دجى داود
«لنحطكن بالصّورة، قبل ما نصير كلنا جزء من الصّورة»، عبارة انتشرت بالأمس بكثافة على «فايسبوك» و«تويتر» في لبنان، ضمن حملة بعنوان «لنحطكن بالصّورة»، انطلقت بمبادرة من «اللجنة الدولية للصّليب الأحمر»، احتفاءً باليوم العالمي للمفقودين، والذي يصادف في 30 آب. بدأت المبادرة حين راح عدد كبير من النّاشطين على مواقع التواصل، يستخدمون وسم «لنحطكن بالصورة» على صفحاتهم، بطريقة مبهمة. روّاد تلك المواقع راحوا يسألون عن معنى ذلك الوسم، لتتضح الصورة بعد ساعات، ويتبيّن أنّه يندرج ضمن حملة للمطالبة بكشف مصير المفقودين والمخطوفين في الحرب الأهليّة اللبنانيّة. ويكتب أحد المغرّدين: «لازم يرجع المفقودين، لأنّ الصورة ناقصة من دونهم». وتكتب مغرّدة أخرى: «قبل أن تموت، طلبت أمّي منّا أن نطرق على قبرها حين يرجع...». ويكتب أحد الناشطين على «فايسبوك»: «في بالي صور سوداء عن مستقبل لبنان، لكن هناك صورة أخرى بالأسود والأبيض من الماضي، لا تزال معلّقة على الحيطان، أو تقبع في حصن أم تبكي، تنتظر عودة من تحبّ. المفقودون في لبنان، إلى متى؟». وكتب ناشط آخر: «كانوا هنا، وما بقي منهم إلا صورة». وتقول يارا خواجة، «إحدى مندوبات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان ــ ICRC»، انّ حملة وسم «لنحطكن بالصورة» على مواقع التواصل، تندرج ضمن التحضيرات للنشاط الذي تنظّمه اللجنة ليوم المفقودين هذا العام. وتضيف: «قررنا هذه المرّة تنظيم حملة إعلامية استباقيّة للحدث، وتم التواصل مع عدد من القنوات والإذاعات والجرائد، وذلك بهدف نشر وعي حول القضية وتحريك الجهات المعنيّة فيها. ونظراً لأهمية شبكة التواصل الاجتماعي تمّ إطلاق مبادرة على «تويتر» و«فايسبوك»، بهدف خلق ساحة للتفاعل حول ملفّ المفقودين، لنقول انها قضية حيّة، ولم تمت». ستتوجّ الحملة في فضاء الـ «سوشل ميديا» اليوم، 28 آب، والذي سيخصص للتّدوين من أجل المفقودين. إذ تواصلت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» مع 11 من أبرز المدوّنين في لبنان، وهم سليم اللوزي، وخضر سلامة، وعلي فخري، وزياد النابلسي، وعطا الله سليم، وفرح عبد الساتر، وعلاء شهيب، وعماد بزي، ونور حسنية، احمد ياسين، واسعد ذبيان. وسيخصص هؤلاء مساحة في مدوّناتهم، للكتابة عن المفقودين، ومعاناة أهاليهم، بهدف نشر وعي أكبر حول ملف عام، مرتبط بالذاكرة الجماعيّة، وليس محصوراً بشخص أو عائلة أو فئة من اللبنانيين. وتوضح خواجة أنّ «اللجنة الدولية للصليب الأحمر أطلقت المبادرة، من دون أن تشارك فيها، لأنّها لا تستطيع أن تتبنّى آراء جميع الناشطين، بحكم أنها منظمة محايدة». وتشير إلى أنّ «الناشطين سيتخيّلون في تغريداتهم وتدويناتهم، ما قد يقوله أهالي المفقودين لأبنائهم. ونشره في إطار الحملة، يُعدّ نجاحاً لها، بالإضافة إلى المشاركات من سوريا والأردن ومصر وفلسطين». قد تكون «الصّورة» أمراً رمزياً. وقد يعتبرها بعضهم من دون فائدة في قضايا تحتاج إلى تحرّكات على الأرض، وإلى مبادرات قانونيّة.. لكنّ الصّورة على «فايسبوك» و«تويتر» ليست مجرّد صورة، هي ذكرى، وصوتٌ يصرخ، ورمز لعائلات كثيرة ما زال جرحها مفتوحاً، رغم سنوات «السلم الأهلي».