تعهّد الرئيس نجيب ميقاتي بطرح ملف المعتقل السياسي في السجون الفرنسية، جورج إبراهيم عبد الله. وفي حال وفى ميقاتي بوعده، يكون أول سياسي ورجل دولة لبناني يأتي على ذكر هذا الاسم أمام السلطات الفرنسية، منذ اعتقال جورج عبد الله في تشرين الأول 1984. مستشارو الرئيس يؤكدون أنّ هذه القضية موجودة على جدول أعمال الرئيس في زيارته الباريسية.الديبلوماسيون الفرنسيون في بيروت يفضّلون عدم سؤالهم عن هذا الملف. لكن عند الإصرار يشيرون إلى أنّ القضية مطروحة باستمرار في لبنان، وأخيراً في فرنسا. يعتقدون أنّ ميقاتي سيطرحها خلال زيارته. وماذا بعد ذلك؟ يضع الفرنسيون قفازاتهم من جديد، ويجيبون: بعد إثارة الملف رسمياً، سيترتب على ذلك إجراءات قانونية وقضائية. عساه خيراً. مع العلم أنّ وزير الخارجية، عدنان منصور، سبق أن أرسل كتاباً حول الموضوع إلى السفارة اللبنانية في باريس، لتنقله بدورها إلى الخارجية الفرنسية لوضع هذه القضية على جدول أعمال ميقاتي.
أما على صعيد أصدقاء عبد الله واللجنة الدولية لإطلاق سراحه، فالأمور واضحة وعبّر عنها أمس شقيق المعتقل، جوزف عبد الله. شكر الأخير الدعم اللبناني الذي بدأ يظهر والدعم السياسي من قبل بعض الجهات السياسية، «لكن على الرغم من ذلك، نحن مستمرون بالضغط على فرنسا بالسبل الديموقراطية والمعنوية، بيانات واعتصامات لحين إطلاق سراح جورج». وفي نشاط أقامه اتحاد الشباب الديموقراطي في مركزه في مار الياس أمس، تحدث جوزف لأول مرة بتفاؤل محافظاً في الوقت نفسه على ضرورة عدم تهدئة الملف. وتماشياً مع موقف جوزف، دعا ممثل «اتحاد الشباب» في اللجنة الدولية لتحرير جورج، حسن صبرا، إلى اعتصام يوم الأربعاء في 15 شباط، أمام السفارة الفرنسية في بيروت، لتأكيد «الحرية لجورج إبراهيم عبد الله».
الاربعاء ٨ شباط ٢٠١٢نفذ "حزب الشعب" الفلسطيني إعتصاما تضامنيا في مخيم عين الحلوة مع عضو اللجنة المركزية للحزب الاسير باسم الخندقجي ومع كافة الاسرى والمعتقلين في سجون اسرائيل.
وشارك في الاعتصام ممثلوا فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف الوطني الفلسطيني وانصار الله، والتنظيم الشعبي الناصري اسامة سعد و"حزب الله" في صيدا، والجماعة الاسلامية في صيدا، والنائب بهية الحريري، واعضاء اللجان والاتحادات الشعبية.
يوماً بعد آخر، تظهر مؤشرات جديدة على كيفية تعامل رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط كشركة عائلية خاصة، زرع فيها موظفين من أقاربه وأصدقائه للسيطرة على أغلب مفاصلها. وقد أدى هذا الأمر إلى بروز عدد من المخالفات، ومنها ما بات يُهدّد سلامة الطيران المدني في لبنان وسمعة الشركة، بحسب مسؤولين فيها. في جديد «الشركة» إقامة مبنى لتدريب الطيارين داخل حرم المطار، علماً بأن الحرم نفسه يضم مبنى آخر مشيداً منذ سنين، يبعد عن المبنى المنويّة إقامته مسافة مئات الأمتار. لا أحد يملك الإجابة عن السبب وراء إقامة مبنى جديد لاستخدامه مركزاً للتدريب، وخصوصاً أن عدداً من الطيارين يؤكّدون أن مساحة المبنى القديم كافية لاستيعاب مركز تدريب متطوّر، وأن جلّ ما يحتاجه هو التجهيزات الحديثة. لكن الحوت، لغاية لا يعلمها غيره، قرر تشييد مبنى جديد. بدأ ذلك المخطط منذ عامين. هذا نظرياً. أما عملياً، فما جرى خلال العامين الماضيين هو عمليّة سحب رمول من المنطقة. وبحسب موقع شركة طيران الشرق الأوسط على شبكة الإنترنت، يُعيد مركز التدريب تجديد نفسه حالياً «من خلال مراجعة لمهماته ووظائفه وتجهيزاته ليضم أحدث تقنيات التدريب المحترف في قطاع الطيران التجاري».في الأيّام القليلة الماضية، أرسلت نقابة مستخدمي وعمّال شركات الطيران في لبنان، رسالة إلى كلّ من رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان ووزير الداخليّة مروان شربل ووزير السياحة فادي عبود تتحدّث فيها عن سحب الرمول بكميّات كبيرة. وبيعت هذه الرمول إلى ورش البناء، وآخر عمليّة سحب حصلت قبل أيّام، بعد أن ظنّ العاملون في المطار أن العمليّة قد توقّفت.وحتى اللحظة، فإن الحفرة التي تُسحب الرمول منها باتت على النحو الآتي: الطول 200 متر، العرض 75 متراً والعمق 15 متراً. وبعمليّة حسابيّة، فإن كميّة الرمول المسحوبة تبلغ 225 ألف متر مكعّب. وبحسب المعنيين بقطاع البناء، إن معدل سعة كميون الرمل هو 20 متراً مكعّباً، كذلك إن المعدّل الأدنى لسعر المتر المكعّب هو 20 دولاراً أميركياً، بحيث إن سعر الكميون هو 400 دولار. وبقسمة 225 ألف متر مكعّب على 20 متراً للكميون، هناك 11250 كميوناً من الرمل سُحبت من مطار بيروت، ويبلغ معدّل سعر هذه الكمية أربعة ملايين ونصف مليون دولار.لا يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل إن من ضحايا هذا المبنى المشتل الخاص ببلديّة بيروت الذي نُقل إلى منطقة قصقص، رغم أن السيدة رلى العجوز، المسؤولة عن اللجنة البيئيّة في عهد البلديّة السابقة، والمقربة من شركة طيران الشرق الأوسط، كما قالت بنفسها، تؤكّد أن هذه الأرض ملك مطار بيروت، وليست للبلديّة.