Hiba Awar

Hiba Awar

فداء عيتاني

في هذه الايام فقط سيحرص مضيفك في مخيم عين الحلوة على مرافقتك، او ارسال من يرافقك، الى حدود المخيم. لا ينقص اهل المخيم حسن الضيافة، لكن هذه الايام الحرص مضاعف. انهم يعيشون هاجس الانفجار الامني.

يحار ابناء المخيم مما يحصل حولهم، ليست المرة الاولى التي ينفّذ فيها اغتيال، ولا المرة الاولى التي تطلق صواريخ من الجنوب، فينظر الجميع الى عين الحلوة بنظرة الشك، بل والاتهام، وليست المرة الاولى التي تنفجر عبوة «طائشة» بقافلة لقوات الطوارئ فيشار بأصابع الاتهام الى المخيم. لكنها المرة الاولى التي يجمع فيها العديد من القوى في المخيم على انه يقف على حافة التفجير.

اهل المخيم والمتابعون من قيادييه يتحدثون اليوم عما هو ابعد من المخيم، الغريب ليس سيناريوهات التآمر على المخيم، او الارادة بتفجيره، او الاصرار على تحويله الى نهر البارد – 2. بل الغريب هو اجماع المختلفين على ان ما يحصل اليوم سيؤدي الى انفجار لا يمكن اطفاؤه. وتوافقهم على التحليل نفسه، وهو ليس بعيداً عن التحليل الذي قدمته كتائب عبد الله عزام (في بيانها الاخير «ولتستبين سبيل المجرمين – 8»). فاحتمال احراق المخيم سيؤدي الى ما هو ابعد، واليوم كل الاطراف في المخيم تقف على عتبة دمار ما تملك، وتعود الورقة الفلسطينية الى لعب دور الفتيل في انفجار اوسع، ويعود هامش القرار الفلسطيني الى الصفر، بعدما كان قد بدأ بالتحسن مع مر الاعوام الاخيرة.

ها هو مخيم نهر البارد، ولكن بصيغة اخرى، يقف شبحاً فوق مخيم عين الحلوة، ها هو الشبح يظلل رأس اللينو وفتح، والفصائل الشعبية والديموقراطية، كما يظلل رأس حماس والجهاد، وأنصار الله، ويحوم حول رأس عصبة الانصار وما يعرف باسم جند الشام، وان كان اقل المتضررين هم من لا يملكون الكثير في المخيم، سواء اكانوا جند الشام او اشخاصاً ينتمون الى فتح الاسلام او يعتنقون فكر تنظيم القاعدة ويصنفون انفسهم امراء في كتائب عبد الله عزام، فمصير كل هؤلاء واحد، وفي يوم يبدو أنه يقترب بلا رحمة. اذا احترق المخيم فلن تكون النيران محصورة فيه، العديدون يؤكدون ان النيران ستمتد، ليس لأن عصبة الانصار ستقصف الزهراني، والعصبة اليوم غيرها حين تأسست، وفهمها العقلاني اليوم يختلف عن تطلعاتها في انطلاقتها. والنيران ستمتد ليس لأن فتح ستقصف صيدا، فلا مصلحة لفتح في احراق من يتهم كل الوقت بأنه سندها، ولا اية مجموعة ستطلق النار على الجيش، فالذي يعيش بين اهل المخيم يعلم انهم يتوقون الى استقرار فقدوه منذ وطأوا هذه الارض، وشبانهم يحلمون بالسير في شوارع المدن بسلام والعودة الى مخيمهم بأمان.

من سيشعل صيدا هو من يريد اشعال المخيم، ومن يريد اشعال المخيم سيبيع الحريق الى الف جهة وجهة، الا لشعب المخيم وشعب لبنان. وسيكون المخيم بادئ اشعال صيدا، وربما ما بعد صيدا، وتلك معلومات تروى لاحقاً.

«الشركة التقليدية» تحرم الخزينة مليارات الليرات بتواطؤ من وزارة المال

 

أوراق الحظ أيضاً في قمقم الفساد. فاليانصيب الوطني الذي شهد تراجعاً في مبيعاته لا يلقى أي اهتمام حتى من الشركة الملتزمة. مليارات الليرات تخسرها الخزينة من جرّاء عدم التزام الشركة بدفتر الشروط الذي على أساسه ربحت المناقصة. عدم الالتزام مغطّى من وزارة المال ومن ديوان المحاسبة... ويحظى بالتالي بتغطية سياسية طبعاً. وبدلاً من فسخ العقد، تُكافأ الشركة عبر تمديد عقدها منذ سنوات خلت، بلا أي مبرر اقتصادي أو إداري

رشا أبو زكي

70 مليار ليرة هي قيمة المبالغ التي تُهدر منذ عام 2001 في اليانصيب الوطني اللبناني. وهذه اللعبة التي من المفترض أن تدرّ مليارات الليرات على الخزينة اللبنانية، تسجّل منذ سنوات خسائر فادحة نتيجة تراجع المبيعات، وهذه الخسائر أصبحت تتعدى الرقم الوارد أعلاه بأضعاف! والسبب هو عدم التزام «الشركة التقليدية» بالعقد الموقّع مع الدولة اللبنانية، لا بل تواطؤ وزراء المال المتعاقبين ومديرية اليانصيب الوطني اللبناني مع هذه الشركة، إذ يجري إعفاؤها من التقيّد ببنود العقد، ويُمدّد لعملها بطريقة غير قانونية منذ عام 2005، وذلك لأسباب تتصل بمصالح شخصيات سياسية من الصف الأول في لبنان وسوريا، «إذ إن هذه الشخصيات مساهمة في شركة ألعاب الحظ التي تسيّر اللوتو اللبناني، ولزيادة أرباحهم وصلاحياتهم المطلقة في اللوتو، يجري ضرب اليانصيب»، يقول أحد المطّلعين! أما النتيجة، فمخالفات لا تحصر، وانتهاكات صارخة لمبدأ تحصين المال العام... ليصبح اليانصيب جزءاً من سلسلة طويلة من التعدّي على أموال المواطنين لمصلحة قيادات سياسية، بحيث لا تفرز سوى نزف متواصل في إيرادات الخزينة، تقابلها إجراءات ضريبية ظالمة يجترحها المسؤولون لتغطية هذا النزف!

تلزيم أعمى!

في تشرين الثاني من عام 2001 أُعدّت مزايدة عامة لتسلّم إدارة اليانصيب الوطني اللبناني، وخلال المزايدة تقدمت «الشركة التقليدية» بعرض يفيد بالتزام الشركة بيع 92% من أوراق اليانصيب الصادرة، إلا أن الالتزام بهذه النسبة صدم المشاركين في المزايدة، لكونه أعلى عرض يحصل منذ إنشاء اليانصيب الوطني، بعدما وصل العرض الأكبر في السابق إلى 80% من نسبة الأوراق الصادرة... وقد بدأ العمل بتنفيذ الالتزام في شهر كانون الثاني من عام 2002، إلا أنه منذ بدء الالتزام حتى نهاية الفصل الأول من العام نفسه لم تستطع الشركة تحقيق نسبة الـ92 في المئة. بررت الشركة لوزارة المال ولمديرية اليانصيب عدم التزامها هذا بسبب ظروف قاهرة، منها انعقاد القمة الفرنكوفونية والقمة العربية في لبنان، وبداية حرب العراق، «والعواصف التي ضربت لبنان»، بحسب ما ورد حرفياً في التبريرات. طالبت الشركة بإعفائها من 75% من المبلغ الإجمالي المفروض سداده، وافق وزير المال في حينها فؤاد السنيورة «مبدئياً» على الإعفاء، وطلب رأي ديوان المحاسبة الذي وافق هو الآخر.

هكذا بدأت «الشركة التقليدية» سيرتها العملية. «الأسباب القاهرة» انتهت، ومرّت الأعوام الأربعة المحددة كمدة للعقد، وكانت نسب المبيعات تتراجع سنوياً، من دون التزام الشركة بالـ92%، وهكذا وصلت الشركة إلى عام 2005، وهو تاريخ انتهاء فترة الالتزام، وفي جعبتها جملة من المخالفات لقانون المحاسبة العمومية ولدفتر الشروط. أما المديرية فلم تصادر الكفالة، ولم تطالب بدفع فروقات الخسائر المتراكمة طوال هذه السنوات، والتي وصلت إلى أكثر من 70 مليار ليرة، بحسب مصدر مطّلع على الملف!

تشير المادة 135 من قانون المحاسبة العمومية إلى أنه «إذا ترتّب على الملتزم في سياق التنفيذ مبلغ ما، تطبيقاً لأحكام دفتر الشروط، يحق للإدارة اقتطاع هذا المبلغ من الكفالة ودعوة الملتزم إلى استكمالها ضمن مدة معينة، فإذا لم يفعل اعتُبر ناكلاً، فتعمد الإدارة إلى إعادة المناقصة أو إلى تنفيذ الصفقة بالأمانة. فإذا أسفرت المناقصة الجديدة أو التنفيذ بالأمانة عن وفر في الأكلاف عاد الوفر إلى الخزينة. وإذا أسفرت عن زيادة في الأكلاف، رجعت الإدارة إلى الملتزم الناكل بالزيادة. وفي جميع الاحوال تصادر الكفالة موقتاً الى حين تصفية الصفقة، وفقاً لأحكام هذه المادة»،

في حين تشير المادة 140 من القانون نفسه الى أنه «إذا خالف الملتزم في تنفيذ الصفقة دفتر الشروط أو بعض أحكامه قامت الإدارة المختصة بإنذاره رسمياً بوجوب التقيّد بكامل موجباته، وذلك ضمن مهلة معينة يعود لها أمر تقديرها. وإذا انقضت المهلة المحددة من دون أن ينفذ الملتزم ما طُلب إليه، يحق للإدارة، مع مراعاة أحكام دفتر الشروط العام، أن تعتبره ناكلاً، وأن تطبّق بحقه أحكام المادة 135 من هذا القانون. وفي حال إعادة المناقصة، لا يحق للملتزم الناكل أن يشترك فيها مجدداً».

وقد حدد دفتر الشروط (الذي على أساسه جرت المزايدة وفازت الشركة بالعرض) في المادة الأولى أن «التلزيم يجري بالنسبة المئوية من قيمة المبلغ السنوي المقترح في دفتر الشروط، والبالغ ستين ملياراً وأربعمئة مليون ليرة لبنانية». إلا أن الميزانية التي وضعتها المديرية أصبحت توازي خمسين مليار ليرة منذ عام 2004، ما ضيّع مبلغ عشرة مليارات ليرة لبنانية سنوياً، وهي خسائر تُمنى بها الخزينة من دون أي مبرر!

