طيّر رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة وفريق 14 آذار نصاب جلسة سلسلة الرواتب. الحجة هذه المرة عدم التوافق على زيادة TVA، والتمسك بمقولة «أن الإيرادات مجرد توقعات»، فيما لم يقفل رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسات التشريعية، ولم يحدد موعداً لجلسة مقبلة، في انتظار توافق لا يبدو أنّه سينضج في المدى المنظور، في ظل قرار بتعطيل المجلس النيابي
فاتن الحاج - الاخبار
كادت النائبة بهية الحريري تهم بالخروج من الاجتماع التشاوري الموسع، عشية الجلسة التشريعية لسلسلة الرواتب، لولا تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري، وثنيها عن الانسحاب. ضاقت عضوة كتلة المستقبل النيابية ذرعاً بتعنت رئيس الكتلة فؤاد السنيورة، ودفعه الدائم باتجاه تطيير السلسلة، تحت حجج مختلفة، فوقفت عند باب قاعة مجلس النواب، وقالت له: «انت يا فؤاد من 20 سنة، بعدك متل ما انت ما تغيرت، الله يرحم اللي راح، كان وحدو يوقفك عند حدك».
لم يكن هذا، الاحتكاك الأول بين النائبين، وإن كان الأقوى. قبل ذلك، تمسكت الحريري بالدرجات الست للمعلمين، ولما رفضها السنيورة بالمطلق في البداية قبل ان يلين بعدها ويطرح 3 درجات، أكدت أنّها لن تتنازل عن موقفها «لكن يا فؤاد خلينا نبحث الإيرادات، وإذا حصل توازن، عندها منفوت عالجلسة، منصوت على الشي اللي منختلف عليه». يستنفر هذا الكلام السنيورة، فيقول: «لا، لا، لا، مادة وحيدة ولّا بدكن نطلع مجرمين وتزايدوا علينا باليوم التاني إنو انتو مع الفقراء ونحنا ضدهم». ومع ذلك، يوافق السنيورة على الشروع بالحديث عن الإيرادات برغم رفضه المعادلة المطروحة، ويبقى مصراً على زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1%. «يعني إذا في توازن بتمشي فيها؟»، كان هذا هو سؤال بري الدائم للسنيورة.
بفي الإيرادات، توافق الأفرقاء على البنود، ما عدا TVA وتعرفة الكهرباء، ومنها زيادة رسم الإشغال غير القانوني للأملاك العمومية البحرية (65 مليار ليرة خفضت إلى 50 ملياراً)، رفع الرسوم على استهلاك المشروبات الروحية المستوردة (40 ملياراً)، فرض رسم مقطوع على الشركات نتيجة قانون صادر عام 2000 نبشه وزير المال علي حسن خليل وأقر به السنيورة (100 مليار خفضت إلى 85 ملياراً)، البناء الأخضر المستدام، وهو مشروع أمين سر تكتل التغيير والإصلاح ابراهيم كنعان، وتبنته النائبة الحريري (400 مليار خفض إلى 200 مليار). وكان هناك اختلاف بشأن تقديرات تعرفة الكهرباء، ففيما قال وزير المال إن رفع التعرفة على الشطر الذي يتجاوز استهلاك 500 كيلوواط إلى 300 ليرة سيجلب 390 مليار ليرة «وسنخفضه إلى 350 ملياراً»، قال فريق 14 آذار إن دراسة مؤسسة كهرباء لبنان قدرت الإيراد بـ 123 ملياراً. وفي وقت يعتقد فيه الفريق أنّ زيادة TVA بنسبة 1% على كل السلع تؤمن 275 مليار ليرة، قُدّرت زيادة 15 % على الكماليات بـ140 ملياراً. وبذلك تلامس الإيرادات، بحسب وزارة المال، نحو 2300 مليار إذا أضيفت إلى 1358 ملياراً جرت الموافقة عليها في الهيئة العامة، فيما بلغت كلفة السلسلة مع الدرجات الست للمعلمين، بحسب مصادر 8 آذار والتيار الوطني الحر، نحو 2030 مليار ليرة. وقد أضيفت إلى الكلفة 180 مليار لدرجات المعلمين، و33 ملياراً زيادة للعسكريين. ساعات من المناقشات أدت إلى توازن عـ«الليبرة»، والتعبير للرئيس بري، الذي عمد تارة إلى خفض تقديرات الإيرادات التي حددتها وزارة المال للقول إنّ ذلك لن يؤثر في التوازن، وطوراً راح بري يقدم تنازلات لم تعجب ممثلي الكتل النيابية الرئيسة المشاركة، ولا سيما كتلة التغيير والإصلاح، ولم تكن لتعجب حتماً هيئة التنسيق النقابية إذا جرى التوافق عليها، إن لجهة خفض أرقام السلسلة بنسبة 10 %، أو لجهة تقسيطها على 3 سنوات. يذكر أنّ بري طرح هذا العرض على النائب جورج عدوان على نحو جانبي لعله يتوسط لدى السنيورة، لكن ذلك لم يؤد إلى نتيجة. تجدر الإشارة هنا إلى أن كل محاولات الرئيس بري كانت تصب على نحو أساسي في اتجاه تأمين إقرار السلسلة في الهيئة العامة للمجلس النيابي، وطي هذا الملف بأية طريقة، حتى لو أتى ذلك على حساب حقوق أصحابها. وبرغم ذلك، لم تنفع المفاوضات في إقناع السنيورة بالعدول عن زيادة TVA، باعتبار أن ما يطرح هو «سمك في بحر»، بحسب تعبيره. «انت ما بدك سلسلة، لكنني سأقول لك للتاريخ، أنت تخاطر بالبلد الذي لم يعد يحتمل المزيد»، هذا ما قاله بري في نهاية الاجتماع، ليخرج السنيورة من القاعة واعداً بري بإعطاء جواب نهائي في الليل من دون أن يفعل، قبل أن يصدر موقف عن قوى 14 آذار بمقاطعة الجلسة، وبالتالي تعطيل نصاب الجلسة. رئيس المجلس بات مقتنعاً، كما قال لزواره أمس، بأنّ هناك قراراً بتعطيل المجلس النيابي، الذي سيؤدي بدوره إلى القضاء على مرتكزات حكومة تمام سلام، على خلفية «أن حكومة بلا رقابة المجلس النيابي هي بمنزلة حكومة تصريف أعمال». وفي بيان مقتضب، أعلن بري إبقاء الجلسات التشريعية مفتوحة من دون أن يحدد موعداً للجلسة المقبلة، ما فتح الأبواب على التكنهات. انتعش النائب أحمد فتفت الذي كان يدردش مع الصحافيين لسماع القرار، واصفاً إياه بالإيجابي، لكونه يسمح بالمزيد من المشاورات والدرس للتوافق على السلسلة أولاً، قبل الذهاب إلى الهيئة العامة. نواب آخرون كان لهم رأي آخر من عدم تحديد الموعد، ما يسمح للرئيس بري بعقد جلسة في أي وقت يتوافر فيه 65 نائباً، حتى لو لم يحصل هذا التوافق. فتفت عقد مع النائبين جمال الجراح وفادي كرم مؤتمراً صحافياً دعوا فيه إلى ابعاد السلسلة عن الشعبوية والغش والابتزاز السياسي، باعتبار أنّ الأرقام «مجرد توقعات من وزارة المال، قد نكون قادرين على تحملها، لكنها خاضعة لحساسية معينة تتأثر بالاستقرار السياسي والنشاط الاقتصادي والسياحة والاستقرار الأمني في البلد». وكان لافتاً على هامش الجلسة أن يصر وزير التربية الياس بو صعب والنائبان علي بزي وقاسم هاشم على اللحاق بوفد هيئة التنسيق، الذي حضر صباح أمس، والتقى كلا من بري والأمين العام للمجلس عدنان ضاهر، وسلمهما المذكرة التي تؤكد ثوابت الهيئة حول سلسلة تضمن الحقوق. ومما قاله بو صعب وبزي للهيئة «لا يجوز أن تضعوا كل السياسيين في كفة واحدة، إذ يجب أن تقدروا من يقف إلى جانبكم». في مؤتمرها الصحافي، أكدت الهيئة أنّ «حقوقنا هي البوصلة في سياستنا النقابية تجاه المواقف التي تخرج عن هذه الكتلة أو تلك، او هذا التيار او ذاك، نحن مع حقوقنا ولسنا ضد أحد، ومن يقف مع حقوقنا نشكره، ومن يقف ضدها، فسنحاول أن نحيّده، واذا تمكنا من ذلك فجيد، والا فسنواجهه». أضافت: «نريدها كما هي 121 بالمية». إلى ذلك، أعلنت الهيئة أنّها ستسيّر الامتحانات الرسمية تنفيذاً للاتفاق مع وزارة التربية، لكنها مستمرة في تنفيذ الإضراب المفتوح في الإدارات العامة ومقاطعة أسس التصحيح والتصحيح، على أن تعلن عند الخامسة من مساء اليوم من مقر نقابة المعلمين برنامج خطتها التصعيدية المقبلة.