حاولت «الأخبار» الاتصال برئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، لكن الأمر تعذّر بسبب وجوده خارج البلاد. كذلك، قال العاملون في مكتبه، في اتصال هاتفي إنهم لا يعرفون شيئاً عن موضوع الرمول ولا يُمكنهم تقديم أي إجابة.لكن في أوساط العاملين في مطار بيروت، هناك من يقول إن إدارة الشركة صرفت النظر عن بناء مركز التدريب، ويستدلون على ذلك بأن المتعهّد لم يقم بأي خطوة عمليّة غير سحب الرمول من فترة إلى أخرى.لا يقف الأمر في مطار بيروت عن حدود الرمول؛ فهناك الموظفون العاملون في شركة ترانس الصايغ للحمولة، وهي التي لُزِّمت نقل الأمتعة داخل المطار من قبل شركة MEAS التابعة لشركة طيران الشرق الأوسط (التي يرأس مجلس إدارتها النائب غازي يوسف الذي لا يحضر إلى مقر الشركة إلا نادراً كما يقول عدد من العاملين في المطار. وإضافة إلى ذلك، ثمة رأي قانوني يرى في تسلم يوسف رئاسة مجلس إدارة شركة رأسمالها من المال العام مخالفة واضحة للقانون الذي يمنع الجمع بين النيابة ورئاسة مجلس إدارة شركات مماثلة). وتتلقى شركة ترانس الصايغ مبلغاً شهرياً قيمته 155 مليون ليرة شهرياً بدل رواتب لـ160 عاملاً في الشركة. إلى هنا كلّ شيء جيّد. لكن شركة ترانس الصايغ لا تدفع لهؤلاء رواتبهم، والحجّة أنهم يتلقون أجرة من الركاب مقابل نقل أمتعتهم، علماً بأن الموظفين في هذه الشركة يرفضون التحدّث عن هذا الواقع؛ لأن ما يجنونه شهرياً يفوق بأضعاف ما كانوا سيحصلون عليه من الشركة.
بيـــــــــــــــــــــــــــــان
على إثر قرار الحكومة التونسية المؤقتة طرد السفير السوري ودعوة رئيس الحكومة المؤقتة سائر الدول العربية لطرد سفراء سوريا المعتمدين لديها تسجل حركة الوطنيين الديمقراطيين وحزب العمل الوطني استياءهما لهذا القرار المرتجل والمنفرد ويعلنان للرأي العام الوطني ما يلي:
1- تجديد الطرفان وقوفهما المبدئي مع نضالات الجماهير السورية المشروعة من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية وتنديدهما بالقمع الدموي الذي يرتكبه نظام الاستبداد والفساد السوري.
2- رفضهما القطعي للحلول الأمنية القمعية الدموية والانزلاقات الطائفية التفتيتية وللتدخل الأجنبي.
3- دعمهما التام واللامشروط للمعارضة الوطنية السورية مجسدة في " هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي " الرافضة لمشاريع الهيمنة الامبريالية.
4- رفضهما للقرار الصادر عن الحكومة المؤقتة الذي لم يراع المصالح العليا لتونس وأهمل مصالح ومصير آلاف التونسيين المقيمين بسوريا.
5- اعتبار القرار المذكور جزء من أجندة قوى دولية وإقليمية هدفها تسويغ التدخل العسكري الأجنبي وتثبيت الهيمنة الامبريالية وإعادة صياغة المنطقة ضد مصالح شعوبها.
6- دعوة الحكومة المؤقتة للرجوع عن قرارها المرتجل واللامسؤول بما يستوجبه ذلك من ضرورة فتح حوار وطني جدي حول أسس السياسة الخارجية للبلاد طبقا لمصالح تونس العليا بعيدا عن الدبلوماسية الحزبية مرهونة القرار .
عاشت تونس جزءا من أمتها العربية
منحازة لقضايا الحرية والكرامة والديمقراطية والوحدة
حركة الوطنيين الديمقراطيين
المنسق العام والناطق الرسمي
شكري بالعيد
حزب العمل الوطني الديمقراطي
رئيس الهيئة التأسيسية
عبد الرزاق الهمامي
تصادف غداً الذكرى الثامنة لإنجاز احدى عمليات تبادل الأسرى بين حزب الله واسرائيل. عملية تنفّس إثرها أنور ياسين حريته، بعد أسر طال سبعة عشر عاماً. لكن ماذا عن والدته التي أوصلت قضيته ابنها ورفاقه إلى آخر مدى؟ اين هي أجمل الأمهات، جميلة ناصر؟
آمال خليليمرّ شهر كامل ونحن ننتظر والدة الأسير المحرّر أنور ياسين، لتنزل من بلدتها الدلافة (قضاء حاصبيا)، فنلتقيها في بيروت أو صيدا. وقد اخترنا هاتين المدينتين، لاعتقادنا أنها لا تزال تقصدهما باستمرار لزيارة أولادها وعائلاتهم فيهما. لكن الشهر مرّ ولم تترك «أم علي» الضيعة.. حتى نصحنا أنور بأن نقوم نحن بزيارتها في الدلافة، كي لا تدهمنا الذكرى الثامنة لتحريره ونحن لا نزال ننتظر اليوم الذي ستترك فيه قريتها الهادئة وبيتها وحقلها الصغيرين وتعود إلى ضوضاء المدن. قررنا زيارتها يوم الإثنين الفائت الذي صادف التاريخ الذي علم فيه أنور بخبر الإفراج عنه من قبل مندوب الصليب الأحمر الدولي. فهل شكل ذاك التاريخ بداية «نهاية» أيقونة أمهات الأسرى واستعادتها لهويتها، بأنها السيدة جميلة ناصر وحسب؟
الطريق إلى الدلافة تمتد لأكثر من مئة كيلومتر. الساعة والنصف التي كانت تفصلنا عن لقاء أم أنور، جعلتنا نغرق في تخيّل حالها بعد ثماني سنوات من ابتعادها عن الأضواء. كيف تمضي وقتها في منطقة نائية بعدما كانت تتنقل بين المناطق اللبنانية حاملة قضية ابنها ورفاقه، وشاركت في مئات الأنشطة والاعتصامات طوال سبعة عشر عاماً؟ هل صنعت لنفسها في الدلافة تجربة تجعل منها «المختارة» بين الأهالي، كما كانت أيقونة خلال دورها في الحركة الأسيرة في لبنان وفلسطين المحتلة والعالم؟ تأخذنا الأفكار فنتخيلها «أبو ملحم» الدلافة التي يشاورها الجميع في شؤون عامة وخاصة. هل قادت النسوة إلى مشروع تنموي أم أسست تعاونية زراعية وحرفية؟. تلك السيدة التي قابلت شخصيات ودخلت مقارّ ومجالس يسمع عنها أهل القرية من وسائل الإعلام فحسب. نتساءل، بعدما كانت أجندتها مليئة بآلاف المواعيد، هل هناك من يزورها بعد مرور كل تلك السنين من آلاف المسؤولين والصحافيين والناشطين والثوريين من لبنان والعالم الذين جعلوا من بيتها السابق في الرميلة محجة؟ تحتدم الاحتمالات في مخيلتنا ونحن نتأهب لملاقاة السيدة التي لم نكن نخبر أحداً بأمر زيارتنا لها، حتى يحمّلنا السلام والتحية إليها، متسائلاً: «أوف، وين صارت؟».نخترق أزقة القرية للوصول إلى بيت محمد ياسين. تبدو مقفرة تماماً. لا أحد يتنقل على الطرقات أو يتحرك في محيط بيته. نسأل إن كان السبب هو الطقس البارد، فيشير أنور إلى أنها خالية في معظم أيام السنة بسبب تواجد أبنائها إما في بيروت أو في بلاد الاغتراب. نصل إلى البيت الذي يكتنفه هدوء مماثل، لكن الدخان المتصاعد من مدخنة السطح والضوء المنبعث من غرفتين، يدل إلى وجود حياة هنا. يدق أنور الباب، فتفتح لنا سيدة بنغالية قرر وأشقاؤه الاستعانة بها لمساعدة والدته على أعمال المنزل. بلهجة عربية «مكسرة» تنادي: «ماما تعي شوفي... إجا حبيب قلبك». تركض أم أنور متلهفة باتجاهه. «يا تقبرني». تردّدها مراراً وهي تحضنه وتشمه، إذ إنها لم تره منذ عيد رأس السنة. ولأن لقاءهما يعتمد على «فضاوة» أنور، فإنه يقتصر على مرة واحدة في الشهر أحياناً. نحن أيضاً نأخذ نصيبنا من الاستقبال. وإن كنا قد التقينا بها مراراً في السابق، إلا أنها لا تتذكرنا بالضرورة، إما لأننا كنا جزءاً من جمهور طويل مرّ عليها، أو لأننا انقطعنا عنها بعد الإفراج عن ابنها. «العمر إلو حق» تبرّر. تبرير لا يخفي عتباً خفياً على تلهي الناس عنها وعن رفاقها ورفيقاتها من الأسرى وعوائلهم وما قدموه للوطن من دون تكريم لائق. عتب تقطعه بالقول: «هيدي حال الدنيا».تنهمك سريعاً بإعداد وجبة لنا من دون أن تتزامن مع موعد الطعام. هذا طبعها وجزء من عادات القرويين. ترتّب سفرة على الأرض حول «الصوبيا»، ناصحة بتذوق الزيتون، صنع حقلها ويديها. يتناوب زوجها وابنها على مناداتها «يا حجة»، إذ إنها بعد اطمئنانها إلى ابنها، تفرّغت للقيام بواجباتها الدينية. أدّت مناسك الحج مع زوجها وزارت المقامات المقدسة. حتى أنها غيّرت في حجابها، فاستبدلت الإيشارب الذي كانت النسوة الجنوبيات يعتمدنه، بحجاب محكم يغطي الشعر والرقبة.حول المائدة، تدخل الأسرة في أحاديث عائلية. بداية السؤال عن وليام وراشيل، طفلي أنور. ثم جولة مفصلة على أحوال الأشقاء والشقيقات الثمانية وأولادهم وأحفادهم. يغرقون في مناقشة هموم كلّ منهم ومشاغله. نقاش ينسي المرء أنه أمام عائلة مثّلت طوال سبعة عشر عاماً شعاراً لقضية نضالية واحدة. بل نحن أمام عائلة عادية لها أفراحها وأحزانها. حتى أن السيدة محور الزيارة، لم تعد أم أنور بل أصبحت أم علي. هي كذلك في الأساس نسبة إلى ابنها الأكبر، لكن الكنية الأخرى لبستها تدريجياً لتمييزها من قبل الناس بأنها والدة أنور ياسين. تلفت نظرنا إلى أنها لم تعد أم علي فحسب، بل عادت أيضاً جميلة ناصر. احدى الأمهات اللواتي ينذرن حياتهن لرعاية أبنائهن وأحفادهن وخدمتهم، ملتزمات البيوت. في الفترة الماضية، لم تتخلّ أم علي عن هذا الدور، لكنها تقرّ بأنها أعطت الجزء الأكبر منه لابنها الأصغر بسبب ظرفه الاستثنائي. تلك التجربة عكست جواً دائماً من المرارة والحزن الذي خيم على الأسرة لا سيما على الأم. الأعياد والأفراح والواجبات الاجتماعية والنزهات تفقد مذاقها.يطول النقاش العائلي الذي يربكنا ويمنعنا من مقاطعته لطرح أسئلة حول تجربة الماضي. انشغال أم علي بالهموم الحياتية لأولادها يجعلنا نشعر بأنه لم يعد من جدوى لتذكيرها باللحظة التي أخبرها فيها الشهيد جورج حاوي أن المقاوم الذي حملت همّه، ودعت لأمه بالصبر بعدما أسره العدو الإسرائيلي من أرض المواجهات خلال عملية بطولية في جبل الشيخ، هو ابنها. مثل جرح اندمل، نؤثر عدم تذكيرها بالأداء الرسمي تجاه قضية الأسرى وبالأمراض التي أصابتها من الهمّ.تختصر جميلة ناصر تجربة السبعة عشر عاماً ببعض الصور لأشخاص ومناسبات شكلت محطات مفصلية، كأنها لا تريد أن تتذكر سواها. في غرفة الجلوس التي تمضي فيها الوقت الأكبر، رفعت صورة للسيد حسن نصر الله الذي قابلته مرات عدة وتحفظ له ذكريات وأقوالاً خاصة. في غرفة أخرى، رتبت على طاولة صورة تؤرخ لحظة وصول أنور إلى صالة المطار إثر الإفراج عنه وأخرى للشهيد جمال ساطي الذي أطلق ابنها اسمه على عمليته تيمناً.