كذلك تشير المادة 27 من دفتر الشروط إلى أنه «في حال تأخر الملتزم في تسلّم أوراق اليانصيب أو تمنّعه عن ذلك، وأثّر ذلك على القيمة السنوية للالتزام، فإن الكمية المتوجب عليه بيعها يقيّد عليه ثمنها وتحفظ له أمانة في المديرية يتسلمها وقت يشاء ويستفيد من جعالتها وممّا قد يصيب من جوائز». إلا أن الشركة تأخرت مراراً عن التسلّم أو تمنّعت عنه، وأثّر ذلك على القيمة السنوية للالتزام انخفاضاً. في المقابل لم تحفظ المديرية الكمية الواجبة على الشركة (لاستكمال نسبة التلزيم البالغة 92%) ولم تتسلمها، بل تركت الكمية الباقية من كل إصدار في مستودع المديرية، وبالتالي تُحسب لمصلحة الشركة من كل إصدار منذ عام 2001 نسبة 92% من جميع الجوائز للأوراق غير المبيعة وليس من نسبة الـ92% التي تعود للشركة، ما يعطي الشركة زيادات لا تجب لها قانوناً. كذلك يؤدي ذلك إلى استفادة الملتزم من أرباح جوائز لا تعود له طبقاً لدفتر الشروط، ما يؤدي إلى حرمان الخزينة من ملايين الليرات أسبوعياً.

وتشير الفقرة الثانية من المادة 32 من دفتر الشروط إلى أن على الملتزم أن يسدد في نهاية كل ثلاثة أشهر النقص عن النسبة الموازية للمبلغ السنوي للالتزام، وذلك خلال المهلة التي يعيّنها الإنذار الذي يرسله الوزير إلى الملتزم، بناءً على اقتراح المديرية. وإذا انقضت المهلة المحددة في الإنذار ولم يجر التسديد، تطبّق بحق الملتزم العقوبات القانونية المنصوص عليها في المادة 26 من دفتر الشروط، على أن تجري المحاسبة السنوية النهائية في نهاية شهر كانون الثاني من كل سنة.

بين الشركة... والمديرية!

يشير مصدر مطّلع على الملف إلى أن القضاء على اليانصيب له أسبابه، وهو أساساً لتطوير لعبة اللوتو التي تضم خفايا غير ظاهرة للرأي العام، إذ إن إدارة اللوتو تمتلك صلاحيات واسعة، على عكس اليانصيب، كذلك فإن الجوائز يديرها الملتزم مباشرة ويدفعها من دون أي رقابة من المديرية. ويلفت إلى أن شركة ألعاب الحظ التي تدير اللوتو (عدد من المساهمين في شركة اليانصيب هم مساهمون أيضا في اللوتو، وعلى رأسهم مدير اللوتو رينيه جريصاتي) منذ عام 2002، كان من المفترض أن ينتهي عقد تلزيمها في عام 2009، إلا أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مدّد للشركة قبل سنتين من انتهاء العقد، من دون أي مبرر، حتى نهاية عام 2010، علماً بأن بعض الشركات تقدّم بعروض تسمح بزيادة نسبة المبيع 15 في المئة، إلا أن ذلك لم يحل دون تمديد العقد من دون أي مزايدة جديدة!

رأى رئيس مجلس إدارة الشركة اللبنانية لألعاب الحظ، وعضو مجلس إدارة «الشركة التقليدية»، رينيه جريصاتي «أن عدم التزام الشركة بنسبة البيع المقررة في العقد تعود إلى أن المديرية رفعت عدد الأوراق الصادرة في العام الثاني من دون استشارة الملتزم، وذلك في ظل تراجع سوق اليانصيب لمصلحة اللوتو، لافتاً إلى أنه كان على المديرية أن تسوّق اليانصيب عبر حملات إعلانية، لكنها لم تفعل ذلك، فيما وزارة الداخلية منعت الباعة من البيع على الطرقات. ويشرح أنه بعد انتهاء مدة العقد في عام 2005 قالت الشركة التقليدية إنها لا تريد التجديد، إلا أن المديرية طرحت مزايدة وخفضت عدد الأوراق الى حوالى نصف ما التزمت به «الشركة التقليدية»، وعلى الرغم من ذلك لم يتقدم أحد للمزايدة. ولفت إلى أن الشركة نقلت الدواليب من تلفزيون لبنان إلى المؤسسة اللبنانية للإرسال على حسابها، في حين يجب أن يكون ذلك على حساب الدولة. كذلك دفعت الشركة التقليدية من جيبها الخاص بين 400 ألف دولار ألف و500 ألف دولار كإعلانات لضمان استمرارية اليانصيب. ويلفت إلى أن الدولة مقصّرة ولا يهمها أن «ينكسر» الملتزم، ويشير إلى أنه جرى التجديد للشركة التقليدية حتى عام 2007، ومن حينها تعمل من دون تمديد أو تجديد قانونيين، ولكن وفق العقد الذي يقول إنه «تلتزم الشركة بيع الأوراق إلى حين مجيء ملتزم جديد».

ويشير وزير المال السابق الياس سابا إلى أنه كان من المفترض على مديرية اليانصيب ألا تقبل بالعرض المقدم في عام 2001 من قبل «الشركة التقليدية»، لكونه غير منطقي و«محروق»، ويتضمن عيباً شكلياً وأساسياً في النسبة المقدمة، وهي 92%. ولفت إلى أنه في العام الأول، لكي ينزع الوزير المسؤولية عنه، أرسل إلى ديوان المحاسبة اقتراح إعفاء الشركة من الالتزام بالعقد، وبدلاً من أن يقرر الديوان أن تسدد الشركة الفارق عن الأوراق التي لم تستطع بيعها، أعفيت الشركة من هذا الموجب. ويشرح أن العقد يشدد على أن نسبة البيع يجب أن ترتفع سنوياً لا أن تنخفض. ويلفت الى أن المبررات المتعلقة بتفضيل الناس اللوتو يتناقض مع القانون، إذ إن الملتزم يجب أن يدرس السوق قبل تقديم عرضه، وحين يلتزم عليه تنفيذ الالتزام، وعليه أن يتحمل مسؤولية نص العقد الموقع وبنوده. ويشرح سابا أنه لم تدم ولايته كثيراً، ولكن حين تسلّم وزارة المال أرسل رسالة إلى الملتزم بفسخ العقد إن لم يحقق نسبة المبيعات المحددة فيه، من منطلق أن المخاطر يتحمّل مسؤوليتها الملتزم لا الدولة. كذلك أوقف سابا المدير العام للمديرية عن العمل لمدة شهر لأنه لم يستجب للمذكرات والمراسلات التي تدعو إلى محاسبة الملتزم وفق القانون.

1943

هو تاريخ انشاء اليانصيب الوطني اللبناني في عهد الرئيس بشارة الخوري، وكان الهدف الاساسي من اطلاق هذه اللعبة تأمين ايرادات للخزينة العامة، وفي حين أن هذا النوع من الالعاب يدرّ اموالاً للخزينة في معظم دول العالم، فإن «الخصوصية اللبنانية» جعلت من هذه اللعبة خسارة على الخزينة!

“زيد” يزيد المخالفات

أضاف قرار وزير المال جهاد ازعور رقم 327/1 الصادر بتاريخ 31 آذار 2008 إلى يانصيب اللوتو اللبناني لعبة جديدة باسم «زيد Zeed» هو في الواقع قرار بإنشاء يانصيب جديد. هذا اليانصيب أنشئ خلافاً لأحكام القانون الذي حدد ابتداءً من 5 شباط 1998 أنواع اليانصيب المعمول بها في لبنان بثلاثة هي: اليانصيب الوطني اللبناني، يانصيب اللوتو اللبناني واليانصيب الفوري. لا بل لم يستشر مجلس شورى الدولة بشأنه من جهة، ولم ينشر في الجريدة الرسمية من جهة ثانية، بالرغم من كونه قراراً تنظيمياً بامتياز. وجاء في القرار ان الملتزم غير ملزم ببيع عدد معين من الأوراق كما هب الحال بالنسبة إلى اليانصيب الوطني اللبناني.

لم يُصدر مجلس الشورى بعد رأيه بقرار تصحيح الأجور الذي أصدره مجلس الوزراء الأسبوع الماضي. والمعلومات المتداولة تفيد بأن رأي «الشورى» سيتيح لمعارضي القرار إعادة طرحه على طاولة الحكومة. وبدأ الحديث عن «صفقة» تقضي بإصدار قرار رابع يستند إلى الاتفاق بين أرباب العمل وقيادة الاتحاد العمالي

أصبح قرار مجلس الوزراء الثالث المتعلّق بتصحيح الأجور مائلاً إلى السقوط؛ إذ نجح معارضوه، في القوى السياسية والهيئات الاقتصادية، بمنع صدوره حتى الآن بالصيغة التي اقترحها وزير العمل شربل نحّاس وصوّت لها 15 وزيراً في الجلسة الشهيرة في 21/12/2011. فقد بلغت الضغوط عتبة مجلس شورى الدولة، الذي بات يعاني ارتباكاً واضحاً دفعه إلى تأجيل إعلان رأيه إلى ما بعد جلسة مجلس الوزراء أمس. وقالت مصادر مطّلعة على عمل مجلس الشورى إن القضاة المنكبّين على دراسة الموقف «القانوني» من مشروع المرسوم المحال عليهم حائرون بين اتجاهين: الأول ينطلق من أن «بدل النقل» باطل أصلاً، وبالتالي لا يجوز التعامل معه إلا بموجب تفويض أو إقرار من مجلس النوّاب ليصار إلى اعتباره جزءاً من الأجر أو تعويضاً منفصلاً عن الأجر يمثل كلفة الانتقال من العمل وإليه، إلا أن هذا الاتجاه قد يؤدّي إلى إجهاض حق مكتسب للعمّال إن لم تُبَتّ وضعية بدل النقل في مجلس النواب. والاتجاه الثاني ينطلق من أحكام القانون التي تعرّف الأجر باعتباره يتضمن كل العناصر، مهما كان نوعها أو تسميتها، وبالتالي يرى أصحاب هذا الاتجاه مرسوم «بدل النقل» بالصيغة التي صدر فيها عام 1995 مخالفاً للقانون، ولذلك لا بد من فتوى تسمح بحفظ حقوق الأُجراء بعدما تكرّس «بدل النقل» في الواقع على مدى 16 عاماً.

