قمة بعبدا لم تكن إلا تبليغ بمقررات قمة دمشق... وموضوع المحكمة الى التأجيل وليس الحل

 يوم الثلاثية الرئاسية في بعبدا، الذي وصفه المسؤولون باليوم التاريخي، لم يكن بالفعل سوى يوما عاديا بامتياز ما عدا الاستقبالات الرسمية التي حملت في طياتها سلبيات اكثر منها ايجابيات بحسب ما يقرأ المراقبون. assad-abdullahفالقمة الثلاثية التي جمعت الرؤساء الثلاثة لم تدم سوى لوقت قصير للغاية غير كاف لتبادل السلام وكلام المجاملة فكيف بها ان تتطرق الى الملفات الساخنة التي تحتاج الى اكثر من جلسة عمل لمقاربة حلولها فضلا عن الاشارات الواضحة التي تثبت ان شيئا لم يتغير في المشهد السياسي اللبناني العام، بل على العكس تماما فان طبيعة اللقاءات الجانبية التي لم تدم اصلا سوى لدقائق معدودة اسست الى تكريس الواقع الانقسامي اذا جاز التعبير. فالرئيس السوري بشار الاسد اكتفى بخلوة قصيرة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، في وقت كان يلتقي وزير خارجيته وليد المعلم بوفد من حزب الله. بينما اكتفى الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بلقاء مع رئيس الحكومة سعد الحريري وبعض قياديي تيار المستقبل في بيت الوسط اي ان كلا من الرجلين اكتفى باجراء لقاءات دعم لحلفائه دون مقاربة طروحات الفريق الاخر. هذا في الشكل اما في المضمون فان زوار القصر الرئاسي يعربون عن اعتقادهم بان غير العادي الحاصل في لقاءات بعبدا الرئاسية هو ما يمكن وصفه بصندوق البريد المخصص لنقل الرسائل. فالوقت الذي تم تخصيصه للقمة بحد ذاتها لم يكن كافيا سوى لابلاغ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بما توصل اليه بن عبد العزيز والاسد في اثناء محادثاتهما الطويلة في دمشق من قرارات متعلقة بالوضعين اللبناني والاقليمي، وبالتالي فان مضمون الاعلان المشترك اذا جاز التعبير، والذي جاء خاليا من ذكر قرارات المحكمة الدولية التي شكل تسريب فحواها الشرارة التي اعادت التوتر الى الساحة اللبنانية، يوحي بان استمرار التوافق مرهون بتطورات الايام والاسابيع المقبلة، في ظل مؤشرات تدل ان التوافق السوري - السعودي حول هذا الملف الساخن لم يكن متقاربا، وبالتالي فان التوافق قضى بتأجيل البت وليس الحسم السريع.الرئيس السوري بشار الاسد وبحسب المشاركين في الاستقبالات حقق اكثر من هدف استراتيجي من هذه الزيارة، فهو من جهة اعلن بشكل غير مباشر دعمه الكامل لرئيس البلاد وحلفائه، وذلك من خلال تخصيص الخلوات لهما دون سواهما بحسب ما كان يقضي الظرف. ومن جهة ثانية تمكن من رفع العتب الدولي واللبناني المتمحور حول عدم اجرائه اية زيارة للبنان منذ انسحاب الجيش السوري في ربيع العام 2005 على الرغم من تكرار الزيارات الرسمية اللبنانية التي حققت تقدما على مستوى العلاقات بين البلدين، فضلا عن كسر الجليد بين سوريا والحريريين. ومن جهة ثالثة تمكن من الامعان في عزل مسيحيي الحريرية السياسية، وتحديدا رئيس حزب الكتائب امين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع من خلال اشتراطه بحسب ما يؤكد زوار العاصمة السورية عدم حضورهما لاعتبارات سياسية معروفة. وهذا ما كان حدا بدوائر البروتوكول في قصر بعبدا الى ايجاد التخريجة المشرفة المعروفة، وهي عدم دعوة رؤساء الاحزاب من غير النواب او الوزراء فضلا عن الرؤساء السابقين ورؤساء الطوائف. ومع ذلك فان الرسالة السورية وصلت وتم الرد عليها سريعا من خلال الترحيب القواتي بزيارة الملك السعودي مع اسقاط الترحيب بالرئيس السوري عمدا.في المقابل وجه عبد الله بن عبد عبد العزيز رسالة دعم واضحة لرئيس الحكومة سعد الحريري ولحريريته السياسية، بحيث اراد القول من دون ان يعلن ان الحريري ما زال ضمن تاريخ صلاحياته وهو بالتالي الناظر السعودي في لبنان وعلى الجميع التعاطي معه من هذا المنطلق اقله في الوقت الراهن.غير ان المؤشر الاكثر تعبيرا كان خلو البيان المشترك من اي مضمون فعلي، اذ اكتفى بالتوصيفات التي تحمل اكثر من لبس وقراءة بعيدا عن مقاربة الحلول المؤجلة الى وقت لا يبدو بعيدا. أنطوان الحايك - "النشرة"
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة