدأ تعذر عقد جلسة تشريعية قريبة بسبب غياب انتخاب رئاسة الجمهورية». وتستدرك: «صحيح أن النائبة الحريري لا يعنيها ربط الجلسة باستحقاق آخر، إلّا أنها جزء من تيار سياسي ولا تستطيع أن تحل موضوع السلسلة بصورة جزئية ومنفصلة عن باقي الملفات». لكن المعلومات تشير إلى أن العقدة لم تعد في عقد الجلسة التشريعية، بل في السلسلة نفسها، بما أنّه لن يكون هناك تشريع قبل إقرار السلسلة. إذاً، نجحت أحزاب السلطة بتأمين التغطية لقرار الانقضاض على هيئة التنسيق النقابية، واتخذ بو صعب قراره باعتماد وثائق الترشيح للامتحانات بديلاً للشهادات، وأباح «أخذ الصالح بعزا الطالح»، وقضى على آمال طلاب متفوقين كانوا يتحرّقون لمعرفة علاماتهم وآلمهم مساواتهم بالراسبين. سعى بو صعب إلى قطع الطريق على أي إمكانية للطعن بقراره حين أعلن إتلاف المسابقات مباشرة (وهي وثائق رسمية)، أو هكذا أوحى في مؤتمره الصحافي، بحجة أنه لن يكون هناك تصحيح بعد الآن. إلا أن «الأخبار» علمت أنّه أُعدّ مشروع مرسوم ومشروع قانون بهدف تغطية إعطاء الإفادات وإتلاف المسابقات في الوقت نفسه، وأن العملية الأخيرة لن تحصل قبل صدور المرسوم أو القانون. ألم تكن لدى بو صعب خيارات أخرى؟ يجيب أحد القانونيين بأنه كان عليه أن يحيل مشروع قانون بإعطاء الإفادات، كخطوة أولى، وهذا واجبه قانونياً، فضلاً عن أن خطوة كهذه كانت ستشكل عامل ضغط على الكتل النيابية، وليس هيئة التنسيق. إلا أن بو صعب قرر الذهاب إلى مواجهة الهيئة والتدخّل في شؤونها، وتجلى ذلك بصورة خاصة عندما أعلن أنّه تبلغ من ثلاثة نقابيين من أصل أربعة في هيئة التنسيق رغبتهم في تصحيح الامتحانات، واشترط إعادة تقويم العمل النقابي ليستمر بدعمه لمطالب المعلمين.
يعود إلينا صاحب «جذور السنديانة الحمراء» بأقلام صادقته وأخرى عملت معه في السياقات الفكرية والوطنية والتنويرية ذاتها، فتُستعاد أجزاء ومحطات وذكريات من سيرته مناضلاً ومثقفاً وناقداً عصامياً في العدد الجديد الذي كرّسته المجلة للاحتفاء برئيس تحريرها الذي قضى نصف قرن بين صفحاتها
حسين بن حمزة- الاخبار
كما في عنوان كتابه «وجوه لا تموت في الثقافة العربية الحديثة»، كان الراحل محمد دكروب (1929 ـ 2013) وجهاً من تلك الوجوه واسماً من بين تلك الأسماء التي كتب عنها وأرّخ تجاربها في حقول الرواية والنقد والنضال السياسي والتنويري. وها هي أجزاء ومحطات كثيرة من سيرته مناضلاً ومثقفاً وناقداً عصامياً يُعاد سردها في العدد الجديد الذي كرّسته مجلة «الطريق» للاحتفاء بـ«صاحب الطريق» ورئيس تحريرها الذي قضى نصف قرن بين صفحاتها. هي «دراسات وشهادات ومتابعات»، وكلماتٌ أُلقيت في حفل تأبينه، إلى جانب الأوراق التي قُدمت في ندوة خُصصت له، وتضمنت محورين، الأول بعنوان: «المثقف الثوري والتغيير»، والثاني بعنوان: «محمد دكروب ناقداً ومؤرخاً ».