رفقة العمر
الرابح الأكبر من عودة أم علي (82 عاماً) هو أبو علي. يتشارك «الختياران»، الأيام المتبقية لهما. يزرعان الحقل ويختلفان على الطرق الزراعية في التتريب والسقاية. لكنهما في هدأة الليل الطويل، يتفحصان كيس نايلون جمعت فيه مئات الجرائد التي نشرت مقالات وأخباراً لأنور منذ اعتقاله وحتى خسارته في الانتخابات النيابية في العام 2005.
السبت ٢٨ كانون الثاني ٢٠١٢نصري الصايغ
ليست الخسارة التي مُني بها الوزير شربل نحاس هي الأولى، وقد لا تكون الأخيرة.. لقد أبعد عن وزارة الاتصالات، وفاز عليه عبد المنعم يوسف، المرشح للفوز دائماً، نظراً لحجم تأييد الكتلة السنية السياسية المتحدة، والمؤلفة من فريق 14 آذار، وفلوله التي تسرّبت إلى 8 آذار. والنتيجة لهذه المعركة، أفضت إلى الخاتمة التعيسة: لا مس بعبد المنعم يوسف، لا حصانة لشربل نحاس، ولو كان على حق ساطع.
هذا هو لبنان. أليس كذلك؟
كان قد حصل إبان معركة «تحرير الطابق الثاني» من مبنى الاتصالات، أن فشل الوزير شربل نحاس في السيطرة على المفاتيح والأقفال. وعاد أدراجه خائباً، بعدما كادت عملية «التحرير» هذه تفضي إلى سقوط ماجينو الهش، بين القوى السنية والشيعية، علماً أن نحاس لا ينتمي إلى أي الطائفتين أو المذهبين، ونزعم أنه نقيّ من لوثة الانتماءات الطائفية... ولعل هذا سبب من أسباب خسائره.
أما خسارته الأخيرة، فلا يمكن تفسيرها بأمور ثانوية، قد تكون ذات أهمية ما في بلدان أخرى، كأن يقال، إنه يتعامل كسوبر وزير، وانه لا يناقش أحداً، وانه عنيد ومستبد برأيه... هذه الاتهامات، ولو صحّت، هي من النوافل السياسية، ولو كان تعظيمها وتفخيمها ووضعها في رأس لائحة الاتهام، قد ذهب إلى اعتبر ان شربل نحاس قد اغتال شربل نحاس سياسياً... ان بنية النظام وقواه السياسية/ الاقتصادية/ المالية/ الطائفية, والتشكيلات الحكومية الهشة، مسؤولة عما حدث في «مذبحة الحد الأدنى للأجور».
لن تكون الأخيرة. سبق أن خسر اميل بيطار معركته ضد محتكري الدواء، في حكومة «الثورة من فوق»، التي ألفها صاحب شعار: «وطني دائماً على حق»، المرحوم سليمان فرنجية. صدّق البيطار منطق الثورة من فوق، فأطاحته السلطة السياسية، تنفيذا لأوامر المافيات الدوائية... مات البيطار قهراً، ولا تزال الاحتكارات الدوائية تقهر اللبنانيين، وتكبدهم أموالاً طائلة.
قبله، هزم التجار الوزير الياس سابا. وهذا الاخير، برغم العلاقة الوطيدة بينه وبين الرئيس فرنجية، لم يستطع أن يقلل ولو قليلاً جداً من احتكارات التجار وأرباحهم المستفحلة... طار سابا، وطارت بعده الرسوم الجمركية, وأفلت البلد للتجار الحاكمين سعيداً إلى هذه اللحظة، برعاية الرئيس الأول آنذاك، وصولا إلى كل الرؤساء السابقين والحاليين، في المواقع كافة.
لم يخسر شربل نحاس معركته في تصحيح الأجور، لأن «خيانة» عونية قد حصلت ذات عشاء، أو لأن برطيلا قد دفع لصندوق البترون، فهذه ايضا من النوافل. لقد اصطدم شربل نحاس، اليساري العقلاني الجديد، (اليساريون القدامى، انتهازيون ويحتمون بالطوائفيين الذين يسمحون لليسار بأن يتكلم يساراً لا أن يسلك يساراً، لذلك كانوا يميناً سرياً في عسكر اليمين العلني). اصطدم نحاس بالنظام كله. وهو نظام محمي جداً، ومتاريسه متعددة، ووسائل دفاعه فعّالة. نظام يجد حمايته في حريرية مالية سياسية مقيمة في رثة الاقتصاد وضلوع السياسة وشرايينها الطائفية... نظام يسير على العمياني، تشريعاً وسياسة وقضاء، لتوفير الحمايات الضرورية، للأقوياء فقط: الأقوياء في أموالهم وفي طوائفهم وفي مصارفهم وفي تجاراتهم وفي عصاباتهم المافيوزية المنتشرة في مفاصل الادارة، من حارس البناء إلى رأس الهرم الاداري. فالوزاري، ومن أصغر النقابات إلى رأس اتحادها العمالي.
هذا جدار برلين يا شربل، لا تقوى عليه يساريتك الناصعة، إنما المحاطة بيمين طائفي ومالي وصناعي، يزعم أنه يريد تغييراً وإصلاحاً. لا هو قادر على ذلك، ولا أنت، ولا حتى حليفهم القوي «حزب الله». هذا النظام، ليس بيتاً واهياً من عنكبوت، إنه حلف ملتحم، حلف يضم أرباب الاستبداد الطائفي والمذهبي والسياسي والمالي والاقتصادي، إضافة إلى زبائن السوق وقياداته.
هل تستطيع أن تهزمهم جميعاً، وحدك؟ هل هذا ممكن من دون ثورة من تحت، وهذه ثورة لن تحضر، لأن شعوبنا المضطهدة، تحب مضطهديها وتهتف بأسماء مستبديهم وحيا
لا نريدك أن تخسر أكثر... نحن معك... حتى إذا خسرت، فهذا شرف ننتسب إليه بالأخلاق.
