الاحتلال يحوّل ليل الفلسطينيين إلى جحيم

الاحتلال يحوّل ليل الفلسطينيين إلى جحيم
23 Jun
2014

قلبت إسرائيل ليل المدن الفلسطينية إلى جحيم، وخلقت حالة جديدة من حياة الرعب للفلسطينيين، وصار السيناريو الليلي، اقتحامات بمئات الجنود للمدن والقرى والمخيمات، ومواجهات مع الشبان الفلسطينين، وشهداء يسقطون، وقوات تنسحب مخلّفة دماراً وخراباً وشهداء يشيعون في اليوم التالي، وسط حالة من الحداد والغضب والكبت. ومنذ اختفاء الجنود الإسرائيليين الثلاثة قبل نحو أسبوعين، ودّعت المدن الفلسطينية خمسة شهداء، آخرهم شابان استشهدا فجر أمس، في مدينتي رام الله ونابلس، والباقون سقطوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي الذي يداهم المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في ساعات متأخرة من الليل، مواصلاً حملة الاعتقالات التي طالت حتى الآن قرابة 350 فلسطينياً. واستشهد الشاب محمد محمود إسماعيل عطالله الطريفي (30 عاماً) فجر اليوم في مواجهات مع الجيش الاسرائيلي في رام الله، أسفرت كذلك عن إصابة خمسة فلسطينيين بجروح. وذكر شهود عيان إن الطريفي استشهد برصاص أحد القناصة الذين كانوا يعتلون أسطح بعض المنازل في رام الله، مشيرين إلى أنه ظل ينزف لساعات، في ظل عدم قدرة وصول سيارات الإسعاف إليه. وفي مخيم العين غرب مدينة نابلس، استشهد الشاب الشاب أحمد سعيد سعود الفحماوي (27 عاماً) برصاص جنود الاحتلال بينما كان متوجهاً الى المسجد لأداء صلاة الفجر. وفيما احجم الجيش الاسرائيلي عن التعليق على استشهاد الطريفي، أكد أن جنوده اطلقوا النار على رجل في نابلس بعدما "اقترب منهم بشكل خطير". كذلك، دخل شاب فلسطيني (20 عاماً) تعرّض لإصابة خطرة يوم الجمعة الماضي في رأسه، في موت سريري في مستشفى اسرائيلي، فيما توفي رجل في الستين من عمره في نابلس إثر إصابته بأزمة قلبية فيما كانت قوات من الجيش الإسرائيلي تقوم بعمليات تفتيش خارج منزله. وبعد ظهر أمس، شيّع الفلسطينيون جثمان الشهيدين الطريفي في البيرة، والفحماوي في مخيم العين. وردّد المشيعون هتافات غاضبة ضد الاحتلال، وطالبوا بانتفاضة فلسطينية ثالثة في وجه انتهاكاته واعتداءاته على الفلسطينين، فيما أغلقت المحال التجارية أبوابها حداداً على أرواح الشهداء. وأطلقت قوات الاحتلال والمستوطنون النار على جنازة الشهيد الطريفي لدى مواراته في الثرى في مقبرة مدينة البيرة القريبة من مستوطنة بزاغوت المقامة على الأرض الفلسطينية. وفي غزة، شنّت الطائرات الإسرائيلية، أمس، أربع غارات جوية على مواقع تابعة لحركتي حماس والجهاد الاسلامي في في دير البلح وخانيونس ورفح، من دون أن يبّلغ عن وقوع إصابات في الأرواح، لكن اضراراً جسيمة سجلت في هذه المواقع ولحقت اضرار في عدد من المنازل المجاورة للمواقع المستهدفة. من جهة ثانية، أعادت قوات الأمن الفلسطينية يوم أمس حطام طائرة استطلاع إسرائيلية صغيرة تحطمت فوق الخليل إثر "عطل تقني"، بحسب جيش الاحتلال. ويسود القلق صفوف الفلسطينيين عموماً في ظل تكرار الاقتحامات الإسرائيلية الليلية لمراكز المدن الفلسطينية. وفي مؤشر إلى تصاعد الغضب الشعبي ضد القيادة الفلسطينية، التي تبدو عاجزة عن مواجهة العدوان، هاجم شبان فلسطينيون مقرات للشرطة الفلسطينية في مدينة رام الله، بعدما طالبوها بالتصدي للقوات الإسرائيلية. ودوّت أصوات الأعيرة النارية، وهي طلقات تحذيرية على الأرجح أطلقتها قوات الشرطة الفلسطينية من شرفة ونوافذ مركزها على مدى دقائق في وسط رام الله، ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات. وردّد المتظاهرون هتافات مناهضة للشرطة الفلسطينية، وتحطيم زجاج ثلاث سيارات تابعة لأجهزة الأمن الفلسطينية كانت متوقفة أمام أحد المراكز الأمنية، في خطوة لم ترق للعديد من الأطراف الفلسطينية التي طالبت بتوحيد الفلسطينيين لمواجهة الاحتلال وعدم تحويل الاقتتال إلى الساحة الداخلية. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير جميل شحادة لـ"السفير" إن "العدوان الإسرائيلي المستمر مرفوض من قبل الشعب والقيادة الفلسطينية وسيتم التصدي له". وأضاف أن "القيادة الفلسطينية بدأت اتصالات مع الدول المختلفة من أجل طلب عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي وإصدار قرار بوقف العدوان الإسرائيلي، ووضع حد للانتهاكات المتواصلة بحق شعبنا". بدوره، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة لوكالة "فرانس برس" إن القيادة الفلسطينية بدأت الاحد اتصالاتها للتوجه الى مجلس الأمن والمنظمات الدولية لحماية الشعب الفلسطيني. وطلب ممثل فلسطين لدى الامم المتحدة رياض منصور يوم الجمعة الماضي تدخل المجتمع الدولي لحماية المدنيين الفلسطينيين من العقاب الجماعي الذي تفرضه اسرائيل. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس دان خطف الاسرائيليين الثلاثة، لكنه اكد أن ما جرى لا يبرر قتل الفلسطينيين. وقال عباس، في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" نشرت أمس، "قلت إن الاختطاف جريمة ولكن هل يبرر ذلك قتل المراهقين الفلسطينيين بدم بارد؟"، مضيفاً "ماذا سيقول (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو عن عمليات القتل؟ هل يدينها؟". وأكد عباس لـ"هآرتس" أنه لا توجد أي أدلّة على أن حركة حماس تقف وراء عملية خطف الإسرائيليين الثلاثة. في المقابل، قال نتنياهو، أمس، إن اسرائيل تملك "أدلّة قاطعة" على وقوف حركة حماس خلف العملية، مضيفاً "قريبا سيتم كشف النقاب عن هذه المعلومات". ومن جهته اشاد الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز بـ"شجاعة" الرئيس الفلسطيني الذي ادان خطف الاسرائيليين الثلاثة، وقال امام ممثلين لوسائل اعلام يهودية دولية إن عباس هو "الشريك الافضل". وأرسلت المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية الأساسية والمدافعة عن حقوق الانسان رسالة الى وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون لإدانة العنف ضد الفلسطينيين الذين يتعرضون "لمعاقبة جماعية"، حسبما جاء في الرسالة.

الأكثر قراءة