في وقت تحشد فيه هيئة التنسيق النقابية، اليوم، غضبها الشعبي، تصاغ تسوية بين الكتل النيابية لإقرار قانونَي سلسلة الرتب والرواتب وضرائبها، في جلسة مجلس النواب، كما عدّلتهما اللجنة النيابية ـــ الحكومية مع تعديلات طفيفة لا تلبي مطالب معظم مكونات هيئة التنسيق. وحده حزب الله خرج من المعادلة وقرر إعلان مقاربة مختلفة
فاتن الحاج - الاخبار
معظم الكتل النيابية توافقت على دخول القاعة العامة للمجلس النيابي، اليوم، بنية إقرار مشروعَي قانونَي سلسلة الرتب والرواتب والمواد القانونية الضريبية. حصل التوافق في اجتماع عقد، أمس، في السرايا الحكومية، بحضور رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء وأعضاء اللجنة النيابية ـــ الحكومية، وقد حسم أموراً كثيرة، بحسب مصادر نيابية مطلعة، لتتسارع بعده وتيرة الاتصالات بين الأفرقاء بهدف مناقشة بعض النقاط الخلافية وتوضيحها.
وإذا ما ركبت الطبخة ـــ التسوية بين الكتل عشية الجلسة، فإنّ الاتجاه سيكون نحو إقرار قانون السلسلة بمادة وحيدة، وتفادي مقاربة المواد القانونية مادة مادة. لكن يبدو أن حزب الله قرر أن يكون خارج التسوية، إذ تريث وزراؤه في تسجيل أي موقف من التوافق داخل اجتماع السرايا، في وقت يستعد فيه النائب علي فياض لعقد مؤتمر صحافي في المجلس النيابي، بالتزامن مع الجلسة التشريعية يعلن فيه عدم قبول الكتلة بما توصلت إليه اللجنة النيابية ـــ الحكومية وتأكيد الإصرار على مقاربة مختلفة تضمن الحقوق الكاملة للقطاعات الوظيفية ورفض تحميل الفقراء عبء الإجراءات الضريبية. على خط موازٍ، دعت التعبئة التربوية في حزب الله إلى التزام الإضراب العام والشامل وإلى مشاركة واسعة في التظاهرة التي تنفذها هيئة التنسيق النقابية من أمام جمعية المصارف باتجاه ساحة رياض الصلح. ولكن يبدو أن هذا ليس موقف كتلة التنمية والتحرير، إذ قالت مصادر منها إن الأخيرة لن تمانع إقرار قانون السلسلة بمادة وحيدة، إذا ما جرى الأخذ ببعض التعديلات، من دون أن تغفل المصادر حرص الكتلة على أن تكون النفقات متطابقة مع الواردات، وهي قد سجلت ملاحظة أساسية تتعلق برفض الضريبة على القيمة المضافة. أما في ما يتعلق بالبنود الإصلاحية، فإنّ الكتلة توافق على ضرورة أن تتلازم مع مشروع السلسلة. وتستبعد المصادر أن تحصل تعديلات كبيرة، إذ قد يطرح إعطاء المعلمين أربع درجات ونصف إضافية، وإعطاء المعلمين المتقاعدين نسبة غلاء معيشة، ومن غير المنطقي مساواتهم بمن هم في الخدمة الفعلية وإعطاؤهم درجات. القاعدة التي ستحكم، بحسب المصادر، هي أن «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم». وبالنسبة إلى تكتل الإصلاح والتغيير، فقد أمل أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان، في أعقاب اجتماع الثلاثاء، أن ينتهي مسلسل السلسلة بتحقيق الحد الأدنى من التوازن والإصلاح، لافتاً إلى أنّ الفرصة الإضافية التي أعطيت لإعادة درس السلسلة كانت من أجل الوصول إلى أكبر قدر من التوافق وليس عكس ذلك. وأكد أهمية تصحيح الخفض غير المدروس بحق العسكر والحفاظ على الدرجات الست للأساتذة، وعدم فرض ضرائب على