وبعيداً عن ساحة مجلس شورى الدولة ورأيه الحاسم المنتظر، تتكثّف الاتصالات السياسية لاستكمال العناصر المطلوبة لإبرام «صفقة» جديدة يمكن أن تعيد النقاش إلى النقطة الصفر وتحرم الأُجراء تصحيح أجورهم لشهر إضافي أو أكثر. وتحاول هذه «الصفقة» إعادة إنتاج قرار رابع في مجلس الوزراء يستند إلى الاتفاق الموقّع بين هيئات أصحاب العمل وقيادة الاتحاد العمّالي العام، والمعروف باسم «اتفاق الغرفة الجانبية» في قصر بعبدا.

إلا أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، لا يزال يرفض الدخول في أي صفقة من هذا النوع؛ لأنها لا تصبّ في مصلحة العمّال وحقوقهم، وقالت أوساطه إن حزب الله بات شريكاً في هذا الموقف وليس مجرد داعم؛ إذ لم يعد سهلاً على الحزب الانقلاب على قرار مجلس الوزراء الأخير بعدما صحّح من خلاله علاقته مع جمهوره أكثر مما صحّح علاقته مع النائب عون وجمهوره. وأضافت هذه الأوساط أن ما قاله النائب عون بعد اجتماع تكتله يوم الثلاثاء الماضي واضح ولا يقبل التأويل؛ فهو يتمسك بقرار مجلس الوزراء الأخير، ولا سيما ضم بدل النقل إلى الأجر، لكونه ينطوي على إصلاح بنيوي لسياسة الأجور في لبنان التي تعرّضت لتشويه طويل. وقالت أوساط عون إن ما قصده بشأن إمكان النقاش في القرار، من دون أي وعود مسبقة، هو الجانب المتعلّق بكيفية دعم القطاعات المتضررة، إذا ثبت تضررها، وهذا يمكن أن يحصل من خلال قرارات جديدة إضافية يتخذها مجلس الوزراء في سياق إصلاح الاقتصاد واستعادة دور الدولة.

وبحسب المعلومات التي تقاطعت بين أكثر من مصدر مطّلع، أبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وفد الهيئات الاقتصادية (أول من أمس) ووفد قيادة الاتحاد العمالي العام (أمس) أنه ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، يراهنان على استجابة مجلس شورى الدولة للدعوات الموجّهة إليه لرفض الموافقة على صيغة المرسوم الأخير لكي يوضع الاتفاق بين هذين الطرفين موضع التنفيذ بعد إقراره في جلسة مجلس الوزراء في مطلع العام المقبل. وقد أشار بيان صادر عن رئاسة الجمهورية بعد اللقاء مع وفد من المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي برئاسة غسان غصن إلى أن الرئيس سليمان يرى أن «الاتفاق بين طرفي الإنتاج مبعث ارتياح ويؤسس لنهج اقتصادي جديد يقوم على شراكة حقيقية بين الطرفين»، وهو ما عُدّ بمثابة دعم علني ومباشر لهيئات أصحاب العمل المطالبة بإسقاط قرار مجلس الوزراء الأخير؛ لأنه يميل إلى العمّال.

ورغم أن مجلس الوزراء لم يتطرق في جلسته الأخيرة لهذا العام (أمس) إلى ملف تصحيح الأجور، إلا أنه وافق على طلب وزير الصحّة علي حسن خليل بإلغاء أحد القرارات الثلاثة التي أقرّها المجلس سابقاً، المتمثّل بزيادة معدّل الاشتراك في فرع التعويضات العائلية والتعليمية في صندوق الضمان الاجتماعي إلى 9% لتمويل التقديمات التعليمية التي ستنتقل مسؤولية تسديدها من صاحب العمل إلى الصندوق. وبرّر الوزير خليل طلبه بأن مجلس الوزراء لم يطّلع على مضمون هذا القرار عندما جرى التصويت عليه في الجلسة السابقة التي تقرر فيها تصحيح الأجور بحسب اقتراح وزير العمل. وأكد الوزير جبران باسيل أن ما طرحه خليل سبق أن جرى الحديث عنه بين الحلفاء الذين صوتوا إلى جانب مشروع نحاس، لافتاً إلى أنه «في الحقيقة، هذا القرار لم يُناقَش قبل إقراره في الجلسة الماضية؛ لأن ما نوقش من مشروع شربل (نحاس) قبل التصويت عليه هو قرار تصحيح الأجور».

في هذا الوقت، توالت مواقف الوزراء المؤيّدين لمطالب هيئات أصحاب العمل، فقال وزير المال محمد الصفدي عند وصوله إلى قصر بعبدا «إن مجلس شورى الدولة قال سابقاً إن المهم الاتفاق بين أرباب العمل والعمال، وعندما توصلوا إلى اتفاق رفضه مجلس الوزراء»، فيما وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحّاس كان أكثر وضوحاً في حديث أدلى به صباحاً لإذاعة «صوت لبنان»؛ إذ قال: «مهما كان رأي مجلس شورى الدولة، فإن مجلس الوزراء سيعالج موضوع الأجور على مبدأ التوافق بين الهيئات الاقتصادية والعمالية»، وأضاف أن «الرئيس ميقاتي سيجد الحل المناسب».

والمعروف أن الاتفاق الموقّع بين قيادة الاتحاد العمّالي العام وهيئات أصحاب العمل لا يحظى بموافقة مجلس شورى الدولة؛ لأنه تضمّن المخالفات نفسها في القرارين السابقين اللذين رفضهما، ولا سيما لجهة اعتماده على الزيادة المقطوعة وعدم ارتكازه على مؤشّرات ارتفاع الأسعار ودراسات لجنة المؤشّر. فهذا الاتفاق ينصّ على رفع الحد الأدنى للأجور إلى 675 ألف ليرة وزيادة بنسبة 35% على الشطر الأول من الأجر حتى مليون ليرة، على ألّا تتجاوز قيمة هذه الزيادة 200 ألف ليرة. بمعنى أن هذه النسبة لن تطبق إلا على الحد الأدنى للأجور، لتصبح فعلياً زيادة مقطوعة على بقية الشطر. وكذلك ينص على زيادة لا تقل ولا تزيد على 50 ألف ليرة للشطر الثاني بين مليون ومليون و500 ألف ليرة، وزيادة مماثلة على الشطر الثالث بين مليون و500 ألف ومليوني ليرة.

الجدير بالإشارة أن النقابات العمّالية، ولا سيما هيئة التنسيق النقابية، أعلنت رفضها للاتفاق المذكور، ورأت أن قرار مجلس الوزراء الأخير يمثل الحد الأدنى الذي يمكن أن تقبل به، وبالتالي إن إسقاط هذا القرار لمصلحة إحياء الاتفاق يعني العودة إلى الشارع، وصولاً إلى إعلان الإضراب المفتوح، بحسب ما أعلنته مصادر قيادية في هيئة التنسيق النقابية والاتحادات العمّالية المعارضة لقيادة الاتحاد العمّالي.

(الأخبار)

يبدو أن ثالث قرارات تصحيح الأجور لن يكون ثابتاً. فمجلس شورى الدولة يدرس القرار الذي أصدره مجلس الوزراء، من دون أن يقدر على إيصاله إلى طاولة مجلس الوزراء «البروتوكولية» المعقودة في بعبدا اليوم، ليُرجأ وصول «الزودة» إلى جيوب الموظفين حتى العام المقبل

قبل ظهر اليوم، سيتوجه الرئيس نجيب ميقاتي مع أعضاء حكومته إلى قصر بعبدا، ليجتمعوا حول طاولة مجلس الوزراء، وليعقدوا الجلسة الحكومية الأخيرة هذا العام، برئاسة رئيس الجمهورية. وبما أن الجلسة شبه بروتوكولية، وستتبعها مأدبة غداء لوداع السنة، توافق رئيسا الجمهورية والحكومة، مع شركائهما في الحكومة، على أن تكون الجلسة هادئة، وألا تُطرح فيها أي بنود خلافية. وبناءً على ذلك، سيناقش المجتمعون جدول اعمال خالياً من أي بند خلافي. وعلى مدى أقل من ساعة ونصف الساعة، سيجري البحث في جدول الاعمال ذي البنود «العادية»، والخالية من أي تعيينات، ومن بند تصحيح الاجور.

الرغبة الرئاسية تلاقت مع ما أدلت به مصادر مجلس شورى الدولة حول صعوبة أن يصل رأي المجلس بشأن قرار الحكومة تصحيح الاجور إلى رئاسة مجلس الوزراء اليوم. وأضافت المصادر أن مجلس الشورى عاكف على دراسة القرار بعد إطلاعه عليه، وأن هذه الدراسة تستلزم وقتاً أطول من المعتاد، بسبب طبيعة القرار غير المسبوق في شكله ومضمونه. وتلقت الاوساط السياسية المعنية بقرار تصحيح الاجور إشارات متناقضة بشأن النتيجة التي سيصدرها مجلس الشورى، إذ أكد بعض شركاء الحكومة أن مجلس الشورى سيبدي رأياً إيجابياً بالقرار، لكن بعض الملاحظات الشكلية. اما البعض الآخر، فرأى ان مجلس الشورى سيعطي رأياً سلبياً بالقرار، ما سيدفع مجلس الوزراء إلى إعادة درسه في أول جلسة له في العام 2012. وقالت مصادر معنية بملف تصحيح الاجور إن موافقة مجلس الشورى على القرار ستؤدي إلى استفادة الموظفين من المرسوم ابتداءً من الشهر الجاري. اما إعادة طرحه على طاولة مجلس الوزراء فستؤجل ذلك إلى الشهر الأول من العام المقبل، علماً بأن مجلس الشورى لا يتدخل في الأرقام التي تضمنها قرار تصحيح الاجور، بل يقتصر رأيه على الجانب القانوني. وفي هذا السياق، اكدت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر أن وزراء تكتل التغيير والإصلاح سيكونون منفتحين على أي بحث في الملف مجدداً، «لكن تحت سقف الالتزام بالقانون والتغيير البنيوي على التعامل الحكومي مع الاجور الذي أدخله مشروع وزير العمل شربل نحاس».

وفي إطار جلسة اليوم، أكدت مصادر رئيس الحكومة ان أي بند لن يُطرح من خارج جدول الاعمال، نافية ما تداولته اوساط حكومية أمس بشأن إمكان طرح مشروع الترقيات الدبلوماسية من الفئة الثانية (المستشارون) إلى الفئة الأولى (السفراء). وبحسب المصادر، فإن وزير الخارجية عدنان منصور أنهى مسودة الترفيعات بين الفئتين المذكورتين، وهي تضم اكثر من ثلاثين مستشاراً. وتجزم المصادر أن هذا المشروع حظي بمباركة جميع المرجعيات السياسية المعنية، علماً بأنه تضمن جميع من يستحقون الترفيع، واستبعد كل المستشارين المخالفين أو الذين توجد بحقهم شكاوى ذات قيمة. وأكدت المصادر ذاتها أن التوافق على الترفيع من الفئة الثانية إلى الأولى لم ينسحب على الترفيع من الفئة الثالثة إلى الفئة الثانية، بسبب الخلاف الذي لا يزال قائماً حول قضية الملحقين الاغترابيين.

من جهة أخرى، تجتمع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النفط في السرايا الحكومية بعد ظهر اليوم. وأكدت مصادر اللجنة أن ميقاتي حدد الموعد إثر مطالبة الرئيس نبيه بري بإصدار المراسيم التطبيقية لقانون التنقيب عن النفط. وأكدت المصادر أن ثمة توافقاً على حل النقطة الخلافية الأخيرة التي كانت اللجنة متوقفة عندها، والمرتبطة بمطلب الوزير جبران باسيل المدعوم من الرئيس ميقاتي بأن تكون رئاسة الهيئة المنظمة لقطاع النقط مداورة بين الطوائف، فيما كان بعض اعضاء اللجنة، وعلى رأسهم الوزير علي حسن خليل، يؤكد عدم وجود جدوى إدارية وتنظيمية من تغيير رئيس اللجنة مرة كل عام، بذريعة التوازن الطائفي. وقالت المصادر إن اللجنة ربما ستتوافق على أن تشمل المداورة الطائفية رؤساء جميع الهيئات الناظمة في جميع القطاعات (الكهرباء، الاتصالات، الطيران المدني...). وأكدت المصادر أن حل هذه العقدة سيؤدي عملياً إلى إحالة جميع مشاريع المراسيم على مجلس الوزراء، علماً بأن باسيل سبق أن أعد هذه المشاريع واحالها إلى رئاسة مجلس الوزراء.

 

عرسال وتصريحات غصن

وخارج إطار المباحثات المتعلقة بعمل مجلس الوزراء، استمر النقاش السياسي متمحوراً في جزء كبير منه حول تصريحات وزير الدفاع فايز غصن حول تسلل عناصر من تنظيم «القاعدة» عبر الحدود اللبنانية ــ السورية. فبعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح أمس، اكد النائب ميشال عون «أن وزير الدفاع فايز غصن هو الاصدق في موضوع القاعدة لأنه يملك المعلومات وهو في مركز مسؤول، واذا كان هناك وزير آخر ليس لديه معلومات فلا يستطيع أن ينفي معلومات وزير آخر».

وأولى عون جانباً كبيراً من مؤتمره الصحافي لقضية «الأحكام الصادرة عن ديوان المحاسبة بحق فؤاد السنيورة، متمنياًَ أن يتحمل كل لبناني مسؤولياته وسوف نرى ما هو دور المجلس النيابي والقضاء اللبناني في هذا الموضوع». وأوضح أنه «عندما يحين الوقت، نحن مع نظرة البطريرك الراعي بشأن موضوع السلاح، والسيد نصر الله معنا».

وتطرق التكتل، بحسب رئيسه إلى قضية النفط والمحروقات، متهماً رئيس لجنة الطاقة النيابية محمد قباني بالمساهمة في أزمة المحروقات، «لكونه يريد أن يدفع المواطنون 60 في المئة زيادة على المحروقات، بينما بإمكانهم توفيرها في حال استعمال سيارات الغاز».

من جهتها، توقفت «كتلة المستقبل» بعد اجتماعها في منزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل امس أمام «الكلام الخطير والمريب لوزير الدفاع الذي زعم أن لديه معلومات عن تسلل عناصر من تنظيم القاعدة من عرسال باتجاه سوريا. (...) فليست مهمة الوزير اطلاق الاتهامات دون توافر المعلومات المؤكدة، وقبل أن يبادر إلى تحريك الجيش لإلقاء القبض على من سماهم وعلى حد زعمه عناصر القاعدة». وأكدت الكتلة أنها «ستلجأ لكافة الوسائل الديموقراطية والبرلمانية المتاحة لمحاسبة الوزير على ما أدلى به».

ونوّهت الكتلة بالموقف «الواضح والصريح للبطريرك الراعي في عظة الميلاد بشأن مسألة السلاح غير الشرعي». وفي هذا السياق، زار وفد من نواب بيروت رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، تحدث باسمهم النائب نهاد المشنوق الذي قال ان تجاوب بري كان «جدياً ورصيناً في موضوع سحب السلاح الخفيف والمتوسط من بيروت الكبرى». وأكد المشنوق «ضرورة الشروع في وضع خطة جدية لتسليم السلاح الخفيف والمتوسط، أكرر الخفيف والمتوسط، الذي لا علاقة له بمنظومة سلاح المقاومة في وجه إسرائيل». وزار وفد من نواب العاصمة أيضاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للبحث في الشأن ذاته. وكان ميقاتي قد استقبل أمس وفداً من بلدية عرسال برئاسة علي الحجيري الذي قال بعد اللقاء إنه بحث مع رئيس الحكومة «الكلام الذي أطلقه وزير الدفاع بشأن وجود عناصر من تنظيم القاعدة، وأكدنا لدولته أن هناك أمرين لا نقبلهما إطلاقاً: الأول هو موضوع العمالة لإسرائيل، والثاني وجود التنظيمات الأصولية بما فيها تنظيم القاعدة». وطالب الحجيري «الدولة بالعمل على إنماء البلدة وبسط الأمن فيها. وقلنا لدولته اذا كان هناك اي شك بوجود عناصر إرهابية فيجب إجراء التحقيقات القضائية، ونحن تحت إمرة الجيش ونطالب بأن ينتشر على الحدود لحمايتنا». ومن المنتظر أن تشمل جولة وفد بلدية عرسال رئيس الجمهورية وقيادة الجيش.

 

ساركوزي: باقون في اليونيفيل

وخلافاً للموقف الذي أعلنه سابقاً عن نية بلاده سحب جنودها العاملين في قوات الطوارئ الدولية في الجنوب في حال تعرضها لاعتداءات، أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في رسالة إلى الرئيس ميشال سليمان «عزم فرنسا على الاستمرار في التزامها تجاه لبنان من خلال مشاركتها في اليونيفيل». وأتى كلام ساركوزي ضمن رسالة شكر بعث بها إلى سليمان رداً على رسالة مواساة من الأخير بعد الاعتداء الذي تعرضت له دورية من اليونيفيل أخيراً.

 

جعجع يلتقي حكام السعودية

وعاد أمس رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من الرياض حيث التقى مسؤولين سعوديين بارزين على رأسهم ولي العهد نايف بن عبد العزيز ورئيس جهاز الاستخبارات العامة مقرن بن عبد العزيز ووزير الدفاع سلمان بن عبد العزيز ووزير الخارجية سعود الفيصل. كذلك التقى جعجع في العاصمة السعودية الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري.

 

3 قتلى في عكار

قتل ثلاثة لبنانيين أمس في منطقة الحدود الشماية إثر تعرضهم لإطلاق نار من الجانب السوري من الحدود، بحسب ما اكدت مصادر أمنية لبنانية. ووقعت حادثة إطلاق النار في منطقة المقيبلة في وادي خالد، واستهدفت سيارة كان يستقلها الشبان الثلاثة، وهم ماهر علي زيد من بلدة المجدل اللبنانية وكاسر حسين ازيد وشقيقه احمد وهما لبنانيان ويقيمان في قرية هيت السورية، بحسب مراسل الوكالة الوطنية للإعلام في عكار. وقد نقلت جثامين القتلى إلى مستشفى سيدة السلام في عكار. وقالت مصادر امنية لبنانية إن الشبان الثلاثة كانوا يعبرون من الأراضي السورية إلى لبنان، فتعرضوا لإطلاق نار أصيبوا جراءه بطلقات قاتلة.

عمليات الشحن: تلاعب بالوزن والبوالص والمانيفست

ما يحصل في مطار بيروت الدولي يثير الريبة: أعمال رشى مختلفة وتهريب بضائع والتلاعب ببوالص الشحن والمانيفست وسرقة الطوابع عن البوالص، فضلاً عن التلاعب بالأوزان، حتى بات الوزن «غبّ الطلب»... «كل هذا الفلتان المنظّم يجري تحت أعين موظفي قسم الشحن في شركة «ميغ» التابعة لـشركة «ميدل إيست»، يضاف إليهم اثنان من حيتان التخليص الجمركي، ومتورطون من الجمارك وأمن المطار... هذا ما يقوله العارفون

محمد وهبة

«إدارة عمليات الشحن في مطار بيروت الدولي»، باتت تشبه مستعمرة مستقلّة في لبنان يديرها مندوب سامٍ يُطلق عليه صفة «Chairman». فرئيس مجلس الإدارة، المدير العام محمد الحوت، هو الوحيد الذي يمكنه نقل الموظفين إلى هناك، حتى صارت عرقلة وتسهيل أمور كبرى الشركات وأصغرها أمراً روتينياً لدى الموظفين... هكذا يصف عاملون في مطار بيروت الدولي ما يجري في عنابر الشحن في مطار بيروت. يؤكدون أن أموراً مريبة تحصل هناك يومياً.

في الفترة الأخيرة، كشف عدد من الفضائح وجود تلاعب بمانيفست البضائع الواردة إلى لبنان على متن طائرة سعودية. نحو 5 أطنان اختفت من عنابر الجمارك، بعدما نقلت من عنابر الدخول. لكن أوساط الحوت نفت علمه بهذا الأمر. وفي الفترة نفسها، جرى التلاعب بتسجيل أطنان من الثياب التركية الواردة إلى لبنان لتمكين المستوردين من التهرّب من سداد الضريبة. هذه «الأخبار» ليست سوى غيض من فيض ما يجري في عنابر الشحن وإدارته في المطار. ومن أبرز الأمثلة دلالة على ما يجري، أن وزير الزراعة أصدر قراراً يمنع استيراد الخضر من أوروبا، وحاول القيام بزيارة تفقدية لعنابر الشحن للاطلاع على حسن سير البضائع، لكنه لم يتمكن من ذلك، بعد إشكال مع الرائد المسؤول في الجمارك. لكنّ عدداً من السائقين الذين عملوا على نقل البضائع من برادات الجمارك، أكدوا أن أطنان من الخضر جاءت في تلك الليلة وهُرِّبت غصباً عن قرار وزير الزراعة.

يقول المطلعون إن ما يجري في قسم الشحن في مطار بيروت «يفوق كل تصوّر»: تلاعب بالمانيفست وبوالص الشحن والميزان والبرامج الجمركية... كل هذه الحركة تمرّ عبر المسؤول في شركة «ميغ» المملوكة من شركة طيران الشرق الأوسط (س. ش)، المعروف بعلاقته القوية واليومية مع كل من محمد الحوت وعمّه عادل الحوت، بالإضافة إلى المخلّص الجمركي (هـ. س). ويروي العاملون أن (س. ش) ليس وحده في هذه العلاقة مع الحوت، فهناك عدد من المديرين، أبرزهم: (د. م)، (ز. ح)، (ن، ص) (م. ق). هؤلاء الموظفون مستقرون في قسم الشحن منذ أكثر من 10 سنوات، ويحميهم عادل الحوت مباشرة، وهو قريب محمد الحوت، ويمثّل المدير الفعلي لشركة «ميدل إيست» والشركات التابعة لها، بدليل أن شكوى قُدمت في الفترة الأخيرة على (ن، ص)، وتبيّن صحّتها، لكن لم يُتَّخَذ أي إجراء بحقه بأوامر شفهية من الحوت.

يضاف إلى هذه المجموعة اثنان من أبرز المخلّصين الجمركيين: (هـ. س) و(ع. ن)، اللذان لديهما كلمة «لا تصير اثنتين» لدى الجمارك في المطار.

جميع العاملين في المطار متيقنون من أن إدارة المطار مسلّمة للحوت بكاملها، لكن هناك قلّة تعلم فقط كيف يُدار الشحن بواسطة شركة «ميغ». هذه الشركة التي يرأسها (ر. م)، وهي تقوم بخدمات نقل الحقائب والبضائع إلى الطائرات، سواء للأشخاص العاديين أو للأشخاص المميزين (VIP). عبر المطار تشحن كبرى الشركات، كميات من المعدات الطبية والكومبيوترات ومختلف الأجهزة ذات التقنية المتطوّرة... كل هذه البضائع الداخلة والخارجة التي تستوردها أو تصدّرها الشركات التجارية والصناعية الكبرى في لبنان، تمثّل الهدف الأساسي لمجموعة مترابطة من الأشخاص عملت خلال السنوات الماضية على بناء علاقات «تجارية ـــــ ابتزازية» مع المخلّصين الجمركيين وممثلي الشركات.

عندما تأتي البضائع عبر المطار أو تخرج منه، فهذا الأمر يجري بواسطة ما يُعرف أنه «مانيفست». هذا المانيفست يتضمن معلومات عن الطائرة وبوالص الشحن بكل تفاصيلها (عدد الطرود، الوزن، النوع)، وتُرفق بالمانيفست نسخة عن بوالص الشحن تظهر معلومات عن البضاعة الواردة أو الصادرة (المتسلم، العميل، عدد الطرود، المصدر، الشركة...)، لكن المتابعين يؤكدون أن ما يحصل هو أن بعض البوالص تختفي، أو يُتلاعَب بالمانيفست لتعديل العدد أو النوع او الوزن، أو يُتلاعَب بأذونات التسليم... في المحصلة، يدفع المخلّص الجمركي مبالغ مالية لهؤلاء الموظفين المسؤولين عن قيد المانيفست على برنامج الجمارك «نجم»، فيستفيد من سرعة تخليص البضائع بوزن أقل والتهرّب من الرسوم الجمركية. وفي أوقات كثيرة تُخفى محاضر المخالفات الجمركية على أنواعها للتهرب من تسديد الغرامات.

في الواقع، تُدخَل معطيات المانيفست إلى قسم الشحن عبر برنامج «نجم». في هذه اللحظة تحديداً، يُتلاعَب بكل شيء. فإذا أُدخلت المعلومات كاملة إلى البرنامج، عندها يخرج البيان الجمركي «أخضر». أما إذا أدخلت المعلومات الصحيحة التي قد تكون مجتزأة، فيخرج البيان «أحمر».

بين الأخضر والأحمر هناك فرق كبير. الأخضر يسهّل مهمة المخلّص الجمركي، والأحمر يصعبها ويزيد مبالغ الرشوة التي يدفعها المخلّص والتي يضعها على حساب الشركة المستوردة أو المصدرة، وهذا يعني أن الخدمات الأقل كلفة هي الأكثر طلباً.

ومن أكثر خدمات الشحن غير المشروعة، تلك التي يقوم بها بعض الموظفين المذكورين. هؤلاء يقومون بتعريف شيكات مؤخرة على نظام المعلوماتية الخاص بالشركة، فتبيّن أنهم يقومون مقام الصرافين أيضاً، فيقبضون من العملاء الجمركيين شيكات مؤخرة الدفع مقابل عمولة، ثم يضعون الشيكات في الصندوق وتحصّلها إدارة الشركة.

تردّ أوساط الحوت على كل هذ المعطيات بأن هناك احتمالاً لحصول خطأ بسيط، إلا أنه لا «توجد هناك ظاهرة فساد عامة، وما يحصل هناك هو شبيه بما يحصل في أي إدارة أخرى».

على أرض الواقع، تقول المعطيات المتداولة بين العاملين في المطار إن الحوت ليس وحده، بل هناك شركاء طبيعيون لديه في المطار الذي يخضع لسيطرته. فهناك من يحميه سياسياً، من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتيار المستقبل إلى وزير الوصاية ومجموعة واسعة من المستفيدين على رأس كل مؤسسة معنية في المطار، مثل إدارة الجمارك، جهاز أمن المطار.

 

3 دول

هو عدد الدول التي تتسلم بريدها والشحن الدبلوماسي الخاص بها مباشرة من ساحة الطيران، خلافاً للوضع الطبيعي الساري على الجميع الذي يتضمن إدخال البضائع إلى العنابر ثم تسليمها. هذه الدول هي: السفارة الأميركية، السفارة السعودية، السفارة الكويتية.

 

فساد وإفساد

هناك دفق من الأموال التي تمرّ عبر الشحن في مطار بيروت الدولي؛ فأي تأخر في البضائع، أو أي عرقلة في تخليصها، يكلف الشركات مبالغ كبيرة. إلا أن الجميع اعتاد الآلية الجارية حالياً.

فبحسب قدامى العاملين في المطار، إن الأشخاص المعروفين اليوم بالفساد، زُرعوا منذ اليوم الأول لـ«إقامة علاقات جيدة مع الشركات وممثليهم، ومع الجمارك، ومع المخلّصين الجمركيين، وأمن المطار... لتوفير بيئة ملائمة للفساد والإفساد».

بعد إقرار مرسوم الاجور من قبل الحكومة إثر ضغط شعبي نقابي وشبابي واسع، بدأت الهيئات للاقتصادية بحملة تهويل وتخويف واسعة مهددة بالنزول الى الشارع وإقفال المؤسسات وصولاُ الى العصيان المدني.

في هذا الاطار يؤكد الاتحاد ان ردة الفعل هذه هي مؤشر واضح أنه لأول مرة منذ زمن بعيد يأتي مرسوم الاجور ليكون الى جانب العمال والمستخدمين وليس الى جانب أرباب العمل وأن غضبهم هذا مؤشر فعلي لمكتسبات كبيرة حصل عليها الموظفون والمستخدمون نتيجة القرار الصادر.

أما لجهة التهديد والوعيد، فيؤكد الاتحاد انه سيكون الى جانب قوى شبابية وعمالية ونقابية كثيرة في الشارع ضد محاولات الاجهاض، وضد تحركات الهيئات الاقتصادية، ولن تكون مقرات ومكاتب هذه الهيئات بمنأى عن اعتصامات شعبية، وسترى الهيئات الشباب والعمال يدافعون عن مكتسباتهم ويتصدون لهم أمام مقر جمعية المصارف وغرفة الصناعة والتجارة وجمعية الصناعيين وجمعيات التجار في بيروت والمناطق والهيئات الأخرى التي تمثل أرباب العمل وتهدد الناس اليوم بالإقفال والصرف والعصيان.

ونحن نؤكد ان هذه المعركة أصبحت طبقية بامتياز ولن يكون هناك حواجز تفصل العمال والمستخدمين والقوى المؤيدة لهم عن الوقوف بوجه هذه الهيئات التي لا تبتغي ولا تسعى إلا الى المزيد من الاستغلال والربح على حساب العمال وعائلاتهم وحقهم في الحياة الكريمة.

لذلك يدعو الاتحاد الى تأجيل الاعتصام الذي كان مقرراً أمام مقر الاتحاد العمالي العام نهار الاثنين 26 الجاري، والبدء بالتحضير لتحركات تطال كل مكاتب الهيئات الاقتصادية على أنواعها وبما فيها مقر الاتحاد العمالي العام المتواطئ معهم، إن هم حاولوا تنفيذ تهديدهم هذا بالاضراب ضد المكتسبات وإجهاضها.

وستكون الاسابيع القادمة فترة لترقب التصعيد من قبل الهيئات الاقتصادية ليبنى على الشيء مقتضاه.

اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني

المكتب التنفيذي

بيروت 23-12-2012

قرار تصحيح الأجور الأخير لا يزيد الكلفة إلّا 10% فقط لا غير

اختُرع «بدل النقل» في عام 1995 للهروب من تصحيح الأجور بنسبة ارتفاع غلاء المعيشة ومراكمة المزيد من الأرباح على حساب العمّال والمستخدمين. وقد أقرّ وزير الاقتصاد والتجارة، نقولا نحّاس، في جلسة سابقة لمجلس الوزراء بأنه شارك في تصميم هذا البدل ليكون خارج الأجر، ما يسمح بعدم تسديده لأصحابه... بمعنى آخر، كان بدل النقل: خديعة

محمد زبيب

تصحيح الأجور بالصيغة التي قررها مجلس الوزراء لا يزيد الكلفة الإجمالية على كل المؤسسات إلا بنسبة 10%، وفقاً للدراسات التي استند إليها وزير العمل شربل نحّاس، لطرح مشروعه وتبريره... والكلفة هنا بمفهومها الواسع، أي زيادة الأجر وضمنه ما كان يُسمّى بدل النقل والاشتراكات المختلفة وكلفة تكوين المؤونات لتعويضات نهاية الخدمة.

