زياد الرحباني: من صديقي الله الى شخص عبثي لا يركن الى الإستقرار

"انا صغير ولسادس مرّة أطفئ الشموع. ما احلى الحياة عند إطفاء شموع سادسة. ما أعرف لا أعرف شيئاً. لا أعرف الاّ أنّ لي بيتاً بجدران، سرير وصورتين خبزاً وماء لا غير. وأصبحت دنياي بيتاً بجدران سريراً وصورتين خبزاً وماء لا غير".

هذا الكلام لصبي في الحادية عشرة من عمره يدعى زياد عاصي الرحباني، كتب زياد هذه السطور وهو طفل صغير ونشرها في كتابه الشعري الأول تحت عنوان "صديقي الله".

لكنّ الصبيّ الذي بدأ حياته الفنية بعملٍ شعري تحوّل فيما بعد الى شخصية مثيرة للجدل، مفعمة بالقدرة على الإبداع ومسكونة بالتناقضات، شخصٌ عبثي لا يركن الى الإستقرار في المزاج ميّال الى التفكيك والتحطيم بدءاً من ذاته وأناه وصولاً الى الاخرين.

لكنّ زياد يحمل عبء إنتمائه الى عائلة فنيّة حملّها احدهم مهمات دبلوماسية تصل الى النجوم.

ولد زياد الرحباني عام 1956 من فيروز وعاصي، وفي العام 1973 كان زياد بعمر 17 دخل عاصي الى المشفى وكان مقرراً لفيروز ان تلعب الدور الرئيس في مسرحية "المحطة" ولهذا كتب منصور كلمات أغنيته تعبّر فيها فيروز عن غياب عاصي لتغنيها في المسرحية، والقى بمهمّة تلحينها الى زياد". هذه الكلمات هي: "سألوك الناس يا حبيبي كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا...".

لحّن زياد في بداية مشواره اغنيات معتمداً اسلوب الأخوين الرحباني حتى أنّه لحّن إحدى الأغنيات بعدما اعطاه والده 8 ليرات وجاء اللحن على قدر الليرات الثمانية، لكنّه عاد لاحقاً بعد وفاة والده ليرسم لفيروز طريقاً موسيقية جديدة "تذكر آخر مرّة شفتك سنتا... تذكر ولله آخر كلمة قلتا...".

أولى مسرحيات زياد الرحباني التي ألفها ولحنّها كانت "سهرية" التي لعب فيها دوراً رئيسياً الى جانب صديقه الفنان "جوزيف صقر" ثم لحقتها سلسلة من المسرحيات فكانت نزلة السرور وبالنسبة لبكرا شو، م فيلم اميركي طويل وشي فاشل، تبعها بخصوص الكرامة والشعب العنيد ولولا فسحة الأمل.

عبّر زياد في مسرحياته هذه عن مواقفه السياسية كما عن نبض الشارع اللبناني وقيل أنّ لديه قدرة على التنبئ بالأحداث التي غالباً ما كان يتناولها سلفاً في مسرحياته.

تزوّج زياد الرحباني من دلال كرم وانجبا عاصي الإبن كما انجبا خلافاً انجب بدوره طلاقاً ومشاكل ومحاكم انتهت الى حقيقة مرّة بعد فحوص الـ"DNA" فتبيّن أنّ عاصي ليس إبن زياد".عاش زياد علاقات غرامية كثيرة انتهت كلّها الى حائط مسدود ليستمرّ بعدها عصفوراً حساساً مسجوناً في قفصه الصدري كلحن جميل يدفع الى البكاء.

لكنّ الجدل الذي يدور حول زياد يرتبط أيضاً بمواقفه السياسية الجريئة وبكتاباته الصحفية التي لم يكتب لها النجاح كما قد كتب لأعماله الموسيقية التي فتحت له أبواب العالمية.

الأيام ابواب على كلٍّ منها حارس، وقد كتب علينا أن نخلق كلّ يوم وعلى كلّ بابٍ قصة جديدة نُلهي بها الحارس ليفتح لنا الباب الى بابٍ آخر.

آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة