تنشغل دوائر وزارة التربية في التحضير لتنفيذ قرار وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب القاضي بإعطاء إفادات نجاح لطلاب شهادتي المتوسطة والثانوية العامة بفروعها الأربعة، في وقت واصلت «هيئة التنسيق النقابية تحركها في اتجاه الكتل النيابية لإقرار سلسلة الرتب والرواتب، ورفضا لإعطاء إفادات نجاح، والتقت أمس رئيس تيار «المرده» النائب سليمان فرنجية، الذي أبلغ الوفد رفضه لموضوع الإفادات، مطالبا بضرورة التريث في انتظار استكمال المفاوضات بين الوزير وهيئة التنسيق. ورأت مصادر نقابية في قرار مجلس الوزراء فرصة جديدة لإعادة الحوار مع هيئة التنسيق، إلا أن أفقها بات واضحاً لجهة استمرار الهيئة في مقاطعة الامتحانات. يشار إلى أن مجلس الوزراء قرر تفويض وزير التربية والتعليم العالي «متابعة مسألة تصحيح الامتحانات الرسمية، سعياً لإنقاذ العام الدراسي من أجل تأمين دخول الطلاب إلى الجامعات واتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لذلك بما فيها إعطاء إفادات». وتحفظ بو صعب في اتصال مع «السفير» عن الخوض في تفاصيل قرار مجلس الوزراء، أو ما ينوي القيام به. وعلم أن الوزير بصدد عقد اجتماع آخر مع المكاتب التربوية للأحزاب والقوى اللبنانية، قبل ظهر اليوم، في محاولة أخيرة للضغط على هيئة التنسيق للتراجع عن مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية، ووضع الأمور في نصابها، وتحميل الجميع مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع. ووصفت مصادر حزبية أن وسيلة الضغط هذه لم تعد تنفع، خصوصا أن الوزير اتخذ قراره، مدعوما بتفويض من مجلس الوزراء، وأن الأمور أقفلت على إعطاء الإفادات، في ظل موقف هيئة التنسيق، وعدم القدرة على التراجع عن المقاطعة، قبل تحقيق مطالبها بالسلسلة، والذي وصفته بـ«مثابة مطالبة الهيئة بالانتحار وبإنهاء دورها النقابي والوطني الجامع والموحد». أي إفادة؟ تتابع مصادر نقابية وأكاديمية ما سيصدر عن وزير التربية من قرار، يتعلق بإعطاء إفادات نجاح، خصوصاً بعدما أعلن في مؤتمره الصحافي عقب فشل المفاوضات أمس الأول أنه سيعطي إفادات نجاح لطلاب شهادتي المتوسطة والثانوية العامة، من دون أن يحدد كيف، ومن يستحق الإفادة. وسألت المصادر، هل ستكون الإفادة من نصيب جميع المرشحين الذين تقدموا بطلبات للامتحانات الرسمية الأكاديمية والمهنية، أم أنها فقط لطلاب الشهادة الأكاديمية، أم أنها للمشتركين في الامتحانات؟ وما مصير من لم يشارك في الدورة الأولى؟ وما مصير من شارك في الامتحانات ولم يتابعها لظروف خاصة (مرض، حادث، أو بسبب وفاة أحد الأقرباء)؟ وما مصير من أقصته اللجان الفاحصة عن الامتحانات بسبب الغش؟ تضيف المصادر: «ليس سهلاً إصدار قرار، كونه يحتمل كثيراً من التأويلات، خصوصاً أنه قابل للطعن فيه وبسهولة من جانب أي متضرر». وتكشف أن «البحث يتركز على قرار يسد جميع الثغرات، ويكون منصفاً للطلاب». في المقابل، ترى مصادر أكاديمية، أن لا ضرورة في الاستعجال وإعطاء إفادات نجاح لتلامذة الشهادة المتوسطة، خصوصاً أن موعد بدء العام الدراسي ما زال مبكراً، وهناك فترة شهرين (آب وأيلول)، علماً أن بدء العام الدراسي يكون من منتصف تشرين الأول، وحتى ذلك التاريخ، يتسع الوقت لمعاودة الاتصالات حول السلسلة، والعودة عن مقاطعة التصحيح. وترجح المصادر بخصوص طلاب الثانوية العامة، حصر الإفادات بـ«إفادة إنهاء العام الدراسي، لسهولة اعتمادها في الخارج والدخول إلى الجامعات، خصوصاً أن تلك الجامعات تعتمد على علامات الدراسة في السنوات الثلاث التي تسبق شهادة الثانوية العامة، وليس فقط الشهادة الرسمية، وبانتظار انتهاء العام الدراسي