المفارقة لا تكمن فقط في أن زيادة الكلفة بهذه النسبة «المعقولة» لا تستدعي كل هذا الانفعال الذي يطبع سلوك من يدّعون تمثيل مصالح مؤسسات الإنتاج، بل تكمن أيضاً في أن هؤلاء الذين يحاولون اليوم إيهام الناس بأنهم على وشك تحمّل خسارة وقف أعمالهم احتجاجاً على «القرار الجائر»، سبق أن تبنّوا وأيّدوا واقترحوا قرارين سابقين يرتّبان زيادة في الكلفة بنسبة 14.5% و14.7% على التوالي (راجع تقرير «الأخبار» تحت عنوان «تصحيح الأجور: ماذا خسر الأجراء وماذا ربح أصحاب العمل؟» www.al-akhbar.com/node/27670)! ووقّعوا أثناء انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء اتفاقاً مع رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن والأمين العام سعد الدين حميدي صقر يرفع الحدّ الأدنى للأجور إلى 675 ألف ليرة، مع وعد بزيادة بدل النقل لاحقاً بمرسوم استثنائي مستقل ليبلغ نحو 236 ألف ليرة شهرياً، بمعنى أنهم وافقوا على رفع الحدّ الأدنى الفعلي للأجور إلى 911 ألف ليرة، أي أكثر بنحو 43 ألف ليرة من الحدّ الأدنى الذي قرره مجلس الوزراء والبالغ 868 ألف ليرة، أو على الأقل وافقوا على زيادته إلى 863 ألف ليرة (أي أقل بـ 5 آلاف ليرة فقط عمّا قرره مجلس الوزراء) إن كان وعدهم بزيادة بدل النقل زائفاً، باعتبار أن هذا البدل يبلغ اليوم نحو 188 ألف ليرة!لماذا هذا الانفعال إذاً؟ وما الذي يعترضون عليه في قرار مجلس الوزراء الأخير؟في الواقع هم «مهتاجون» اليوم بسبب تجرّؤ «نصف» مجلس الوزراء على تحدّي إرادتهم واتخاذ قرار ينطوي على تصحيح لـ«واحد» من الأوضاع الشاذة في مجال «الأجور»، بمعنى أنهم يعترضون على خطوة إلغاء «بدعة» بدل النقل وإعادته إلى نصابه الطبيعي كجزء «عضوي» من الأجر، وليس الاعتراض على التصحيح كنسبة أو كقيمة، فهم منذ البداية لم يمانعوا زيادة الأجور بين 200 ألف و300 ألف ليرة، وإن كان «بازارهم المفتوح» يريد الاستمرار في مخالفة القانون والتحايل على الأُجراء واستعمال الأساليب الملتوية لسلبهم المزيد من الحقوق. وانطلاقاً من هذه «الواقعة» الثابتة غير القابلة للإنكار في ضوء تواقيعهم على الاتفاق الأخير المذكور، لا يعود مفهوماً أبداً «الصراخ» الجاري عن خراب الاقتصاد ودماره وصرف العمّال وإقفال المصانع والمؤسسات وتسليم المفاتيح لشربل نحّاس، إلا إذا كان «الفجور» يُعدّ مبرراً كافياً.لا يجد الخبراء الاقتصاديون الجدّيون (انظر تقرير حسن شقراني تحت عنوان «صدمة إيجابيّة يستطيع الاقتصاد التكيّف معها» http://www.al-akhbar.com/node/28304) أي مؤشّر يستدعي حملة «التخويف» التي تمارسها جماعة «البزنس». حتى مروان إسكندر، المحسوب عليهم، رأى أن القرار الأخير «حكيم»، و«هو في الاتجاه الصحيح». وبرأيه، يمكن «الاقتصاد أن يستوعب هذا التصحيح»، مذكّراً بـ«أن المصانع تشكو ارتفاع كلفة الكهرباء والطاقة والأراضي... وما حفّز أعمال الصناعيين خلال الفترة الأخيرة هو القروض المدعومة من مصرف لبنان»، أي إنهم مدعومون من الدولة، كالعادة، وبالتالي فإن تصحيح الأجور ووضعها القانوني ليس هو مصدر العلّة أبداً.فماذا يريدون هؤلاء إذا كانت الوقائع تدحض كل خطابهم «الأرعن»؟في الشكل يُلاحظ أن «التصعيد» يمارسه طرفان: المرابون والريعيون والفاسدون الذين يتحدّثون باسم المنتجين، وهم أصل البلاء الذي يصيب من يدّعون تمثيلهم... وأزلام بعض القوى السياسية ـــــ المذهبية ـــــ الطبقية التي راكم «عرّابوها» ثروات طائلة من جرّاء السطو على الدولة وحقوق المواطنين وأملاكهم وأموالهم العامّة والخاصّة من الأملاك العامّة البحرية والنهرية إلى «سوليدير»، مروراً بـ«تيكو تاك» التي أُحيط رئيس مجلس النوّاب علماً منذ عام 2010 بسرقة 5 مليارات ليرة من أموال الخزينة العامّة عبرها، من دون أن يحرّك ساكناً حتى الآن!أمّا في المضمون، فهم يصدّون أي محاولة «إصلاحية»، مهما كانت بسيطة، إذا كانت تمسّ مصالحهم «غير المشروعة» التي ترسّخت في العقود الماضية، أو إذا كانت تريد أن تسترد منهم بعض «المكاسب» التي قنصوها في ظل التدمير المنهجي للدولة وتلهّي المواطنين بلملمة جراحهم بعد الحرب العبثية... فما يريدون إسقاطه اليوم هو «مجرد» قرار «بسيط» يرمي إلى تطبيق القانون وإجبار أصحاب العمل على تسديد الأجور كاملة من دون سرقة أي جزء أو عنصر منها، ولا سيما بدل النقل الذي مثّل نحو 29% من الحد الأدنى للأجور الفعلي قبل قرار مجلس الوزراء الأخير... فأصحاب العمل الملتزمين القوانين لا يُسمع صوتهم الآن، لكن ترتفع أصوات المخالفين منهم الذين يصرّون على اعتبار بدل النقل مسألة «خيار»، أي يمكن تسديده للأجير أو يمكن «سلبه» إياه، وهؤلاء يرون أنهم اكتسبوا هذا «الحق» منذ عام 1995، عندما قررت الحكومة التي تمثّلهم سلب العمّال حقوقهم والاستعاضة عن تصحيح أجورهم بكامل نسبة ارتفاع الأسعار (التي كانت ترتفع حينها بوتيرة مخيفة) بابتداع بدل «مؤقّت» خارج الأجر، سمّي بدل النقل، فلا يُحتسَب كجزء من الأجر ولا يُصرَّح عنه لصندوق الضمان الاجتماعي، ولا تُسدَّد الاشتراكات المستحقة عليه ولا يُحتسَب بالتالي في تعويضات نهاية الخدمة... هذا «التحايل» أدّى إلى امتناع معظم أصحاب العمل عن تسديده للأجراء، نظاميين كانوا أو غير نظاميين، وباتوا يتقنون اللعبة جيّداً، فكلما اشتدت الضغوط لتصحيح الأجور كانوا يقبلون على زيادة بدل النقل بدلاً من الأجور، فارتفع هذا البدل من ألفي ليرة في عام 1995 إلى 8 آلاف ليرة قبل القرار الأخير، أي بأربعة أضعاف، فيما الأجور نفسها بقيت مجمّدة منذ عام 1996 حتى عام 2008 عندما أقرّت حكومتهم زيادة «مكرمة» بقيمة 200 ألف ليرة، أي ما يعادل نسبة تقلّ عن 16% على الأجر الوسطي حينها، ثم جُمِّدت الأجور حتى الآن، علماً بأن الناتج المحلّي الاسمي (الذي يتكوّن من الأرباح والأجور تحديداً) ارتفع بنسبة 75% بين عامي 2007 و2010، أي أن حصّة الأرباح من الناتج ارتفعت كثيراً، فيما حصّة الأجور تراجعت دراماتيكياً لتبلغ نحو 22% بالمقارنة مع 70% وما فوق في الدول الأخرى التي يحبّ «الغاضبون» اليوم التشبّه بها باعتبارها دولاً رأسمالية تتبنى «الاقتصاد الحر» وتعشق «التجارة الحرّة» وتعبد «الاستثمار الخاص» وتنخرط بـ«العولمة».لقد طرح شربل نحّاس مشروعه على مجلس الوزراء بهدف إعادة الأمور إلى نصابها، فلا يجوز أن يبقى هناك «أجران» في لبنان: واحد فعلي مرتفع لا يلتزمه إلا القلّة، وآخر اسمي منخفض تطبّقه الأكثرية، تماماً كحكاية الدفترين: واحد لصاحب العمل يدوّن فيه أرباحه الطائلة، وآخر مزوّر يدوّن فيه خسائر مزعومة لتقديمه إلى الدوائر الضريبية ليسرق الدولة وأموال الناس. فجنّ جنونهم، إلا أنهم في حفلة الجنون نسوا أن نحّاس بمشروعه يساير أوضاع الاقتصاد ومؤسساته الإنتاجية تحديداً؛ إذ إن اعتبار بدل النقل ليس جزءاً من الأجر، وبالتالي اعتباره غير قانوني، كما يقول مجلس شورى الدولة وأصحاب العمل، يستدعي العودة إلى عام 1996 لتصحيح الأجور «تراكمياً» بنسبة غلاء المعيشة المسجّلة كل سنة، وهذا يعني تصحيحاً بنسبة تفوق 100%، وبالتالي يمكن ساعتئذ إلغاء بدل النقل غير القانوني وتطبيق القانون الذي ينص صراحة على إلزامية مراجعة الأجور وتصحيحها مرّة واحدة على الأقل كل سنة... فهل يرضون بذلك؟حبّذا لو أن محاضر جلسات مجلس الوزراء علنية لكي يتسنّى للجميع الاطلاع على مبررات وزراء «البزنس» لرفض إصلاح وضعية الأجر في الجلسات «الماراتونية» التي ناقشت ملف تصحيح الأجور منذ تشرين الأول الماضي، فهؤلاء يرون أن «القانون» لا وجود له في النظام الرأسمالي إلا لخدمة المستثمرين وتعظيم أرباحهم (وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحّاس)، وأن مخالفة «القانون» هي حق مكتسب ما دامت الأعراف السارية منذ عقدين لا تقيم له أي اعتبار في السلوك والممارسة (وزير الصناعة فريج صابونجيان)، وبالتالي إذا كان «القانون» يجيز للحكومة أن تتدخّل في الأجور، يجب إلغاء هذا القانون تحقيقاً لنظريات «الاقتصاد الحرّ» التي لا تجيز مثل هذا التدخّل «أبداً» و«إطلاقاً» إلّا في مجال تعيين الحدّ الأدنى للأجور (وزير السياحة فادي عبّود)، وأن بدل النقل صُمم خصيصاً في عام 1995 لكي لا يكون تسديده ملزماً ويمكن التهرّب منه (الوزير نقولا نحّاس أيضاً)، وأن معظم الأُجراء في القطاع الخاص لا يُصرَّح عنهم، وبالتالي لا يتقاضون بدل النقل، ولا يجوز أن تعمد الحكومة إلى الإضرار بمصالح أصحاب العمل الذين يوظّفونهم عبر إلزامهم تسديد هذا البدل؛ لأن ضم بدل النقل إلى الأجر سيرفع القيمة الاسمية للأجر، وبالتالي سيعرّض أصحاب العمل لضغوط من يعملون على تشغيلهم لزيادة أجورهم على حساب الأرباح التي تُعد الحافز الأساسي للاستثمار (وزير الدولة نقولا فتوش)، وأن إعلان مبلغ «مرتفع» للحدّ الأدنى للأجور الفعلي يُضعف «جاذبية» لبنان أمام «المستثمرين»؛ إذ إن الأجور المنخفضة هي عامل الجذب الرئيسي ولا يجوز للحكومة أن تخرّب هذه «الجنّة»؛ لأن المستثمرين سيفضّلون ساعتئذ سوريا ومصر؛ لأنهما «أرخص» (الوزير نقولا نحاس أيضاً وأيضاً)، وإن مستويات الأجور في لبنان يجب أن تبقى خاضعة لـ«العرض والطلب« في السوق؛ إذ إن أي صاحب عمل باستطاعته أن «يستقدم» عمّالاً أجانب يقبلون بأجور لا تزيد على 200 دولار شهرياً ويعملون لساعات أطول من اللبنانيين (الوزير نقولا فتوش مجدداً)، وإن أصحاب العمل يعملون فقط ليدفعوا الضرائب للدولة ويشغّلوا العمّال، فهم لا يحققون الأرباح بسبب الضرائب والأجور (الوزير فريج صابونجيان أيضاً وأيضاً).هذا كلامهم بأفواههم... فهل من يقرأ ليجبرهم على الصمت إلى الأبد؟