يعود إلينا صاحب «جذور السنديانة الحمراء» بأقلام صادقته وأقلام عملت معه في السياقات الفكرية والوطنية والتنويرية ذاتها، فنقرأ مجدداً عن دكروب، وعن سيرته كـ«شغّيل ثقافي »، وناقد أدبي، ومناضل تنويري، وماركسي على طريقته. هي أشياء نعرف غالبيتها، ولكن المتعة المتوافرة في تفاصيل سيرته تمنح تلك الأشياء طاقة كبيرة على بثّ انطباعاتٍ جديدة أو تُديم انطباعاتنا السابقة عنها. لقد ظل دكروب مديناً لواقعيته الفطريته التي قادته إلى واقعية فكرية وجدها في الحزب الشيوعي اللبناني، وفي الفكر الماركسي الذي عثر فيه على صياغاتٍ متماسكة وصلبة لأفكار العدالة والفقر التي خبرها في طفولته وممارسته للعديد من الأعمال الشاقة. في الحزب، وفي صحافته، وفي صداقته مع قياديين ومناضلين فيه، وفي قراءاته المتنوعة لأدباء ومثقفي تلك الحقبة من خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ثقّف دكروب نفسه، وتلقى تلك التربية التي منحته نبرة تنويرية ونهضوية جعلت منجزه النقدي والثقافي منتمياً بمفعول رجعي إلى تراث النهضة وروادها الكبار.
من صحبته مع الكتب والكتّاب، صنع صحبته مع القارئ. ومن لغة تمزج بين النقد والسرد والمعلومة الشفوية والوثيقة التاريخية والحوار المباشر، أنجز مؤلفاته ودراساته التي تصفها الناقدة يمنى العيد في شهادتها بأنها «سرديات نقدية»، جعلت من دكروب «ناقداً متميزاً بخصوصية قوامها ذاكرة تقرأ وتفكر لتجعل من النقد سرداً معرفياً ممتعاً يجاور بين الكلام على الأدب وبين الكلام على شخصية المؤلف وظروف حياته ومجتمعه وثقافته، أي بين الأدب وما يعتبره عوامل ذات أثر فاعل في النتاج الأدبي». ولذلك كان «الشخص يأتي قبل النص »، أو تكون صورة الكاتب جزءاً جوهرياً من الكتابة عنه، كما يقول الناقد فيصل دراج في مداخلته « النقد الأدبي وأخلاق التذكر». وبالنسبة إليه، كان دكروب «راوياً» بارعاً وقادراً على تحويل «النقد الكتابي إلى جملة من الحكايات». خلاصاتٌ مثل هذه نجدها في مقالة ماهر الشريف «إضاءات على فكر المثقف الشغّيل »، حيث يستعيد مسيرة دكروب في مجلة «الثقافة الوطنية»، وفي «الطريق» التي «توحّد معها صوفياً»، ورأى فيها «ميدان نشاطه الأرحب، وأداة التنوير الأفعل». وبالفعل، كان صاحب « الأدب الجديد والثورة» أهم منشط ثقافي عربي، بحسب وصف الناقد المصري سيد البحراوي. لقد صنعت له المجلة علاقات وصلاتٍ مع نخبة من أهم الكتاب والباحثين والنقاد على مساحة العالم العربي. صلاتٌ تسربت بطرق مختلفة إلى قراءات وآراء ونقاشات متبادلة أسهمت في تطوير الكتابة والأساليب، مع التركيز على قراءة الواقع وتحولاته من وجهة نظر ماركسية ويسارية وتقدمية. دكروب أو الدكروب كما كان أغلب أصدقائه يسمونه تحبباً، كان ناقداً على طريقته، كما كان شيوعياً على طريقته. لقد ظلت الماركسية تلمع في منجزه الأدبي والتاريخي، ولكنه