إضراب هيئة التنسيق: الكرة ليست في ملعبنا

إضراب هيئة التنسيق: الكرة ليست في ملعبنا
02 Jul
2014

لم يلامس التزام الإضراب في الإدارات العامة أمس الـ 50%. فالموظفون يظنون أنّ غياب الأفق للحل يجعل كل التحركات بلا نتيجة. بالنسبة إليهم، تبقى مقاطعة التصحيح ورقة الضغط الفعلية، وسط الانكشاف الأمني والسياسي، فيما ترى القوى السياسية أنها قادرة على خرق هذه الورقة أيضاً

 

فاتن الحاج - الاخبار

 

 

يكاد التبلّد السياسي في التعاطي مع ملف سلسلة الرتب والرواتب يخدّر قواعد المعلمين والموظفين في الإدارة العامة. التمسك بالحقوق والإصرار على عدم التراجع عنها قيد أنملة، الذي تقع عليه في نبرات أصواتهم، لا تلمحه في تحركات هيئتهم النقابية التي لا يبدو أنّها هي الأخرى استفادت حتى الآن من تجربتها لبناء قوة نقابية مستقلة فاعلة، ما يطرح السؤال مجدداً عما إذا كانت قد فوّضت إلى بعض القوى السياسية التفاوض عنها.

 

