اتخذ وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب قراره المعلن سابقاً، بإعطاء إفادات نجاح لأكثر من مئة ألف طالب وتلميذ من المرشحين لشهادتي المتوسطة والثانوية العامة بفروعها الأربعة، إضافة إلى طلاب الطلبات الحرة. وردت «هيئة التنسيق النقابية» على موقف وزير التربية بدعوته «إلى عدم الانزلاق إلى أي قرار غير تربوي، لان انعكاساته السلبية على التربية ولسنوات مقبلة سيكون كارثياً إلى أبعد الحدود». وباسم الهيئة دعا حنا غريب وزير التربية إلى الابتعاد عن الملف، وقال: «اعمل معروفاً وزيح من الطريق، الموضوع ليس عندك، والقضية عالقة في مجلس النواب وعلى الكتل النيابية تحمل المسؤولية، وإذا كنت غير قادر على الجمل فلا تستقوي على الجمّال». وبعد تبلغه موقف المكاتب التربوية للأحزاب إثر اجتماعها مع هيئة التنسيق، بأنها تقف موحدة خلف الهيئة في قرارها الرافض للإفادات، عقد وزير التربية مؤتمراً صحافياً أعلن فيه قراره بإعطاء إفادات نجاح لجميع الطلاب المرشحين للامتحانات الرسمية، مشيراً إلى أنه علق العمل بالإفادات 48 ساعة و«إذا ارتأيت حلا أفضل أتراجع عن قراري». ولفت إلى أنه سيطلع مجلس الوزراء على القرار، و«حتى لا يغش أحد.. هذا قرار وزير ولا يحتاج إلى مجلس الوزراء»، مشيراً إلى أنه «أخطأ حين قال إنه لن يعطي إفادات وكان يحاول إعطاء ورقة قوية لهيئة التنسيق لكن الوضع مقفل والأجواء لا توحي بسلسلة قريباً». ولفت بو صعب إلى أن «هيئة التنسيق مصرة على موقفها رفضها التصحيح قبل إقرار السلسلة»، مشدداً على أنه «كان منذ اليوم الاول مع مطالب هيئة التنسيق واعتبرناها محقة»، موضحاً أنه «عندما اختلف مع الهيئة كان ذلك لارتباط الموضوع بمستقبل الطلاب». وأشار بو صعب إلى أنه «يشد على يد الاساتذة ويد هيئة التنسيق ونقول من شرب النهر لا يغص بالساقية والعمل النضالي لن ينتهي للمطالبة بالسلسلة»، مشدداً على أن «لا أحد لديه الحق بأن يأخذ سنة من عمر الطلاب، وأعترف بأن للقرار سلبيات كثيرة»، مشبّهاً قراره بما حصل في فترة الحرب. وعلى الأثر تداعت هيئة التنسيق إلى اجتماع عاجل، تباحثت فيه بقرار الوزير، وتحدث غريب باسم المجتمعين، عارضاً لنتائج اجتماع المكاتب التربوية الرافض بالإجماع للإفادات، وتوجه إلى أهالي الطلاب مذكراً بما حصل عشية توصية هيئة التنسيق بمقاطعة الامتحانات، والاجتماعات المتواصلة التي عقدت مع الوزير، بحضور النائب علي بزي ورئيس المكتب التربوي المركزي في «حركة أمل» د. حسن زين الدين، ومطالبته الهيئة السير بالامتحانات ومقاطعة التصحيح حتى إقرار السلسلة، وتأكيده أنه لن يضغط على الهيئة وقوله: «أدعمكم وأؤيدكم ولن أعطي إفادات حتى تقر السلسلة». أضاف غريب: «نشكر الوزير على الاعتراف بالخطأ، لكن الرجوع عن الخطأ له ثمن، فبدل أن يقول إنه سيعطي إفادات، عليه القول ابحثوا عن وزير غيري». وطلب غريب من مجلس الوزراء وضع حد نهائي لموضوع الإفادات، ووقف هذا الإجراء غير التربوي الذي يمس بسمعة الشهادة الرسمية. وتمنى على رئيسة لجنة التربية النيابية التدخل لإنهاء موضوع السلسلة، «لما نعرفه عنها من مواقف داعمة تاريخيا». وأكد أن هيئة التنسيق لن تتراجع عن موقفها «لأنهم يريدون ضرب الهيئة من خلال التراجع مرة ثالثة ورابعة من دون أي مكسب مادي وهو حق طبيعي لكل موظف ومعلم وعسكري». وقال: «يهاجمون هيئة التنسيق لأنها تدافع عن حقوق الموظفين والمعلمين، والجيش لأنه يدافع عن وحدة البلد من خلال حرمانهم من أبسط الحقوق». وكانت النائبة بهية الحريري قد أجرت اتصالاً هاتفياً بغريب قبيل موقف الهيئة، وتمنت عليه ومن خلاله على هيئة التنسيق «الوقوف وقفة مسؤولة تجاه الوطن وأبنائه في ظل هذه الظروف الدقيقة والصعبة التي يمر بها لبنان والأخطار التي يتعرض لها، وذلك بالعودة عن قرار مقاطعة تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية». ووعدت الحريري غريب وعبره هيئة التنسيق بأنها «ستكون كما