ابتعد عن القراءة « الحزبية» للنصوص، بل إنه «أخذ على معظم السياسيين والقادة الحزبيين وحتى المنظّرين منهم، استنكافهم عن قراءة الروايات»، كما يقول الشريف عنه. الرفيق دكروب الذي قال: «سأموت شيوعياً»، كتب سيرة الحزب الشيوعي بالطريقة ذاتها تقريباً التي كتب بها «سردياته النقدية» ، فجمع في كتاب «جذور السنديانة الحمراء» بين التأريخ والرواية والحكايات، معتمداً على «مصادر التاريخ الشفهي»، ومقابلة صنّاع الحدث، واستعان بذاكرتهم، وأعاد تركيب وقائع ودلالات مرحلة بكاملها، بحسب شهادة جاك قبانجي. الخلط بين التاريخ والسرد الحكائي والروائي، هو المادة التي تقوم عليها مقالة الباحثة مريم يونس في المقارنة بين محمد دكروب والمؤرخ الفرنسي مارك بلوخ (1866 – 1944) أحد مؤسسي الأنثروبولوجيا التاريخية. مقارنةٌ تعيدنا إلى «الوصفة النقدية » التي اشتهر بها صاحب «تساؤلات أمام الحداثة والواقعية في النقد العربي الحديث». وهو ما نجده مروياً بلسان دكروب نفسه في حوار مهم باللغة العامية أجراه معه الدكتور أحمد علبي بالعامية سنة 1981، ونشرت المجلة جزءاً منه، إذْ يتحدث عن ممارسة يسميها « تقميش مواد الكتاب» الذي يكون بصدد تأليفه. التقميش هو جمع كل ما يتعلق بالموضوع قبل «خياطته» النهائية. لعل هذا التوصيف (الذي يذكّرنا بالمهن اليدوية التي اشتغلها دكروب في طفولته) هو الأقرب إلى كل تلك الجهود النقدية الثرية والممتعة التي كان الدكروب بارعاً في تأليفها أولاً، وفي جعلها مشوقة وثرية وممتعة بالنسبة إلى القارئ ثانياً. بهذه الطريقة كتب عن أسماء وشخصيات باتت جزءاً من ذاكرتنا الثقافية والفكرية والأدبية. وبهذه الطريقة، حظيت تجارب هؤلاء بأن تُروى من مؤرخ وناقد وحكواتي عرف كيف يُصادق النصوص ويستخرج منها بورتريهات مدهشة وعميقة لأصحابها. وهو ما يسميه الباحث المصري صلاح السروي «شعرية الكتابة عن الآخرين»، ويستعرض فيها ما كتبه دكروب عن أسماء مثل: رفاعة الطهطاوي ونجيب محفوظ والجواهري ومارون عبود ومحمد عيتاني وعبد الرحمن منيف وإميل حبيبي ومهدي عامل وصلاح جاهين. الشهادات والمساهمات الأخرى في المجلة هي مقاربات من زاويا متعددة لدكروب «مبدعاً وناقداً ومؤرخاً»، كما جاء على غلاف العدد. ونذكر منها ما كتبه طلال سلمان بعنوان « محمد الذي جاء ماشياً على البحر»، ومحمد البعلبكي الذي وصف الراحل بأنه «سنديانة من سنديانات لبنان الدهرية» ، ومقداد مسعود الذي عاد إلى مجموعته القصصية الوحيدة «الشارع الطويل»، وأيديولوجية القص في بدايات الكاتب، وعبد الإله بلقزيز الذي كتب عن «شخصيات محمد دكروب المتحدة»، وفريدة النقاش التي كتبت عن « محمد دكروب: تكامل الرؤية»، وحسن إسماعيل الذي درس المنهج التاريخي في «جذور السنديانة الحمراء»، ومروان عبد العال الذي كتب شهادة بعنوان: «محمد دكروب: بين روح الأدب والرومنطيقية الثورية.