23/01/2012
علينا أن نعترف للست لارا فابيان بفضل واحد على الأقلّ، هو تسليط الضوء على واقعنا الموزّع بين عبثيّة وفجور. فنّانة من رموز الأغنية الفرنسيّة الاستهلاكيّة، باتت ضحيّةً من ضحايا حريّة التعبير في لبنان. المغنية الساذجة التي يمثّل فنّها تهديداً للذوق العام (لكن تلك مسألة أخرى)، لا تفهم ما هي خطيئتها كي تستحق كل هذه العدائيّة. لم تفعل لارا الطيّبة سوى التعاطف مع إسرائيل، والتضامن مع حملة صهيونيّة في «حلقة بن غوريون» أو سواها، فأين المشكلة؟ ممنوع التعبير عن الرأي في هذا الوطن الصغير والجميل، المحاصر بالظلام؟ إذا أضفنا إلى ما سبق وزير سياحة «على الحياد»، ووزير ثقافة لم يقل له أحد ماذا يجري، وامبريزاريو قلبه على «السياحة في لبنان»، وإعلام يردّد كالببغاء «حريّة، حريّة، حريّة»، وسياسي فذّ، مثقّف وذوّاقة، خائف على «رسالة لبنان»... تجتمع عناصر مسرحيّة فودفيل رديئة لا يمكن عرضها إلا في بيروت!«الإرهاب الثقافي» منع المغنية البلجيكيّة ـ الكنديّة من المجيء، عنونت «النهار» أمس، من دون أن يرفّ لها جفن. «الإرهاب» هنا، هو التحرّك السلمي الديموقراطي المشروع الذي بادرت إليه «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل». بلال شعيب مدير المسارح في «كازينو لبنان»، صرّح بأنّها «ليست الطريقة المثلى للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني»، لكنّه (لحسن الحظّ) لم يعطنا وصفته السحريّة. وكانت النهاية التراجيكوميديّة: «لن نأتي لأسباب أمنيّة» قالت شركة فابيان لموقع CNN العربي، ولمّحت: «تلقينا تهديدات»! «حمامة السلام» كادت تأتي إلى بلد نصف أهله (على الأقلّ) من الأباشو وأكلة لحوم البشر. الله ستر! أما محبّو الحياة والبزنس والانفتاح والسياحة، فيبقى لهم عزاء. نكاية بالجميع ستغنّي لارا live يوم «عيد العشّاق»، احزروا على أيّة محطّة لبنانيّة! تلك التي استعارت أحد مراسليها من القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي. تصبح لارا فابيان، والحالة هذه، من أنصار المقاومة!
العدد ١٦٢٣ الثلاثاء ٣١ كانون الثاني ٢٠١٢هكذا تعاطى لبنان مع «عاشقة إسرائيل»
زينب مرعي
لارا فابيان لن تأتي إلى لبنان. «الجواب نهائي» أكّده توقّف «فيرجين ميغاستور» أول من أمس عن بيع التذاكر لحفلتيها اللتين كانتا مقررتين في 14 و15 شباط (فبراير) في «كازينو لبنان»، ودعوة كلّ من اشترى تذكرة إلى استعادة ثمنها ابتداءً من اليوم.
هكذا، أنهت المغنية البلجيكية الكندية جدلاً دام ثلاثة أسابيع لم يحسمه قرار الدولة اللبنانية بمنح التأشيرة لفابيان وتوفير الطمأنة اللازمة للفنانة «المذعورة». بقيت صاحبة «أحبك» تتأرجح بين قرار المجيء وعدمه، إلى أن وجدت أنها غير مستعدة لتحمّل «المخاطرة بسلامة أفراد طاقمنا». لكنّها «وعدت» جمهورها اللبناني بأنّها ستتواصل معه عبر أثير إذاعة «نوستالجي» ومحطة «أم. تي. في» التي هرولت لاحتضان المغنية «المسكينة» الصهيونية الهوى. هكذا، ستقدّم صاحبة «عارية» أمسية في 14 شباط (فبراير) من باريس لتطرب جمهورها في لبنان عبر نقل مباشر لهذه الحفلة، يسبقها تصريح لفابيان عن الجدل الذي أشعلته على الساحة اللبنانية.إذاً، خافت فابيان ورأت نفسها مهدَّدة، مع أنّ الرسالة التي وجّهتها لها «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان» لم تهدّدها إلا... بمقاطعة حفلتيها. لكن هل استشفت فابيان عنفاً مثلاً عندما احتلّ بعض ناشطي الحملة صفحتها على فايسبوك؟ هناك، وضعوا مقطع الفيديو الذي تظهر فيه وهي تؤدي أغنية صهيونية باللغة العبرية (راجع المقال أدناه) ضمن احتفال أقيم في باريس عام 2008 في مناسبة «الحفل الستين لتأسيس إسرائيل»! تعليقات هؤلاء سرعان ما حُذفت عن الصفحة، لتبقى تعليقات اللبنانيين الذين يعتذرون عن «جهل» مقاطعي الحفلة.المدير العام لشركة «ديلارا للإنتاج الموسيقي» ومنظّم الحفلتين مع «كازينو لبنان» جان صليبا، رأى أنّ مجرد توجيه رسالة إلى فابيان ودعوتها إلى عدم الحضور إلى لبنان ووصفها بـ«الصهيونيّة» تهديد لها! مع العلم بأنّ «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان» لم تصف فابيان بالصهيونيّة، بل أوردت في رسالتها التي وجهتها إليها «قمتِ بأداء أغنية صهيونيّة بالعبريّة». رئيس «الجمعية اللبنانية لدعم مقاطعة إسرائيل» الناشط في حملة المقاطعة عبد الملك سكريّة، نفى أن تكون الحملة قد هدّدت الفنانة، مشيراً إلى أنّ هدفها «التوعية وشرح قضيتنا. مهمتنا أن نشرح للفنان عن الكيان الصهيوني المحتلّ والعنصري، وسبب عدم ترحيبنا به كي يبدأ بدوره بالتفكير في الموضوع». في المقابل، لا يرى صليبا مشكلة في دعوة فابيان إلى لبنان: «ما المانع من حضورها الاحتفال التأسيسي لإسرائيل؟ يمكنها أن تعلن حبّها لأي بلد. في النهاية، هي فنانة لها حساباتها الخاصة». وإن كان يحقّ لفابيان أن يكون لها حساباتها الخاصة، فهل من المعيب أن يكون لنا أيضاً حساباتنا الخاصة تجاه مََن يتعاطف مع دولة محتلة ارتكبت المجازر بحقّ اللبنانيين، وآخرها عام 2006؟