في الخارج، إما يكون الطالب قد نجح فيتابع دراسته في شكل طبيعي، وإما يعود أدراجه، كما أن الحلول تكون قد ظهرت، فإما عودة عن المقاطعة والتصحيح، وإما إفادة نجاح». وترى المصادر أن الحل بالنسبة للطلاب الذين يريدون متابعة الدراسة في الداخل متشابه، مع فارق ضرورة التريث، طالما أن الوقت ما زال متاحا حتى نهاية أيلول المقبل، مع الأخذ بعين الإعتبار الحال النفسية للطلاب، من خلال طمأنتهم على مصيرهم، عبر الإفادات، ولكن من دون الحصول عليها حاليا. وفي الجانب المتعلق بالتعليم المهني والتقني، وفي اتصال مع المدير العام أحمد دياب، قال لـ«السفير»: «القرار عند وزير التربية، وحتى الآن لم يحصل أي نقاش جدي في الموضوع». وترى مصادر أكاديمية ونقابية في التعليم المهني والتقني، أن وضع التعليم المهني يختلف عن التعليم الأكاديمي، خصوصا أن طلاب هذا الاختصاص يخضعون لامتحانات عملية قبل النظرية، ومن نجح تابع امتحاناته، ومن رسب لم يحق له المشاركة في الامتحانات الخطية. وتعتبر أنه من الصعب السير بموضوع الإفادات في التعليم المهني، خصوصا أنه لا توجد ظروف استثنائية، فطلاب «البريفيه» مهني، يذهبون إلى BT مهني، ومن درس LT يذهب إلى العمل، والقليل منهم من يذهب إلى الجامعة لمتابعة الدراسة، علما أن من يريد الدخول إلى الجامعة يجب أن يكون معدل علاماته فوق 12 على عشرين. وتتشابه أسئلة المصادر في الشق الأكاديمي مع التقني والمهني، مؤكدة أن إفادة النجاح في المهني لا قيمة لها في سوق العمل. «التنسيق» عند فرنجية دعا النائب سليمان فرنجية أمام وفد هيئة التنسيق الذي زاره أمس في بنشعي، إلى «استنفاد مهلة المفاوضات حتى اليوم الأخير الذي يسبق جلسة مجلس النواب المقررة في الرابع عشر من آب، والوصول الى اتفاق يؤدي الى حلحلة الأمور». وأشار رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب لـ«السفير» أن فرنجية كان واضحا في موقفه لجهة رفضه إفادات النجاح، ونقل عنه وعده بالتكلم مع العماد ميشال عون في هذا الخصوص. وقال: «بات لدينا مشكلتان: الأولى تتعلق بموضوع السلسلة، والثانية بمصير الشهادة الرسمية، وعلى جميع المسؤولين تحمل مسؤولياتهم بدل التهرب منها». وأوضح نقيب «المعلمين في المدارس الخاصة» نعمه محفوض، لـ«السفير» بأن اللقاء كان صريحا مع فرنجية. وبالنسبة إلى قرار بو صعب، قال: «ظهر من هو الحريص على الشهادة الرسمية، ومن هو حريص على الطلاب ومستقبلهم، والحرص يكون بشهادة رسمية وليس بورقة لا تضر ولا تفيد، وسنتحمل تداعياتها سنوات طويلة». وكان لقاء وفد هيئة التنسيق مع فرنجية استمر نحو ساعة بحضور مسؤولين تربويين عن «تيار المردة»، وأكد فرنجية ضرورة التريث في إعطاء الإفادات، مؤكداً تفهّمه موقف وزير التربية، موضحا أن إعطاء الإفادات هو «قرار من وزير نتفهم موقفه إنّما ليس هذا بقرار من مجلس الوزراء، داعياً الى المزيد من التواصل كون هيئة التنسيق تهتم أيضا بمصلحة الطلاب». بعد اللقاء قال محفوض: «اتفقنا مع فرنجية على أن أي حلّ يجب أن يضمن حقوق المعلمين من جهة، وحقوق الطلاب في الشهادات». أضاف: «نحن ضد الإفادات ونعتبر أن الإفادات هي ضربة للتربية والتعليم في البلد، ولهيئة التنسيق، ونكرر نحن حريصون على الشهادة اللبنانية كما نحرص على السلسلة، وفرنجية سيبذل جهدا استثنائيا مع الكتل السياسية، وفي مجلس الوزراء، كي يصار الى حل سريع خلال عشرة أيام». تعقد «لجنة طلاب الشهادات الرسمية» مؤتمرًا صحافيًا في مقر «اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني» ـ مار الياس، عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم، لشرح موقفها من قرار إعطاء الإفادات. عماد الزغبي - السفير