الفقير. الكتلة النيابية لتيار المستقبل علقت هي الأخرى على حصيلة عمل اللجنة النيابية، داعية إلى أن يؤكد النقاش حقوق العاملين في القطاع العام من إداريين وعسكريين وأساتذة بشكل عادل ومتوازن، مع المحافظة على التوازن المطلوب بين مداخيل السلسلة وتكاليفها الفعلية وعلى الاستقرار المالي والنقدي. وشددت على أن يترافق إقرار السلسلة مع تنفيذ سلة متكاملة من الإجراءات الإصلاحية التي تؤدي إلى تعزيز الإنتاج والإنتاجية في القطاع العام والاقتصاد الوطني وتسهم في استعادة دور الدولة وهيبتها. وقد كشفت مصادر مطلعة على أجواء التسوية أن لقاءات اليومين الأخيرين أفضت إلى إجراء بعض التعديلات على تقرير اللجنة النيابية ـــ الحكومية، إن لجهة المواد القانونية أو لجهة البنود الإدارية الإصلاحية. وقد جرى التوافق على إلغاء المادة 24 المتعلقة بإلغاء اقتطاع الغرامات، كذلك شُطبت المادة المتصلة بتحديد سقف التعويضات بتحديد مجموع التعويضات والمكافآت التي يتقاضاها الموظف في الأسلاك المدنية والعسكرية والقضائية والتعليمية، بما في ذلك الجامعة اللبنانية بـ 40% من مجموع رواتبه الشهرية في السنة المالية نفسها. وكان إصرار من أعضاء اللجنة على تعديل دوام العمل الرسمي في الإدارات ليصبح 35 ساعة بدلاً من 32, والإبقاء على البند المتعلق بأن لا تتجاوز الأعمال الإضافية سقف 35 ساعة. وبدت أكثرية الكتل مقتنعة بأن المعلمين أخذوا حقوقهم عندما نالوا 10 درجات ونصف، وهنا قال نواب «الدرجات تعني بشكل أو بآخر زيادة على الراتب». ورأت المصادر أنّه بات للكتل النيابية توجه واحد من نفقات السلسلة، ما يعزز فرضية إقرار القانون بمادة واحدة، فيما يتركز الخلاف في الواردات، ما قد يدفع النواب إلى مناقشة المواد الضريبية كل مادة على حدة. في مجال آخر، علمت «الأخبار» أنّ وفداً من قيادة الجيش زار أمس، بالتنسيق مع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وزير المال علي حسن خليل لتقديم ملاحظات المؤسسة العسكرية على الصيغة النهائية لسلسلة رتب ورواتب العسكريين. ولفتت مصادر أمنية إلى أن خليل وعد بدراسة الملاحظات التي قدمها الوفد، وكذلك فعل نواب ووزراء التقاهم الوفد. وقالت المصادر إن السلسلة الحالية تقول للعسكري «ارحل إلى القطاع المدني أو فقط ارحل»، لما فيها من ظلم وإجحاف. في المقابل، بدا لافتاً أن يرجئ المدير العام للتعليم المهني والتقني أحمد دياب مواعيد الامتحانات الرسمية المهنية العملية والشفهية التي كانت مقررة اليوم بسبب الإضراب. وفي هذه الأثناء، أنهت هيئة التنسيق النقابية الاستعدادات لما سمته «يوم الغضب الشعبي» حيث تنتظر مشاركة «الفيضان البشري»، مشيرة في اجتماعها اليومي إلى أن التطاول على الحقوق سيدفعها إلى تصعيد التحرك، وصولاً إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية من ألفها إلى يائها. برأي الهيئة، «اليوم سيكون مفصلياً بين من يعمل لدولة الرعاية الاجتماعية ومن يعمل لمزرعة التعاقد الوظيفي التي يتحكم بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وموظفوه من المسؤولين الرسميين، بما يسهل عليهم نهب مقدرات اللبنانيين