الاهرام
استقبل مؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي مساء أمس السبت، وفد اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي الموجود في القاهرة. ناقش صباحي مع الوفد أزمات اليسار العربي وكيفية توحيد الجهود الرامية لتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية داخل أقطار الوطن العربي، بالإضافة إلى الموقف من القضية الفلسطينية والأزمة الراهنة. وحث صباحي الشباب على الانخراط في العمل السياسي وتقوية تنظيماتهم الحزبية الوطنية لخلق أطر سياسية تنتصر لحقوق الشعوب، وتحقيق مطالب الجماهير العربية المشروعة والتي عبرت عنها في ثورات الربيع العربي التي تعثر أغلبها، مشيرًا إلى أن الشباب هم الجيل المنوط به تسلم راية النضال من أجل العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني وديمقراطية مستحقة، والعمل على بناء دول وطنية قوية تحمي ولا تهدد. حضر اللقاء ممثل اتحاد الشباب الديمقراطي العالمى، واتحاد الشباب الديمقراطي اللبنانى والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردنى. وعلى صعيد متصل ووفقًا لبيان التيار الشعبي الصادر اليوم في لقاء منفصل، التقى صباحي النائب اللبناني نجاح يواكيم رئيس حركة الشعب، للحديث حول تطورات الأوضاع في لبنان وخطر التنظيمات الإرهابية التي تحيط بالوطن العربي، بالإضافة إلى أزمة قطاع غزة وانعكاساتها على الأمن القومي العربي. وأكد صباحي أن قوة الأمة العربية ونهضتها من قوة مصر، قائلًا "حينما تعود مصر إلى مكانتها الإقليمية ستقلب موازين القوى في الإقليم، وستكون رمانة الميزان في حفظ السلم والاستقرار في المنطقة، وتحقق الأمن لها ولأمتها العربية من خطر التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة التي تحيط بوطننا العربي". وأضاف صباحي أن مصر لن تتمكن من لعب دور فاعل حتى تحقق طفرة اقتصادية تمكنها من حماية مصالحها وأمنها القومي، وتحقق العدالة الاجتماعية، كأهم أسباب قوة وتماسك الجبهة الداخلية.
يتشرف اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني بدعوتكم لحضور الندوات التالية: 1. السياسة الدولية والعولمة - د. حسن خليل الجمعة 22 آب الساعة 12 ظهرا 2. الانتخابات والنسبية - الاستاذ طلال الحسيني السبت 23 آب الساعة 10 صباحا 3. العمل المطلبي والتغيير السياسي - الاستاذ حنا غريب السبت 23 آب الساعة 4 بعد الظهر 4. فلسطين مقاومة - الاستاذ مروان عبد العال الاحد 24 آب الساعة 11 صباحا وذلك ضمن اعمال المخيم الحواري المركزي المكان: مركز البساتين - الشحار
Top of Form
Bottom of Form
حققت هيئة التنسيق النقابية انتصاراً كبيراً، أمس. فهي لم تنجح فقط بمنع تصحيح الامتحانات، بل فرضت التراجع عن الإفادات، ولو لفترة. هذه النتيجة تحتاج إلى تثبيت اليوم في الاعتصام الذي دعت إليه الهيئة في ساحة رياض الصلح للقول إن الحل يبقى بإقرار سلسلة الرواتب
فاتن الحاج - الاخبار
رهان وزير التربية الياس بو صعب على كسر القرار النقابي لقواعد المعلمين والموظفين بالترهيب والترغيب سقط أمس، إذ نجحت هيئة التنسيق النقابية بتحقيق إنجازين: الحفاظ على سلاح مقاطعة التصحيح في الامتحانات الرسمية وتعطيل قرار إعطاء إفادات نجاح للجميع. هذا الانتصار فتح الباب مرة جديدة أمام إمكان إطلاق بحث جدي بين الكتل النيابية في اتجاه عقد جلسة تشريعية لإقرار سلسلة الرواتب وغيرها من القوانين، ولا سيما أنّ الأجواء تشير إلى احتمال كبير لعقد مثل هذه الجلسة قريباً، في ظل اشتراط رئيس مجلس النواب نبيه بري تفعيل عمل المجلس قبل أي بحث بتمديد جديد له.