لعلّ هذا الأمر قلّما يهم الـ«دي. دجاي» صليبا المشغول بحسابات الربح والخسارة. لقد أعلن انضمامه إلى جهاد المرّ، متوعداً الناشطين في الحملة بأنّ دعوى قضائيّة ستصلهم قريباً للتعويض عن خسائره. بل إنّ صليبا المناصر للحريات وحريّة فابيان بزيارة لبنان توعّد بإقفال صفحة الحملة على فايسبوك، مطالباً الدولة بـ«قمع هذه المجموعة» التي نزع عنها الهوية اللبنانيّة!الطرف الثاني في الموضوع، أي «كازينو لبنان»، كان أكثر حذراً. حاول رئيس مجلس إدارة الكازينو حميد كريدي إبعاد المسؤوليّة عن الكازينو بما أنّ «شركة ديلارا هي من أبرمت العقد مع فابيان، واستأجرت صالة في الكازينو كأي شركة أخرى» على حد تعبيره. و«أسف» كريدي لمنح الدولة تأشيرة لفابيان كي تبعد كأس القرار المرّة عنها. لكنّ مصدراً في الأمن العام يقول إنّ التأشيرة منحت لفابيان لأنّه ليس هناك نصّ قانوني يمنع هذا الأمر. مع ذلك، كان يتمنى أعضاء حملة المقاطعة أن يصدر موقف عن وزيري السياحة والثقافة تحديداً لدعم موقف المقاطعة. وزير السياحة فادي عبّود يقول: «لست مع منع كل إنسان زار إسرائيل من الدخول إلى لبنان، بل ضد دخول مَن أدّى واجب الخدمة العسكريّة في إسرائيل مثلاً». ويضيف: «يجب فتح أبوابنا للأجانب المتأثّرين بالبروباغندا الإسرائيليّة ليتعرّفوا إلى وجهة نظرنا». لكن عبود تناسى أنّ المنظّمين أعلنوا قبل إلغاء فابيان زيارتها أنّها ستُستَقبَل في صالون الشرف في المطار وفق ما يقول الناشط في «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان» رباح شحرور.وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّ وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي قدّم اقتراح قانون يقضي بمنع استقدام كل رياضي لعبَ في أندية إسرائيلية، إلى لبنان. لكن حتى الآن، لم يستجب عبّود لطلب أعضاء الحملة بالاجتماع به. كذلك الأمر بالنسبة إلى الوزير السابق طلال أرسلان، بما أنّ وزير الدولة مروان خير الدين الذي ينتمي إلى «الحزب الديموقراطي اللبناني» هو من يملك الـ«فيرجين ميغاستور». ولم يتلقّوا ردّاً من رئاسة الجمهوريّة على الرسالة التي وجّهوها إليه أو حتى من وزير الداخليّة. أمّا وزير الثقافة كابي ليّون، فقد وافق على مضض على الاجتماع بهم غداً. كذلك اجتمع ممثلّون عن الحملة أمس بوزير العمل شربل نحّاس الذي وعد بالاشتغال على تغيير قانون مقاطعة إسرائيل الصادر عام 1955 عبر «تكتّل التغيير والإصلاح»، علماً بأنّ القانون اللبناني يركّز على قضايا التعامل التجاري مع إسرائيل دون المجالات الأخرى بحسب أستاذ القانون محمد طيّ الذي يضيف: «يجب توسيع القانون ليشمل كل أنواع التبادل مع إسرائيل». مع ذلك، هناك نقاش مستمرّ داخل «حملة داعمي مقاطعة إسرائيل في لبنان» في ما إذا كانت هناك ضرورة لتعديل القانون أو ترك المسألة كـ«قضية رأي عام» كما يقترح الباحث في القانون الدولي والناشط في «مركز حقوق اللاجئين» (عائدون) وسام صليبي؛ إذ يرى أنّه لا يمكن التوسّع في تفسير القانون الجزائي؛ لأنّ الأمر حسّاس قد يمسّ الحريّات العامة.
العرب اليوم - ربى كراسنةاقرت الاحزاب القومية واليسارية المعارضة رؤيتها السياسية كوثيقة للعمل المشترك لائتلافها الجديد باسم ائتلاف الاحزاب القومية واليسارية.ويضم الائتلاف الجديد لهذه الاحزاب وفق تصريح اصدرته امس كل القوى والهيئات والمؤسسات والشخصيات التي تؤمن بذات المبادئ والبرنامج الذي يكفل تفعيل دور هذا التيار وحضوره في المشهد الوطني.واكدت ان العمل على ايجاد اطار يضم احزابا وقوى وشخصيات التيار اليساري القومي ليس موجها ضد احد او يزاحم احدا ولا يسعى لاقصاء احد انما الهدف هو تأطير لقوى بينها تقارب ان لم تكن تتماثل رؤاها السياسية ومواقفها حيال تطورات الاوضاع المحلية والعربية والدولية اطار يساهم في عملية مراجعة للاطر القائمة على المستوى القومي باتجاه بناء جبهة وطنية عربية شعبية في البعد القومي والديمقراطي.وقالتإدراكا منها لطبيعة المرحلة والاستحقاقات التي تفرضها وفي ظل غياب الارادة السياسية الجادة للاصلاح والتغيير الحقيقي ترى ان المرحلة تتطلب العمل على ابراز الدور الحيوي للتيار القومي اليساري بمضمونه الوطني الديمقراطي التقدمي. وزادتوبعد سلسلة من اللقاءات والحوارات ناقشت فيها الاحزاب وأقرت الرؤية السياسية كوثيقة للعمل المشترك وتفعيل دورها وحضورها في الحراك الشعبي قررت اشهار الاطار الذي يضم الاحزاب القومية واليسارية باسم (ائتلاف الاحزاب القومية واليسارية).وتضم هذه الاحزاب البعثين الاشتراكي والتقدمي والشيوعي والوحدة الشعبية وحشد والحركة القومية للديمقراطية المباشرة.وطالبت الرؤية السياسية لائتلاف الاحزاب القومية واليسارية بضرورة تحقيق اصلاحات دستورية وتشريعية واقتصادية.إصلاحات دستورية وتشريعيةوتتضمن الرؤية السياسية لائتلاف الاحزاب القومية واليسارية المطالبة بإصلاحات دستورية تشمل استكمال التعديلات الدستورية من خلال تفعيل المبدأ الدستوري الذي يؤكد ان الشعب مصدر السلطات مما يقتضي تمكين الشعب من ممارسة هذا الحق الدستوري بشكل كامل وحر وإلغاء النصوص القانونية المقيدة لهذا النص الدستوري.