60 في المئة

دخل الفرد بالأسعار الثابتة ما زال اليوم أدنى بنحو 60% من مستواه سنة 1973، وتبين المؤشّرات أن انخفاض قيمة الأجر الوسطي أدّى إلى انخفاض دراماتيكي للقدرات الشرائية لأكثرية اللبنانيين المقيمين، وهو ما شكّل عامل طرد للعمالة الماهرة إلى خارج لبنان.

وقاحة لا توصف

ردد ممثلون عن هيئات أصحاب العمل شاركوا في مناقشات لجنة المؤشّر، بوقاحة لا توصف، أن نصف الأُجراء لديهم غير مصرّح عنهم للضمان ونصف المصرّح عنهم لا يُصرَّح إلا عن نصف أجورهم، وبالتالي اعتبروا أي «إغراء» أو «دعم» يتعلّق باشتراكات الضمان «هدية من كيسنا... في حين أن بدل النقل هو هدية من كيس العمّال». لذلك، طالبوا بالاستمرار في غض الطرف عن بدل النقل وإبقاء الحد الأدنى الاسمي منخفضاً لكي يحافظوا على قدرتهم باستخدام عمالة رخيصة وتحقيق أرباح كبيرة.

الأخبار: ردّاً على تهويل الهيئات الاقتصادية بتصعيد تحرّكاتهم رفضاً لقرار تصحيح الاجور، قرّرت مجموعات شبابية تولّي مهمّة النقابات العمّالية «الغائبة» بالتصدّي لها بتحرّكات مضادة، فيما علّق الاتحاد العمالي العام إضراب 27 الجاري

فيما قرّر المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام تعليق الاضراب الذي كان مقرراً الثلاثاء المقبل من دون ربط خطوته بصدور مراسيم تصحيح الاجور، أعلنت مجموعة من القوى الشبابية والعمالية والنقابية أنها ستتصدّى للحملة التهويلية التي تقوم بها الهيئات الاقتصادية بهدف اسقاط قرار الحكومة الاخير لتصحيح الأجور، مشيرة إلى أنها ستنفّذ عدداً من التحرّكات «تطول كل مكاتب الهيئات الاقتصادية على أنواعها وبما فيها مقر الاتحاد العمالي العام المتواطئ معهم».

إذاً، في انتظار استكمال مسار مشروع مرسوم تصحيح الأجور ابتداء بمجلس شورى الدولة وانتهاء بتوقيع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، كان المشهد في الساحة مقسوماً بين عمال مرحّبين بقرار مجلس الوزراء تصحيح الأجور وفق طرح الوزير شربل نحاس، وبين هيئات أصحاب عمل تهدد بالعصيان المدني؛ الا ان هذه الهيئات تلقّت امس ردين؛ الأول كان ردّاً مرتقباً من الاتحاد العمالي العام ذي القرار المسيّس، والثاني كان ردّاً أكثر سخطاً تمثّل في مجموعة مواقف مؤيدة لقرار مجلس الوزراء ومواكبة لإصدار مرسوم تصحيح الأجور، وتهديداً من مجموعات شبابية باقتحام مقار الهيئات والاعتصام فيها.

أبرز المواقف تمثّل في بيان اتحاد الشباب الديموقراطي الذي وصف ردّ فعل الهيئات بأنه «مؤشر واضح على أنه لأول مرّة منذ زمن بعيد يأتي مرسوم الأجور ليكون إلى جانب العمال والمستخدمين وليس إلى جانب أرباب العمل». ويؤكد الاتحاد أنه سيكون إلى جانب «قوى شبابيّة وعمالية ونقابية كثيرة في الشارع ضدّ محاولات الإجهاض، وضدّ تحرّكات الهيئات الاقتصادية، ولن تكون مقرّات ومكاتب هذه الهيئات بمنأى عن اعتصامات شعبية، وسترى الهيئات الشباب والعمال يدافعون عن مكتسباتهم ويتصدّون لهم أمام مقر جمعية المصارف وغرفة الصناعة والتجارة وجمعية الصناعيين وجمعيات التجار في بيروت والمناطق والهيئات الأخرى التي تمثل أرباب العمل وتهدّد الناس اليوم بالإقفال والصرف والعصيان».

أما الاتحاد العمالي العام، فقد اجتمع أمس «بصورة شكلية إلى حدّ ما»، على حدّ وصف أحد النقابيين، وذلك «بهدف مناقشة توصية هيئة المكتب التي رأت أنه يجب تعليق الإضراب إلى حين صدور مرسوم تصحيح الأجور». يقول المشاركون في المجلس التنفيذي، إنه تم الاتفاق بالإجماع على إقرار التوصية رغم أنه كان هناك اقتراح ثانٍ يطالب بعدم تعليق الإضراب بل تركه نافذاً في انتظار صدور المراسيم، «لكن رئيس الاتحاد غسان غصن طلب أن ينفّذ الأمر إفساحاً في المجال أمام الجميع، وإلا فإن هذا الضغط ينصبّ على مجلس الشورى، فيما الحكومة أخذت القرار الذي نؤيده».

على أي حال، فإن بيان الاتحاد بعد انعقاد المجلس التنفيذي، وصف قرار مجلس الوزراء الأخير بأنه «تعديل بنيوي في تركيبة الأجر لحماية الأجور»، مطالباً باستكمال جلسات مجلس الوزراء اللاحقة لضمّ كافة روافد الأجور ولواحقها إلى أساس الراتب».

في السياق نفسه، طالب المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، وزارة العمل، بالتصدي للتهديدات بصرف العمال.

وفيما دعا اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في البقاع، عمال لبنان إلى «التوحد من أجل الدفاع عن هذا المكسب الذي تجندت القوى والفعاليات الاقتصادية المعادية للمطالب العمالية لإجهاضه»، رأت جبهة التحرّر العمالي أنه يجب على وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس التشدد في مراقبة الأسعار. أما «المؤتمر الشعبي اللبناني»، فقد استغرب «الضجة التي تثيرها الهيئات الاقتصادية بعد قرار الحكومة رفع الحد الأدنى للأجور».

إلى ذلك، أصدر قطاع النقابات العمالية في تيار المستقبل بياناً يتحدث عن مسرحية مضحكة ومبكية «تتحول بانقلاب المنقلبين الى لعبة كرة مضرب تتقاذف المشاريع والمراسيم المعنية بتصحيح الاجور دون رادع او التفات الى مصالح الناس».

على صعيد الهيئات الاقتصادية، كان الوزير السابق عدنان القصار قد زار رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، وأبلغه رفض قرار مجلس الوزراء بتصحيح الاجور «لأنه يلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الوطني».

(الأخبار، وطنية)

من جديد، اختلطت الأوراق وتضاربت الحسابات في مجلس الوزراء الذي تحول الى ما يشبه «حقل تجارب»، ومسرح للمناورات بـ«الذخيرة الحية»، والكمائن المتبادلة.

وهذه المرة، انقلبت الأدوار والمعادلات على قاعدة «يوم لك.. ويوم عليك»، فربح مشروع وزير العمل شربل نحاس لتصحيح الأجور ـ بحد أدنى يبلغ 868 ألف ليرة ـ مباراة التصويت بـ15صوتا («التفاهم الثلاثي») سجلت في مرمى «ورقة التفاهم» التي أنجزها الرئيس نجيب ميقاتي مع الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية في إحدى غرف القصر الجمهوري، على قاعدة 675 الف ليرة لبنانية للحد الأدنى، قبل ان تسقط هذه الصيغة بالضربة القاضية في قاعة مجلس الوزراء حين همّ بعرضها، بعدما أيد ممثلو «أمل» و«حزب الله» «والقومي» والوزير مروان شربل طرح شربل نحاس، ليتجرع ميقاتي الكأس المرة ذاتها التي تجرعها «التيار الوطني الحر» في جلسة سابقة عندما فاز اقتراح رئيس الحكومة بالتصويت، قبل ان يطلب مجلس شورى الدولة تصويبه.

وإذا كان قرار مجلس الوزراء يحتمل أكثر من قراءة اقتصادية، في ظل تحذير ميقاتي وأصحاب العمل من تداعياته المالية، وتأكيد نحاس انه يشكل منعطفا نحو إنصاف العمال وتنشيط الاقتصاد، إلا ان الأكيد ان هناك قراءة سياسية واحدة له، وهي ان معادلة جديدة قد وُلدت أمس، ترتكز على بروز «قوة حكومية ضاربة» قوامها وزراء «أمل» و«حزب الله» و«التغيير والإصلاح» و«القومي» الذين قاموا بما يشبه «استعراض القوة» في مجلس الوزراء، وأعادوا صياغة موازين القوى فيه، بما أتاح لفريق 8 آذار في الحكومة استعادة فعالية «الأكثرية» التي بدت أحيانا «هلامية»، وصولا الى النجاح في تحقيق أرجحية حاسمة.