إذاً، استطاعت هيئة التنسيق كبح اندفاعة الوزير بو صعب، الذي بقي متمسكاً بخيار الإفادات حتى اللحظة الأخيرة، قبل أن يعدّل موقفه تحت وطأة الانتصار النقابي، ويعلن تراجعه عن قرار الإفادات، وتأجيل أي خطوة إلى ما بعد عطلة عيد انتقال السيدة العذراء، في نهاية هذا الأسبوع، وذلك فسحاً في المجال لمروحة من الاتصالات مع المرجعيات السياسية الأساسية، لعقد جلسة نيابية تقرّ حقوق المعلمين والموظفين والعسكريين. الغطاء السياسي من مجلس الوزراء وأحزاب السلطة لم يكن كافياً لكسر القرار النقابي بالمواجهة وإسقاط مشروع ضرب هيئة التنسيق. فقواعد المعلمين والموظفين قامت بتأديب الأحزاب التي تدعي تمثيل الطوائف، وأبلغت رسالة واضحة لمن يعنيهم الأمر: لسنا قطعاناً، وعليكم أن تفهموا ذلك جيداً.
الوزير بو صعب فهم الرسالة، على ما بدا من كلامه بعد إعلان فشله في تأمين حضور اللجان الفاحصة. فهو كان قد حدد موعداً لطباعة الإفادات (اعتباراً من ظهر أمس) إن لم يحضر المصححون. إلا أنه، تحت وطأة الانتصار النقابي، تراجع وخفف من دور البطولة، ليتحدث مجدداً عن «الحوار ومحاولة فتح ثغرة في الأفق المقفل»، طالباً من الوحي «أن ينزل على السياسيين في عيد السيدة، لكي يتوافقوا على عقد جلسة لمجلس النواب لإقرار الحقوق». كذلك راح يبدي حرصه على عدم شق الصف النقابي، وأنّه لا يقبل بوجود خلافات في الجسم التربوي ولا مع الأهالي والطلاب، علماً بأنّه لم يعدم وسيلة إلا استخدمها لكسر قرار مجالس المندوبين والجمعيات العمومية لروابط المعلمين والموظفين، وسعى جاهداً إلى اجتذاب المصححين، عبر ترهيبهم بالرسائل النصية التي تحثهم على الحضور أو عبر الاتصالات الهاتفية وترغيبهم بالبدلات المالية. كل ذلك انتهى باعتراف الوزير بو صعب بإنجازات الحركة النقابية! كان بو صعب قد توّج ضغوطه على الأساتذة بطلب استدعاء المئات من عناصر القوى الأمنية إلى وزارة التربية لمواجهة الاعتصام الذي دعت إليه الهيئة، تزامناً مع دعوة اللجان الفاحصة. مشهد «مدجج بالسلاح» لم يسبق له مثيل في عهود كل الوزراء السابقين. العناصر رابطوا عند المداخل الرئيسية الأربعة للوزارة، وحوّلوها إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، أو كأنها «عرسال»، حسب ما راح البعض يردد استهجاناً واستنكاراً لهذا السلوك الأرعن في مواجهة أساتذة ومعلمين. «الأمنيون» لم يسمحوا إلاّ بدخول المصححين المسجلين في اللوائح الاسمية التي كانت في حوزتهم. أما الأساتذة المعتصمون والمقاطعون لأعمال وضع أسس التصحيح فمنعوا من الاعتصام في الباحة الداخلية لوزارتهم. هؤلاء حاولوا أن يردعوا زملاءهم، وغالبيتهم من الأساتذة المتعاقدين وبعض الأساتذة في التعليم الخاص، عن خرق القرار النقابي، إلّا أن 43 معلماً فقط من أصل 600 تحتاجهم عملية انطلاق التصحيح لم يستجيبوا، وهو عدد ضئيل جداً بالمقارنة مع ما كان يردده الوزير بو صعب صباحاً عن وجود المئات من المصححين. القوى