ودعت الى احداث تعديلات دستورية تفضي الى ضمان الفصل بين السلطات الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) لضمان احترام القوانين والحقوق والحريات التي كفلها الدستور وإقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة التنفيذية بتكليف الاغلبية البرلمانية حق تشكيل الحكومة وتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة فلا مسؤولية فوق المحاسبة وإخضاع مجلس الاعيان للانتخاب وإلغاء مبدأ التعيين.كما طالبت رؤية ائتلاف اليساريين والقوميين باصلاحات تشريعية تشمل اقرار قانون انتخاب ديمقراطي يعتمد مبدأ التمثيل النسبي على اعتبار ان الوطن دائرة انتخابية واحدة, بما يمثل الارادة الحقيقية للشعب وإعادة النظر بالقوانين الناظمة للحريات العامة (الاحزاب - البلديات - الجمعيات - المطبوعات والنشر) وإلغاء كافة البنود المقيدة للحريات والمعيقة للمشاركة الشعبية.اصلاحات اقتصاديةوشددت على اهمية تحقيق اصلاحات اقتصادية واجتماعية تشمل وقف سياسة الخصخصة وبيع القطاع العام وتبديد مقدرات الوطن والتأكيد على ملكية الدولة للموارد الطبيعية والمرافق العامة واستعادة كافة المؤسسات والشركات التي تمت خصخصتها الى ملكية الدولة كونها حقوقاً وممتلكات عامة.ودعت الى تحقيق تنمية اقتصادية اجتماعية تعتمد على الذات بإقامة المشاريع الاستثمارية وإعطاء الاولوية للنهوض بالقطاعات الاقتصادية الصناعية والزراعية والسياحية والخدماتية ضمن رؤية تصوب التشوهات الهيكلية في الاقتصاد الوطني, والانتقال الى الاقتصاد المنتج.واكدت ضرورة معالجة قضايا الفقر والبطالة بتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل وإعداد وتدريب العمال وتأهيلهم ورفع الحد الادنى للاجور بما يتناسب مع معدل انفاق الاسرة, خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم, وربط الاجور والرواتب في القطاعين العام والخاص بالاسعار.وطالبت بإلغاء قانون ضريبة الدخل النافذ وإصدار قانون يضمن تحقيق اصلاح ضريبي ينطلق من تفعيل مبدأ الضريبة التصاعدية المنصوص عليها في الدستور وتقليص ضريبة المبيعات تدريجياً وصولا الى الغائها وانتهاج سياسة تحقق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة.كما دعت الى التصدي لسياسة التطبيع الاقتصادي مع العدو الصهيوني وإعادة النظر في برامج وسياسات وتوجهات المناطق الاقتصادية المؤهلة التي لا تحقق مكاسب اقتصادية للبلاد وتحصين قانون المناطق التنموية المطورة بما يكفل عدم تسرب مستثمرين من الكيان الصهيوني وتفعيل مقاطعة البضائع الصهيونية والامريكية.ونوهت الى اهمية اصدار قانون عمل ديمقراطي يسهم بتطوير الحركة النقابية العمالية وإشاعة الديمقراطية بين صفوفها وبما يمكنها من اختيار قياداتها العمالية بشكل ديمقراطي وضمان الحق في التنظيم النقابي العمالي وإقامة الاتحاد العام لطلبة الاردن كهيئة نقابية طلابية مستقلة تمثل الطلبة وتدافع عن حقوقهم وتتبنى قضاياهم وإقامة الاتحاد الوطني لشباب الاردن الذي يمثل هذا القطاع الواسع ويدافع عن همومه وحقوقه.ودعت الى تعزيز دور المرأة ودعم حق مشاركتها في النضال الوطني الديمقراطي ودعم تطوير التشريعات التي تحمي حقوقها المدنية والاقتصادية والاجتماعية.وطالبت بإصلاح ديمقراطي للمؤسسة الامنية وكف يدها ووقف تدخلها في الحياة السياسية والمدنية وكافة مؤسسات المجتمع النقابية والمجتمعية والحقوقية وإعادة تأهيلها مهنيا بما يضمن التزامها بمهام وواجبات قوانينها في حماية الوطن والمواطن ووضع استراتيجية شاملة لمحاربة الفساد ومظاهره بإيجاد التشريعات والاطر القانونية المؤسسية القادرة على التصدي لهذه الافة باقتدار وكفاءة وإجراء اصلاح شامل للنظام القضائي يكرس استقلالية السلطة القضائية ويعزز سيادة القانون ونزاهة القضاء وحماية الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور.ونوه الى اهمية ضمان التعليم المجاني في كافة المستويات انطلاقاً من مبدأ واجب الدولة تجاه مواطنيها وتكافؤ الفرص حسب النص الدستوري وإلغاء كل الاستثناءات في اسس القبول الجامعي وضمان الحق في الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية المجانية لكافة المواطنين ضمن برنامج شامل للتأمين الصحي. ودعت الى انهاء احتكار الحكومة للمؤسسات الاعلامية والثقافية والعمل على تحويلها الى مؤسسات وطنية تخاطب ثقافة العقل وتحترم وتعبر عن الرأي والرأي الاخر.السياسة الخارجيةوحول السياسة الخارجية اكدت ضرورة انتهاج سياسة وطنية سيادية استقلالية مناهضة للسياسات الامريكية والصهيونية التي تستهدف الاردن وفلسطين والامة العربية واعتماد سياسة تكاملية عربية تؤكد على العمق العربي والالتزام بقضايا الامة.وطالبت بتحديد العلاقة مع دول العالم على ضوء مواقفها من قضايانا الوطنية والقومية وفي مقدمتها القضية المركزية للامة العربية قضية فلسطين, ورفض التدخل الاجنبي بكل اشكاله في الشؤون العربية الداخلية.ودعت الى التصدي لكل المشاريع والبرامج والسيناريوهات الامريكية الصهيونية التي تسعى لخلق الوطن البديل, والتأكيد على التمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها قسرا.وشددت على اهمية التأكيد على حق جماهير الامة العربية في بناء مجتمعات تسودها الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية وإعلان بطلان معاهدة وادي عربة والعمل على تفعيل مجابهة التطبيع مع الكيان الصهيوني بكافة اشكاله.