وبهذا المعنى، فإن «الحلف الثلاثي» المتجدد، ترجم أمس «تدريباته» الطويلة خلال الايام الماضية بشكل ملموس، موجها رسالة الى من يهمه الأمر، وخصوصا الى الرئيس ميقاتي فحواها ان تعديلات جوهرية طرأت على «قواعد الاشتباك» في مجلس الوزراء، وأن التناقضات التي أجادت الكتلة الوسطية اللعب على أوتارها سابقا قد تقلصت، بما أفقد هذه الكتلة ورقة رابحة.

واللافت للانتباه أن ما حصل في جلسة مجلس الوزراء أمس جاء غداة اللقاء بين السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون، ما أوحى بأن هناك «ترجمة فورية» لمفاعيل هذا الاجتماع الذي جدد خلايا التحالف الاستراتيجي وآلياته التنسيقبة، متجاوزا رواسب التباينات التكتيكية في المرحلة الأخيرة.

ميقاتي: أحترم النتيجة وأنبه لتداعياتها

من ناحيته، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لـ«السفير» ليلا انه يخضع الى اللعبة الديموقراطية ويحترم نتيجة التصويت في مجلس الوزراء، ولكنه حذر من ان التبعات الاقتصادية لإقرار مشروع الوزير شربل نحاس ستكون كبيرة، وستلحق أذى فادحا بالاقتصاد الوطني، «وعلى كل وزير صوّت لصالح هذا المشروع ان يتحمل مسؤوليته».

وأضاف ميقاتي: لقد توصلت الى بلورة تفاهم بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية حول زيادة الأجور، وأبلغت مجلس الوزراء ان معي ورقة اتفاق تحمل تواقيع الطرفين، ولكننا فوجئنا بأن الوزير شربل نحاس يتمسك بطرح مشروعه على التصويت، فكان ما كان.

وتابع: ما حصل واضح في السياسة، وقد وصلتني الرسالة وأنا أتقبلها، عملا باللعبة الديموقراطية. لقد أراد فريق 8 آذار أن يعبر عن تضامنه مع العماد ميشال عون.. أنا أتفهم الاعتبارات السياسية التي تقف خلف هذا الموقف، ولكن على الجميع ان يدركوا ان هذه الاعتبارات ستترك تداعيات اقتصادية فادحة.

وقال: لا مشكلة في ما جرى على المستوى الشخصي، ولكنني كاقتصادي أخشى على البلد الذي سيدفع الثمن، لأن المشروع المُقر سيتسبب بحالة تضخم كبيرة، وسيُحمل الهيئات الاقتصادية أعباء مالية، تقول انها غير قادرة على تحملها، لما يرتبه من معادلات جديدة على مستوى تعويضات نهاية الخدمة وحسابات الضمان ودمج بدل النقل في اساس الراتب.

وعما إذا كان يتوقع ان يرد مجلس شورى الدولة مرسوم نحاس، أجاب: لا أعلم.. ولكن الأكيد ان مجلس الشورى كان قد أوضح في رده السابق ان الدولة لا يجوز لها ان تتدخل إذا اتفق فريقا الإنتاج، أي العمال

وأصحاب العمل، على كيفية احتساب زيادة الأجور، وهذا ما حصل فعلا قبل ان يطرح مشروع نحاس على التصويت.

«التغيير والإصلاح»: انتصر الدستور

في المقابل، أبلغت مصادر وزارية في «تكتل التغيير والاصلاح» «السفير» ان ما حصل في مجلس الوزراء «يشكل انتصارا لمنطق الدستور والقانون من خلال التصويت على مشروع الوزير المختص، وإسقاط قصاصة الورق التي طبخها الرئيس ميقاتي في غرف جانبية مع الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية، قافزا فوق الأصول الدستورية وصلاحيات وزير العمل وحقه الحصري في اقتراح تصور تصحيح الأجور».

ورأت المصادر ان قرار مجلس الوزراء «هو تدشين لمرحلة جديدة، يجب ان يعتاد جميع الأطراف التعايش معها، وقاعدتها ان هناك أكثرية حقيقية قررت ان تقول انها موجودة وأن تتصرف على هذا الاساس».

وليلا، أصدر وزير العمل شربل نحاس بيانا اعتبر فيه ان الحكومة أنجزت خطوة حاسمة فطوت 16 عاما من الاعتداء على الاجور وحقوق العمّال والموظّفين، وأقرّت تصحيحا بنيويا سيترك آثارا إيجابية كبيرة على الاقتصاد الحقيقي والاوضاع الاجتماعية، مؤكدا ان الصيغة التي اقرّها مجلس الوزراء تراعي مصالح المؤسسات المنتجة.

أصحاب العمل.. والعمال

وفي حين يُتوقع ان ترفض الهيئات الاقتصادية قرار مجلس الوزراء وأن تطعن فيه امام «شورى الدولة»، ابدى رئيس غرفة التجارة والصناعة محمد شقير اعتراضه على ضم بدل النقل الى الحد الادنى للاجور، وأكد «صعوبة تنفيذ مشروع كهذا»، قائلا: سندعو الهيئات الاقتصادية الى رفضه وعدم تنفيذه، لانه يهدد الاقتصاد في البلد، فيما أبدى رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن دعمه للمشروع، موضحا ان ما من فرق جوهري بين مشروع الاتحاد ومشروع نحاس، إلا في ما يتعلق بضم بدل النقل الى اساس الأجر، على ان يتم البحث في تعليق الإضراب المقرر في 27 الحالي خلال اجتماع يعقده المجلس التنفيذي للاتحاد اليوم، تمهيدا لحسم الموقف في اجتماع لقيادة الاتحاد غدا.

قرار مجلس الوزراء

وكان مجلس الوزراء قد قرر تصحيح الأجور على الشكل الآتي:

اعتباراً من 1/12/2011، يُعين الحد الادنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ 868 ألف ليرة لبنانية ويعين الحد الادنى الرسمي للأجر اليومي بمبلغ 33 الف ليرة، ويتضمن هذا الحد الادنى بدل النقل.

وإعتباراً من تاريخ صدور هذا المرسوم يعتبر بدل النقل اليومي البالغة قيمته شهرياً 236 الف ليرة لبنانية عنصراً فعلياً من الاجر إلى جانب الاجر الذي كان يتقاضاه الاجير بتاريخ 1/12/2011, وتدفع عن كامل هذا الاجر الاشتراكات المتوجبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ويدخل في احتساب تعويض نهاية الخدمة.

وتضاف الى الاجر زيادة غلاء معيشة قدرها: 18 % على الشطر منه حتى مبلغ مليون ونصف مليون ليرة لبنانية و10 % على الشطر الثاني منه الذي يزيد على مليون ونصف مليون ليرة لبنانية ولا يتجاوز مليونين ونصف مليون ليرة لبنانية.

تعتبر زيادة غلاء معيشة وتحسم من قيمة الزيادة المنصوص عليها اعلاه الزيادات الرضائية والتي منحت منذ تاريخ 1/1/2011 والتي شملت جميع اجراء المؤسسة من دون استثناء وفي آن واحد، وإذا كانت قيمة هذه الزيادة تفوق قيمة الزيادة المقررة في المادة الثانية من هذا المرسوم، فلا يجوز تخفيضها. اما إذا كانت اقل منها فيستفيد الاجير من الفارق فقط.

وتحدد القيمة الشهرية للمنح المدرسية المنصوص عليها في قانون الضمان الاجتماعي بمبلغ 40 الف ليرة لبنانية عن كل ولد مسجل وحده، والاقصى 160 الف ليرة لبنانية وتلغى سائر المنح المدرسية الاخرى.

نصر الله ـ عون

في هذا الوقت، واصل «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» إجراء عملية الصيانة السياسية لعلاقتهما، بعد اهتزازها مؤخرا، بفعل التباين في تحديد الأولويات. وقد جاء استقبال السيد حسن نصر الله للعماد ميشال عون، ليل أول أمس، بحضور الوزير جبران باسيل والحاج حسين الخليل والحاج وفيق صفا، ليعطي إشارة واضحة الى ان الطرفين مصممان على الدفع في اتجاه ان يستعيد تحالفهما الاستراتيجي نضارته وصلابته. «وقد جرى خلال اللقاء تأكيد أهمية التنسيق الكامل واعتماد آليات فعّالة لذلك خلال المرحلة المقبلة، كما جرى تأكيد متانة التفاهم والتحالف القائم بين الطرفين» حسب البيان الصادر عن الجانبين.

وقالت مصادر المجتمعين لـ«السفير» ان جوا من المصارحة التامة ساد اللقاء، كما هي عادة كل اللقاءات بين نصر الله وعون، موضحة ان النقاش تناول الواقع الداخلي وتطورات الأزمة السورية ومستقبل الوضع في المنطقة، بعد الانسحاب الاميركي من العراق.

وأشارت المصادر الى ان الاجتماع «نجح في إعادة توحيد الأولويات الداخلية وتفعيل آليات التنسيق الثنائي، مشددة على ان نتائجه كانت مثمرة، وأولى طلائعها ظهرت في جلسة مجلس الوزراء أمس. ولفتت الانتباه الى ان الرؤية والأهداف كانت وستبقى مشتركة، ولكن التمايز في اليوميات طغى عليها مؤخرا، وما جرى في اللقاء هو إعادة تثبيت الأولويات التي تتمحور حول بناء الدولة القوية والقادرة والفاعلة، بمؤسساتها وقوانينها وإنتاجيتها واستـجابتها لحاجات الناس وحقوقهم».

السفير: نفذ عشرات من الشبان والشابات اعتصاماً رمزياً أمام السرايا الحكومية أمس الساعة 4 بعد الظهر، خلال جلسة مجلس الوزراء ونقاش مشروع الأجور. وذلك تلبية لدعوة مجموعة من المنظمات والجمعيات والهيئات الشبابية، حيث طالبوا بتحقيق مجموعة من المطالب الاقتصادية أبرزها:

1. رفض أي زيادة هزيلة على الأجور.

2. زيادة فعلية مرتبطة بغلاء الأسعار.

3. إقرار السلم المتحرك للأجور.

4. إقرار التغطية الصحية الشاملة لكل اللبنانيين.

وقام الشبان أثناء الاعتصام برفع الشعارات وإطلاق هتافات تدعم هذه المطالب وتطالب مجلس الوزراء بإقرارها، وحمّلوا الحكومة مسؤولية متابعة مطالب الناس الاجتماعية والحياتية، ودعوها الى ان تبتعد عن السيـــاسة الاقتصادية التي اتبعتها كل الحـــكومات المتعاقبة قبلها، وأن لا يدفـــع اللبنانيون ثمن التسويات الســياسية داخلها.

الأكثر قراءة