عهدوها دائما إلى جانب قضاياهم ومطالبهم وستسعى جاهدة مع المعنيين من أجل تحقيقها». وأبلغ غريب الحريري أنه سينقل «تمنياتها هذه إلى هيئة التنسيق لاتخاذ ما تراه مناسباً». وقال لـ«السفير»: «قلت لها، عملنا ما طلب منا، وأنا أطلب منك الضغط وعمل الاتصالات وعقد جلسة لإقرار السلسلة». ولفت نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض، إلى أن «حق الطلاب والأهل موجود لدى الدولة اللبنانية»، موضحاً لـ«السفير» أن «قرار وزير التربية بإعطاء إفادات، يضرب المسار التعليمي». وشدد على أن «إعطاء الإفادات يشكل خطراً محدقاً في المؤسسات التربوية والتعليمية»، مؤكداً «حق الطلاب بإعطائهم شهادات محترمة بناء على سعيهم وجهودهم طوال العام الدراسي». المكاتب التربوية ترفض عقدت المكاتب التربوية للأحزاب اجتماعاً مع هيئة التنسيق، شارك فيه ممثلون عن تيار المستقبل، الحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب الله، حزب الوطنيين الأحرار، حركة الشعب، حركة اليسار الديموقراطي، حركة أمل، المؤتمر الشعبي اللبناني، الحزب الشيوعي اللبناني، تيار المردة، الحزب التقدمي الاشتراكي، التيار الوطني الحر، حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب. بعد النقاش، قررت المكاتب مجتمعة «التأكيد على إقرار سلسلة الرتب والرواتب وفق مذكرة هيئة التنسيق، ودعوة الكتل النيابية الى حضور جلسة لمجلس النواب لهذا الغرض، ليتسنى لرئيس مجلس النواب دعوة المجلس لعقد جلسة لاستكمال النقاش في شأن السلسلة وإقرارها». وأعلنت التزامها المواقف التي تتخذها هيئة التنسيق بما فيها «مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية وتحميل الكتل النيابية التي تعرقل إقرار السلسلة، المسؤولية المعنوية والمادية لاضطرار هيئة التنسيق الى تنفيذ مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية». وحذرت من «اعتماد الإفادات أو أي صيغة بديلة من الشهادة الرسمية باعتبار ذلك خطوة لا تربوية تفقد الشهادة الرسمية مصداقيتها في الداخل والخارج». وأوضح ممثل «التقدمي» سمير نجم أن موقف الحزب واضح لجهة تأييد هيئة التنسيق، لكن «إذا اتخذ الوزير قراره فلن نعارضه». ولفت عميد التربية والشباب في «القومي»، عبد الباسط عباس الى أنه سيطرح على الوزير أن يتم تشكيل وفد من المكاتب التربوية لزيارة الكتل النيابية، لوضعها في الصورة النهائية للاجتماعات، ودعوتها للنزول إلى مجلس النواب لإقرار السلسلة. وقال: «لا يمكن أن يكون موقفي رافضاً للإفادات، وموقف قيادة الحزب أمر آخر». وأكد مندوب المكتب التربوي في «أمل» فاروق الحركة أن «موقف الحركة واضح ولن يكون خنجراً في ظهر هيئة التنسيق، ولا غطاء للوزير، ونتمسك بالشهادة الرسمية، لأنها تمثل الهوية والكرامة». وأعلن ممثل التعبئة التربوية في «حزب الله» يوسف زلغوط الرفض المطلق للإفادات بكل أشكالها وألوانها، مؤيداً موقف هيئة التنسيق في كل خطواتها، والوقوف خلفها. وشددت علاء شرف الدين من «حركة الشعب» على ضرورة الوقوف في وجه قرار إعطاء الإفادات، وأكدت الوقوف إلى جانب هيئة التنسيق في الاستمرار في مقاطعة تصحيح الامتحانات حتى إقرار السلسلة. وعقدت هيئة التنسيق اجتماعاً، حيّت فيه مواقف المكاتب الرافض بالإجماع أي نوع من الإفادات كبديل من الشهادة الرسمية، والداعي إلى إقرار السلسلة من دون تأخير. ورأت في تكرار إعلان وزير التربية، وغيره من المسؤولين ورؤساء الكتل النيابية، أن لا إقرار للسلسلة قريباً ولا اجتماعات لمجلس النواب، ومطالبة الهيئة بالتراجع عن مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية، هو «بمثابة مطالبة الهيئة بالانتحار وبإنهاء دورها النقابي والوطني الجامع والموحد». وأكدت أن لا مجال للتراجع قبل إقرار السلسلة، و«على الذين يعطلون إقرار السلسلة تقع مسؤولية إطالة أمد مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية». عماد الزغبي - السفير