الدولة تحتاج إلى موازنة. هذا شرط من شروط وجودها، إذ لا حاجة إلى الدولة من دون الموازنة، وبالتالي لا حاجة إلى الموازنة من دون الدولة. هما كالجندي مع سلاحه.في لبنان، لا يشعر الحكّام بحاجتهم إلى الموازنة، لأنهم لا يشعرون بحاجتهم إلى الدولة، أو أن أكثريتهم لا تريدها. الحكّام هنا يتصرّفون كالغزاة، لا تعنيهم هذه الأرض إلا بوصفها مصدراً للثروات أو ممراً إليها، ولا ينظرون إلى سكّان هذه الأرض إلا بوصفهم محكومين، ليس بيدهم حيلة، يجبون منهم الضرائب كما لو أنها جزية، يدفعونها وهم صاغرون، وينفقون الأموال كما لو أنها رشى، تماماً كما يتصرّف أيّ غازٍ. أليس وراء كل غزو مصالح وأعمال ومشاريع وشركات؟ أليس الغزو استثماراً كبيراً جدّاً؟ الغازي يحكم ولا يبني دولة، يدمّر ولا يعمّر، ينهب ويفرّق ويستقوي بحفنة من الخونة والعملاء والجواسيس وطلّاب المنافع وبائعي الولاءات والمستثمرين في تجارة الدم والأرض والعرض والكرامة.لبنان بلا موازنة حقيقية منذ عام 1979. لا يوجد تدقيق في حسابات الدولة المالية منذ ذاك التاريخ (انتهى دور ديوان المحاسبة يومها)، وكل الحكومات التي تعاقبت طيلة 32 عاماً لم تحترم أياً من أحكام الدستور أو القوانين في إعداد الموازنات العامّة وصرف الأموال وجباية الإيرادات. عام 1979 هو العام الذي بدأت تظهر فيه ملامح ما سمّي يومها «الإدارات المدنية»، أي تلك الإدارات التي أقامتها الميليشيات لتحلّ محلّ الدولة في تسيير شؤون المناطق التي أخضعتها لسيطرتها: صار لكل ميليشيا قوانينها الخاصّة وإدارتها الخاصة ومحاكمها الخاصّة وجيشها الخاص وأمنها الخاص وعلاقاتها الخارجية الخاصّة ونظام خدماتها الخاص... بمعنى أكثر وضوحاً، صار لكل ميليشيا حصّتها واقتصادها ومنافعها ومنظومة مصالح طويلة عريضة مرتبطة بها، فوصلت الأمور إلى التجنيد الإجباري وإقامة المعابر الحدودية في الحوض الخامس ومرافئ جونية والأوزاعي والجيّة والناقورة... صارت الميليشيات تتمتّع بالسيادة على «أرضها»، تفرض الضرائب وتتحكّم في الثروة وتقيم آلياتها لإعادة التوزيع: غزت الميليشيات الدولة، انهارت الليرة، انقسم الجيش، ومئات آلاف اللبنانيين ماتوا أو جرحوا أو فقدوا جنى عمرهم أو هاجروا أو شرّدوا أو حملوا السلاح طلباً للعيش حتى مع «جيش أنطوان لحد».طارت «الدولة» في عقد الثمانينيات، ومنذ ذاك التاريخ يعيش اللبنانيون من دونها، بمعزل عن نوعها أو صنفها أو مدى القبول بها. كل ما تغيّر أن «المتحاربين» اضطروا إلى تنفيذ «الأوامر» بوقف إطلاق النار على بعض خطوط التماس، احياناً إذا شعرت ميليشيا ما بأن سيادتها مهددة تسارع إلى مخالفة «الأوامر» وتعمد إلى إطلاق النار الحي على الناس، أو تُوقف معمل الكهرباء أو تحتل طبقة في وزارة الاتصالات أو تمنع إمرار مشروع قانون استثنائي لتغطية إنفاق عام إضافي بقيمة 8900 مليار ليرة... أو تطالب بأن ينتخب كل مذهب نوّابه!تكيّف اللبنانيون مع هذا «الغزو» ورضخوا له. تصرّفوا كما يتصرّف الخاضعون للاحتلال. هنا حققت «عقيدة الصدمة» نتائج مبهرة. عرض متواصل وبنجاح كبير: فعندما اعتقد اللبنانيون أنهم يلملمون أشلاء أولادهم ويبحثون عن مصير المفقودين منهم... كانت الميليشيات تستكمل غزوها؛ صادرت أملاكهم البحرية والنهرية، وأملاكهم الخاصة في وسط بيروت، وسيطرت على المطار والمرافئ لترعى الاتجار بالسلاح والمخدرات وتحتكر استيراد السلع الحيوية: النفط، القمح، الدواء... وأقامت شركاتها باسم «سوليدير» و«سوكلين» و«ماباس» (مغارة جعيتا) و«باك» (السوق الحرّة)، وأزالت الجبال بالمرامل والمقالع والكسّارات، ودفنت النفايات السامّة في جوف الأرض، حفرت الآبار الارتوازية لتبيع مياه الشرب، ونصبت المولّدات في الأحياء لتستغل الحاجة إلى الكهرباء، هيمنت على وسائل الإعلام وتوزيع القنوات الفضائية وخطوط النقل المشترك والاتصالات والأحزاب السياسية والنقابات العمّالية والهيئات الأهلية، سرقت المازوت المدعوم والطحين المدعوم والتبغ المدعوم، نشطت في تبييض الأموال وبيع «النساء»، وراكمت مديونية تاريخية... كل ذلك باسم إزالة آثار الحرب والإعمار ودعم النمو والاستثمار... والمصارف.لا أثر للدولة في لبنان في ظل الرضوخ لغزو الميليشيات: عساكر ورجال أعمال... فلا تنتظروا الموازنة، لأنها إذا جاءت فستكون كسابقاتها: تطبيقات إضافية لعقيدة الصدمة. فبذريعة الخوف من الانهيار، سيُجلد الناس بضرائب وديون تذهب إلى جيوبهم، وستضرب مجدداً أغاني «الخصخصة» و«الشراكة مع القطاع الخاص» الرخيصة، ليستكملوا عملية «النهب المنظّم» باسمكم، ومن أجل خلاصكم.
العدد ١٦٢٢ الاثنين ٣٠ كانون الثاني ٢٠١٢