لو أنّ المندوبين في الروابط المكونة لهيئة التنسيق نزلوا وحدهم إلى الأرض لفعلوا الكثير. حتى التزام الإضراب الذي بدأ أمس ويستمر اليوم أيضاً في الإدارات العامة والوزارات لم يلامس الـ 50 %، باعتراف الموظفين أنفسهم. لذلك أسباب تسوقها القواعد، ليس أقلها الإحباط من الوضع السياسي القائم والخوف من المشاكل الأمنية المتنقلة. بعض الموظفين يبررون ذلك بالقول: «ما في شي بالأفق، لماذا سنشدّ العصب في غير مكانه، الناس تعبت». وتسمع من موظفين آخرين في الإدارة العامة يواظبون على المشاركة في التحركات ينتقدون أنفسهم «نحنا الموظفين مش فارقة معنا، ولو كنا مهتمين لكان البعض منا انضم إلى اعتصام زميلنا د. علي برو في ساحة رياض الصلح». هنا تحاول إحداهن إقناع برو بالعدول عن إضرابه والعودة إلى بيته إنقاذاً لصحته التي «لن يلتفت إليها أحد، ونحنا الموظفين ما منستاهلك». يغضب هذا الطلب برو ويستفزّه حديث الموظفين عن أنّ الوضع الأمني يربك التحرك وخصوصاً أنني «أراهم أمام عيني يدخلون ويخرجون من المجلس النيابي حيث تجتمع لجانهم كل يوم، ولا يراعون في ذلك الوضع الأمني، فلماذا علينا أن نراعيه ونلبس ثوبه؟». يقول برو إنّه سينتقل قريباً جداً من موقع الموظف إلى موقع المواطن وستتخذ معركته شكلاً مختلفاً، إذ ستكون صوتاً ضد الظلم والفساد، متوجهاً إلى «كل الذين يعانون من هذا الأمر وهم كثر من الشعب اللبناني بالسؤال: «ما هي المواد التي استعملوها معكم لتخديركم؟». وقال: «سأواجه التخدير الذي أوصلنا إلى حالة التكلس وتكلسنا». يزور وزير الزراعة أكرم شهيب المعتصم منذ 13 يوماً للمرة الثالثة، حاملاً هذه المرة عرضاً ظن أنّه قد ينهي الاعتصام. يقول لبرو إنّه لم يأت إلى هنا ليساومه على قضيته، لكن السلسلة باتت مشروعاً بلا أفق». يحضر، كما ينقل برو، كأخ وصديق يدعوه من باب الخوف على صحته إلى الخروج من الساحة لقاء تسوية وضعه الوظيفي قبل 11 شهراً على تقاعده، وخصوصاً بعدما اطلع على الظلم اللاحق به في الوزارة». أجابه برو: «يفترض أنني وأنت من مدرسة نضالية واحدة. لو كنت مكاني، هل كنت ستقبل بالمساومة بهذه الطريقة؟ فمع كل معزتك كرامتي بالدق، ويستحيل أن أنتقل بإضرابي من مسألة عامة إلى مصلحة شخصية». ورد شهيب، كما قال برو: «لا أرضى بأن تقوم بأي شيء يمسّ بكرامتك، أنتظر منك إشارة وأنا مستعد». في المقابل، يستفز بعض المعلمين توصيف ما يحصل بالتراخي، «فقد أدينا قسطنا للعلا وتراجعنا مرات عدة والكرة لم تعد في ملعبنا، بل في ملعب الأهالي»، أو هذا ما ستقوله إحدى المعلمات للطلاب والأهالي الذين سيحضرون لقاء الخميس، في ثانويتها. تبدو المعلمة مقتنعة بأننا «استنفدنا كل وسائل الاحتجاج ولم تعد هناك ضرورة للخروج إلى الشارع لتأكيد المؤكد، فإصدار الموقف في بيان أكثر من كاف في مرحلة أظهر فيها السياسيون كل السياسيين أنّ لهم جلداً متمسحاً، ولا يملكون أدنى شعور ليس فقط بالمواطنين بل بقواعد أحزابهم أيضاً». تستدرك: «لو لم يكن الوضع الأمني مهزوزاً، ولو كانت أيامنا عادية، لكان من الواجب عدم القبول بأقل من العصيان المدني». في كل الأحوال، ترفض المعلمة أن تدخل هيئة التنسيق لعبة الأسماء وأن تستثني أياً من الأفرقاء السياسيين من المسؤولية «فكلهم في السوء سواء، ولا يجب أن نعطيهم هذه الفرصة، لأنّ من يقول لنا إنّه معنا لا يفعل شيئاً لإقرار حقوقنا». أحد الأساتذة الثانويين يقول إنّه ليس يائساً، لكنّه بات يلمس أن التحركات الاحتجاجية في الشارع لا تؤدي إلى نتيجة في مجتمع طائفي ليس فيه رأي عام «وكل عنزة فيه معلقة بكرعوبها»، لذا فإننا «نشعر بأن الورقة الفعلية هي ورقة مقاطعة تصحيح الامتحانات. أما مصير الإضرابات والاعتصامات فلا يختلف عن مصير عريضة المليون توقيع». ويلفت إلى أنّ «هيئة التنسيق لا تتجاوز كونها تجمعاً للأحزاب السياسية، ما عدا الإضافات النوعية لبعض القادة النقابيين، لكن نعيش في وهم إذا كنا نظن بأن الحل يمكن أن يكون من خارج تسوية أهل السياسة». أمس، تحوّل اللقاء الذي كان مقرراً داخل مبنى الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، إلى اعتصام خارجها بعدما رفضت القوى الأمنية دخول الكاميرات إلى بهو المبنى. وقال عضو هيئة التنسيق وليد الشعار إنّ «الحراك تحول بشكل موضوعي ضمن الظروف المحيطة بالبلد، ولا سيما الأمنية منها، إلى لقاءات داخل الوزارات». ورأى أنّ «الوضع الأمني المستجد يتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات فاعلة وليس التهرب والتحجج بالوضع من أجل تطيير الحقوق». رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر تعهد بأن «الموظفين لن ييأسوا ولن يتعبوا من المطالبة بحقوقهم». ودعا المسؤولين إلى «تحمل مسؤولياتهم، وإقرار السلسلة لكل القطاعات الوظيفية في إطار حفظ الحقوق لا ابتلاعها». أما رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، فرأى أنّ القضية لم تعد مسألة سلسلة رتب ورواتب، بل تجاوزت هذا الملف بعد انكشاف كل المواقف السياسية من خلال هذه السلسلة، إذ إننا «نواجه اليوم مشروع تصفية ما تبقى من دولة الرعاية الاجتماعية بموظفيها ونظامها ومؤسساتها». وقال: «نخوض من خلال عنوان السلسلة معركة الوجود، في أن يكون للبنان دولة أو لا يكون». وسأل غريب: «هل هذه مسؤولية هيئة التنسيق وحدها، أم هي مسؤولية كل الشعب اللبناني، ومسؤولية القوى السياسية التي تقول إنها مع بناء دولة، ولا نراها تتحرك من أجل هذه الدولة التي تصفّى مدنياً وعسكرياً؟». ولفت إلى أنهم «يريدون الخصخصة، لا إعطاء سلسلة ولا نظام تقاعد، ولا تثبيتنا، يمارسون تفتيت البلد لبناء داعشيات فيه، نحن رمز هذا البلد ووحدته، ولأننا كذلك تمارس علينا السياسة الداعشية». أعضاء هيئة التنسيق انتقلوا بعدها إلى مبنى مصلحة تسجيل السيارات ـــ الميكانيك، حيث كان الموظفون يعملون بصورة طبيعية. وقد عقدت الهيئة لقاء مع رئيس المصلحة العميد جورج لطوف وشرحت له حقيقة موقفها ودعته إلى أهمية الالتزام بالإضراب.

الأكثر قراءة