وهل الشباب في التسعين أيضاً؟

وهل الشباب في التسعين أيضاً؟
22 Oct
2014

هاني عضاضة 21/10/2014ما زال "الحزب الشيوعي" في مراحل تدهوره المتسارعة، بانتظار مؤتمرٍ جديد يعكس الخلافات الحادة التي عادةً ما تنتهي بمزيدٍ من الانقسامات المؤسفة. وما زال هذا التراجع "المركزي" يلقي بظلاله على المنظمات والمجموعات اليسارية والحقوقية والمطلبية المناضلة، بعدما ساهم بإضعاف العمل المقاوِم المسلّح. لكن تراجع النضالات السياسية للأجيال السابقة من الشيوعيين، لم يعد يبرّر تراجع دور الشباب في الانخراط في الحركة السياسية والمطلبية، خاصةً بعد الموجة الثورية التي لفّت العالم العربي منذ كانون الأول عام 2010، والتي لعب فيها العنصر الشبابي الدور الحاسم. وكلنا يعلم بأن الظروف الاقتصادية والمعيشية، كما الأمنية والسياسية في لبنان، لا تقل تأزّماً عن مثيلاتها في بعض البلدان العربية التي شهدت الانتفاضات الشعبية. ولكن ما الذي يدفع بالشباب اللبناني اليوم إلى اعتماد كل الخيارات، إلا خيار النضال السياسي من أجل تغيير واقعه الرديء؟ وما الذي يمنع الشباب الشيوعي تحديداً، من خوض معارك العودة إلى صفوف الحزب لانتزاع حقّهم بأداة أساسية من أدوات النضال السياسي، أو تأسيس تنظيمات يسارية جديدة تبدأ بفعالية من حيث لم تستطع تلك الأداة أن تُكمل، ولو كانت صغيرة الحجم؟ ما الذي يضع الشباب الشيوعي في موقع المتفرّج الذي يكتفي بردود الأفعال والتعليق على هذا الحدث أو ذاك؟ الأسئلة كثيرة ولا تنتهي. ولكن هناك ما هو مشترك بين الشباب، وهي حالةٌ جماعية: لقد تشرّب معظم الشباب الذي يعتبر نفسه شيوعياً، أفكار الواقعية الانهزامية والممارسات السلبية، وتجذّر عنده الشعور بالضعف بوجه القوى المسيطرة وأحزابها، بحيث فقد الهمّة والعزيمة وروح المبادرة. إنها حالة إحباط جماعية، لن تنتهي بسرعة، وستستمرّ إلى أجلٍ نتمنى أن يكون قصيراً. ليس في هذا الواقع المرير، لومٌ على الشباب أنفسهم، بل يقع اللوم بشكلٍ رئيسي على القيادات المستقيلة من دورها السياسي والتنظيمي في وقتٍ واحد، وبشكلٍ ثانوي على الأجيال المناضلة السابقة التي ساهم انكفاؤها بشكلٍ أو بآخر في توسيع الهوّة بينها وبين الشباب، لتنقطع سيرورة من تراكم الخبرات والنضالات، ويجد الشباب أنفسهم بين مطرقة القيادات المترهّلة وسندان الواقع الاجتماعي المرير. شبابنا اليوم يفتقدون للمعنويات، أما الظروف الموضوعية فتفرضُ إما النضال أو الهجرة. شبابنا الذين ساهموا بكل ما لديهم من طاقات في قيادة حراك "إسقاط النظام الطائفي" ورفعوا شعارات مجتمع العدالة الاجتماعية والديمقراطية والعلمانية بإيمان وإخلاص من دون أن ينتظروا مقابلاً، ليسوا هم نفسهم اليوم. قلّةٌ منهم بقيت في لبنان، وفقط جزء من القلّة التي بقيت في البلاد انخرط حقاً في النضال السياسي اليومي، بعد تقييمٍ شامل ونقدٍ ذاتي قاسٍ قام بممارسته. في العيد التسعين لـ"الحزب الشيوعي اللبناني"، أدعو الرفاق الشباب، وكل الشباب اللبناني القلق والمرهق، إلى تجديد ثم تحديد خياراتهم، وعدم الاكتفاء بالانتظار، فالعمر يمضي، ونحن بحاجة لتشكيل القوة المادية على أرض الواقع.

الأكثر قراءة