ودفع الغالبية منهم إلى تحت خط الفقر». ودعت جمهورها إلى الرد على ما سمته «التسريبات الرسمية التي جهدت في التخفيف من زخم المشاركة» بمزيد من التجاوب مع الدعوة إلى التظاهرة المركزية. وحمّلت الهيئة النواب مسؤولية عدم إجراء الامتحانات الرسمية في موعدها المحدد، ما لم يقرّوا غداً (اليوم) مطالب المعلمين والأساتذة وباقي القطاعات الوظيفية كما وردت إليهم في مذكرة هيئة التنسيق من دون تجاوز أي بند. وفي الاعتصام أمام وزارتي الإعلام والسياحة، أمس، وصف رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب قانون السلسلة بالانقلاب الفعلي على وظيفة الدولة اللبنانية، كدولة للرعاية الاجتماعية عبر إلغاء نظام الوظيفة العامة في لبنان ونقله إلى نظام التعاقد الوظيفي». وطالب رئيس مجلس النواب نبيه بري «بالتمسك بحقوق هيئة التنسيق النقابية، والدعوة إلى جلسات متتالية والضغط حتى إقرار الحقوق كاملة». وقال إنّه يوم الامتحان للسلطة السياسية، متوجهاً بنداء إلى الشعب اللبناني «انزلوا إيد بإيد مع هيئة التنسيق لرفض كل الضرائب التي تفرض على الشعب وذوي الدخل المحدود، ولتحصيل الضرائب من الريوع المصرفية والأملاك البحرية ومصادر الهدر والفساد». وطالب «بأوسع حشد من كل القرى والبلدات في البقاع والجنوب والشمال والشوف وعاليه وكسروان...». من جهته، دعا رئيس مجلس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض المعلمين في المدارس الخاصة إلى التزام الإضراب وإلى أوسع مشاركة في التظاهرة. ورأى أن «مشروع اللجنة النيابية الأسوأ منذ 3 سنوات والذي ضرب حقوق المعلمين بإلغاء الدرجات الست، قصد معاقبة المعلمين بالتحديد وهيئاتهم النقابية على مواقفهم الصلبة في هيئة التنسيق». وعشية الإضراب، عاد الحديث عن التفاوت في التزام معلمي المدارس الخاصة بالمشاركة في وقف الدروس والانخراط في التحرك، في وقت بدا فيه لافتاً أن يصل إلى معلمي المدارس التابعة لجمعية المقاصد الخيرية مذكرة من إدارة الجمعية تعلن فيها توقف الدروس لساعة واحدة، وتحديداً في الحصة التي تلي الفرصة الصباحية الأولى. وجاء في المذكرة أنّ الهدف هو التضامن مع المعلمين والاعتراض على صدور سلسلة غير متوازنة». أما رابطة موظفي الإدارة العامة فلوّحت بإضراب مفتوح ابتداءً من صباح غد الخميس إذا صدق ما تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي، لجهة إلغاء الأربع درجات والنصف للموظفين الإداريين. ورفضت الرابطة التعرض لرواتب وتعويضات الموظفين والمس بالدرجات التي تؤمن شيئاً من العدالة مع القطاعات الأخرى، مؤكدة إقرار الصيغة التي سبق ووزعتها على النواب. وفي سياق متصل، وسّعت الإجراءات الإدارية التي اتخذتها اللجنة النيابية ـــ الحكومية رقعة المعترضين على مشروع السلسلة من خارج مكونات هيئة التنسيق، فدعت نقابة عمال كهرباء لبنان ونقابتا عمال ومستخدمي السكك الحديد والنقل المشترك إلى الإضراب وعدم الحضور في كل مراكز ودوائر مؤسسة الكهرباء والسكك الحديد، اليوم «تعبيراً عن رفضها واستيائها لما تضمنه مشروع القانون الخاص بالسلسلة والذي طال الحقوق المكتسبة للعمال والمستخدمين».