رحيل ثائر

رحيل ثائر
03 Oct
2014

حسان الزين -السفير

مفاجئ رحيل باسم شيت. مفاجئ وصادم، لا لكونه شاباً فحسب، وهذا بحد ذاته قاسٍ، ولا لكونه لم يحظَ بفرص أن يَعطي ما لديه فحسب، إنما بسبب الاعتقاد أن الثورة دائمة لا تموت. وباسم ثورة دائمة. وباسم لا يُنهي نقاشاً أو اجتماعاً أو تظاهرة، فكيف يموت ويرحل؟ ويبدو خارج الزمن. كائن تاريخي هو. وهو من الكتب لا من الواقع. ومن طينة الثوّار الذين يأخذون وقتهم ويحوّلون حياتهم ورشة أو ورشاً لمشاريع لا تنتهي، وربما لا تبدأ، ويحاولون، ويبقون يحاولون، ولا يتوقفون بل دائماً مشغولون ومنهموكون، ولا يُحبَطون. والأرجح أن الإحباطات تزيدهم تمسكاً بأفكارهم وأحلامهم. وغالباً يوحون بأنهم نسوا أنفسهم وأجسادهم، أو يلبسونها فحسب. كأن رحيل هذا الثائر، يعني أن لا موعد لنا مع الثورة، وأن بلادنا خارج التاريخ، على الأقل تاريخ المحاولات. وكأن محاولة تلقّفه مع رفاقه "الربيع العربي" و"إسقاط النظام الطائفي ورموزه"، كانت الذروة، أو كانت فلتة الشوط، ولا إمكانية لتكرارها ولو على نحو كوميدي. ذلك ليس يأساً، إنه مجرد تفسير في غياب شخص عنيد، حالم، إذا مات يعني أن لا دور له، وإذا لا دور له يعني أن لا ثورة أمامنا ولا حتى فرصة لمحاولة. فباسم ليس ممن يرون السياسة فنَّ الممكن إنما يعتبرها فنَّ المستحيل، ورحيله يوحي بأن المستحيل ذاك بات مستحيلاً. كأنه رأى ذلك، فتوقّف قلبه مصدوماً، ولعلّه آثر الرحيل كي لا يعترف باليأس.

الأكثر قراءة