الأمنية اعتدت على رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض، أثناء محاولته إقناع الأساتذة الذين حضروا للتصحيح بعدم الوقوف ضد أنفسهم ومصالحهم. أوعز ضابط إلى عسكرييه بإزاحة «النقيب» جانباً، حاول عنصران حمله لإبعاده، ما أشعره وزملاءه بإهانة كبيرة، وأدمعت عيناه وهو يردّ على الاعتداء بالقول إننا «نعمل تحت سقف القانون ومن حقنا كجهة نقابية أن نؤثر على آراء معلمينا بالحوار والإقناع». أبى بو صعب إلّا أن يكون جزءاً من المشهد المخزي في باحة الوزارة. نزل إليها محاطاً بمجموعة من فريقه ليصطحب الراغبين في التصحيح إلى الداخل، محاولاً تصوير النقابيين كما لو أنهم بلطجية. كاد سلوكه أن يسبب توتراً حاداً. المقاطعون للتصحيح صرخوا من وراء البوابة الحديدية المقفلة في وجهه، داعين إلى مواجهة الكتل النيابية التي لا تريد إقرار السلسلة، لا مواجهة أصحاب الحقوق، ودعوه إلى الاستقالة. الوزير وضع ما حدث من «مشاكل أمام المبنى» في خانة الأخطاء الطبيعية، واعداً الطلاب بإيجاد الحلول لهم، رافضاً الاستقالة. على المركز الآخر، أي في المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، اعتصم الموظفون الإداريون وأساتذة التعليم المهني وفرضوا وقف انطلاقة أعمال وضع أسس التصحيح، إذ لم يشارك أيضاً أكثر من 40 مصححاً. وبرز سؤال عمّا إذا كان المدير العام لمديرية التعليم المهني، رئيس اللجان الفاحصة، أحمد دياب، المحسوب على حركة أمل، قد قرر الانحياز إلى القرار النقابي بعدم إمرار التصحيح، ولا سيما أنّه كان يستطيع استقدام المتعاقدين، وهم يشكلون 80% من الجسم التربوي في التعليم المهني الرسمي. تسلّحت الهيئة بقاعدتها ونجحت في فرض إرادتها في مراكز أسس التصحيح، وبدا رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب منتشياً بالانتصار «الذي حققه معلمون وموظفون وقفوا في حزمة واحدة بقيادة هيئة التنسيق النقابية»، وقال إن «الحركة النقابية فرضت نفسها على الأرض»، وإن «على الجميع احترامها»، جازماً بأن «قضية التحرك هي الحقوق ثم الحقوق». ووجه نداءً إلى جميع اللبنانيين للزحف اليوم إلى ساحة رياض الصلح من أجل المطالبة بعقد جلسة للمجلس النيابي دفاعاً عن الحقوق ولإقرار السلسلة. وقال: «سنقوم باتصالات مع المعنيين والمرجعيات السياسية للوصول إلى هذا الهدف». في وقت لاحق، قومت هيئة التنسيق نتائج اليوم الطويل فحيت مقرري اللجان الفاحصة ونوابهم وأعضاءها الذين التزموا قرار الهيئات النقابية، مستنكرة الأساليب، التي تجاوزت الهيئات النقابية المنتخبة. ودعت الهيئة وزير التربية إلى اجتراح الحلول التربوية والابتعاد نهائياً عن أي حل غير تربوي مثل الإفادات الذي شهر سيفه منذ شهر ولا يزال. وطالبت بحمل ملف السلسلة إلى رؤساء الكتل النيابية لإخراجها من التجاذبات السياسية، ولا سيما أن اقتراح قانون التمديد للمجلس النيابي قد سلك طريقه إلى الأمانة العامة للمجلس.