يحتفل حزبنا هذا الشهر بالذكرى التسعين لتأسيسه، ليكرس نفسه عميد السياسة اللبنانية وحكيمها. وعمر هذا الحزب من عمر نشأة نظام البورجوازية اللبنانية التابع لقوى الاستعمار في ذلك الحين، بعد تأسيس دولة لبنان الكبير. هو إذن الحزب النقيض للنظام الكولونيالي القائم، أو هكذا يجب أن يكون. وجود الحزب ليس خياراً ذاتياً تأخذه مجموعة من المناضلين الثوريين أو حفنة من المثقفين الماركسيين، بل وجوده حاجة موضوعية يفرضها التناقض الاجتماعي القائم بين الطبقة المهيمنة وبين المستغلين من عمال وموظفين ومستخدمين ومعطلين عن العمل. هذه المقدمة النظرية تعني في الجانب العملي أن الحزب الذي نريده هو حزب هذه الطبقة والحامل لقضاياها وهمومها على المستوى الاقتصادي وكذلك على المستوى الوطني. ومن موقعنا الشبابي والطلابي نرى أن على الحزب أن يكون فاعلاً ومؤثراً كي يصل بالقضايا التي يحملها إلى التحقق سياسياً، أو أن تتحقق منها أجزاء هامة مثلما تمكن قبل ذلك من حمل قضايا الجامعة اللبنانية، فساهم جدياً في الحركة الطلابية التي أدت إلى تأسيسها ثم توسعها، ومثلما حمل قضية قانون العمل فتمكن من خلال امتداده النقابي من انتزاع قانون العمل الذي تحاول السلطة نسفه اليوم. كذلك حمل حزبنا لواء المقاومة فأسس "جمول" وقدم فيها مئات الشهداء من أجل تحرير الأرض وكي يكون التحرير رافعة للتغيير السياسي. إن القضايا اليومية الملّحة التي تواجه اللبنانيين عامة والشباب خاصة هي ميادين نضال مفتوحة لا يشارك فيها الحزب بشكل فاعل، ومنها مسألة حق السكن الذي يمنع الشباب من الاستقرار اليوم ويؤخر سن الزواج إلى الثلاثينات ويشكل عائقاً حقيقياً أمام فقراء لبنان. أين حزبنا اليوم من النضال ضد المضاربات العقارية وأرباحها الخيالية؟ أين هو من النضال من أجل بناء مساكن شعبية مخصصة للفقراء ومحدودي الدخل؟ كذلك يعاني اللبنانيون ويكفرون يومياً بزحمة السير وغلاء وسائل النقل الخاص فيما تنكفئ القوى المعنية عن النضال من أجل النقل العام. هل كثير علينا أن نحلم بحزب يناضل من أجل "مترو" حديث في المدن وقطار بين المناطق؟ أما جامعتنا اللبنانية فتكاد تغرق في مستنقع الجامعات الخاصة. يتراجع عدد طلابها إلى الثلث اليوم بعد أن كان 70 في المئة من طلاب لبنان يتكسبون العلم من ألواحها ويتمرنون على العمل السياسي والنقابي في باحاتها. ألا يحق لطلابنا أن ينشدوا حزباً شيوعياً يضع المسألة الطلابية على أولويات جدول أعماله؟ نريد حزباً يحمل تلك القضايا وغيرها من الملفات الاجتماعية الملحة، والتي لا تجد لها بين كل الأحزاب القائمة من يحملها. هي قضايا اليسار أولاً واليسار لا يحمل اليوم قضاياه على محمل الجد. أما على المستوى الوطني فحزبنا يكاد يكون خارج معادلة المقاومة كلياً، لأسباب كثيرة منها ما هو موضوعي تتحمل مسؤوليته القوى الخصمة والصديقة على السواء، ولكن منها الذاتي الناجم عن قصور في المبادرة. إن عودة الحزب للعمل المقاوم وانخراطه مجدداً في الصراع للدفاع عن لبنان بوجه المخاطر القائمة من العدو الصهيوني أولاً، ومن القوى التكفيرية ثانياً، هو حاجة ماسة في الصراع الوطني الذي يجب على الحزب الشيوعي أن يكون رائداً فيه. لا حزب جماهيرياً دون حمل لواء التحرير والتغيير السياسي على الأرض لا في الأقوال والبيانات، ولدينا ثقة كاملة أن حزباً يحمل قضايا الناس سيأتي إليه الناس وتحديداً أولئك المتضررين من النظام القائم الذين لا يجدون من يحمل قضاياهم. اليوم قضاياهم غائبة، وإن رفعها عميد اليسار أحياناً فقد فعلها بخجل نأمل أن نخرج منه بما يليق بالفئات التي يمثل. أمين عام اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني